د.مهند العزاوي*
يدخل الشرق الاوسط مراحل معقدة من الصراعات والنزاعات المحلية وخصوصا العالم العربي الذي اصبح في مرمى نيران التجزئة الدموية , والتقسيم المروع , وفقدان الموارد واستنزاف القدرات , ويتصدر الاوضاع كل من ملفات العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان واليمن وليبيا بشكل لافت رغم مناورات الاعلام الدولي ,
وتكاد الاحداث الدموية السيالة التي تتسارع بشكل كبير , تؤكد على ازديادا معدلات العنف واستخدام القوة والقوة المضادة في حرب المذاهب العمودي وصراع السلطة الافقي , ومشروع المد الاقليمي , بينما يستمر الاعلام الدولي والناطق باللغة العربية في ادارة حروبه الاعلامية , وتوجيه بوصلة الاحداث عبر الرسائل الاعلامية القطبية المختلفة من موقع لأخر , وفي كل الاحوال يقف العالم العربي على عتبة التقسيم الدموي والنزاعات طويلة الاجل التي تطول لسنوات قادمة
رباعية العراق الدموية
يتصدر في العراق المشهد المضطرب بين رباعية السياسة والانتخابات , واستنزاف القوة واستيراد الاسلحة المختلفة , وثورة العشائر واستخدام الجيش , وتسلل العناصر الارهابية ومحاولتها لصرف الانظار وإدامة حروب الارهاب ذات العائد السياسي الاقليمي , ويستمر المشهد الاعلامي العراقي بمنظوماته الحكومية والمساندة والكتاب والمتحدثين عبر الشاشات مؤيد للحكومة ويدعم الرواية الحكومية المحلية بتضخيم دور (((القاعدة وداعش))) لتنميط مناطق العرب السنة بالإرهاب , وفقا للسلوكيات المستمر ة للحكومة والأحزاب وإغفال المطالب الانسانية والقانونية التي نادى بها المعتصمون , مع تشغيل ماكينة الفتنة العشائرية لإغراض انتخابية مقبلة , وفي الطرف الاخر اعلام فقير داعم للعشائر وإرادتهم التي استمرت عام كامل في مطالبة الحكومة بتحقيق طلباتهم الدستورية المشروعة .
وفقا لما ذكره موقع فورين بوليسي في منشوره (صحوة الانبار الجديدة) في 25-1-2014 والمنشور في موقع مركز صقر للدراسات , والذي اكد تجاهل حكومة بغداد مطالب المتظاهرين وعسكره المطالب ودخول العراق في انفاق متعددة يصعب التفريق بينهم , وبعد مرور 30 يوم على بدء فض اعتصام الرمادي بالقوة واعتقال النائب احمد العلواني المتمتع حتى الان بحصانة برلمانية لم تلتزم بها القوات الامنية ,بعد ان ارتكبت حكومة بغداد مخالفة دستورية صارخة باعتقال النائب وإعدام شقيقه اما منزله في منظر يخالف القيم القانونية وصكوك حقوق الانسان الدولية , والذي اشعل النزاع بين العشائر والحكومة والتي لتزال نيرانها مستعرة في ظل توريد 24 طائرة اباتشي الى العراق للمشاركة في الحرب الدائرة وفقا لزعم الحكومة (((بمقاتلة الارهاب))) مع مئات الصواريخ هل فاير وطائرات مسيرة لتؤكد للراي العام انها حرب تصفير الطلبات وتوريد الاسلحة مهما كانت النتائج المتمخضة من استخدامها .
وفي ظل تصفير الازمة الدائرة في الانبار من قبل الحكومة الحالية والتي بلا شك حتى الان لم يظهر تفوق اي طرف مما تبقي, كافة الابواب مفتوحة لاحتمالات متعددة يصعب التكهن بنتائجها ومن المحتمل ان تصل نيرانها الجوار العربي الامن لطبيعة التجييش الاعلامي الطائفي وحرق الحقوق المطالب بها عبر ارهبة السنة اعلرب اعلاميا وسياسيا وقانونيا لدواعي انتخابية , في ظل اصطفاف الاقطاب الدولية والإقليمية والعربية خلف رواية الحكومة العراقية , ورفض الاستماع لمطالب العشائر المنتفضة , ويبدوا انها الرغبة الدولية لإدامة مرجل الحرب بأي ثمن كان ومهما كان المردود سلبي , دون التمييز وتصنيف الارهاب بعد انشطار وتناسل المليشيات الارهابية المذهبية التي تعمل بحصانة دولية وإقليمية .
مؤتمر جنيف حلقة مفرغة
لتزال الحرب دائرة في سوريا ومفتوحة بين كافة الاطراف ولعل مؤتمر جنيف 2 , والذي كما يبدوا يعمل كالسلحفاة ولم يحقق اي نتائج وأبرزها وقف نزيف الدم السوري , ولم يحقق المؤتمر اي تقدم سياسي يذكر , سوى مناقشة الجوانب الانسانية , وتنقل الاخضر الابراهيمي بين الاطراف ولم يحقق اي نجاح يذكر حتى الان .
لبنان واقتحام بيروت
تدخل لبنان مرحلة الاخضاع المليشياوي وتمدد الحرب المذهبية الاقليمية التي تديرها ايران بشكل مباشر , ويحتمل حسب سيناريوهات للصحف الاميركية ان يستغل حزب الله العمليات التفجيرية ويقتحم بيروت , وكما نشر في موقع ايلاف بعنوان "الصحف الاميركية تنشر سيناريوهات ترجح اقتحام حزب الله لبيروت " ونشر على موقع مركز صقر , ويأتي هذا في ظل الاختلاف الحاد على تشكيل حكومة جديدة , ورغبة حزب الله ادامة الحرب في سوريا التي يشارك فيها لجانب النظام السوري منذ عام وأكثر وتبقى الاحتمالات مفتوحة امام امتداد مثلث حرب مذهبية اقليمية كما تبدوا الان في مسارح العراق سوريا لبنان وبشكل دموي وهمجي .
نفق ليبيا المظلم
تدخل ليبيا نفق النزاع الدموي المظلم على السلطة , وظهور نزعة المليشيا سلطة التي اضحت تمارس القوة لبسط المواقف السياسية , في ظل انهيار واضح للحكومة وفشلها وعدم مقدرتها على تحقيق الامن والإدارة السياسية , ويمكن ربط موقف ليبيا بموقف سوريا والعراق ويبدوا المشهد واحد وقد يكون اللاعبين ذاتهم والمحارك انفسها .
اليمن بين المليشيات والقاعدة
اضحى اليمن ساحة صراع اقليمي بأدوات مسلحة يشغلها مليشيات مسلحة للحوثيين وتنظيم القاعدة والحراك الجنوبي , ويبدوا انه يتجه الى التقسيم في ظل العنف والعنف المضاد الذي يسود المشهد ويمكن ربط المشهد اليمني بذراع التحكم الاقليمي العابر للوطن والمواطنة .
خلاصة
خلاصة التداعيات السيالة المسلحة والسياسية في العالم العربي , التي تقف امام العجز السياسي , وغياب لغة الحوار المتحضر , وسيادة لغة المذهبية السياسية , وعسكره الاسلام , وشياع ظواهر المليشيا سلطة , حيث تشير كافة المؤشرات الى ذهاب المنطقة الى التجزئة الصلبة وما اطلق عليها "رالف بيترز" عام 2006 حدود الدم , اذا ما قورنت حجم الضحايا المليونية من قتلى وجرحى ومهجرين في دول الاضطراب العربي , والتي كما يبدوا تلتحق بهم مصر شيئا فشيئا , وليمكن اغفال عامل المحارك الخارجية الدولية , الذي تبحث عن سوق سلاح وتجارة امن قومي ويروج لبضاعته في ظل اضطراب النظام السياسي العربي في دول فقدت القيم المؤسساتية وتتجه الى الفدرلة الدموية .
*مفكر عربي من العراق
الخميس، 30 كانون الثاني، 2014
1398 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع