حب تاريخي في محافظة الحله قصة حب البنت ساره ( سيرح ) اليهوديه العراقيه

          

حب تاريخي في محافظة الحله، قصة حب البنت ساره ( سيرح ) اليهوديه العراقيه

        

إعداد/ الگاردينيا:تعايش اليهود مع المسلمين في مدينة الحله وأطرافها, فقد حدثت حالات انسجام اجتماعي والتعرف على عادات وتقاليد كل منهم للآخر, لكن كانوا يرفضون الزواج من الأديان الأخرى وبهذا الصدد يمكن الإشارة إلى قصة الفتاة سيرح (سارة) "وهي فتاة يهودية من أهالي الحلة رفضت أسرتها الزواج من شاب مسلم رغم علاقة الحب التي كانت تجمع بينهما مما اضطرها إلى الخضوع إلى إرادة أهلها فانتهت قصة حبها بالفشل , ومع ذلك فإنها رفضت السفر بصحبة والديها إلى إسرائيل وفضلت أن تعيش بقية عمرها برعاية جيرانها المسلمين من أهل (عگد اليهود ) وبالقرب من حبيبها إلى أن فارقت الحياة"ودفنت من قبل بلدية الحلة, فقد كانت تعيش على ما تحصل عليه من معمل الخياطة التي تديرهُ.

                      

                             ساره قبل و فاتها

لقد تأثرت الطائفة اليهودية في الحلة بالعادات والتقاليد الحلية فيما يتعلق بالالتزام بموضوع الحجاب أو علاقتها مع الرجل , فضلاً عن التطبع الاجتماعي الذي نتج عن التفاعل الاجتماعي الذي استمر حقباً تاريخياً على مدى عقود من الزمن مما جعل أبناء الطائفة اليهودية تألف العادات والتقاليد السائدة في المجتمع الحلي والتي أصبحت جزءاً مهماً من ثقافة المجتمع السائدة , فظلت أسيرة الثقافة التقليدية السائدة , حيث كانت المرأة من الطائفة اليهودية تقضي معظم حياتها داخل المنزل لحين مجيء قسمتها من الزواج , "فكانت عاداتهم في الزواج أن أهل البنت هم الذين يتقدمون لخطبة الشاب اليهودي من أهله ويدفعون المهر الذي تدفعهُ للشاب , بينما إذا كانت الفتاة اليهودية كبيرة العمر وأقل جمالاً فإنها تدفع مهراً كبيراً حتى يقبل بها الشاب اليهودي, وزواج الفتاة في سن مبكر من العادات والتقاليد اليهودية المألوفة.
أما الختان للأولاد فكانت فريضة يجب ممارستها للوقاية الصحية من الأمراض وكونها شعيرة من شعائرهم الدينية و علامة من علامات حلف الدين بين الله (يهوه) وبين أبناء الطائفة, وقد حدد يوم الختان اليوم الثامن من الولادة , كما تشدد التوراة احترام يوم السبت وتعاقب على استباحته من تشريعاتهم المهمة .
أما في الميراث فيعتبر الذكر المفضل دائماً على الأنثى , لذلك "كان حقوق الولد في الميراث أكثر من حقوق البنت , فالبنات لا يرثن إذا ترك الوالد أولاداً ذكوراً , ويوزع ميراث الأب على الأبناء ويعطي الابن الأكبر ضعف نصيب الابن الآخر",لكن العائلة اليهودية الحلية التي لم تلتزم بهذه الخصوصية في الإرث هي عائلة (خضوري مير دلومي) , وإنما فضلت توزيع الإرث حسب التشريع الإسلامي وقانون الأحوال الشخصية , وقد برزت هذه العائلة في ميدان التجارة والاستثمار في الأراضي الزراعية والعقارات وكانت تسكن محلة جبران .
وقد اهتم أحد أبناء هذه الطائفة بجانب إنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية عند زيارته لانكلترا وهو من عائلة (آل سوسة) فقد استورد مولده عام1923 وبإدارة (منشي سوسة) إذ عملت بطاقة (25 كيلو واط) وتزود الدور بالكهرباء مقابل رسوم شهرية , وعرفت بمحطة كهرباء سوسة(20) , فكانت تعمل حتى عام 1938 إذ أنشأت الحكومة العراقية محطة جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية بطاقة (100 كيلو واط) في منطقة باب الحسين.

                             

كانت العلاقات الاجتماعية الطيبة والتسامح بين العوائل والانسجام , فقد ذكر الأديب والمحامي أنور شاؤول نتيجة التسامح الديني هو قيام الحاجة ( وضحه أم الهادي) وهي من النساء الحُلياّت بإرضاع أحد أبناء الطائفة اليهودية المدعو (أنور شاؤول) بسبب وفاة والدتهُ وهو أبن سبعة أشهر , إذ لم تكون هنالك مشكلة دينيه , فكلتا الديانتين الإسلامية واليهودية لا تمنعان رضاعة الغريب رغم الاختلاف بين ديانة المرضعة وديانة الرضيع , ويذكر الأستاذ فلاح أمين الرهيمي " هنالك قصة المرأة اليهودية (مسعودة) من سكنة محلة التعيس التي تبنت طفلاً عام1921 كانت تعتقد إن الطفل بالتبني أصبح على دينها يهودياً , وعندما بلغ ذلك الطفل الرابعة عشر من العمر أصابهُ مرض فتوفى على أثره , فأرادت المرأة المتبنية أن تدفن الطفل المسلم في مقبرة اليهود والتي تقع في الجانب الغربي من مدينة الحلة , فرفض أهالي المحلة ذلك وأختلف الطرفان فكان حل المشكلة من قبل الشيخ محمد سماكة وكيل السيد (أبو الحسن الأصفهاني) في الحلة قائلاً:" بأن الطفل مسلم لأنهُ لم يبلغ الحلم ولم يعلن ارتداده وعليه يدفن الصبي في مقبرة (مشهد الشمس), فوافق الطرفين لاعتقاد اليهود إن النبي يوشع ردت إليه الشمس في هذا المكان.
وهنالك تبادل الاحترام بين أبناء الطائفة اليهودية لأبناء الحلة من المسلمين فعند جلوس أبناء هذه الطائفة في المقاهي العامة وأراد تناول فنجان قهوة من صاحب المقهى فيجلب اليهودي الحلّي معهُ فنجان القهوة الخاص به , إن كان من محتسيها فيشرب ويعيد الفنجان إلى جيبه , وقد اتبعت هذه الطريقة حتى في مناسبات إقامة الفاتحة لأبناء المحلة من المسلمين , وقد شارك يهود الحلة إخوانهم المسلمين بجميع مناسباتهم كمشاركتهم في أيام محرم رجالاً ونساء , بعض النسوة يشاركنً في تعازي عاشوراء مع بيوت المحلة ليوم استشهاد سيدنا الحسين (ع), ويذكر الأستاذ فلاح أمين الرهيمي إن" اليهودية ( غزالة) التي كانت تشارك النسوة الحليَات في المآتم الحسينية التي تقام في مدينة الحلة خلال أربعينات القرن الماضي , إضافة إلى قيامها بمداواة الأطفال المرضى من ( رمد العين) دون أخذها أجرة عن ذلك.
أما في مجال التعليم فكانت أول المدارس التي فتحت في الحلة عام1890 ,فقد فتحت مدرستين في لواء الحلة الأولى مدرسة(مدراش) في مركز الحلة والثانية في ناحية الكفل لأبناء الطائفة اليهودية , كانت تعلم التلمود والقراءة والكتابة باللغات العربية والعبرية والفرنسية والانكليزية إضافة للغة التركية , وكانت تعتمد على تمويلها من خلال التبرعات من أثرياء يهود الحلة الذين يقومون بزيارة المعبد ومرقد ذو الكفل وفي المناسبات الدينية و وقد بلغ عدد طلبتها حوالي (40) طالب , وكان من الشخصيات المعروفة التي تخرجت من هذه المدارس الأديب أنور شاؤول والدكتور أحمد سوسة وحبيب بيك آل عبد الجليل, وقد فتح أحد أعضاء البعثة التبشيرية عام 1910 التي أرسلها رئيس الأساقفة(كنتر بيري) مدرسة أخرى في مركز مدينة الحلة (مكان الاتصالات الحالية) وكان يطلق عليها ( الأسكول) وأول مدير لها مسيو(تهامة) وقد بلغ عدد طلابها (175) طالباً و"من أشهر مدرائها (نسيم ملول) وقد تعلم على يد بعض معلميها أحد رجالات الجيش البريطاني اللغة العربية وهو الطبيب (سندرسن باشا) فقد اجتاز اختبار اللغة العربية الذي أجرتهُ سلطات الانتداب البريطاني ليصبح الطبيب الخاص للملك فيصل الأول.
ملحوظه: معنى( سيريح أو ساره) في اللغة العربيه هو / الأميره ، أو السيده ،أو النبيله ،كما ورد في قاموس اللغه العربيه.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1084 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع