دَفترُ دَربي .. شـَذَراتٌ من دفْتر ِ الحياةْ

 

علاء الدين الأعرجي/نيويورك

    


وأَنا أَنظرُ في دَفـتـرِ دَرْبي
ألفَ ذِكـْرى...
وعناقيدَ من الأحداثِ تـَـتـْـرى:

صفَحاتٌ من لَعِبْ
وفُصولٌ من تــَعَبْ
وشـُذُورٌ مـِنْ صَـقـيعٍ أو سَعيرٍ أو تـــُرابٍ أو ذَهَبْ
سَجَّـلَتْ أَحداثَ دَرْبي  بـمُـعَـانـاةٍ  وسُهدٍ  أَو طَرَبْ
بِمِـدَادٍ مِن نَجيـعٍ أو دُمـوعٍ أو ضَرَبْ
* * *
وأَنا أَقـرَأُ في دَفترِ دَرْبي
ألفَ ذِكــْرى...
وعناقـيدَ من الأحداثِ تـَـتــْـرى:

صفَحاتٌ من صَـفـيحْ
وتَباريحُ كِـفاحٍ جُـلــُّه أَطـْلالُ رِيحْ


صفَحاتٌ من حَريرٍ
قَدْ غـَـفـَتْ فيها ملايـيـنُ الحُرُوفْ
وَحـَـكايـَا  وخـَفـَايَا  بالأُلوفْ
كـُـلُّ حَرفٍ مِنهُ أنـْغامٌ تـَبوحْ
وَسَحَاباتٌ  تــَلوْحْ
وَحَمَامَاتٌ تـُغَـنــّـيْ أو تـَنـوحْ
وعطـورٌ من ثناياهُ تفــوحْ
***

وأَنا أَقـرأُ في دَفـترِ دَرْبي
ألفَ ذِكـــــرى. . .
وعناقـيدَ من الأحداثِ  تـــَـتــْرى:

بَـيـْـتـُـنا ذَاكَ العَتيقْ
في زُقاق ٍ مـُـتعَبٍ  يـَغـفـوْ  بأحضان ِ الطريقْ
وَفِـناءٌ فيه حَوْضٌ وشُجَـيْـراتٌ  مُظِلــّــــــهْ
و“شـَـناشِـيـلُ ”   على الدَرْبِ  مُطِـلــَّـــــهْ
والسُنُونو يَصْنـَعُ العُشَّ على شَكل ِ مظـلـــــَّهْ
وأَبٌ يَـتـلــُو كِتابَ اللـه أو يَـقـرأُ “ تاريخَ الأُمَمْ...”
ثـم َّ يَروي  قِصَصَ القـُرآنِ والتاريخ ِ في  أَقـشَـبِ  حُــلـَّـةْ
بَل ويُـلقي نـُـتـَـفا ً مُختارة ً من شـِعرِ  بعض الشـُعَراءْ
وَيُـغـَنــّي شِعـْرَهُ في كـِـبـْرياءٍ وازدهاءْ
وَغـُلامٌ حَـالمٌ يـَنـْعَى على الدَهر ِ حَيَاةً مـُكـْـفـَهرَّهْ
وَكَلامًا مُبْهَمًا يَبْدو كأَلغازٍ مُـمـِلــَّهْ


وأَنا أَقـرأُ في دَفـترِ دَرْبي
ألفَ زَهرَهْ. . .
ثــُـم َّ باقاتٍ  من  الرَّيحانِ  والنَرجِسِ أَلوانا ً وأشكالا ً مُسِرّهْ:

نظرةٌ. . . أَدْمـَتْ فــُؤادي          وفَـَـتافـيتُ تـَــثورْ
وثــُمالاتُ كــُؤوس ٍ  تـَـتـغـنــَّى  بحـَديثٍ  وَعُـطورْ
وصَـبـَاباتٌ   تـَـفورْ. . .
*  *
والتــَـقــَيـنا. . .  والتـَـقــَتْ أرْواحـُنا بـَيـنَ  يـَدَيـْـنا
  وتَعالَتْ صَرخَـة ٌ مَحمومـة ٌ  من راحَـتـَـيـْـنا
وَسَكِرنا من سَواقي خافِـقــَيـنا
وبَنـَيـْـنا من خـُيـُوطِ  اللحظِ   عُــشـَّـا ً. . فانـْطـَوَيـْـنا
* * *
وتَسامَتْ ذكرياتيْ فوقَ ذاتيْ
حيثُ أَضحَت قـِمـَما ً    تَعلو على الحاضرِ والماضي السَّحيقْ
وأَراني أَستَقي مِنها    سُمومًا أو سَعيرًا أو رَحيقْ


وأَنا أَقرأُ في دَفترِ دَرْبي ، ألفَ ذِكــْرى. . .
وعناقـيدَ من الأحداثِ تـَـتــْرى:

ولقد أَبحرتُ  في  أَرجائها هذي الحياةْ  
دون زادٍ أو عـَـتادْ
وبها أَشعـلتُ شمْعـِيْ   
بوَميض ٍ فاضَ من حبـَّاتِ دمعيْ
ثـمَّ واجهتُ مُلـمَّاتِ القــَدَرْ. . .
وشهدت ُ الناسَ  أشكالا ً وألوانا ً عَجَبْ
جُـلــُّهمْ يسعى كما تسعى المواشي في قطيعْ
لا  يرى  من   دهرِهِ  إلا َّ  أحاسيسَ فَمِهْ
وتباريحَ دَمِه
*   *   *
وأَنا أَقرأُ في دَفـترِ دَرْبي
ألف َ دُرَّهْ
وسيولاً من صَدى التفكيرِ
تأتي حُلوة ً آنـا ً،  وآنــا ً جِدَّ   مُـرَّهْ:

أَتـُراها عبَثــا ً هذي  الحياةْ !؟
ومقاييسُ  البـشرْ ؟
ومفاهيمُ  العدالهْ ؟
ومعاييرُ الحضارهْ؟
وإصاباتُ  القدَرْ؟

كلـُّها في  شِــرعةِ  الكون ِ
ضَئيلٌ  تافهٌ  لا  يُعتـَـبَرْ!


ونرى  الإنسانَ  يغرقْ
بل تَرانا  نتهاوى  كــُلَّ  يوم ٍ
في تفاهاتِ  حياةٍ  كـُـلــُّها  يبدو هباءْ
وتــَرانا   نتمزَّقْ
نحن  نشقى  ونـُعاني
ثمَّ نسعى بتــَـفان ِ
وإذا الإنسانُ يغدو
بَغلة ً شـُـدَّت إلى  ناعور  ماءْ

*  *  *
ولقد ساءَلتُ  نفسي ألفَ  مرَّهْ
لِمَ  نحيا؟!. . .
لِمَ  نشقى؟!. . .
ثمَّ نغدو  جِيفة ً في حـُـفرةٍ  بلهاءَ  قـَفـْرَهْ
لِمَ  هذي  التـُرهاتْ؟!. . .
.      .       .         .
أَم ْ  تــُـرانا قــدْ  غفلنا  كـلَّ هذي  البـيـِّـناتْ ؟. . .
أ تــُرانا  قـد  عَمينا. . . أو غَرقِـنا  في  سُـباتْ ؟. . .
وهنا ما  بين  أيدينا  ملايينُ  الشواهدْ:
نُطفةٌ تـُصبحُ  إنسانا ً   ذكـيـَّا ً
صالحا ً أو فاسدا ً يسعى ويطغى أو يَجورْ
ونجومٌ بالبلايـين  تدورْ! . . .
بعضُها بادَ  قديمًا من ملايـين العُصورْ
وهي تبدو ساطعاتٍ  كـُـلـّها نارٌ ونورْ!. . .

وَخِلـيــَّهْ
لا تُرى إلاَّ بعين ٍ مـِجْـهـريَّهْ
ينطوي في أُسـِّها  كــُـل ُّ  الصفاتِ   البشريَّـهْ
حين تغدو طفلةً رائعةً ثـمَّ  صَبــيَّـهْ
فهي تبني كـــُلَّ  أجزاء ِ كـِـيان ٍ مـُـتـَعَـضٍّ، فـــَتـَصَوَّرْ!؟

بالغِ التعـقـيدِ والإعجازِ  في شـتــَّى  السِّـمَاتِ  الحيـَويـَّهْ
ودِمـاغـا ً من  نسيج ٍ  حـَيـَويٍّ  يشـتهيْ  أو  يـنـتـشيْ  أو  يـَتـَـفـكــَّرْ
وملايـيـنَ من الأَعصابِ  و“النورون” ،  تحكيْ  وترىْ  أو تـتـذكــَّرْ!


والمشاعرْ :
إنـَّها مقطوعـةٌ
يعـزِفـُها  جـُـلُّ   خلايا   المُـخِّ   في  كـلِّ   المَحاوِرْ
* * *
وإذا  عُدنا  إلى  الأرضِ  التي  عِشنا  عليها  ونَبيدْ
وبها  مليونُ  فَجٍّ  وبحارٌ  وصحار ٍ
وجبالٌ  من  صخور ٍ  وجليدْ
إنـَّها، في نَظَرِ الكَونِ، الذي عَــزَّ على الـتـقـدير، ذَرَّهْ
تتهاوى  في  لـِجَاجِ  ومَـجارٍ  مُسـتمـرَّهْ
لا نرى  منها  سوى  أبعادِ  قَطْــرَهْ
قد بَدَتْ في سالفِ الأزمانِ  بحرًا مُعجِزًا يحملُ سِرَّهْ
ثمَّ صِرنا عُلماءً، فاكـتشـَفـنا أنَّ في أَرجائها ألفَ مَجَرَّهْ
بَيْدَ  أنـَّا  لم  نَزَلْ  نَحْبو على أعتابِ  قطرَهْ
عَـجَـبـا ً . . . هل أدركَ الإنسانُ أمْرَهْ!
ومتى يعرفُ هذا الكائنُ  المغرورُ  قَدْرَهْ؟. . .
* * *
وإذا سَجـَّـلتُ في دفترِ دربي ذكرياتيْ
وإذا غَصَّ  به  حَشدُ  هـَنـاتـيْ
فعزائي  أنــَّني  أفلحتُ  في  جُـلِّ  صِلاتيْ
وعزائي أنَّ  أغلى  ذكرياتي
حِكـْـتـُها  ما  بين  أصحابي  وذاتيْ
وعزائي  أنــَّها  قد  أزهرَت  بؤسَ  حياتيْ
وعزائي  أنــَّـها  قد  أشرقـَتْ  في  ظـُلماتيْ


وإذا أعربتُ  يومـا ً عن  حنايا  أضلـُـعي في كـلماتِ:
لَـقـُـلتُ  وَحـبَّـاتُ  الفؤاد ِ تـكــَـلــَّمُ
وهل صرَخـَاتُ  القـلبِ  تـُخفى  وتـُكـتـَـمُ
وهذا  نشيدي  بالمشاعرِ  مُفـعَـمٌ
صَدى ً  لِجَنان ٍ بالنوازع ِ  يَضْرَمُ
ومـِنـْكـُمْ  أحبَّائي  تـَجيـشُ  قصائـديْ
وعنكم  معاني الشعر ِ تـُحكَى وتـُـلـهـَـمُ
فلا فـَخرَ فيما قــُـلـتـُهُ وأقـولـُهُ
فأنـتــُم فؤادي خـافــقـا ً وأنا الفَمُ .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

3307 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع