لنطفئ حريق خور عبدالله الذي احرق قلوب العراقيين

د. وَائِلْ اَلْقَيْسِي

لنطفئ حريق خور عبدالله الذي احرق قلوب العراقيين

منذ بداية الصيف والحرائق لم تنطفئ نيرانها في العراق ، وكان اشدها قهرا ووجعا حريق مركز تجاري او مول ( هايبر ماركت) في مدينة الكوت بمحافظة واسط الذي تسبب بمقتل أكثر من ستين شخصاً وإصابة العشرات وفقدان آخرين بالإضافة إلى الجثث المتفحمة ، وكالعادة تم تشكيل لجنة تحقيقة وحتما ستكون كسابقاتها من اللجنان التحقيقة الكثيرة التي نسمع لها جعجعة ولا ترى طحينا .

وكلما تحصل فاجعة ( وما اكثر الفواجع ) حتى تتفتق اذهان وعبقرية الفاسدين من زبانية ماتسمى بالسلطات الحاكمة باستحداث فاجعة غيرها ، من أجل أن ينسى الناس الفاجعة السابقة لينشغل العقل الجمعي بالأخرى .
لكن فاجعة هذه المرة غير كل ماسبقها ، بإستثناء فاجعة احتلال العراق التي لا توجد فاجعة اكبر منها ، على الرغم من انها ليست جديدة حيث سبقتها مقدمات تمهيدية منذ عام 2012 .
لكن الضربة الموجعة جاءت قبل بضعة أيام عندما تم بيع ميناء خور عبدالله من خلال الرشاوى التي اشترك فيها كل من هو بالعملية السياسية سواء قبض من تلك الرشى ام لم يقبض .
اما مسألة إلقاء اللوم واتهام هذه الجهات او تلك بين تنفيذية او تشريعية او قضائية ، فهذه مسألة عبثية ومعيبة ومخزية ، لأن الجميع مشترك فيها ولا نستثني فيهم منهم احدا.

وقد كان لتواطئ أصحاب القرار في العراق ، وخيانتهم العظمى بالتنازل عن ميناء خور عبدالله لصالح دويلة الكويت من جانب ، واحتفالات أصحاب خنجر الغدر الكويتي فرحا وطربا بالإستحواذ على هذا الميناء ، وقيامهم بعمل كرنفالات فرح وألعاب نارية بشكل مستفز ومهين لمشاعر المواطن العراقي من جانب آخر ، قد احرق قلوب العراقيين وأثار غضبهم بشدة .
مما جعل الكثير من الجهات العراقية الرافضة لهذا الحدث الخطير من ان تتوجه إلى دعوة الشعب العراقي للقيام بتظاهرات شاملة من أجل إسقاط هذه الإتفاقية المذلة والمهينة بحق الشعب العراقي ، وهذا حق مشروع وسعي مبارك ، فتراب العراق دفعنا من أجله قوافل من الشهداء وانهار من الدماء حتى نحميه ولم نفرط بذرة تراب عراقية ، حتى جاء الغزو الأميركي والاحتلال الإيراني للعراق في سنة 2003 ، وصار العراق كله يعرض يوميا في سوق النخاسة الإيراني وباقي الأسواق الطامعة والمعادية .

لكن السؤال الجوهري في هذه القضية وسواها من قضايا العراق هو : هل ستعيد هذه التظاهر ات ميناء خور عبدالله للعراق ؟!!
الجواب : لا
والسبب ، ان الميناء أصبح ومنذ زمن ليس بالقصير تحت هيمنة وسيطرة وإدارة الكويت بشكل مباشر ، وسوف لن تنسحب منه وتعيده للعراق بسهولة ، عدا عن كون الاتفاقية آنفة الذكر بعد اعتراف حكومة العراق العميلة بها قد تم توثيقها وايداعها في الأمم المتحدة بشكل رسمي .
لذلك نحن نقول ، ان المظاهرات التي تتم الدعوة لها ، ربما ستكون كسابقاتها مثل انتفاضة تشرين واعتصامات العشائر التي كانت نتائجها إعلامية اكثر مما هي ثورية ولم تحقق أهدافها المرجوة ، ناهيكم عن الأعداد الكبيرة من الشهداء والجرحى والمعاقين والمخطوفين والمغيبين ، بسبب غياب القيادة الموحدة والرؤية المشتتة وتناحر دعاة الوطنية وكثرتهم ، حبا بالزعامة والرياسة وركب على ظهرها خونة وعملاء وجواسيس شوهوا صورتها وخلطوا الكثير من أوراقها زورا وبهتانا .
ان العار والعيب ، كل العيب على من باع وليس على من اشترى .

قبل ان تنطلق هذه المظاهرات الشعبية لابدّ من تحلي جميع من يتصدى للقيادة بالإيثار ونكران الذات والتخلي عن الأنانية وحب الزعامة والقيادة ، وان يحجمون عن التسابق في الظهور الإعلامي او التصريحات العنترية ، ويتم تشكيل وتحديد مكتب إعلامي وناطق رسمي او اكثر مخول باللقاءات والتصريحات الاعلامية وبتوجيه وإذن مسبق واشراف مباشر من قيادة المظاهرات .
ويكون هدف المظاهرات واحد موحد لا ثاني له وهو اسقاط المنظومة الحاكمة واحزابها وميليشياتها بشكل كامل ، على ان يرافقها تشكيل لجان تنسيقية من قبل عراقيي الخارج ترتبط بشكل مباشر بقيادة مظاهرات الدخل ، وتقوم بزخم إعلامي هائل يتم فيه توجيه رسائل وخطابات للحكومات والمنظمات والمؤسسات العربية والدولية والعالمية ، تشرح فيها الهدف من هذه المظاهرات ، وهو التغيير الشامل بإرادة شعبية لنظام الحكم في العراق ، وتقوم كذلك بتنظيم تجمعات كبيرة وساندة في كل الدول التي يتواجدون فيها .
ويتم إعداد خطة محكمة وسريعة لتحشيد العراقيين جميعا بالداخل والخارج للإشتراك في هذه المظاهرات ، بالاضافة الى التحرك على كل الأصدقاء العرب والأجانب من مسؤولين او ناشطين واعلاميين لدعم وشرح هدف المظاهرات .

وهناك امر آخر في غاية الأهمية ، وهو تسخير كل الجهود من أجل أن يرافق المظاهرات منذ بدايتها عصيان مدني شامل لكل الدوائر والمؤسسات العراقية ، بإستثناء الدوائر الصحية وقطاع النظافة .
بمعنى ان لا تكون مجرد تجمعات ترفيهية وخطابات طوباوية وحب الظهور ، بل تكون ثورة سلمية حقيقية على شكل مظاهرات شعبية عارمة .
اما اذا كانت (لا سامح الله) مجرد دعوات مطلبية خجولة تتمحور حول محاكمة فلان او محاسبة علان ، فانصح الجميع أن لا يخرج احد ونعيش في ذل وهوان ! .
وتوجد الكثير من الرؤى والمقترحات التي يمكن أن تُشكل من أجلها ورشة عمل سريعة لاختيار انجعها وأصلحها وأكثرها نفعا لتحقيق هدف المظاهرات المزمع القيام بها .
على ان لا يتم السماح مطلقا لأي شخص مشترك بالعملية السياسية العقيمة من ركوب الموجة او التظاهر بمظهر الوطني والحريص على العراق والإشتراك في المظاهرات ، فهم جميعا شركاء في جريمة اختطاف واغتيال الوطن.

أن حكومة الفاسدين والعملاء لن تصمد اكثر من اسبوع بعون الله لو تحقق نصف ما قلناه ، لذلك علينا جميعا التخلي عن ال ( انا) والتحلي بالصبر والتصميم والاستعداد للتضحية كل حسب سعته .

الا يستحق العراق ذلك ؟!!.
بلى والله يستحق وأكثر .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

914 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع