دوامة العراق بين العقل والجسد

                                            

                              بيلسان قيصر*

قد يظن البعض ان الاغتراب عن البلد عمليه سهله وممكن استيعابها والتكيف معها بسهوله ولكنها للكثير من المغتربين وخاصة الوافدين من الدول العربيه والاسلاميه فأن اكثرهم مغتربين بالجسد فقط وتبقى عقولهم واحاسيسهم مع بلدهم الام يتابعون مايجري فيه ومايحصل ويرنمون به ويقصون جميله وايامه لان جذورهم هناك واهاليهم هناك والاصدقاء والتاريخ والذاكره والحب وكل ما يعتبرونه جميل ..


انا واحده من الذين تغربت مع عائلتي وبالرغم من اني كنت طفله لم ارى من العراق مارآه والدي ولكني تشبعت بما سمعته منه عن البلد العريق والحضاره والناس الطيبين والتعايش المثالي بين كل الناس فقد كان يحدثني كيف يشارك المسيحيون اخوانهم المسلمين افراحهم ومآسيهم والعكس يجري مع المسلمين وكيف كانت الانسانيه تسود العلاقات الاجتماعيه وكيف كانت المصداقيه معيار الحياة والتعامل وكنت اتخيل هذا المجتمع الراقي في علاقاته مع بعض وكيف لانجد منها في غربتنا الا القليل وكيف يهب وينتفض اهل المحله والزقاق لحدث وقع لجارهم او حاجة الى عون واسناد وكيف ينتخي الرجل لكرامة امرأه وكيف يتجنب الشاب التحرش في بنت الطرف او المحله وكيف يذود عنها حد القتال وكيف كان الجميع يعرفون للعيب مكانا في تربيتهم ,, كل ذلك اصبح مطبوع في ذاكرتي وانا اسمع ابي يحدثني او يحدث والدتي البرازيليه بهذه القصص وتلك الصفات حتى بات العراق مزروعا في داخلي يحفزني ان اتابع اخباره كل يوم وكل ساعه علي اشبع رغبتي منه ولكن ....

عندما ياتي الصباح واستقي عن العراق ما يرد في الاخبار يتجهم وجهي وتنقلب نفسيتي واصاب بالكآبه لما ارى واسمع من على شاشات الفضائيات التي لانملك سواها للاطلال على الوطن الام ,, مذابح وقتل وسفك دماء واختطاف وتفجيرات وموت ودم ينزف كل يوم في كل مكان ؟؟ ماذا يجري اين هي هي انسانيتكم ؟؟ اين هي المحبه التي كانت تسود مجتمعكم ؟؟ اين هي الشرائع التي تؤمنون بها ؟؟ اين هو دينكم ؟؟ هلى عدتم الى شريعة الغاب يأكل بعضكم بعضا وينهب بعضكم بعضا ويغتصب هذا وذاك ويسرق هذا وذاك ولم ينفع رجل الدين ولا المتعلم ولا الفقير ولاالغني ,, الكل داخل الدوامه يدور بدون نهايه ولايدري الى اين يسير شباب هدر اسفا ودماء نزفت حراما وبيوت خربت ظلما وعلماء هجرت قصرا وبلدا خرب تعمدا واموال هدرت وسرقت وماكنة الموت لاتزال تدور !!

اصبحنا ونحن في الغربه نخجل ان نقول كنا من العراق لانكم جعلتم هذا العنوان الجميل اسما للقتل والفساد والتدمير والسرقه والخيانه والعماله وكل مصطلحات الرذيله التي شوهت تلك الصوره الجميله التي رسمناها في مخيلتنا عن العراق .. هل بقي هناك شيء اسمه عراق وشعب اسمه عراقي وتاريخ نفتخر ان نقصه على الاخرين ...

لقد افسدتم كل ما هو جميل ..

*الورده البيضاء / البرازيل

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

700 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع