بثينة خليفة قاسم
الفلوجة العراقية هي مدينة المحن في العراق، فهي أكثر المدن تعرضا للظلم والدمار بعد وقوع العراق تحت الاحتلال الأميركي، فهي المدينة الباسلة التي أبدت مقاومة مشرفة في مواجهة القوات الأميركية ذات التسليح النوعي وكانت عصية على الأميركيين ولم يتسن لهم دخولها إلا بعد أن ارتكبوا جرائم حرب وضربوها بالفوسفور الأبيض وأسقطوا الضحايا من الأطفال والنساء.
الفلوجة اليوم تواجه محنة جديدة لا يعلم إلا الله هل ستنجو منها أم سيتعرض أهلها وقياداتها الذين هم قيادات أهل السنة في العراق لعملية تصفية جديدة مثل تلك التي كانت تحدث أثناء الاحتلال.
الفلوجة اليوم في قبضة تنظيم جهنمي يسمى “داعش”، اختصارا لما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام، وهو تنظيم يقال إنه فرع من فروع القاعدة، وهو نفس التنظيم الموجود على الأراضي السورية ويشارك في معمعة الحرب الدائرة هناك ولا أحد يدري على وجه اليقين شيئا عن أهدافه وعن الجهة التي تقوم بتمويله واستخدامه، رغم القول بانتمائه “للقاعدة”.
هذا الغموض الذي يلف هذا التنظيم وأهدافه يجعلنا في خوف شديد على مستقبل الفلوجة وأهلها، لأن هذا الغموض ربما يكون إستراتيجية مقصودة لتنفيذ جريمة جديدة ضد الفلوجة السنية من خلال استخدام هذا التنظيم المجرم كذريعة لتدمير هذه المدينة ضمن الحرب الطائفية التي تكتنف المنطقة برمتها.
نوري المالكي الآن كرئيس وزراء للعراق يهدد المدينة السنية وأهلها بالويل مالم يقفوا في وجه الإرهاب المتمثل في “داعش”، وبناء عليه فلابد أن يقوم أهل الفلوجة بالدخول في حرب مع هذا التنظيم الإرهابي المسلح بشكل جيد والذي يجري تمويله من قبل جهات لا تعلن عن نفسها، والنتيجة هذه استنزاف المدينة وتدميرها، إما بأيدي تنظيم “داعش”، وإما بأيدي الجيش العراقي الذي سيكون له الحق في تدمير المدينة على رؤوس أهلها بحجة محاربة الإرهاب الساكن فيها!
فما هو ذنب الفلوجة لتواجه هذه الحرب الخبيثة؟
شعب الفلوجة لم يصنع هذا التنظيم المجرم، ولكنه أتى إليه من الخارج، تماما كما أتى للشعب السوري دون إرادة منه، ودخل كطرف في الصراع السوري ولم يخدم هذا الشعب بل أصبح وبالا عليه وعلى ثورته.
والذي يريد أن يعرف المستفيد من مأساة الفلوجة عليه أن يعرف أولا من الذي أرسل تنظيم داعش إلى أرض العراق ومن قبلها إلى أرض سوريا، وعليه أن يجد إجابات لهذه الأسئلة:
لماذا قاتل تنظيم داعش الجيش الحر في سوريا واستولى على مدينة الرقة السورية؟ لماذا قاتل داعش تنظيم أحفاد الرسول وجميع التنظيمات الأخرى التي تقاتل النظام السوري جنبا إلى جنب مع الجيش الحر؟ لماذا أصدرت “داعش” فتوى تكفر الجيش الحر، وتكفر الاتحاد الوطني السوري، والديمقراطي؟
ومن خلال الإجابة على هذه الأسئلة سنعرف أن أعداء الشعب السوري الذين يساندون بشار الأسد هم أنفسهم أعداء الشعب العراقي في الفلوجة.
1718 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع