ذاكرة - حكاية هذا الفيلم ! بقلم / محمد سهيل أحمد

          

ذاكرة - حكاية هذا الفيلم : حضرته في مقتبل عمري ظنا مني انه من افلام الكاوبوي الساخنة( اللامتطابقون ).. فيلم جون هيوستن الذي تحول الى لعنة !

        

   

                     محمد سهيل احمد

         

المكان صالة سينما الحمراء الجديدة الشتوي ، واحدة من صالات البصرة المتخصصة بأرقى أفلام تلك السنوات ، والزمان إحدى ساعات الزوال من عام 1962 حيث تعرض الصالة فيلم ما بعد الظهيرة

                 

الذي جذبني اليه المانشيت المعلق على العارضة الخشب . ومن خلال ملصق الفيلم خمنت انه من افلام ( الكاوبوي ) المشحونة بالآكشن والمطاردات ومنازلات المسدسات السريعة وتلويحة ابواب البارات وهي تتأرجح مرحبة ببطل الفيلم .

  

وما جذبني للفيلم انه من بطولة ( كلارك غيبل ) ذي الملامح المميزة والعينين الزرقاوين وملكة الاغراء مارلين مونرو بالمشاركة مع اللمثل الشهير مونتغمري كلفت .

وكالمعتاد اشتريت بطاقتي من شباك ( ابو اربعين ) الشعبي وكلي ابتهاج بعدم وجود زحام اعتدت ان اختنق به في افلام مماثلة .دخلت الصالة لأفاجأ بأن قسم مصطبات الموقع الشعبي كان شبه فارغ ؛ متفرجان او ثلاثة لا أكثر ! 

مع مرورما يزيد عن الساعة على الفيلم أدركت انني كنت مخدوعا بإيقاعه البارد الى حد الغيظ فلا كاوبوي ولا مطاردات بل انه لم تنطلق رصاصة واحدة من أي مسدس . كانت جلّ أحداث الفيلم تدور في أماكن مقفلة : صالة بار ، غرفة في بيت بصحراء نيفادا وحوار لا ينتهي !

                                            


( اللامتطابقون )
فيلم اللامتطابقون او اللامنسجمون The Misfits من اخراج ( جون هيوستن ) وانتاج شركة سفن آرتس . أما قصة الفيلم فكانت للكاتب المسرحي آرثر ميللر ( احد ازواج مارلين مونرو) وهو الامر الذي يفسر طبيعة ايقاع الفيلم وامتلائه بالحوارات المسرحية ومحدودية مساحات الاعداد The setting وهو أمر اعتيادي في الأفلام ذات الطابع المسرحي .

              

وقصة الفيلم في سطور جاءت كالآتي : روزالين تيلور (مارلين مونرو ) فتاة في الثلاثين تواجه محنة الطلاق من زوج بليد تقودها صديقة لها الى احد المشارب لكي تنسى محنتها . في المشرب تلتقي بـ (غي لانغلاند ) كلارك غيبل وبمعيته عربة مقطورة يقودها صديق له يدعى غايدو ( ايللي والاش الذي يذكره الجمهور من خلال فيلم كلنت ايستوود : الجيد والسئ والقبيح) لتتوجه المجموعة الى بيت الأخيرعلى حافات صحراء نيفادا حيث يقضون أوقاتهم بالشرب والرقص والثرثرة . ثم يقومون بالتخطيط للمشاركة في سباق ( الروديو ) من اجل الربح وقتل الوقت .
النحس الذي صاحب عملية الاخراج
اقترن سوء الطالع بالفيلم في اكثر من مناسبة فلقد جرى تصوير الفيلم في صيف 1960 في درجة حرارة قاربت الاثنتين واربعين درجة شمالي صحراء نيفادا بالغرب الامريكي . المخرج الفذ هيوستن الذي قدم للشاشة الفضية افلاما هائلة مثل (كنز سييرا مادر 1948) ، ( موبي ديك 1956) و( ليلة الايغوانا 1964) بدا غير مكترث بعملية الاخراج وكان منهمكا بالشرب والمقامرة والنوم ، ولذا كان على الشركة المنتجة ان تتحمل خسائره في لعب الورق . كما ان عملية الاخراج تزامنت مع انفصال مارلين مونرو عن زوجها ارثر ميللر وتدهور حالها النفسية وادمانها على الشرب . نفسه هيوستن تحدث في احد اللقاءات التي أجريت معه في الثمانينات عن مونرو : " كنت متأكدا ان مارلين كان محكوما عليها بالهلاك " ،اضف الى ان المخرج توقف عن عملية الاخراج في آب 1960 مما اثر على لقطات الكلوز اب من الناحية التقنية في الوقت الذي دأبت مونرو على التأخر عن مواعيد التصوير .اما تصوير الفيلم فقد اكتمل في الرابع من نوفمبر ـ تشرين الثاني بواقع اثني عشر يوما قبل رحيل كلارك غيبل اذ توفي في السادس عشر من الشهر نفسه عن تسع وخمسين سنة اثر نوبة قلبية أصيب بها بعد يومين من انتهاء التصوير . وقد عرض الفيلم للمرة الاولى في الاول من فبراير ـ شباط 1961 ، من بعد عناء ومعوقات .
على صعيد شباك التذاكر بلغت ميزانية الفيلم اربعة ملايين دولار في حين حصد شباك التذاكر المبلغ نفسه زائد مائة الف دولار واربعين فلسا عراقيا هي ثمن البطاقة التي دفعها فتى عراقي من مدينة اسمها البصرة كان حينها في الخامسة عشرة من عمره نظير فيلم يخلو من الحبكة الدرامية ومن الآكشن . وقد عد هذا الفيلم ( كارثة كبرى في تاريخ شباك تذاكر السينما الامريكية ) ، غير ان ( الروتن توماتوRotten Tomato) اعادت الاعتبار للفيلم وقامت شركة ( يونايتد ارتست ) باعادة توزيعه على اقراص دي في دي ليحقق أرباحا لابأس بها عام 2012.

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

880 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع