وداعا ايها الايريال ..

                                                 

                                 سلام توفيق

    

مع انتشار جهاز التلفزيون في العراق ظهرت معه الهوائيات (الايريال) كجزء مكمل له ... اتذكر ان اول تلفزيون اشتريناه في بداية السبعينات كان (ابو اللمبات) نوع orion-victoia .. وكنت ابداء بتشغيله في الساعة الخامسة والنصف عصرا لان افلام الكارتون كان موعدها في السادسة والربع !!! لان الجهاز ببساطة كان يحتاج لطول هذه الفترة حتى يحمى !!!

في كرمليس اشترى جدي عندما كنت اعيش في كنفهم تلفزيون اسود وابيض نوع EIC عراقي وكان من افضل الانواع الموجودة في تلك الفترة ..واشترى معه ايريال عادي من الذي تكون عدد ريشه لاتتجاوز 4-5 فقط وكان كافيا لالتقاط بث تلفزيون الموصل ومن بعد ذلك تلفزيون بغداد بعد الغاء بث تلفزيون الموصل ..اما بيت جيراننا المرحوم العم قسطو فقد اشتروا نفس التلفزيون لكن مع ايريال (عالمي) وهذا يكون اكبر واطول من العادي وريشه تزيد عن 10 وطوله يمتد الى متر ونصف او مترين..
وكانت ميزته انذاك انه يستطيع التقاط بث تلفزيون كركوك لكن ليس بنقاء عال وانما منمش .. تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
هذا اذا تركنا الهوائي الداخلي الذي كان يثبت فوق الجهاز ولكن كفائته كانت قليلة ويتاثر بحركة الاشخاص داخل الغرفة بسبب الذبذبات كان تثبيت الايريال على السطح تصاحبه بعض المشاكل خصوصا في الشتاء حيث الامطار والعواصف التي كانت تتلاعب بالاعمدة التي تثبت عليها الهوائيات فتغير اتجاهها او تسقط احيانا اذا كان التثبيت سيئا فترتعش الصورة او تنشطر الى اكثر من صورة واحيانا تختفي ويظهر النمش المزعج فتضطر الى اغلاق الجهاز والخلود للنوم اما لو كنت تتابع فلما عاطفيا بطولته لحسين فهمي وميرفت امين فانك ستنهض كالبرق وتتسلق الدرج باتجاه السطح كالقط وترفع العمود عن الارض كهرقل وتوجهه تجاه النقطة التي حددتها في مخيلتك سابقا وحفظتها عن ظهر غيب وتعود بخفة الطير لتتابع الاحضان والقبل المتبادلة في الفلم...
بعد عام 1991 وضرب المرسلات وابراج التلفزيون ساء البث كثيرا ولكن في نفس الوقت كثرت المحطات التي تبث فظهرت القنوات السورية والتركية وقنوات من داخل كردستان .. وبسبب ضرب محطات التشويش فان التقاط البث كان ممكنا .. وتفنن اصدقائي في الموصل في صنع الهوائيات الصغيرة والتي كان ساقها من البلاستيك وريشها من الفافون .. حيث يلعب شكل المستقبلات والعاكس دورا كبيرا في التقاط الاشارة وتحويلها الى الجهاز .. وهكذا كنا نستقبل عددا لاباس به من القنوات التي كانت اكثر تحررا من تلفزيون بغداد والشباب رغم الاقبال على الاخيرة .. ومنها الفضائية السورية وسوريا الارضية ومن القنوات الكردية gulan و ktv و اخرى لم اعد اتذكرها ومن القنوات التركية trt1 و2 و3 و4
ولتفادي مسالة ثبات الايريال على اتجاه واحد انتشرت بالاسواق ماطورات لتدوير اتجاه عمود الايريال وبسبب غلاء سعر الاصلية منها تمكن الاصدقاء في الموصل من تحوير ماطور شواية الفرن للطباخات 220 فولت الى ماطور يستطيع تدوير الايريالات الخفيفة بواسطة التحكم فيه من الاسفل في الغرفة عن طريق فتح وغلق زر الكهرباء وكان عندي منه وقدمت لبعض الاصدقاء قسما منها
وفي حالات اخرى حضرت شمعة الفلورسنت كبديل للايريال للبعض من الناس الذي لم يكن يهتم الا بما هو متوفر من بث بسبب رخصها حيث لاتكلف شيئا !
بعد ان ظهرت اجهزة الستالايت والقنوات الفضائية اختفى دور الايريال ليظهر طبق الستالايت للوجود باحجام مختلفة بعضها يصل قطره الى متر ونصف !!! وهو امر مزعج بعض الشيء .. ومهمة الطبق استلام الاشارة من القمر الصناعي وتحويلها الى جهاز المستقبل - ريسيفر- حيث يحول الاشارة الى بث تلفزيوني او صورة..وعليه يجب توجيه ابرة الطبق تماما نحو اتجاه القمر الذي يحتضن الفضائيات واي حركة يحدث فقدان في الاشارة ..والنوع الاول من الريسيفرات كان عادي analoge وطريقة البحث عن القنوات كان يدويا ويمكن عند اختلاف البسيط بالتردد ان تظهر الصورة غير واضحة .. وتلافيا لذلك ظهر النوع الثاني وهو الرقمي digital وهذا لايقبل انصاف الحلول وانما هناك ترددات ثابتة الارقام عليك ادخالها في عملية البحث لتظهر عندك جميع القنوات التي تبث على ذات التردد .. تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
ولان هناك كثير من المباني تمنع نصب الاطباق اللاقطة على اسطحها وشرفاتها مما يحرم الالاف من البث الفضائي ومع تقدم التكنولوجيا ظهرت هذه الايام مايسمى ب lptv وهو بث الانترنت حيث ظهرت شركات متخصصة في صنع اجهزة الريسيفر على الانترنت ..واضعة رزم قنوات عربية او اجنبية في قوائم اجهزتها ..وبعضها وصل الى اكثر من 800 قناة عربية ..وهي تحتاج فقط الى تلفزيون حديث وخط انترنيت سريع ..وهي عملية جدا ولدي واحد منها وهو يعمل بكفاءة وسرعة عالية ودقة ووضوح جيدان ..عدا انه يوفر لك امتيازات اخرى كثيرة كالانترنت على التلفزيون واليوتيوب وامور اخرى كثيرة
تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها
لكن ما هو القادم والاكثر تطورا ..اكيد انه شيء لايستوعبه العقل !!!
ولهذا اقول
وداعا ايها الايريال

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

649 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع