مهمة قتالية للسرب ١٠٦
كمين لسمتيات الكيان الصهيوني في المنطقة الغربية
بقلم/الصقر
3 / 2 / 2018
كنت قد انتهيت في المقال السابق المنشور في موقع الكاردينيا الثقافي بتاريخ 7 /12/ 2017 تحت عنوان ( فرسان يسابقون الزمن والمعركة الاولى للسرب 106 ) بالتمام التدريب على الطائرة ( BO 105) / جناح طيران الجيش الثاني – في قاعدة التاجي الجوية ، ودخولنا الحركات الفعلية .
فاتني ايضاً في المقال السابق ان اذكر اسلوب تدريب طياري السرب في معالجة الامور الادارية في اسراب السمتيات عند تنسيبهم كآمرين لها في المستقبل ، وقد وجدت افضل وسيلة هو تدريبهم اشغال مساعدين في السرب لكون ذلك يمكنهم التعامل مع منتسبي السرب والمرجع الاعلى من خلال اعداد البريد اليومي وادارة معظم الامور الادارية للمنتسبين عليه فقد قمت بتكليف الطيارين لشغل هذا المنصب دوريا كل شهرين لأعدادهم لتسلم المسؤولية مستقبلا .
كان عام 1983 البداية الحقيقية لفعاليات السرب القتالية ولغاية انتهاء الحرب مع ايران وتوزعت هذه الفعاليات بين اسناد القوات الارضية والمهام الخاصة بالإضافة استمرار تدريب الطيارين الملتحقين للسرب نقلا من الاسراب الفعالة او الطيارين الاحداث .
الانتقال الى وكر الطائرات الحديث
في بداية هذا العام خصص لسربنا نصف الوكر الجديد المنشأ حديثاً في القاعدة المذكورة وترك النصف الاخر الى السرب 107 المسلح بطائرات PC7 ذات الجناح الثابت (واجبها الرئيسي مقاومة السمتيات المعادية ومهام الاسناد القريب ) دون تغيير مقر السرب ، ويتميز الوكر بمساحة واسعة واستيعابه عدد كبير من الطائرات والعديد من الغرف مع ساحة واسعة لوقوف الطائرات خارجه .
تم اكمال الامور الادارية في الجانب المخصص لسربنا داخل وخارج الوكر ( حانوت للمراتب ، حمامات ، برادات ماء ...الخ ) ، ثم توزيع الغرف المخصصة حسب الاختصاصات ومنها غرفة للمهندس ( م . ع وهو جندي مهندس مكلف ) المسؤول عن منظومة التصوير الجوي ، ولحساسية عمله كان ارتباطه مباشرة مع المهندس الاقدم ومعي شخصيا لضمان حرية عمله وسعيه لتطوير عمل منظومة التصوير الجوي ، مع تخصيص مستودع ملائم للمنظومة ، وهي عبارة عن كامرة كبيرة تركب خارج الطائرة تقوم بالتصوير والتسجيل الفديوي للمناطق المراد استطلاعها ويجري تفريغ الفيديو بعد نزول الطائرة على شريط فديو آخر وتقديمه للجهة الطالبة .
وتم أيضاً تخصيص غرفة اخرى للمحاضرات مؤثثة بمناضد دراسية مزودة بالوسائل الايضاحية الحديثة لتدريس الطيارين والفنيين الضباط والمراتب الملحقين للسرب ومنها جهاز يوضح عمل المحرك النفاث بشكل عملي يعتبر وسيلة ايضاح مميزة شاهدها اغلب الطيارين من الاسراب الاخرى وقد اعجبوا بها كثيراً ، كل ذلك من المتوفر من شهادات الصرف السابقة كما بينت سابقا .
مسؤوليات اجنحة طيران الجيش
بشكل عام تتلخص مسؤوليات اجنحة طيران الجيش كما يلي:
• جناح طيران الجيش الاول / مقره في محافظة التأميم بمطار K1 لإسناد الفيلق الاول و الفيلق الخامس بعد تشكيله
• جناح طيران الجيش الثاني/ مقره في مطار التاجي ( شمال بغداد) واجبه اسناد الفيلق الثاني والفيلق الاول الخاص بعد تشكيله ويكون الجناح مركزي مع مديرية طيران الجيش لوجود اسراب مفردة مثل السربين 106 (BO105) و السرب 107 ( PC7) الثابت الجناح .
• جناح طيران الجيش الثالث/ مقره في محافظة البصرة بمطار البصرة القديم ومطار الشعيبة وواجبه اسناد الفيلق الثالث والفيلق السابع بعد تشكيله .
• جناح طيران الجيش الرابع/ مقره في محافظة ميسان بمطار الميمونة لاسناد الفيلق الرابع والسادس بعد تشكيله .
• يوجد السرب/ 24 المسلح بالطائرات الشرقية العملاقة مي/ 6 في مطار الاسكندرية للنقل الاستراتيجي ويكون بأمرة مديرية حركات طيران الجيش مباشرة .
جرى توزيع اسراب طيران الجيش ( مقاتلة الدروع والنقل ) على الاجنحة عدا الجناح الاول حيث يوجد السرب/ 30 الوحيد المسلح بطائرات النقل وطائرات الويت/ 3 المقاتلة للاستخدام في شمال الوطن مع تكليفه بواجبات في الاجنحة الاخرى حسب الحاجة . ولا حاجة للاسراب المقاتلة للدروع لخصوصية المنطقة الجبلية .
وبذلك يكون كل جناح مهيأ لإسناد الفيلق المخصص له ، وله دراية بتفاصيل انتشار قطعات الفيلق وقطعات العدو بالتنسيق المباشر مع قيادة الفيلق والفرق التابعة له من خلال استطلاع ساحة الحركات لكل فرقة وبشكل مفصل وتكونت لهم علاقات انسانية مع قادة وامري الوحدات المنسوبة للفيلق ، بذلك يكون عملهم وفق معلومات مسبقة تؤدي الى سرعة استيعاب اية متغيرات تحدث خلال المعارك ، ولكون تواجد الاسراب في مقراتها يجعل تنفيذها للواجبات المطلوبة سريعة واكثر فعالية مع استمرار التدريب بدون صعوبة او انقطاع .
اما الجناح الثاني فان مقر الفيلق الثاني في معسكر المنصورية لذلك يكون تواجد الطائرات المخصصة لإسناده خارج مقرات أسرابها الموجودة في التاجي ، مما يتطلب تبديلها دوريا واسنادها بالأمور الفنية والادارية وهذا بطبيعة الحال يشكل عبئ على الاسراب وعليه فان طول حدود القاطع المخصص للفيلق المذكور يكون اطلاع الطيارين على ساحة العمليات اقل من بقية الاجنحة .
ولكون مقر هذا الجناح في بغداد ( التاجي ) عليه يكون مهيأ لحركة الاسراب او مفارزها الى بقية القواطع حسب تطورات الموقف والحاجة ،وعليه ايضاً ونتيجة لهذه الواجبات المتعددة لا يستطيع طياري اسراب هذا الجناح الالمام والتخصص بجبهة معينة وادامة معلوماتهم بصورة جيدة .
اما السرب /106 ( BO105) في التاجي فان مهمته اسناد جبهة القتال مع ايران بكاملها مما يتطلب تواجد مفارزه في جميع المطارات ، مما جعلني اطلب بان تكون هناك مفرزتين فقط في المنصورية والميمونة يمكن المناورة بهما مع مقر السرب لإسناد الجبهة وحسب متطلبات الموقف القتالي العام . ومع ذلك فان وجود طائرتين في المنصورية مع 4 طيارين اضافة الى المفرزة الفنية ومثلها في الجناح الرابع في الميمونة ومع العدد المحدود للطيارين يكون السرب قد قلص موجود طياريه بنسبة 50% ، مع احتساب الاجازات الدورية ( وهي خط احمر سعيت لمنع اي شخص ان يتدخل بها ) ونتيجة للتبديل الدوري الطيارين مع تغيير قواطع عملهم ادى الى قلة معرفة طياري السرب بقواطع العمليات بشكل مفصل كما هو حال اقرانهم من الاسراب الاخرى .
وعند حصول اي تعرض معادي كبير او من قبل قطعاتنا يتم ارسال المزيد من طائرات السرب لتعزيز المفارز او الى مناطق جديدة لا تتواجد بها مفارز من السرب .
ومع حساب وجود طائرتين و4 طيارين خفراء لتنفيذ اي واجب طارئ يكون مجموع الطيارين المكلفين بالواجبات 12 طيار من اصل 22 طيار وهذا خارج كل السياقات العملية والانسانية للاسراب علما بان عدد الطائرات كان يتزايد مع وصول الطائرات المسلحة وبدأ وصول منظومات التصوير الجوي ( فديو ) وتعدد الواجبات ( مسلحة ، إنقاذ ، تصوير ، استطلاع ، نقل قادة .... ) . كل هذه العوامل تطلبت ان اقابل مدير حركات طيران الجيش و الطلب منه الموافقة على ان يتم تنفيذ الواجبات بطيار واحد لكل طائرة بدلا من طيارين اثنين لكل طائرة ( وهي خارج السياقات ) وبشكل مؤقت لحين اكمال الطيارين الذين سيلتحقون للسرب واكمالهم الدورات التحويلية على الطائرة برفقة الطيارين القدامى عند تنفيذ الواجبات.( اغلب طياري السرب كانوا من طياري طائرة الالويت /3 ) المسلحة بمدفع جانبي وتكون قيادة الطائرة بطيار واحد مع مقاتل جوي ) بمعنى لهم خبرة بالطيران بمفردهم دون طيار ثاني .
حصلت الموافقة وبذلك تمكنت من اختصار عدد الطيارين المكلفين بالواجبات الى النصف.
اعتراف متأخر
تطرقت الى ما سبق و اتذكر توصية آمر الجناح الاول العقيد الطيار ( ابو زينب ) وهو يوصيني عند صدور امر نقلي الى آمر السرب/ 106 بالاتي ( رفقا بمن هم بمعيتك من الطيارين ولا تنشر السرب سربا فعالا قبل سنة كاملة ) ،وانا اقر واعترف باني لم اعمل بنصيحة صاحب الخبرة والذي يعلم بخبرته ما سيواجه السرب مستقبلا ويجب اعداد عدد ملائم من الطيارين قبل زجه في المعارك ! وكذلك ما كان يخطط له مدير التدريب الشهيد العميد الطيار سعاد بهاء الدين (استشهد من قبل المليشيات في بغداد 2006) لإكمال التدريب لعدد ملائم من الطيارين وهم اصحاب خبرة طويلة ، ولكني ركبت رأسي واخذتني الحمية مما تسبب في هذا احراجات وضغوط على منتسبي السرب . وللحقيقة فان اغلب الطيارين لم يبدوا اي شكوى او انزعاج وعلى العكس فقد كانوا يضحون بإجازاتهم واوقات استراحتهم لتنفيذ الواجبات رغم حراجة وخطورة المواقف التي كانوا تواجههم ، وكان لهم الدور الفعال والمهم في اعطاء الدروس في التضحية للطيارين الجدد الذين يسير اغلبهم على نهج من سبقهم ، ولولا هؤلاء الابطال لما كان لمسيرة السرب ان تكون بهذا المستوى المتميز .
نشرة التدريب السنوي
أستلمنا نشرة التدريب السنوية الخاصة بالسرب من قبل شعبة التدريب الجوي ( قمت بأعدادها حسب طلب الشعبة المذكورة لكون الطائرة حديثة ) مع تغيير في بعض مفرداتها الواردة فيها منها عبارة آلمتني جدا ( نحن في حالة حرب مما يستوجب بعض التغييرات في النشرة ) ، تعمدت عدم التعليق عليها لحين زيارة احد منتسبي الشعبة للاطلاع على سير التدريب وواجهته باعتراضي على العبارة وبعبارات خارج السياقات ( خشنة ) ادت وما قبلها الى تراكم الخلافات مع الشعبة المذكورة سيأتي ذكرها لاحقا ، علما بان ما تم تعديله هو من نشرات التدريب للاسراب ذات التسليح الغربي حرفيا دون الاهتمام باختلاف واجبات الطائرة وحداثتها .
تضمنت نشرة التدريب ممارسة ( طيران الآلات ) وهو اسلوب طيران يكون في حالة انعدام الرؤيا خارج الطائرة وفقدان الاحساس الطبيعي للطيار مما يجعله يعتمد بشكل كلي على المؤشرات التي تعطيه المعلومات عن وضعية الطائرة ، وهو اسلوب طيران متقدم يستخدم خلال الطيران داخل الغيوم او الغبار الكثيف او الضباب او الطيران الليلي في المناطق الخالية من مصادر الضوء الارضية او القمر ( مثل الصحراء ) ، ويجب ادامة التدريب على هذا النوع من الطيران تلافيا للحالات التي يمكن ان تصادف الطيار خلال واجباته ( مثل هذا النوع نادر الحدوث لكون اعتماد طياري السمتيات يكون على الرؤيا البصرية ) واغلب الطيارين لم يصادفوا الطيران الحقيقي طيلة مدة خدمتهم ولكن عند مصادفته يجب ان يكون مهيأ له ولو لمرة واحدة طيلة مدة خدمته . وعدم الالمام والممارسة المستمرة يؤدي الى كارثة عند التعامل بشكل غير صحيح تؤدي الى تحطم الطائرة ووفاة من فيها . والامثلة على ذلك حوادث ( الرئيس عبد السلام عارف والفريق الاول الركن عدنان خير الله وزير الدفاع وقائد الفيلق الخامس وحادثة جبال الالب بين سويسرا وايطاليا ) وغيرها من الحوادث في العراق والعالم ، لذلك تم التركيز على توزيع الساعات المخصصة لطيران الآلات على اشهر السنه لإدامة التواصل مع هذا النوع من الطيران مما ادى الى الثقة العالية للطيارين بإمكانية تنفيذهم للواجبات بجميع الظروف الجوية بتميز عال وكنت امارس طيران الالات كمتدرب مع معلم الطيران في السرب لإدامة امكانيتي في طيران الآلات وكذلك معلمي الطيران يديمون تدريبهم كمتدربين على طيران الالات .
تأمين سلامة الطائرات
بمرور الوقت بدأت ترد الطائرات المخصصة للسرب وتلافيا لتكدسها داخل المطار وحمايتها من الغارات المعادية . تم ايجاد منطقتين لا خلائها خارج المطار بالتنسيق مع جناح الطيران وامرية معسكر التاجي مع تأمين الامور الادارية للمنطقتين .
ومن الامور الطريفة بهذا الموضوع فقد اصدرت تعليمات بوجوب قيام ضابط خفر السرب بزيارتين تفتيشيتين ليلا خلال خفارته لمنطقتي الاخلاء للتأكد من قيام الحرس بواجباته بشكل صحيح . وعلى ان يقدم تقرير الخفارة يوميا لي للاطلاع عليه وتحديد الاوقات التقريبية لكل دورية تفتيش مع بداية الليل وقرب الفجر ، نسب احد الضباط الاحداث ( ضباط تصوير جوي ) الى السرب وخلال خفارة احدهم وصلني خبر بانه عند تفتيش احدى مناطق الاخلاء وجد الحرس نائما ولم يدون ذلك بتقرير الخفارة ، استفسرت منه حول عدم ذكر نوم القائم بالحراسة فأجابني ( عندما قمت بالتفتيش لم تكون بالموعد المحدد في الاوامر ! لذلك لم ادون الحادثة لان الحرس غير مذنب ! ) ضحكت كثيرا وقلت له ( لماذا لم تعتذر منه وقد اقلقت منامه وازعجته واعتديت عليه ؟ ).
طلعات استطلاعية في قاطع الفيلق الثاني
قمت وبالتنسيق مع المستشار الجوي للفيلق الثاني بعدة طلعات استطلاعية لقاطع الفيلق من منطقة ميدان ولغاية جنوب بدرة وكل واجب يرافقني احد طياري السرب لغرض التعرف على الوحدات العاملة في الفرق ضمن مسؤولية الفيلق والهبوط في مقراتها والتواصل الشخصي مع المسؤولين في الفرق ومعرفة المحاور المحتملة لتعرض العدو او تعرض قطعاتنا ضده . وكانت الواجبات مفيدة للتعايش مع وحدات الفيلق .
واجبات السرب 106 للكيبل المحوري في المنطقة الغربية من العراق
الكيبل المحوري نفذته احدى الشركات السويدية المختصة ( شركة اريكسون السويدية ) و يمتد بين قاعدة الوليد – الرطبة – الرمادي – بغداد عن طريق بريد السنك لتامين الاتصالات السرية دون استراقها من اية جهة وكذلك يشمل محافظات العراق كافة .
علما بان المكالمات في الخط المحوري كانت تجري بشكل مفتوح لكونه خط امين ولا يمكن استراق المكالمات منه .
في بداية عام 1983 حصل انفجار قرب مدينة ( الرطبة ) في منطقة معزولة اثارت انتباه وشكوك من قبل الاستخبارات العسكرية . وجاء هذا في مذكرات مدير الاستخبارات العسكرية حينها العميد الركن ( محمود شكر شاهين ) في كتابه ( مذكرات جندي عراقي ) اقتبس منه ما جاء حول الحادثة من الصفحة 257 وما يليها ليكون القارئ الكريم على اطلاع على ما جرى وكما يلي :
مقتبس ( بتصرف بسيط ) من مذكرات العميد الركن محمود شكر شاهين ص 257
جهاز استراق المكالمات في الخط المحوري ( تقرير من ضابط عمل في هذه المعا ونية )
في منتصف السبعينيات من القرن الماضي وعند تحسن العلاقات مع سوريا قمنا بزيارة الى سوريا مع (المقدم الركن محمد سمير) في حينه و اطلعنا الجانب السوري في مجال تبادل المعلومات عن (اسرائيل )على جهاز متطور جدا وذا تقنيات عالية جدا لاستراق المكالمات . قامت (اسرائيل) بنصبه على الخط السوري في درعا وتم استخراجه سالما من قبل الخبراء الروس في ذلك الوقت ، وتم تزويد الجانب العراقي بتفاصيل عمل الجهاز مع المخططات الهندسية كاملة، وتم عرض ذلك الجهاز على الجهات ذات العلاقة في العراق ( كمديرية المخابرة وهيئة الكابلات المحورية ومديرية المعدات الفنية في وزارة الدفاع).
و باختصار شديد فالجهاز ابعاده (1×1×2 م) يربط على الكيبل المحوري ، ويعمل ببطارية نووية ذات عمر عمل لعدة سنوات ، ويجري دفنه تحت الارض ، ويوضع فوقه هوائي بشكل كتلة صخرية تناسب طبيعة الارض في المنطقة الموجود فيها ، وتبدو للناظر كأنها قطعه من الارض تماما ، يحتوي على مايكروسويج لأتلاف عمله في حالة اي محاولة لاستخراجه ، و بعكسه ينفجر الجهاز مع ملحقاته انفجار شديداً يقضي على كل من حوله ، ولا يترك اي اثر من مكونات الجهاز، بالإضافة الى ان مكونات الجهاز كافة ملوثة بمادة شديدة السمية ، وقاتلة بمجرد ملامسة الانسان او الحيوان حتى اذا كانت الاصابة بسيطة ، وذلك للحفاظ على سرية معلومات الجهاز بصورة متكاملة .
استهداف الكيبل ( السلك) المحوري العراقي
يستمر العميد الركن محمود شكر شاهين بسرد استهداف الكيبل المحوري يذكر ان ( اسرائيل ) قامت بنصب هذا الجهاز على الكيبل المحوري بالقرب من H3 في قضاء الرطبة محافظة الانبار ، ووضعت فوقه هوائيا كبيرا ، وشكله بالضبط مثل طبيعة الارض في تلك المنطقة من تربه وصخور سوداء . عمل الجهاز ببطارية نووية طويلة العمر ومسجلات صوتية تعمل بشكل مستمر عن طريق السيطرة عن بعد بواسطة طائرة سمتيه في (اسرائيل ) ترتفع في الجو ويتم تشغيل المسجلة والتقاط المكالمات المسجلة و التقاط المكالمات المسجلة و مجفرة و بطريقة الاتصال السريع المضغوط حيث يتم نقل المعلومات المسجلة لعدة ايام خلال دقائق فقط .
يقول الضابط ( رافع التقرير ) في احد الايام طلبني العميد الركن عبد الجواد ذنون وسألني عن المقدم الركن محمد سمير فيما اذا رجع من اللجنة في ديوان الرئاسة ، فقلت لا سيدي لم يرجع ، فقال طيب هناك تفجير في منطقة قريبة من الرطبة ، ، فطلب تشكيل زمرة من مديرية الهندسة العسكرية ومديرية المخابرة وجهات اخرى ذات العلاقة على ان تأتمر بممثل مديريتنا ، وكنت انا الممثل . كنت انا متأكد ان الموضوع هو الجهاز (الاسرائيلي ) ، فقمت بتحضير جميع الاجهزة الفنية والمعدات الضرورية مع عدد من عناصر الشعبة الثامنة وتجمعت المفارز المشار اليها من الجهات الاخرى على امل التحرك في الساعة الثالثة عصرا الى الرطبة . حال خروجنا من بناية وزارة الدفاع القديمة حضر المقدم الركن محمد سمير في تلك اللحظة واستوقفني وسال على الموضوع فبينت له ذلك ، وقال وسوف اذهب انا ( محمد سمير ) لتنفيذ الواجب .
ذهب المرحوم ( يقصد المقدم الركن محمد سمير الذي استشهد لاحقا بالموقع) مع المفارز وفعلا وصلوا الى الرطبة فجرا ، وبعد الاطلاع على اثار الانفجار الذي كان سببه فقدان بلدوزر يعمل على الطريق المذكور للسيطرة على جهاز التوقف فيه ، وخاف السائق من الانحدار باتجاه الطريق و الاصطدام بالسيارات المارة ، و اختار صخره عالية اعتقد انها سوف توقف البلدوزر حال الاصطدام بها ، ولكن للأسف كانت الصخرة هي هوائي الجهاز (الاسرائيلي )المذكور ، فأنفجر وعلى اثر ذلك تم اشعار الجهات ذات العلاقة من قبل مركز استخبارات الرطبة بالحادث.
ادرك المرحوم المقدم الركن محمد سمير ان الموضوع ليس انفجار عادي وطلب العمل ليلا و باشروا بالحفر و عند وصولهم الى الجهاز الرئيسي وكان الجميع حول الحفرة كان المفروض ان يتوصلوا الى (مايكروسويج) الذي هو عتلة صغيرة جدا لإيقاف عمل الجهاز ومنعه من الانفجار الا انهم لم يفعلوا ذلك مما ادى الى انفجار الجهاز بقوة شديدة مع عصف وتناثر الشظايا فأصابت من كان حول الحفرة فجرح محمد سمير ونقل فورا الى مستشفى الرشيد العسكري في بغداد الا ان الشظايا كانت مسمومة اودت بحياته على الرغم من ان الجرح كان بسيطا واصيب معه ضابط من منتسبي استخبارات المنطقة الغربية لا اتذكر اسمه لقد اصيب وجهه بشظية فتم تضميده ورجع الى دائرته الا انه توفي هو الاخر بسبب المادة السمية الموجودة في الشظايا .
. تم تشكيل لجنة عالية المستوى برئاسة العميد المهندس عامر محمد رشيد – فريق لاحقا في وقته لمحاولة اعادة تركيب الجهاز واعادة هيكلته في الكلية الفنية العسكرية ، الا ان الاثار المتبقية من الجهاز لم تكن كافية ، كما ولم يتم التوصل الى اي نتيجة تذكر . انتهى الاقتباس .
واعتذر لورود اسم محتلي فلسطين ووضعتها بين قوسين للدلالة عن هذا الاسم دون من قبل كاتب المذكرات وليس من قبلي .
واجبات لمتابعة مسار الكيبل المحوري
يوم 20 /1 / 1983 كلفت وبصحبة العقيد الطيار ( ا . ع . ن ) ممثلا عن شعبة حركات طيران الجيش لاستطلاع خط مسار الكابل المحوري من الرطبة ولغاية حديثة ( مطار H1 ) وبالاستفادة من جهاز الملاحة الموجود بالطائرة لتعيين المناطق والنقاط المشكوك بها ، بعد انتهاء الاستطلاع لم نجد ما يثير الانتباه عدنا الى التاجي ليقدم العقيد الطيار تقريره الى مراجعه.
يوم 22 /1 /1983 قام تشكيل من طائرتين من السرب/ 106 الاولى بقيادة مدير حركات طيران الجيش العميد الطيار محمد عبدالله وبصحبته العقيد الطيار ( ا . ع . ن ) والثانية بقيادتي ومعي العقيد الطيار الشهيد حامد عبود (استشهد بحادثة للطائرة على جبال الالب بين سويسرا وايطاليا اثناء نقل طائرة سمتيه نوع مي8 الى ايطاليا لنصب اجهزة ايطالية الصنع عليها دون موافقة الاتحاد السوفييتي )، وكان الواجب استطلاع منطقة النباعي وصولا الى صحراء الثرثار وغرب مدينة الرمادي ووادي حوران ( وهو وادي طويل ذو اكتاف عالية يجري به نهر او ساقية على طوله وتتواجد به مجمعات سكنية بدائية ومحطات وقود متحركة وعجلات تسير على الطرق النيسمية وابار ماء عديدة ) وقد تزود التشكيل بالوقود في الذهاب والاياب من مطار حديثة . لم اعلم ما هو الواجب سوى كان التركيز وبشكل مباشر على المنطقة بين النباعي والثرثار والكلام كان بين مدير الحركات والعقيد حامد عبود وبإشارات لم افهمها ولم يتم اجابتي عند الاستفسار عنها .
كمين في منطقة مكر الذئب
يوم 26 /1 /1983 استدعيت في مديرية طيران الجيش شعبة الحركات وهناك التقيت مع مدير الحركات العميد قوات خاصة الطيار محمد عبد الله الشهواني وقد اوجزني بواجب تصدي لانزال طائرات سمتيه معادية قادمة من (الكيان الصهيوني ) بعد ورود معلومات استخبارية غاية في السرية بقيام هذا الكيان يوم غد ليلا باختراق الحدود الغربية للوطن من منطقة ( مكر الذئب ) لعملية استخبارية معادية باستغلال الليلة المقمرة ( كان التاريخ ليلة 13 / 14 / ربيع الثاني 1403 هجري ) وسيكون واجبنا نصب كمين لمسار السمتيات المعادية المفترض في الليلة المذكورة ، وطلب مني تأمين طائرتين من السرب ، الاولى لقائد التشكيل العميد محمد عبدالله والاخرى بقيادتي . مع التأكيد على جاهزية اجهزة الملاحة الجوية لهاميتها في تحديد المكان في الصحراء الخالية من علامات الدلالة او ما يمكن الدلالة به من معالم ارضية ، وستصاحبنا طائرة ( مي8 ) تحمل 4 عناصر من القوات الخاصة ( المنتخبة ) لتأمين القوة النارية اللازمة للكمين . مع الحرص على كتمان الواجب .
الطائرة السمتية مي / 8
عدت الى مقر السرب وطلبت من المهندس الاقدم تأمين الطائرتين والتأكد من سلامة جهاز الملاحة للطائرتين ( الدوبلر ) وتسليح الطائرتين بأجهزة ( مشاعل التنوير ) لوجود واجب ليلي قد نحتاج استخدامها . وتكون الطائرتين جاهزتين صباح يوم غد، دون التلميح لاحتمال مبيت الطائرتين خارج السرب .
في اليوم المحدد للواجب 27 /1 /1983 اقلع التشكيل من مطار التاجي بثلاث طائرات ، اثنين ( BO105) الاولى بقيادة العميد محمد عبدالله ومعه العقيد الملاح حامد عبود والثانية بقيادتي ومعي العقيد الطيار ( ا .ع .ن ) والثالثة مي/8 بقيادة النقيب الطيار ( ل . ع ) ، بصحبته 4 مراتب من القوات الخاصة مسلحين بأسلحة خفيفة وقاذفة ( RBG7 ) مع مواد ادارية خاصة بالعملية .
كان خط الرحلة الى ( النخيب ) للتزود بالوقود ثم واصلنا الواجب وبموازاة الحدود الجنوبية للوطن مع ( السعودية ) باستطلاع عام للمنطقة ثم الى منطقة الكمين المثبتة احداثياته بجهاز الملاحة مسبقا في ( مكر الذئب ) ومنطقة الكمين عبارة عن منخفض بسيط وسط الصحراء يؤمن الاختباء للطائرات والخيم عن نظر العدو .
بعد استطلاع منطقة الكمين تم اختيار مناطق انتشار الطائرات ومكان نصب الخيم .
تركنا طائرة المي/ 8 ومن فيها لتهيئة منطقة الكمين وتوجهنا بالطائرتين الى منطقة النظائم القريبة من الحدود الاردنية حيث يوجد مقر رعيل ( الانذار المبكر ) التابع الى قاطع الدفاع الجوي الثاني .
تم الترحيب بنا من قبل آمر وضباط الرعيل ، وقدموا لنا موجزا لطريقة عملهم وفعاليات العدو في قاطع عملهم . واخبرنا آمر الرعيل بان هناك طائرات قادمة من فلسطين المحتلة تهبط ( ليلا وفي الليالي المقمرة ) في مناطق قريبة من حضائرهم المنتشرة في المنطقة ويمكن تمييزها من خلال الصوت وما تتركه من آثار بعد مغادرتها ! وخلال تواجدها يتم التشويش على اجهزة الاتصالات السلكية واللاسلكية لحضائر الرعيل ومع مراجعهم . دون ان نعلم فعالياتهم ولا يمكننا التصدي لهم لمحدودية التسليح المجهزين به ويستمر التشويش لغاية مغادرتهم المنطقة ، ويجري اخبار المراجع لتقوم بأرسال عدد من العربات المدرعة للاستطلاع والاستجواب ولا نعلم ما هي الاجراءات المتخذة من قبلهم .
بعد انتهاء الزيارة توجهنا الى قاعدة الوليد الجوية H3 للتزود بالوقود ثم التوجه الى منطقة الكمين ( وكانت هذه الفعاليات ذات اهمية بالغة لي شخصيا لزيادة الثقة بجهاز الملاحة حيث كانت نسبة الخطأ بالأمتار فقط ) .خلال غيابنا عن منطقة الكمين تمت تهيئة المنطقة بشكل كامل من حيث اختيار مناطق انتشار الطائرات ونصب الخيم واختيار مناطق الرصد والتصدي للطائرات المعادية .
مع حلول الظلام اتخذنا مواقعنا وحسب ترتيب الكمين المهيأ من قبل منتسبي القوات الخاصة ضباطا ومراتبا وسلاحنا هو بنادق خفيفة كلاشنكوف وقاذفة RBG7 (عددنا 6 طيارين و4 مراتب قوات خاصة وفني واحد جميعنا نقوم بواجب الكمين ). ومع البرد القارص وعدم استخدام اية وسيلة للتدفئة لعدم كشف الكمين والانتظار الطويل ولحين غروب القمر دون ان تظهر اية طائرة معادية ، لجأنا بعدها الى الخيمة المزودة بمدفأة نفطية ، مع بقاء نوبات للحراسة والمراقبة في منطقة الكمين .
لم نستطيع النوم لشدة البرودة والترقب لما يمكن ان يحدث لحين الصباح ، في صباح اليوم التالي اوعزنا لمن بقي في منطقة الكمين لرفع الخيم والاستعداد لرحلة العودة . قبل العودة قمنا بزيارة اخرى لمقر الرعيل في منطقة النظائم ومنه تم اخبار قاطع الدفاع الجوي الثاني بانتهاء واجبنا ثم الاتجاه الى منطقة الكمين والعودة بتشكيل واحد عن طريق النخيب للتزود بالوقود ثم الى مطار التاجي . لينتهي هذا الواجب الصعب بدون نتيجة ولكنه كان مفيدا جدا للاطلاع على الحدود الجنوبية الغربية للوطن والعمل في المناطق الصحراوية بعد ان تمرست العمل في المناطق الجبلية شمال الوطن .
كنت اود ان يكون مقالي هذا يشمل النصف الاول لعام 1983 ولكن لطول المقال سوف اتوقف عند نهاية شهر كانون الثاني 1983 على امل ان اكمل ما بقي من النصف الاول من العام المذكور بأذن الله تعالى في مقال لاحق.
1234 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع