تعديل نظام سير المرورفي العراق من اليمين الى اليسار1926م
كانت بغداد بعد الاحتلال البريطاني تساير الانظمه الانكليزيه التي فرضتها ظروف الاحتلال من جهه ووجود وسائل النقل الانكليزيه من جهه اخرى وخاصة السيارات ولم يكن في بغداد سوى عدد محدود جدا من الشوارع المعبده يأتي على رأسها شارع الرشيد ومتفرعاته ( الصابونجيه – العبخانه – الكيلاني )..
إحدى شوارع لندن
وكان نظام السير المتبع في بغداد في بداية العشرينات من القرن العشرين يتبع النظام الانكليزي وهو استخدام المقود على جهة اليمين في العجله وكذلك العربات حيث تربط العربات خيولها على جهة اليمين ونظام السير على اليمين هو ما تستخدمه بريطانيا ودول الكومنويلث واستراليا واليابان ولحد الان .
في مطلع العشرينات صدر قرار تبديل نظام السير من اليمين الى اليسار بعد دخول السيارات الامريكيه من نوع فورد وشفروليت وفي الاسبوع الاول من الاعلان وتطبيقه حصلت فوضى عارمه وبدأ اصحاب السيارات يتوجهون الى شركة ( كوترل وكريك ) و(بيت يوسف سعد) و( الاسطى سلمان الميكانيكي ) الذي اصبح لاحقا (مسؤول كراج شركة شفروليت عند بيت لاوي) وكذلك ( الاسطه احمد ) في الميدان لغرض تبديل المقود من اليمين الى اليسار وحققت نجاحا لابأس به في هذا المجال مع بعض الاخفاقات ولكن المشكله الاكبر ظهرت في عربات الركوب التي تجرها الخيول التي تعودت ان تكون على جهة اليمين من العربه ولاتعرف كيف تتحرك وتسير اذا ربطت على جهة اليسار ولذلك تسببت في العديد من الحوادث وحصلت اصطدامات وسقطت الكثير من الخيول في الشوارع ولكن بعد اشهر قليله اعتادت الخيول والبشر على هذا النظام الجديد وبدأت السيارات والعربات تسير بيسر وسهوله ..
ولم يكن في شارع الرشيد شوارع فرعية كما ذكرنا الا بعض الشوارع المؤدية إلى نهر دجله بل كانت هناك طرق مثل طريق الصابونجية في الميدان وطريق العباخانة في سيد سلطان على طريق باب الشيخ وكانت المشكلة الكبرى تقع يوميا في الشارع أثناء عبور العربات على الجسور وخاصة في ايام الفيضان حيث يكون الجسر أعلى من مستوى الشارع ولا يستطيع سائق العربة ايقاف الخيل على مثل هذا المنحدر حتى إذا استطاع وجذب اللجام بقوة فان الخيل تتزحلق بسبب نعومة النعلجات تحت حوافرها لذلك كان يحصل الاصطدام بالسيارات وبالناس وذهبت ضحايا كثيرة اخرها قرب باب جامع الامام الاعظم حيث اصطدم (اوخ) العربة وهي الخشبة الطويلة التي تكون بين الحصانيين وتربطهما بالعربة اذ اصطدمت عربه قادمه من جهة الكاظميه وعند نزولها من الجسر باتجاه الاعظميه بمؤخرة إحدى سيارات الباص الصغيرة وتهشم الزجاج الموجود بالجهة الخلفية من السيارة حيث قتل صبيان ذبحا بالزجاج وجرح اخرون بالاوخ.
وكانت المنطقة المحصورة بين باب الاغا وراس القرية أكثر المناطق ازدحاما بالناس و(الكدش) وهي (حيوانت تشبه البغال واقرب الى الخيول ) والعربات والحمير المحملة بالبضائع والرقي والبطيخ من شريعة المحكمة الشرعيه أو شريعة الجسر، لانها هي قلب المنطقة التجارية في بغداد ...
وقد حاولت الحكومة مؤخرا إصلاح الحال ومنع العربات من المرور في الشارع ولكنها لم تفلح واخرها الامر الذي اصدره ارشد العمري امين العاصمة بان على سواق الحمير والكدش بان لا يقودوا أكثر من ثلاثة دواب في أن واحد فازدادت المشكلة تعقيدا بكثرة السواق ومعاركهم.
في العقد الاول من عام 2003 وبعد الاحتلال وفتح الاستيراد بصوره غير منضبطه وبدون حدود دخلت الى العراق العديد من انواع السيارات والبعض منها كانت بمقود على اليمين وبما ان القانون العراقي لايجيز الاستيراد ولا القياده للسيارات والمركبات عموما اذا كان المقود على اليمين ,, وبعد دخول العديد منها الى العراق وبدأت عملية تغيير المقود من اليمين الى اليسار وكأنا عدنا مرة اخرى الى العشرينات من القرن الماضي وبدأت عملية التغيير بواسطة اسطوات جدد مثل ( الاسطه سلمان ) انف الذكر الا ان هناك عدد كبير من هذه السيارات ظلت بمقودها الايمن تجوب الشوارع الا ان صدر قرارا بمنعها ..
ولغرض المزيد من التفاصيل عن اسباب تفضيل المقود الايسر في المركبه على الايمن تجيب شركة فورد وهي من اعرق الشركات الامريكيه لصناعة السيارات وتقول :
أن جعل عجلة القيادة على اليمين بينما تأخذ الجانب الأيمن من الطريق سيحدث مشكلة خصوصا عند الرغبة في دخول الطريق بشكل موازي, حيث لم يكن في ذلك الوقت وجود للمرايا الجانبية وهذا يعني انه على السائق النزول من السيارة والدوران حولها لمعرفة حالة الطريق وهل هناك سيارة قادمة, بينما لو جعل المقود على الجهة اليسرى فان السائق ما عليه سوى النظر من النافذة لمعرفة هل هناك سيارة قادمة من الخلف أم لا. كما أن هناك سبب رئيسي أخر لا يقل أهمية عن الأول, وهو عند الرغبة في تجاوز سيارة أمامك وجود السائق على الجهة اليسرى يسهل عليه رؤية المركبة القادمة من الاتجاه الأخر وذلك بالخروج مسافة بسيطة نحو اليسار, بينما لو كانت عجلة القيادة على اليمين فانه عليك أن تخرج من مسارك بشكل كامل لرؤية السيارات القادمة , وهذا خطير جدا. نظرا لوجود نوعين من السيارات, حيث عجلة القيادة علي الجانب الأيسر مرة وعلي الجانب الأيمن مرة, أصبح وجود معايير دولية لتصنيع بعض القطع الداخلية في السيارة أمر ضروري, مثل أماكن دواسة البنزين والفرامل والفاصل وأيضا إشارة الاستداره .
صورة نادرة لساحة الطيران ..الستينيات من القرن الماضي
هكذا كانت بغداد في مطلع العشرينات من القرن الماضي وهكذا عادت مره اخرى الى نفس الاحداث في عام 2003......
عبد الكريم الحسيني
1816 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع