الماء المُثلج يُغلق مسام البشرة أمام الأتربة والملوثات فيُحد من ظهور الحبوب (غيتي)
الجزيرة/محمد صلاح:استخدم الإغريق والمصريون القدماء الغمر بالماء البارد، لتخفيف إجهاد عضلات الوجه وتهيّج الجلد، وعلى خطاهم تسير اليوم طبيبة الأمراض الجلدية الكندية غيتا ياداف، في محاولة منها لإعادة إحياء طريقة علاجية عمرها قرون.
وانتشرت مقاطع غمس الوجه بالماء المثلج على تطبيق "تيك توك" أخيرا، لتثير التساؤل حول جدوى هذه التجربة رغم ما تسببه من قشعريرة في الصباح.
تلك الفكرة -التي تزعم عارضة الأزياء الأميركية من أصل فلسطيني بيلا حديد أنها "أسرع طريقة لإزالة انتفاخ الوجه"- تتلخص في "ملء وعاء بماء مُثلج وغمر الوجه بالكامل فيه، وأخذ نفس عميق وحبسه نحو 20 ثانية، قبل النهوض مرة أخرى، وتكرار ذلك كل صباح لمدة أسبوع"، وفقا للمتخصصة المعتمدة ليز كيلي ليكسو.
لكن ليكسو توصي -في الوقت ذاته- بمراجعة الطبيب "في حال وجود أي مخاوف صحية أو مشكلات في القلب"، مع مراعاة أن التجربة قد لا تخلو من أعراض عابرة، مثل الرعاش وصعوبة التنفس واحمرار الوجه.
فوائد غمر الوجه بالماء المثلج
على الرغم من أن ذلك قد يكون صعبا على بعض الناس، خاصة في الشتاء، فإن الخبراء يُجمعون على أن له فوائد عدة، أهمها ما يلي:
طريقة رائعة لبدء يومك
تقول الدكتورة ياداف إن "غمر الوجه بالماء المُثلج طريقة رائعة لبدء يومك، وتوقظك وتهدئ توترك". وهو ما يؤكده الطبيب روبرت غلاتر، من مستشفى "لينوكس هيل" في نيويورك، بقوله إن "الماء البارد على وجهك يُعد تكتيكا فعالا لتهدئة نفسك من القلق". بالضبط كما يحدث في السينما، عندما يغسل البطل وجهه بالماء البارد ليهدأ، بعد خوض قتال أو تلقي أنباء سيئة، وفق تعبير ليكسو، مُوضحة أن "أفضل طريقة للتحكم في الأزمات العاطفية هي غمر الوجه بماء مثلج، حتى تنخفض ضربات قلبك ويتحسّن مزاجك".
وتُضيف المُعالجة المُعتمدة ميغان رايس أن "صدمة تَغيّر درجة الحرارة التي يُحدثها غمر الوجه في الماء البارد تُعد إحدى تقنيات استرخاء العضلات المفيدة في تجاوز لحظات الضيق".
يمنحك وجها منتعشا
غمر الوجه في الماء المُثلج "يزيد تدفق الدم في الأوعية الدموية؛ فيقلل التورّم أو الانتفاخ الذي قد يحدث بشكل طبيعي عند الاستيقاظ من النوم؛ ويُظهر نضارة البشرة ويجعلها متورِّدة".
تقول ياداف إن "الأمر يستحق هذه الرعشة الصباحية، لما لها من فوائد للعناية بالبشرة، وتقليل نزلات البرد، والالتهاب والاحمرار، وتنشيط الجلد". فتفاعل الجلد مع برودة الماء يتسبب في انقباض الأوعية الدموية تحت سطحه، "مما يقلل تدفق الدم إلى تلك المنطقة، وبالتالي يقلل الاحمرار والتورم والانتفاخ". وعندما يعود وجهك إلى التوازن الطبيعي في درجة الحرارة العادية "تتفتح الشعيرات الدموية مرة أخرى؛ لتمنحك وجها دافقا لطيفا ومنتعشا".
فإذا كان وجهك عند الاستيقاظ شاحبا ومنتفخا، أو عند عودتك من رحلة طيران طويلة ومرهقة، تنصح طبيبة التجميل سيدرا شاكر بغمس وجهك في الماء البارد، حيث تنقبض الشعيرات الدموية، مما يهدئ البشرة ويقلل الاحمرار ويشد الأنسجة". كما تعمل البرودة على تنشيط الدورة الدموية، "مما يجلب الأكسجين والمواد المغذية إلى الجلد، ليمنحنا إشراق البشرة على الفور". وتؤكد أن "الثلج مقشر طبيعي جيد يمكن أن يساعد في تسريع إزالة خلايا الجلد الميتة غير المرغوب فيها، وتحفيز إنتاج خلايا جديدة".
إيقاظ البشرة
الماء المُثلج يُغلق مسام البشرة أمام الأتربة والملوثات، "فيُحد من ظهور الحبوب، خاصة ذات الرؤوس السوداء، ويحافظ على زيوت الوجه الطبيعية، مما يقي الوجه من الجفاف ويُبقيه مُشرقا"، كما تقول الدكتورة سيدرا شاكر.
كما قد يسهم في "شد البشرة والحد من آثار التقدم في العمر، ويخفف الهالات السوداء التي قد تظهر حول العينين"؛ ويُعطي وجهك حيوية ولونا أغنى، ويعزز إشراق بشرتك، "عن طريق تنشيط الدورة الدموية، الذي يساعد على إيقاظ بشرتك حرفيا"، وفقا للمتخصصة في الأمراض الجلدية شيل ديساي سولومون، التي تؤكد أن "تضييق الماء البارد لمسام وجهك يقلل وصول الزيوت التي تضخها الغدد الدهنية إلى سطح بشرتك، مما يجعل وجهك أقل لمعانا". وكلما كان الماء أكثر برودة "كان التأثير أفضل"، على حد قول ميغان رايس.
تجارب عملية
بعد أن عانت من شحوب بشرتها، بسبب طول السفر وقلة النوم، قررت الكاتبة المتخصصة في مجال التجميل والموضة آنكي نوت أن تجرب غمر الوجه بالماء المثلج 30 ثانية، كل صباح لمدة أسبوع. وقالت "أول يومين عانيت لإبقاء وجهي في الماء البارد بعد لحظات من الاستيقاظ، وبحلول اليوم الثالث كنت قد تعودت على طريقة رائعة لبدء اليوم، وأصبح وجهي أقل انتفاخا بشكل ملحوظ، وقل التورم حول عيني وذقني، وبدت بشرتي أنضر لونا وأكثر نعومة".
جربت سيدة الأعمال والمؤلفة الأميركية جين غلانتز علاجات عدة قبل أن تقرر خوض تجربة غمر الوجه بالماء المثلج بعد استشارة طبيبها. فتقول "قمت بذلك لمدة 10 إلى 15 ثانية كل دقيقة، على مدى 5 دقائق. كان اليوم الأول صعبا، لكنني واصلت، ثم كدت أتوقف، فلم أرَ تغيرات ملموسة في بشرتي على الرغم من مرور يومين، بل لاحظت احمرارا في وجهي، قد يستمر ساعة أو أكثر بعد كل مرة". لكن غلانتز قررت الاستمرار، وفي اليوم الرابع بدأت تشعر بأن بشرتها في حالة جيدة.
وقالت "استيقظت في اليوم الخامس، ونظرتُ إلى بشرتي فلاحظت أن بعض البثور أصبحت أصغر، وأن المسام والتجاعيد تبدو أقل، وشعرت بشرتي بمزيد من النعومة". ولمزيد من الفائدة، توصي غلانتز بإضافة الزيوت الأساسية، مثل زيت الورد أو الصبار أو الحليب كامل الدسم أو الخيار؛ لكنها تحذر من أن المبالغة "قد تؤدي إلى التهيّج".
وقبلهما، مرت الكاتبة الصحفية الأميركية ميلودي أردوغان -التي كانت تعاني بشدة من البشرة الدهنية وانتفاخ الوجه في الصباح- بالمراحل السابقة ذاتها، عندما أقدمت على غمر وجهها بالماء المُثلج.
وقالت "يمكنني القول بثقة إن غمس وجهي في الماء البارد صباحا أدى إلى تضييق مسامه، ومنحني بشرة متوهجة، وكأن لديه قوة سحرية تجعل البشرة تبدو أكثر جمالا وخالية من العيوب".
2975 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع