بقلم الدكتور اكرم المشهداني
الراحل عامر أحمد المختار ... كما عرفته أحد رواد العمل العربي الامني المشترك
في الثامن عشر من شهر كانون الثاني 2014 ودعت بغداد الراحل الى جوار ربه عميد الشرطة الدكتور عامر أحمد المختار احد الشخصيات الكرخية والبغدادية والعراقية المعروفة على المستوى العراقي والعربي، حيث كان يرحمه الله أحد الرواد العراقيين المبرزين في مجال العمل الأمني العربي المشترك.
ولد عامر المختار في بغداد الكرخ عام 1933 ونشأ وترعرع في محلة سوق حمادة بالكرخ، وله ثلاث أولاد (أحمد، وعمر، وعلي)، وهو من هائلة كرخية معروفة أغلب رجالها هم من ضباط الشرطة (منهم شقيقة المرحوم شهاب المختار (أبو حامد والاخير ايضا كان ضابط شرطة يرحمه الله) وشقيقه الآخر ثابت احمد المختار ايضا ضابط شرطة، وهناك آخرون من آل المختار من ضباط الجيش والشرطة السابقين.
درس في مدارس الكرخ وتخرج من ثانويتها ودخل كلية الشرطة، وبعد تخرجه عمل ضابطا في كلية الشرطة ثم في القوة السيارة.
مارس الرياضة طيلة حياته والى ما قبل وفاته حيث كان لاعبا في منتخب الشرطة لكرة القدم ومن ثم ضابط العاب المنتخب في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات. وحافظ على لياقته البدنية طيلة حياته حيث امتاز بالرشاقة وطول القامة والحيوية والنشاط.
مارس النشاط السياسي بانتمائه لحزب البعث مبكرا، واعتقل في عام 1961 مع مجموعة من ضباط الشرطة ووجهت اليهم تهمة التخطيط لاغتيال الزعيم عبدالكريم قاسم في ساحة الكشافة، وحكم عليه بالسجن لمدة سبعة سنوات، وبقي مسجونا في سجن رقم واحد في معسكر الرشيد حتى تم تحريره في صبيحة يوم 14 رمضان 1963، غير انه تم اختطافه لدى عودته الى بيته من قبل مجموعة من الشيوعيين واحتجز في الكاظمية، غير انه استطاع الهرب والالتحاق بمقر مديرية الشرطة العامة.
كما تم اعتقاله في عام 1964 في عهد المرحوم عبدالسلام عارف اثر اتهام البعثيين بمحاولة انقلابية يوم 5/9/1964 وقد اطلق سراحه فيما بعد لثبوت براءته وبتوسط اخوانه حيث كان شقيقه المرحوم شهاب
المختار هو المفتش الاقدم للشرطة وعلى صلة وثيقة بالمرحوم طاهر يحيى رئيس الوزراء آنذاك..
كان المرحوم عامر المختار شغوفا بتثقيف وتطوير نفسه فحصل على البكالوريوس في العلوم السياسية ومن ثم اكمل دراسته في القانون ليحصل لاحقا على الدكتوراه من جامعة بغداد.
في اوائل السبعينات شغل منصب مدير عام المكتب العربي لمكافحة الجريمة ببغداد والتابع لجامعة الدول العربية (المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة) قبل ان يتم الغاء المنظمة 1982 وتحويل تبعية المكتب العربي لمكافحة الجريمة ببغداد الى ملاك مجلس وزراء الداخلية العرب. وقد تم نقل المرحوم عامر المختار ليكون مستشاراً في المنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة وكان مقرها في المغرب.
ويعد المرحوم عامر المختار احد العراقيين الذين لهم دور بارز على صعيد تعزيز العمل الامني العربي المشترك بجانب المرحوم الاستاذ الدكتور اكرم نشأت ابراهيم الذي كان له دور كأمين عام لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي تأسس وانطلق من بغداد في وقت الوزير سعدون شاكر محمود واستمر المرحوم الدكتور أكرم امينا عاما للمجلس على مدى ثلاث دورات، وكان يمكن ان يستمر في موقعه لولا ظروف ما بعد دخول العراق الى الكويت، فتم انهاء موقعه امينا عاما في عام 1992.
وقد كان للمرحومين عامر المختار واكرم نشأت ابراهيم ادوار مهمة في تعزيز موقع العراق ضمن نطاق العمل العربي المشترك في مجالات الشرطة والامن. ويعتبر انعقاد مؤتمرين هامين في بغداد الدليل المؤكد على الدور العراقي في العمل العربي المشترك:
الاول هو انعقاد المؤتمر العربي الرابع لقادة الشرطة والامن العرب في نيسان 1976 بمدينة بغداد وحينها كان وزير الداخلية هو السيد عزة ابراهيم ومدير الشرطة العام هو اللواء محمود الحلو، وباعتراف المشاركين كان مؤتمر بغداد لقادة الشرطة العرب من انجح المؤتمرات الامنية العربية.
الآخر: هو انعقاد اول مؤتمر لوزراء الداخلية العرب في بغداد 1981 والذي منه انطلق تأسيس مجلس وزراء الداخلية العرب الذي اتخذ من تونس مقرا له وما زال وتم انتخاب الدكتور اكرم نشأت ابراهيم امينا عاما للمجلس بالإجماع العربي وعلى مدى ثلاث دورات متتالية.
كان للمرحوم عامر المختار علاقات اجتماعية واسعة، وكان محبوبا من اقرانه وزملائه ورؤسائه ومرؤوسيه ولا تفارق النكتة احاديثه وكان يشد الناس في احاديثه.
صدرت له عدة مؤلفات قانونية منها رسالتيه للماجستير والدكتوراه من كلية الحقوق بجامعة بغداد. واتذكر انه كلفني بان اصمم له غلاف الكتاب الذي اصدره متضمنا رسالته للدكتوراه.
تمتد علاقتي بالمرحوم فضلا عن المعرفة الكرخية والجيرة والتعارف العائلي، فقد توثقت علاقتي به من خلال الاعمال المشتركة في إطار العمل الشرطوي، ومنها انعقاد المؤتمر العربي الرابع لقادة الشرطة والامن ببغداد 1976 حيث كان هو العنصر الفاعل والمحرك للمؤتمر، كما توثقت علاقتي به اكثر من خلال مركز البحوث والدراسات الذي عملت فيه من عام 1980 وقمنا بالعديد من الانشطة المشتركة بين المركز وبين المكتب الذي كان يراسه المرحوم وهي نشاطات بحثية قانونية واجتماعية ونفسية وشرطية في مجالات مكافحة الجريمة.
كما انعقد في بغداد اكبر مؤتمر دولي لمكافحة المخدرات عام 1977 بالتنسيق بين المكتب العربي لمكافحة الجريمة الذي يتراسه حينها المرحوم عامر المختار ومكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات وبرعاية مديرية الشرطة العامة ووزارة الداخلية وتم تكليفي حينها بوضع شعار للمؤتمر الذي شاركت فيه وفود من اكثر من خمسين دولة.
انتقل عميد الشرطة الدكتور عامر المختار (ابو احمد) الى جوار ربه صبيحة يوم السبت 18/1/2014 ووري الثرى في مقبرة العائلة بالشيخ معروف الكرخي.
المرحوم العميد الدكتور عامر المختار حين كان مديرا عاما للمكتب العربي لمكافحة الجريمة التابع للمنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة والصورة اثناء احدى الفعاليات الرياضية التي اقيمت ترحيبا بوفود المؤتمر العربي الرابع لقادة الشرطة والامن المنعقد ببغداد 1976 ويظهر كاتب هذه المقالة جالسا خلف المرحوم عامر المختار وكنت حينها برتبة ملازم اول
مقبرة الشيخ معروف الكرخي حيث ووري المرحوم الثرى
صورة جماعية للمشاركين في المؤتمر العربي الرابع لقادة الشرطة والامن العرب ببغداد نيسان 1976 في نادي الصيد ويبدو مدير الشرطة العام آنذاك اللواء محمود الحلو في الوسط مع رؤساء الوفود ومرافقيهم من ضباط الشرطة العراقيين
لقطة من المؤتمر الرابع لقادة الشرطة العرب ببغداد 1976
لقطة اخرى من داخل مؤتمر قادة الشرطة العرب ببغداد ويبدو اللواء مصطفى الشيخ وكيل وزارة الداخلية المصرية يرحمه الله واخرين من اعضاء الوفود وقد عقد في نادي المهندسين بالمنصور
لقطة اخرى من فعاليات رياضية صاحبت انعقاد مؤتمر قادة الشرطة العرب ببغداد 1976 حيث اللواء مصطفى الشيخ وكيل الداخلية المصرية يهم بتوزيع الجوائز على الفائزين بالسباقات الرياضية ويرافقه السيد صائب السامرائي احد ضباط الشرطة العراقية مرافقاً
1488 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع