أحاديث من ذاكرة كركوك/( عالية ) أيقونة السوق الكبير
حذاري من ان تستفزها بكلمة او بنظرة غضب ، لان عالية لا يردعها رادع من ان تتحول في لحظة زعل عابر الى قاموس من الشتائم ، وبركان من السباب ..
تزبد وترعد (ده للي عاليه ) ويطغى صوتها المبحوح من كثرة الصياح ، على اصوات باعة السوق الكبير ونداءاتهم ، حينها يصمت باعة الرقي والتمر والتين ، وأصحاب البسطيات وكل مرتادي السوق ويصغون لعالية وهي تسب وتشتم وترسم بيديها دوائر في الهواء ، لعلها تنفس جزءا من فورة غضبها ، او تضرب وجه جني لاح في خيالها ، من يدري ؟ ..
فجنونها يبيح لها فعل أي محظور وممنوع ، مادام ذلك الفعل – رغم قسوته – احيانا يريح اهل السوق ، ويبعث الى الضحك والأرتياح ..
على حين غرة تنفرج اسارير ( عاليه ) وكأن هاتفا من السماء يوحي لها بذلك ، وتضحك ، وتغني ، وحين تغني ، تستشف من بحة صوتها أنة خفية تخفي نفسها في حنايا ذلك الغناء الذي يشبه النشيج ...
عاليه اسم اشهر من نار على علم في عالم السوق الكبير الصاخب ، يعرفها كل الباعة واكثر مرتادي السوق ، ولكنهم لا يعرفون تفاصيل اكثر عن حياتها او ذويها ، لان عالية لا تحمل هوية ولا تملك وثائق رسمية ، انها تعيش على هامش الحياة ، لكنها تملك حب الناس لها ،
فهي محبوبة من الكل ، وأثيرة عند أهل السوق من باعة ومتبضعين ، لا سيما حين تنتشي اثر كلمة تشجيع او دراهم يدسها احدهم بيدها..
اليوم وفي جولتي المعتادة في ضحى كل جمعة بالسوق الكبير ،رأيتها بل بالاحرى هي رأتني وصاحت ، وأومأت الي بيدها ، فهي ذكية تعرف من يتولاها بالاهمية ممن يغضبها ، كانت تحمل دفا بيدها ، راحت تنقر عليه نقرات خفيفة وتردد مقاطع من أغنية شعبية التبس علي لحنها وكلماتها ،لكنها كانت عذبة وحلوة لأنها تنبعث من نفس طيبة وقلب حنون ، ينبض بحب اهل كركوك ...
مرحى لعالية ، الشخصية التي ستبقى مرتبطة بذاكرة السوق الكبير ،
الان .. وغدا .. ويمكن .. الى حين من الدهر ...
911 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع