إلى أبنائي طلاب الجامعات

                                         

                     د.سهام علي السرور/الأردن

في عصر تضارب المفاهيم، وابتعاد الإنسان عن إنسانيته مقتربًا من كل ما هو مادي، كم نحن بحاجة إلى إنعاش رجولة كادت أن تنقرض، وأنوثة كادت أن تسترجل، فلم تكن الرجولة يومًا ما هاتف نقال، ولا سيجارة من أحدث أصناف السجائر، ولم تكمن الرجولة يومًا في طريقة التقليد الأعمى للآخر في لباسه وتسريحة شعره، ولم تصنع الماديات حضارة المسلمين ولم تقم أي حضارة على الماديات والشكليات فحسب.

كما لم تكن الأنوثة علبة ألوان، ومجموعة أصباغ، وتسريحة، وأقمشة مختلفة الألوان والأطوال.
نحن اليوم ونحن نرقب سلاسل من الهزائم المدوية، ومرحلة من فقدان الثقة بالذات وبالأقارب وبالأوطان أحيانًا، وبكل ما يحيط بنا، لسنا بحاجة للوم الآخرين، ولكن البداية تكون من هنا من قلوبنا، من إعادة تمسكنا بالقيم الرفيعة، والأخلاق الراقية التي دعا إليها جميع الأنبياء والرسل، فلم يدعُ نبي إلى غير الخير، وكل من يتحدث بغير هذا هو مُحرف للحق.
أبنائي وبناتي أنا منكم وسأبقى طالبة ما حييت، سأخاطب عقولكم لا من علو ولكن بصوت يأتي من بينكم، أرجو أن لا يقبل أحد منكم بأن يكون مقلدًا دون تفكير، أو أن يكسب رفاقه على حساب خسارة نفسه وقيمه وأهله، ليكن كل منكم إنسانًا يقلده الآخرون بكل ما فيه من جمال أخلاق ورقي، فالأخلاق تمنح الإنسان مسحة من الجمال لا يكسبه شيء منها الانحطاط، وليس أحد منا مرغمًا على السير على خطى المهزومين أو محاكاة النماذج غير الصالحة من البشر بحجة أن جميع البشر هكذا، والحياة كلها هكذا تسير، لتختر لنفسك طريق الخير والصلاح ولو كنت فيه وحيدًا، فالتفرد والتميز بسمو خير من أن تكون نسخة مكررة عن انحطاط الآخرين.
أما فيما يخص العلم، أرجو أن يتشرب كل منكم حُب العلم، فشعور أحدكم أن هذا التخصص أو هذا الكتاب فُرض عليه أن يدرسه يثقل عليه ويشعره بشيء من النفور تجاه ما يدرس، لهذا لابد أن تُقبل على العلم بُحب، حاول أن تملأ نفسك بالحب لتخصصك وأساتذتك وكتبك وأقلامك، ولا تجعل العلامة هي مطلبك، فإن طلبت العلم حصلت على العلامة وإن طلبت العلامة وركزت عليها أكثر من تركيزك على العلم قد لا تكسب العلم دائمًا، فالعلامة تابع للعلم إن حصل حصلت معه، وحين تحب العلم ستتعلم بمتعة، ويكون وقتك بين الكتب من أجمل الأوقات، لهذا فتكرار عبارات الملل والكره تجاه العلم تكرس في نفسك مشاعر سلبية تنفرك من الدراسة.
أما من لم يقدّر له الله الدراسة في الجامعة، وتوقف عن الدراسة لظرف معين، فليعلم أن العلم ليس شهادة، وليُعلّم نفسه، والكتاب خير نائب عن المعلم، فكلما تعلم الإنسان اكتسب بُعدًا في التفكير، وحكمة في التعامل مع الأمور، فتعرف كيف تنقد ما تقرأ ولا تقتنع بكل ما تقرأ وتسمع، وتكتسب من القصص التي تقرأها تجارب تُضاف إلى مخزون تجاربك، فتعلمك كيفية التعامل مع العالم من حولك، فلتحب العلم والكتب، ولتقرأ حتى كتب الأعداء، لتعرف كيف يفكرون، كيف كانت حياتهم، وكيف انتصروا في حين تراجعنا،لتقرأ.... وتقرأ.... وتقرأ؛ لتجد أنك تفتح عالمًا من الحكمة بيديك.  
 كل منا لديه عمر وعمرنا هذا محدود كل نَفَس نتنفسه وكل نبضة قلب  محسوبة علينا، فلما نضيع أوقاتنا بأشياء لا طائل منها !.
فلنكن متميزين في كل شيء مختلفين نعاود النهوض بأمتنا، كفانا تضييعًا للوقت بحجة التسلية، وكرهًا للعلم بحجة العلامة، في داخل كل منا إنسان صالح يريحه أن تسمو أرواحنا في القمم.   

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1157 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع