د.عمر الكبيسي
فارقنا المرحوم المناضل العروبي سلام أحمد عباس قبل أيام في عمان بعد مرض عضال عانى منه وتحمل مرارته بصبر وجلد ، مع ذلك كان الفقيد رحمه الله بعد احتلال العراق قد استعاد نشاطه السياسي بعد فترة اعتزال منذ السبعينات بعد كل ما تعرض له من اعتقالات وأحكام بالإعدام والسجن واختفاء وتهجير استقر بعدها في الكويت ثم الخليج .
بعد احتلال العراق في 2003 تفجرت طاقات الفقيد ابو احمد الكامنة واهتزت مشاعره العروبية وراح يندب الامة العربية وشعوبها وما انحدرت اليه من فتن وتشظية وانقسام وضعف وما تتعرض له عقول علمائها ومفكريها وطاقاتها من تهجير واغتراب في حين تعبث بشئون الأمة عقول فاسدة ومسخرة لخدمة الدول الكبرى التي تهدف الى التفتيت وإثارة الأزمات وتعطيل التعليم واستخدام التكنولوجيا والعبث بقيم وإرث ومقومات الامة وتراثها وإثارة الطائفية والمذهبية الدينية والعرقية حتى اصبح الحديث عن امة وهوية عربية أمر يثير الضغينة بينما تتحدث الصحف والفضائيات والأحزاب والمنابر بلغة الشيعة والسنّة ليس بفقها ومدارسها ومراجعها ولكن بمظلوميتها وتسيسها وإثارة الصراعات بين مكوناتها بلا تحفظ .
كان هم المناضل ابو احمد وطموحه أن يؤسس لفضائية فكرية قومية يلتف حولها مفكري الأمة وإعلامها للوقوف بوجه الطائفية السياسية والحملة الصفوية التي تنخر بكيان الأمة وتعبث بأمنها وفكرها و وحدتها . كان رحمه الله وهو الذي عاصر وتربى ونظرَّ للحركة القومية العربية مع شخصيات تصدرت قيادة هذا الفكر وتنظيماته مثل جورج حبش وهاني الهندي وباسل الكبيسي وعبد الإله النصراوي وهاشم محسن وصبحي عبد الحميد وغيرهم من الرعيل الآول والثاني .
كان رحمه الله يتحرك ويسافر من أجل وحدة الحركات والاحزاب والتكتلات القومية والناصرية والتي شهد بمرارة ما أصابها من تمزق وتشظي وتنظيرات واختراقات أضعفتها ونخرتها ، ودعى قبل وفاته الى العودة لبناء حركة القوميين العرب الشجرة الأم لكل هذه التكتلات . أما في الواقع العراقي فقد كان يأسى لحال العديد من زملائه في النضال لعقود مضت كيف تحولت أفكارهم وعادوا يعتاشون مع الاحتلال وساسته .
لقد تركنا الفقيد المرحوم سلام احمد بحالة كان يعرف انه بسبب مرضه وطبيعته سوف لن يكمل الشوط الذي كان يتمنى أن يداوي فيه جروح الأمة فحرص على اللقاء بمن كان يتوسم فيهم الآمل ويبعث بهم العزيمة ويروي لهم اسرار ما حدث في هذه المسيرة الطويلة وابعاد النكبات التي تعرضت لها حركة القوميين العرب وفصائل المقاومة الفلسطينية التي تبنتها والدروس المستنبطة منها .، لقد تركت فينا أحاديثه الأمل وبعث فينا العزم للمضى بمناهضة الاحتلال مهما طالت المعركة واشتدت المحنة ، إذ لابدّ من الفرج بسبب ما تمتلكه امتنا العربية من طاقات وثروات وقيم وركائز قادرة على التغيير والتجديد .
ولد المرحوم في البصرة عام 1930 وأكمل دراسته الاولية والثانوية فيها قبل ان ينتقل الى الجامعة الأمريكية في بيروت درس في الجامعة الامريكية في بيروت وهناك انظم الى حركة القوميين العرب وعمل مع رعيلها الاول : جورج حبش، هاني الهندي، وباسل الكبيسي عاد الى . العراق في أواخر الخمسينيات كأمين عام الحركة في العراق حيث ناضل في سبيل إستقلال و وحدة الامة العربية . اعتزل العمل السياسي في السبعينيات ثم عاد اليه بعد الاحتلال الامريكي للعراق، رغم تقادمه في العمر، ليستمر في النضال من اجل رسالة الأمة العربية..
رحمك الله يا أيها العزيز والقريب الى القلب والروح ، كم أحسد نفسي أني تعرفت عليك وتعلمت منك الكثير في لقاءات تكررت خلال السنوات الأخيرة التي جمعتنا في عمان الأردن الشقيق . غفر الله لك ورعاك برحمته وادخلك فسيح جناته لما قدمت وناضلت من أجله فهو العليم بالنوايا ولا تخفى عليه السرائر واللهم ولديك (أحمد وعلي) وأمهم واهلك ومحبيك وعشيرتك وجمعك الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون .
1480 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع