
أسامة الأطلسي
غزة تقول كلمتها: السلاح لم يعد حماية… بل عائقًا أمام المستقبل
لا تزال غزة تقف على حافة مستقبل مجهول في لحظة مفصلية من تاريخها السياسي والاجتماعي. وبينما يتطلع السكان إلى وقف إطلاق نار دائم يفتح الباب أمام إعادة بناء ما دُمّر، يبرز مطلب شعبي متزايد يضع حركة حماس أمام اختبار غير مسبوق: تسليم السلاح لجهة فلسطينية مسؤولة وموحدة، وتسهيل تطبيق المراحل التالية من اتفاق وقف إطلاق النار.
هذا المطلب الذي كان يومًا ما محظورًا أو هامشيًا، أصبح اليوم حديث الشارع في غزة، ليس بدافع السياسة أو الحسابات الفصائلية، بل بدافع البقاء، وإعادة الحياة، واستعادة الإنسانية التي أرهقها الخراب. ومع ذلك، تواصل حماس رفضها، متمسكة بسلاحها ومكانتها العسكرية، حتى ولو كان الثمن تعطيل مستقبل الملايين.
الناس يريدون حياة… وليس شعارات
من يعيش داخل غزة يعيش معادلة قاسية:
منازل مدمرة، بنية تحتية منهارة، اقتصاد مفلس، ومستقبل بلا أفق.
في ظل هذا الواقع، يرى سكان القطاع ــ من التجار إلى العمال والطلاب وحتى الأسر المشرّدة ــ أن إعادة الإعمار لا يمكن أن تبدأ ما لم تُحل مسألة سلاح حماس، وما لم تُسلّم السيطرة الأمنية لجهة فلسطينية قادرة على تنفيذ الاتفاقات الدولية.
يقول كثيرون إن السلاح أصبح عبئًا لا حماية، وحاجزًا يمنع التقدم بدل أن يصنع قوة.
ومع تعطل تنفيذ المراحل اللاحقة من اتفاق وقف إطلاق النار، يشعر الناس بأن أصواتهم تُكتم، وأن مصالحهم تُهمّش لصالح حسابات سياسية لا علاقة لها برغبة الأغلبية الساحقة في الهدوء والاستقرار.
حماس… بين الماضي والمستقبل
قد ترى حماس في الاحتفاظ بسلاحها استمرارًا لوجودها وبقائها، لكن السكان باتوا يرون في هذا الإصرار تغليبًا للمصلحة التنظيمية على المصلحة الوطنية.
لقد أصبح السؤال اليوم ليس ما إذا كانت الحركة ستتخلى عن سلاحها، بل:
إلى متى ستستمر في تعطيل المصالحة وإعادة الإعمار من أجل بقاء سياسي؟
يقول سكان غزة بوضوح:
"لا نريد صراعات جديدة. نريد أن نعيش. نريد أن نبني. نريد مستقبلًا لأطفالنا."
هذه ليست شعارات، بل صرخة مجتمع أنهكته الحروب، ويدرك أن استمرار الانقسام سيعني سنوات أخرى من الضياع.
إعادة الإعمار ليست ترفًا… بل ضرورة وجودية
إن المراحل التالية من اتفاق وقف إطلاق النار ليست مجرد بنود سياسية، بل هي خريطة طريق لإنقاذ غزة. ومع تعثر هذه المراحل بسبب رفض حماس تسليم السلاح، يشعر الناس بأن حياتهم ومستقبلهم محتجزان بقرار سياسي لا يشاركون فيه.
إن الإصرار على بقاء السلاح خارج إطار الشرعية الفلسطينية يهدد بتكرار دورات الحرب، ويضعف فرص الاستقرار على المدى الطويل، ويحول دون تدفق أي مساعدات أو مشاريع إعادة بناء ذات جدوى.
خاتمة:
ما يحدث في غزة ليس مجرد خلاف سياسي، بل تحوّل عميق في وعي المجتمع.
الناس لم يعودوا يقبلون بأن تُدار حياتهم وفق معادلات قوة وصراعات لا نهاية لها.
إنهم يرفعون صوتهم بوضوح:
كفى حروبًا، كفى انقسامًا، كفى سلاحًا خارج الشرعية.
ورغم رفض حماس حتى الآن، يبقى السؤال:
هل ستسمع صوت الشارع قبل أن يفوت الأوان، أم ستظل متمسكة بسلاح قد يفقد قيمته أمام إرادة مجتمع يريد الحياة؟

841 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع