
بقلم: صفوة فاهم كامل
في معرضه الشخصي الثالث كاظم القاضي… طبيب يزرع الفن ويُزهِر إبداعاً
على خطى أساتذته الأطباء الرواد، أمثال قتيبة الشيخ نوري، وخالد القصاب، ومصطفى نوري بهجت، حمل ألوانه وفرشاته وأدواته كما يحمل الطبيب مقصه ومشرطه ولوازمه، فغدا يداوي الأرواح كما يداوي الأجساد، ويكشف العيون والنفوس بلوحات غزيرة تُبهج القلب، كما يبتهج المريض بشفائه من علّته، إنه الدكتور الفنان كاظم ثابت القاضي ابن مدينة عَنة الوادعة، المولود سنة 1935 والمتخرج في كلية الطب عام 1961.

ففي (جاليري جودار) القاعة الحديثة الواسعة والأنيقة افتتح في عمّان يوم السبت 22/11/2025 المعرض الشخصي الثالث (الخيري)، للفنان إذ اصطفت على جدرنها البيضاء أكثر من ثلاثين لوحة كأنها أنغام ضوء وألوان متراقصة. لتجسّد لوحاته عالم الورود بأشكالها المتنوعة وألوانها الزاهية مع قواريرها المختلفة، فيما تمايلت الخيول العربية الأصيلة في لوحة أخرى، ورسمت ثالثة الطبيعة الخلابة ونهر الفرات الهادر تحت نواعير عَنة الشهيرة، لتعيد إلى ذاكرة الفنان مدينته وهو يعانقها في أبهى تجليات الفن والحياة.

غصّت باحة المعرض بجمهور نخبوي من أبناء الجالية العراقية، من عشّاق الفن التشكيلي ومحبّيه وأصدقاء الفنان ومريديه. وقد تجوّلوا بين أصائص الورود وألوانها، حيث تميّزت معظم اللوحات بقدر عالٍ من الشفافية وصفاء الألوان وقوتها، لتعكس الطبيعة المزهرة ومشاهد من مناطق متعددة من أرض العراق.

وخلال حفل الافتتاح ألقى الكاتب صفوة فاهم كامل كلمة مقتضبة استعرض فيها حياة الفنان وعطاءه الثري وتاريخه الطبي وإنجازاته الفنية خلال عمره المديد الذي ناهز التسعين عاماً، فيما قدّم الفنان التشكيلي والناقد الأستاذ ضياء الراوي قراءة نقدية ثريّة للوحات المعروضة، ركّز فيها على جوانبها الجمالية والفكرية.

يستشف الزائر والمتأمل لأعمال الفنان الحالية والسابقة ارتباطه العميق وعشقه للطبيعة الصامتة والأفكار المتنوعة، وتعكس أجواء الماضي والحاضر الممزوجة بالحنين إلى التراث والواقعية بنقل مفردات البيئة التي عاشها وعاشت معه بيئة غرب العراق من طبيعة خضراء ومياہ جارية ونواعير تدور على ضفاف نهر الفرات.
يُذكر أن الدكتور كاظم القاضي لم يتعلّم الفن في قاعات الدراسة أكاديمياً أو عبر دورات فنّية متخصصة، بل اعتمد على موهبته الفطرية التي صقلها بنفسه منذ قدومه إلى الأردن، حتى تجلّت في أول معرض شخصي له أقامه عام 2014.
من أسمى السّمات الإنسانية التي أعلنها الفنان في حفل الافتتاح عزمه على تخصيص كامل ريع المعرض لدعم المعوزّين والمتعفّفين من أبناء الجالية، في موقف نبيل يجسّد أرقى صور التضامن مع أبناء بلده في غربتهم، وذلك بالتعاون مع منظمة (أيادي الخير) الإنسانية. ومن هنا سمّى معرضه (بالمعرض الخيري)، ليغدو الفن رسالة حياة ويداً ممدودة بالعطاء.
نسأل الله أن يمنح الدكتور كاظم القاضي صحةً موفورة وعافية مستمرة وأن يمدَّ بعمره، ليواصل إغناء الساحة التشكيلية ويثريها بإبداعاته ولوحاته المعبّرة ويبصرها لجمهوره في معرضه الشخصي الرابع... إن شاء الله

854 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع