كنا زمان نسمع ان فقراء الباكستان وتحت وطأة الفقر والفاقة والعوز والديون يضطرون الى رهن اطفالهم الى اصحاب المعامل والمصانع والمقالع مقابل مبلغ ضئيل من المال يسدون به حاجتهم او دَيْنهم .. وكانت ومازالت منظمات الطفولة تعترض على هذا التصرف اللانساني وتعده امرا مشينا وغريبا ,
اذ يبقى الطفل عبدا مرهونا لصاحب المصنع الى ان يتم سداد الدين , وقد لاتسطيع العائلة السداد فيبقى رهينا الى ان يحكم الله ,, واذا كان لفقراء الباكستان وبنغلاديش والهند عذرا في الفقر والفاقة وقلة الموارد فما عذر العراق الغني صاحب الميزانية الانفجارية والموارد النفطية والمراقد الدينية التي تدر ذهبا ..
هي منطقة النهروان او منطقة معامل الطابوق التي ذاقت الامرين قبل وبعد التغيير .. فكم تعرض ساكنيها الى حملات التهجير والقتل والارهاب وهي المدينة البائسة التي تعيش على هامش التاريخ والزمن والانسانية..
كانت هذه المنطقة البائسة والمعدمة والمهمشة حالها حال اخواتها في الوسط والجنوب من مدن الفقراء والضائعين .. تحلم بان يأتي عليها يوم تشعر فيه بالانسانية وهي تنعم بعيش رغيد فتشبع بطون اطفالها وتستر اجسامهم بثياب ومساكن كريمة تليق بالعراق العائم على بحور من نفط وببلد الانبياء والاولياء والصالحين ومهد الحضارة التي تمتد ربما الى اكثر من عشرة الاف عام او يزيد...
حَلُم هؤلاء الفقراء بالتغيير وجاهدوا من اجل ان يصل رجال الدين والاحزاب الدينية للسلطة لانهم صدّقوا بان الارض قد مُلئت ظلما وجورا وانه ان الاوان لان تمتليء قسطا وعدلا ومساواة وقيَما وان هؤلاء هم من سيعدل المايلة وسيقتدون بامام المتقين ابي تراب علي عليه السلام الذي كان يجلس وينام على التراب من منطلق اننا من التراب خُلِقنا واليه نعود , فلم يكن يلبس غير الخشن من الثياب ولاينعم بشيء لاينعم به فقير او معدم قط ,هذا بالنسبة للشيعة... واما السنة من النواب واعضاء الحكومة والرئاسة ..فأين قدوتهم بعمر بن الخطاب العادل والذي قال لو ان شاةً أضلت في العراق سيسال عنها عمر يوم القيامة, واين اقتدائهم بعمر بن عبد العزيز عندما لم يجد من يتصدق عليه من بيت مال المسلمين بعد سنتين من حكمه فأمر بنثر الشعير والحنطة فوق رؤس الجبال لياكل منها الطير فلايقال ان هنالك من جاع في عهده.
لقد مَنّى هؤلاء الجياع انفسهم في منطقة معامل الطابوق في النهروان وفي حي التنك وحي طارق في الثورة ومنطقة ام العظام في التاجي ومنطقة المسلخ في الشعلة ومناطق العشوائيات في سلمان باك وغيرها الكثير من المدن الهامشية البائسة في الوسط والجنوب بغد افضل , فقد كانوا السبّاقين في التضحيات بتقديمهم فلذات الاكباد والرجال قرابين في حروب النظام السابق ,او عندما زحفوا بالملايين لينتخبوا المعميين ورجال الدين والاحزاب الدينية في الوقت الحاضر املا في الخلاص وتحسّن الحال والاحوال ..!!!.
ولكن ماذا كانت النتيجة .. لقد ازداد البؤساء بؤسا والاغنياء والموسرين غنىً.. لا بل حتى الحفاة الذين حوسموا او دخلوا البرلمان في غفلة من الزمان او تولوا منصبا مهما قد اتخموا من السحت الحرام ومن الاموال المقتطعة من افواه هؤلاء الجياع .. وتغيّر الزمان وهم بقوا على حالهم بل اسوأ
قبل ايام كنت اشاهد تقريرا عن منطقة معامل الطابوق ورايت مالم تراه عين من قبل اطفال بعمر ثلاث سنوات يعملون في هذه المهنة الشاقة في تحميل ورص الطابوق ونساء عجائز محنية ظهورهن من العجز والفقر والفاقة والمفروض ان تقدم لهن الرعاية والعناية وراتب يكرم صبرهن على الايام, يعملن في نقل الطابوق وهنالك ايضا شيّاب وحتى عروس وجهها ممتقع من الفقر والبؤس عندما سالوها لماذا تعملين وانت عروس منذ يومين قالت لان راتب زوجي وهو يعمل معي ايضا ثمانية الاف دينار في الشهر وهذا لايكفي حتى خبز ولذلك اضطررت ان اعمل معه ربما يسد ذلك بعض رمقنا ..
هل فكر مسؤول يتمرغ بالملايين شهريا بهؤلاء وماذا يأكلون او يشربون وكيف يعيشون .. هل شعر احدهم كما شعر علي بن ابي طالب عليه السلام او عمربن الخطاب او عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما بالفقراء وبالمسؤولية والخوف من الله وكيف انهم كانوا لايستطيعون النوم او وضع رؤسهم على وسادة او يغمض لهم جفن وهناك فقير يئن من جوع او خوف او مرض
اين مشاريعكم من اجل هؤلاء اين تشريعاتكم في سبيل اسعادهم ورفع مستواهم اين هو نفطهم وحقهم فيه؟؟؟
اين هي المؤسسات الدينية والمراجع التي تحتكم على اموال العتبات والخمس والزكاة والغافية عن اوجاع هؤلاء ومعاناتهم؟؟
هل مات الضمير الانساني في العراق ام اننا مازلنا نكابر ونقول نحن بلد علي بن ابي طالب والسائرون على نهجه كذبا فنسير بهؤلاء الفقراء والمعدمين في مسيرات مليونية للزيارات او الانتخابات دون ان نرحم بؤسهم وفقرهم وجوعهم وعوَزهم وفاقتهم؟؟؟.
د. ناهدة التميمي
875 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع