قصر شعشوع يتربّع على عرش التراث

الزمان/بغداد – مروج العبيدي:احتضنت ضفاف دجلة عبر تاريخها معالم تراث رائع وعريق تزينت به السقوف والجدران .. و ازهرت خطى من مشى على اطلاله ، حتى كان لها سمه خالده يزداد جمالا كلما استيقظت عليه ذاكرة الزمن .

ومن تلك المعالم التي خلدها المثل الشائع والذي كان يردده البغداديون عندما يهم احدهم ببناء بيت له ، وقد استغرق منه الجهد والوقت فيقال له (قابل دتبني قصر شعشوع)!

قصر قديم

ما هو قصر شعشوع ولمن يعود ؟ على نهر دجلة في بجانب الرصافة.. وفي منتصف الطريق بين منطقتي باب المعظم والأعظمية ( منطقةالكسرة ) ، ثمة قصر قديم تحاكي زخارفه صباحات بغداد المتناغمة مع ضفاف دجلة ونسماته العبقة.بنى القصر التاجر اليهودي الثري (شاؤول شعشوع) الذي كان يمتلك مساحات شاسعة من الاراضي على ضفاف نهر دجلة ..واختار جزءا من هذه الأراضي ليشيد عليها قصره والذي سمي بأسمه ، حيث يذكر أن أهالي بغداد كانوا يطلقون على البيت الكبير ذي الواجهة الفخمة، والذي يطل على نهر دجلة مباشرة تسمية (قصر).. وقد استغرق بنائه نحو عامين ليسكنه اليهودي شعشوع بعد الانتهاء من بنائه منذ العام 1908 وحتى عام 1920.سكنت القصر شخصيات مهمة من الملوك والزعماء والرؤساء من بعد( شاؤول شعشوع) الذي تولى بناءه ، ليستضيف القصر بعده ملك العراق الأول فيصل عند تتويجه ملكاً على العراق عام 1921 فقد استأجرت وزارة الداخلية آنذاك القصر ليكون سكناً ومقراً له ،فعلى لسان (ليزيت شعشوع ) حفيدة التاجر اليهودي في حديث لها عام 2019 قالت بأن اختيار القصر ليكون مكاناً ليعيش فيه الملك جاء بسبب كونه القصر الوحيد في بغداد آنذاك حيث لم تعرف القصور في العراق لهيمنة العثمانيين عليه قرابة ال 400 عام .ومن بعد ذلك شغلته الحكومة والبلاط الملكي خلال وزارة ناجي السويدي ، بعدئذ انتقلت اليه (فرحة شعشوع) شقيقة شاؤول لتسكن فيه ومن ثم شغله بعدها الشخصية العراقية المعروفة والزعيم الوطني جعفر أبو التمن بعد توليه وزارة الماليةالقصر مسقوف بالصرائف والبواري الخشبية.

طابوق طيني

ولأول مرة في بغداد كان قد استخدم الطابوق الآجر والسمنت والشيلمان في تشييده من بعد ان كان الطابوق المصنوع من الطين او ما يسمى ( اللبن ) يستخدم في بناء البيوت البغدادية القديمة.

كما تميز القصر بوجود سرداب تحت الأرض مملوء بالماء عن طريق نهر دجلة حيث يتم تصفية الماء بفلاتر تصفية طبيعية ولا علم لأحد بكيفية عمل هذه الفلاتر.كما تزينت جدران القصر بالصور لجميع الشخصيات التي سكنته.. ومنهم السيدة ام كلثوم والتي اقيمت فيه لفتره من الزمن.تبلغ مساحة القصر نحو اربعة آلاف متر ، ولأن القصر يطل على نهر دجلة فقد تعرض القصر للفيضان والغرق ليجرف جزءا من مسحاته المطله على النهر مما ادى الى تهدم ابنيته ولن يتبقى من مساحتة سوى ثلاثة آلاف متر.ورغم شيخوخة القصر، ومضي اعوام واعوام على بنائه ، لكنه مازال شامخا..ينبض الشباب بفخامته وروعة غرفه الفارهة المتوسمة بالرسوم الهندسية المتناسقة التصاميم على غرار الطراز البغدادي المميز .. وما زاد جماله حديقتاه المحيطة بالأزهار الجميلة والأشجار المفعمة بروحها الخضراء.بناية بسقوفها وجدرانها … تربعت عرش التراث.. تستغيث الرعاية والأهتمام، لتكون محفلاً سياحياً يرتاده الزوار من داخل العراق وخارجه كما هو الحال لتحف رائعة خلفها الماضي بجماله الذي خلدته عبق الذكريات.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

684 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع