د.هاني سالم حافظ
الكثير من الناس يصف اي قرار جائر او حكم بقضية لا يعجبه بانه حكم قرقوش فمن هو قرقوش؟
وهل كان حقا حاكما ظالما متجبرا؟ ثم انه يوصف بالحماقة والغباء فهل كان كذلك؟
انه الامير بهاء الدين قرقوش من المماليك وقد كان مملوكا عندما كان صبيا لرجل في قرية من قرى اسيا الوسطى
وكان قاسيا عليه ويطلب منه خدمة واعمالا لا يطيقها مما جعل هذا المملوك يهرب من سيده وظل يتنقل في البلاد من بلد لاخر
الى ان وصل الى ارض الشام وكان ملكها عماد الدين زنكي وكان تحت امرته قائد عظيم هو اسد الدين شيركوه وهو عم القائد الخالد صلاح الدين الايوبي
لايذكر لنا التاريخ كيف اشترى القائد اسد الدين هذا الغلام ولكن يذكر انه نشا الغلام في رعاية اسد الدين الذي اعجب بذكائه ومهاراته فسماه (بهاء الدين) واطلق عليه لقب ( الاسدي) نسبة الى اسد الدين وقد تخلق باخلاق سيده واعتنق الاسلام وما لبث ان بدا يتدرب على الفروسيه والعسكريه والقياده التي اتقنها بشكل مذهل ولهذه الاسباب ولذكائه ومواهبه وصبره على المكاره فقد اطلقوا عليه لقب (قره قوش) اي النسر الاسود باللغه التركيه اظهر قره قوش مهارات قتاليه فائقه وصبرا عجيبا وطاعة واخلاصا لسيده اسدالدين فمنحه ثقته واعطاه رتبا تدرج فيها الى ان وصل الى رتبة الاماره فاصبح هذا المملوك يسمى (بالامير قره قوش)
كانت الاوضاع في مصر تحت حكم الفاطميين مرتبكه والفساد منتشرفي مفاصل الدوله والفتن الطائفيه تنخر في الدوله الفاطميه والمؤامرات في قصر الخلافه تحاك بشده بين الموالين للفاطميين واعدائهم وقد اشتدت الخلافات في عام 564 للهجره مما دعا الملك عمادالدين الى ان يرسل قائده اسد الدين ومعه ابن اخيه صلاح الدين الايوبي على راس جيش كبير الى القاهره لتهداة الاوضاع وكان بصحبة هذا الجيش بهاء الدين قره قوش حيث تمكن الجيش من اخماد الفتن وهدات الاوضاع واستتب الامن
وبعد فترة اضطر اسد الدين للعودة الى الشام فترك صلاح الدين ومعه قرقوش مع مجموعة من العساكر لحماية الامن واذ الامور تمشي بهدوء وامان داهم المرض الخليفة الفاطمي ( العاضد) الذي لم يعد يستطيع ان يسير الامور فارتاى ان يعهد بالوزاره الى صلاح الدين تثمينا لجهوده في استتباب الامن مما جعل رجال القصر يشعرون بالرعب من هذا الرجل وادركوا انه سيقضي
على مراكزهم وبالتالي سيقضي على الدوله الفاطميه
توفي الخليفه الفاطمي اواخر عام 564 هجريه(1169 للميلاد) فقام صلاح الدين بتشديد قبضته على شؤون الدوله واخذ يبعد كل من له صلة بالخليفة العاضد ويقرب انصاره ويسند لهم المناصب المهمه وفي الحقيقه انه بموت الخليفة العاضد انتهت الدوله الفاطميه وبدا عصر الدوله الايوبيه وكان صاحبنا قره قوش من الذين اطلقت يدهم في شؤون الدوله حيث عاد صلاح الدين الى الشام وبقي الحاكم الفعلي قره قوش الذي اخذ يدير الدوله بصرامة واتجه لبناء الحصون والقلاع ويشتد في معاقبة المفسدين ويبعد المنافقين والمتزلفين
وكان ممن ابعدهم كاتب واديب بارع من الاقباط اسمه (الاسعد بن مماتي) فحقد على قره قوش واخذ يحاربه بكل ما يستطيع من التلفيقات والحكايات والنوادر جمعها في كتاب سماه( الفاشوش في حكم قره قوش) والذي سرعان ما انتشر في البلاد وخارجها
وهكذا هم الادباء يؤثرون بالكلمه مالا يقدر عليها اخرين وهذا سلاحهم وقد حوى هذا الكتاب الكثير من النوادر والحكايات الملفقه على قره قوش وهو منها بريئ وهذه بعضها:
صقر الامير: ابلغوا الامير قره قوش بان الصقر الذي كان يربيه قد هرب فامر باغلاق ابواب القاهره حتى يعود الصقر الهارب!!
العسكري المذنب: كان احد العساكر يسير بين اناس قد تجمهروا فاخذ يدفع بهم لتفريقهم وكانت امراة حامل في شهرها السابع بين من دفعهم فاجهضت الاإمراه فذهب زوجها الى قره قوش يشتكي العسكري فكان امره ان ياخذ العسكري المراة عنده ويطعمها حتى تصبح حاملا في شهرها السابع ثم يعيدها لزوجها!!
اعدام القاتل: جيئ برجل قد قتل شخصا فامر بقتله جزاء لجرمه فقال بعضهم للامير انه الوحيد الذي يعتني بفرسك ويقوم على خدمته فقال اذا اطلقوا سراحه واعدموا بدله من لا نحتاجه!!
كيف تسترد دينك؟: جيئ برجلين ادعى احدهما على الاخر بانه قد استدان منه مبلغا من المال قبل سنة ولم يرجعها له فاعترف الاخر بذلك الا انه قال يا مولاي كلما اجيئ بالدين لاعيده له اذا به مسافر وعندما اعود فاصرفها ياتي ويطالبني بها وانا قد صرفتها فامر قره قوش ان يسجن صاحب الدين (الدائن) حتى يعلم المدين اين هو فيعيد له المبلغ!!!
توفي قره قوش عام 597 هجريه بينما توفي مؤلف الكتاب ( ابن مماتي) عام 606 هجريه
1668 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع