بغداديات -- طريفه من ايام زمان
ماأشبه اليوم بالبارحه
كانت بغداد احدى ولايات الامبراطوريه العثمانيه وبالرغم من موقع بغداد وتاريخها ومكانتها الا انها لم تحظى بولاة امور بالمستوى الذي ينهض بها ويصلح حالها ويعمر بيوتها وشوارعها ويشبع اهلها ويوفر لها الامن والامان لان هؤلاء الولاة كانوا يعتبرون تعينيهم في منصب الوالي في بغداد بمثابة ابعاد وعقوبه ومحطه سيكون التقاعد او الموت بعدها بقليل ولذلك لم يكن همهم سوى تأمين الاموال والاراضي لاولادهم واحفادهم واقربائهم ولم يكترثوا لامور الدوله والبلد حتى شاع الفساد الاداري والمالي والسياسي وانتشرت الرشوه والتزوير والكذب والسرقه والاحتيال وبات الفقير عاجز ان يفعل شيئا واصبحت الامور بيد الرعاع والحراميه والشقاوات وارباب السوابق والسجون وارتقى صهوة بغداد السماسره والزانيات والمأبونين وغيرهم من اراذل الناس ..
كان رأس السلطه في بغداد هو الوالي وكان للوالي طاقم حكومي يبدأ من ( الكتخدا ) او الكهيه ومن ثم باقي الطاقم من الخزندار ورئيس الشرطه والحكم دار والسلحدار والدفتردار وكان الدفتردار بمثابة عين الوالي وهو المراقب العام على تصرفات الافراد والاموال والبريد والسجلات والسلاح والتعينات وهو الذي يخط الرسائل ويقرا الوارد وغيرها وكان بمثابة اليد اليمنى للوالي ..
صادف ان عين احد الاشخاص واليا على بغداد وكان فيها دفتردار كبير بالسن يحتوي راسه كل البلاوي والاسماء والتنسيق بينه وبين الجماعه كان على قدم وساق والامور ماشيه والوالي راضي وشائت الاقدار ان يتوفى الدفتر دار وبعد ايام العزاء والفاتحه امر الوالي كهيته بترشيح شخص لمنصب الدفتردار ومن شروط الترشيح ان يكون المرشح يتحدث اللغات العربيه والتركيه وان يعرف جميع العوائل الكبيره والشخصيات المرموقه وذات التاثير ورؤساء العشائر لانه سيكلف بارسال الرسائل لهم والتحدث اليهم والتنسيق بينهم وبين الباشا الوالي ,,
اجتمعت الجماعه المؤلفه من الكهيه ومدير الشرطه وقائد الانكشاريه والخزندار لتداول الامر وايجاد شخص يلائم الجماعه ويسهل اعمالهم ويطمطم بلاويهم من الموظفين الوهميين والانكشاريه الفضائيين والضرائب الغير منظوره ..
وتسعيرة الاناره بالفوانيس وغرامات البلديه والعمولات والتلاعب بالاسعار وغيرها ولكنهم لم يجدوا وكلفوا مدير الشرطه بهذا الواجب ولكنه عجز ان يجد شخص مناسب وكان لدى مدير الشرطه ضابط شرطه ( يوزباشي) حرك ونشط وبهلوان وعندما يئس مدير الشرطه قال له الضابط انه يعرف شخص مناسب للوظيفه وعلى گد الايد وعندما سأله من هو قال له ( شلاگه )!!
فانتفض مدير الشرطه وقال ( انت جايب واحد ماكو جريمه وجنحه وبلوى الا موجوده بي )...
گاله بيك احنا شعلينه المهم يمشي امورنا ,, كلها چم شهر وينقلون الوالي .. صفن مدير الشرطه وگال زين انت دور عليه واحچي ويا وفهمه القضيه ..
بعد بحث كبير وجد شلاكه في احدى المقاهي خارج بغداد بالضواحي نائما على الارض وانتفض عندما ركله ضابط الشرطه وصاح شلاكه ( والله بيك كلشي ممسوي صار يومين مماكل ولامأذي احد ولا متحارش بمره ولا ولد ولابايك شي ) گله گوم عدنا شغل وياك ,, نهض وساقوه الشرطه الى مكان جلس مدير الشرطه قال الضابط له شلاگه انت راح تصير چبير والچبير الله وراح تصير ادمي وبيك وتلعب بالفلوس لعب ..
گال شلاگه عمي ناصبين علي ؟؟ .
گله لك انچب واسمع زين راح نسويك دفتر دار ,,
ضحك شلاگه وگال بيك والله لوما مدير الشرطه گاعد الا اگول انته سكران وجيبتكم بزيج معتبر!! ,,
گله انچب حضر نفسك ..
ودوا للحلاق ورها للحمام وزبون جديد وصايه جديده وكشيده وعصايا وزوج كلاشات من سوك السراي ( الخفافين ) وطلع شلاگه بيك گالوله شلاگه كل مافي الامر تدخل على الباشا وچم كلمه تركي وعربي وانت گده وتنتهي القضيه كلهم عدد عيناكم اسهل منها ماكو ,,
دخل شلاگه على الوالي وبعد السلام والاحترام گال الكهيه باشا هذا مرشح لمنصب الدفتردار فنطق الباشا بالتركيه ورد عليه شلاكه بطلاقه وبعد حديث قصير ضحك الباشا وقال ( يله بابا روحي استلمي منصب مال انتي دفتردار) وخرج شلاكه وهو يبتسم وقالوا له ها بشر گال هاي هي صرنا دفتر دار ,,
اخذ شلاگه دوره مستفيدا من المنصب وكان يتجول بالاسواق وخلفه وامامه موكب من الجندرمه ويأمر وينهي ويعزل المحلات ويفتحها ويسد الجسر ويامر بفتحه وبعد ان يقضي يومه بالتجول يجلس على حافة نهر دجله اسفل القشله تغطي راسه شمسيه وخلفه حرس وخادم مع شيشه نرگيله معتبره وصحن فواكهه وكلاص چاي ..
في احدى الايام وهو جالس على النهر شاهد مجموعه من الزوارق وفيها جمهره من الناس ومعهم جنازه يرومون العبور بها الى مقبرة السهروردي في الباب المعظم ونهض وسار مع حافة النهر الى مكان مرسى الزوارق وهم ينزلون الجنازه على الارض ليتجمعوا ..
سال شلاگله ,, هاي شنو ؟؟
قالوا بيك هاي جنازه كال ادري جنازه شكو بيها گالوله بيك ميت كال افتحوها داشوف شنو بيها گالوله بيك حرام هذا ميت ومغسلي ومجفني ,گال افتحوا لااذبكم كلكم بالقلغ (السجن) اضطروا فتحوا قبغ التابوت گلهم كشفوا وجهه كشفوا وجهه باوع شلاكه گلهم زين يله غطوا واخذوا !!
واحد من جماعة الجنازه دنج على الميت وشاوره ,, شلاگه گال ولك شگتله ؟
گله بيك هيج ماكو شي وصيته وصيه ,, گله شنو هي الوصيه ؟؟ گال بيك وصيه بيني وبينه ,, گال احجي لاضربك خمسين زوبه .. گال بيك الراي والامان ,, گال شلاكه اي الراي والامان ,,
گال شاورته گتله سلملي على الميتين كلهم وگلهم لاتتحسفون على الدنيا ،تره ضرطت شلاگه صار بيها دفتردار !!!!!
مع تحياتي
عبد الكريم الحسيني
2159 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع