فضيحة البرلمان العراقي!

ولاء سعيد السامرائي

فضيحة البرلمان العراقي!

للمرة الثانية، يقوم رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني برفع الجلسة المكتملة التي أصبحت من الجلسات النادرة منذ ثلاث سنوات من عمر البرلمان العراقي عقب سيطرة أحزاب الإطار التنسيقي على العملية السياسية بعد انسحاب مقتدى الصدر منها. في المرة الأولى ، استخدم هذا الأخير عملية الثلث المعطل بعد تسلم المشهداني لمكالمة من ضابط الإيقاع الإيراني بافتعال مشكلة )ادعاء انه تم ضربه نقل على أثرها للمستشفى بمعية الثلاثي الولائي للأحزاب الاطارية وظهر على سريره فرحا بالخدعة( ليعلن بعدها عن رفع جلسة البرلمان كي يمنع التيار الصدري الفائز بالانتخابات من تشكيل الحكومة الامر الذي أدى الى انسحاب الصدر من العملية السياسية فاسحا المجال لحكومة أطارية وصفها المشهداني نفسه في مقابلة قبل أيام بأنها دورة بائسة وأنها أسوأ دورة برلمانية عرفتها العملية السياسية! لكن رئيس البرلمان الذي يعزي بؤس هذه الدورة الى ما سماها "بأسباب موضوعية" لا يرى ما جنته يداه في هذا البؤس الذي عاش فيه العراقيين ثلاث سنوات متواصلة منذ ذلك الحين، فهو من تلفظ قبل أيام من على شاشات القنوات التلفزيونية بجمل خطيرة ضاحكا ومبتسما بطريقة تجعل المشاهد يستغرب من الصحة العقلية للرجل فهل من المعقول مثلا ان يقول رئيس برلمان بلد مبتسما منشرح السرائر وبكل أريحية بأنهم جاؤا لتهديم البلد ؟ لكن وبدل من ان يراجع المشهداني طريقة كلامه او يقوم احد من مستشاريه او موظف في مكتبه من تنبيهه وحتى شخصا من أحزاب الاطار التي اوصلته لهذا المنصب بنصيحته لاختيار كلامه بشكل سياسي، فأن كل ذلك لم يحصل، بل انه يترك في تجاوزاته خدمة لطائفية أحزاب ايران واجندتها ما دفع الرجل في غيه، معتد بكلامه وتصريحاته معتبرا نفسه من بناة العملية السياسية بقوله : انا من بنى العملية السياسية وكأنه بنى صرحا من الإنجازات القيّمة ونسي انه من قال جئنا لتهديم البلد في تناقض يتكرر مع كل تصريحاته واقواله التي تقول الشيء وضده في نفس الوقت!
اما التصريح الأكثر وقاحة وسفاهة لهذا المخلوق فقد حدث قبل أيام في البرلمان العراقي، اذ انتقد ضابط الإيقاع الإيراني في رئاسة البرلمان، نائب رئيسه محسن المندلاوي تصريحات المشهداني في قناة دجلة المتعلقة بهوية العراق كما قيل في الاعلام ولكن الانتقاد على الاغلب قصد فيه توسع محمود المشهداني في هجومه غير السياسي على الجامعة العربية والدول العربية بحجة هوية العراق ما اعتبره محسن المندلاوي هجوم غير مبرر، ليس في مكانه وخطأ سياسي فادح من قبل رئيس برلمان عراقي ضد الجامعة العربية ودولها! أثر هذا التعليق تلفظ المشهداني بالقول انه يشخ على العراق! مما أدى الى زوبعة صغيرة في فنجان اعترض فيها النواب على الفاظ محمود المشهداني وحاول بعضهم جمع تواقيع لإقالته وعرضه على الأطباء لكن كل هذه المحاولات على ما يبدو ذهبت مع الريح لان ما يسمى بالبرلمان وكما يقول رئيسه يعمل بما يسميه التوافق ) اجندة قادة الأحزاب الايرانية ( وليس حسب القانون، رغم ذلك ليس هناك ما يمنع محاسبة رئيس البرلمان على الفاظه هذه بشكل قانوني لوجود هذه الأدوات او على الأقل الضغط من النواب الذين جمعوا تواقيع على رئيس البرلمان واجباره على الاستقالة لكن المتوافقين عادوا ليجتمعوا في بيت رئيس البرلمان وليس تحت قبته للنظر فيما جرى لينتهي الامر بتبويس اللحى وكأن شيئا لم يكن. وبدل ان يكون هناك فضيحة واحدة صاحبها رئيس البرلمان محمود المشهداني، أصبح ما حدث فضيحة مدوية لبرلمان المنطقة الخضراء وكل البرلمانيين بضمنهم من أراد محاسبته وتغييره لأنهم في نهاية الامر تقبلوا الفاظ المشهداني المسيئة للعراق وتواطؤ مع عدم محاسبته في حين ان ابسط ما يجب فعله في مثل هذه المواقف هو الاستقالة دون نقاش ولا الذهاب الى الأدوات القانونية.
ليس ذلك فحسب بل ان ما جرى في برلمان المنطقة الخضراء ربما كان الجزء الظاهر وما أهتم به الاعلام وتداوله بشكل واسع على انه سوء فهم حصل بين الرئيس ونائبه لكن الحقيقة هو ان هدف ذلك كان لتعطيل الجلسة الأولى من نوعها والتي جمعت نصابا كاملا بعد تعطيل حزبي متعمد من قبل قادة الإطار التنسيقي دام لأكثر من عام، جلسة من المقرر ان يتم التصويت فيها على معاهدة خور عبدالله التي كان هناك اجماع تام على رفضها من قبل كل النواب، في حين يرفض قادة الكتل الذين قبضوا مليارات لبيع حقوق العراق في مياهه واراضيه تمريرها بدليل ان محمود المشهداني في المقابلة التي أجريت معه في قناة دجلة قبل أيام تحدث بالتفصيل عن مبررات قادة الأحزاب المجرمين لتمرير هذه الاتفاقية المجحفة وغير المبررة والتي ترقى الى مستوى الخيانة حيث قال انهم يعتقدون ان ما جرى من اتفاقية حصل في دورة برلمانية أخرى ليست دورتنا وان المحكمة الاتحادية قد أصدرت حكما ولنترك لها الامر، كذلك فأن هذه المعاهدة لا يمكن ابطالها الا بوجود وموافقة الطرفين، ان كل هذه المبررات هي ادعاءات سبق ان تم تفنيدها بالوثائق من قبل اللواء الركن جمال الحلبوسي ووزير النقل السابق السيد عامر عبدالجبار منذ سنوات وليومنا هذا الا ان هذه الطبقة الفاسدة تقدم حجج ضعيفة لأنها لا تريد ارجاع المليارات التي قبضتها قبل سنوات من الجانب الكويتي الذي ما يزال يصر ويعمل من جديد على رشوة النواب كي لا يتم التصويت البرلماني على رفض الاتفاقية. كما يبدو غريبا ان يقوم نائب رئيس المجلس محسن المندلاوي بالتعليق على تصريحات رئيسه وهم على منصة البرلمان يستعدون لعقد جلسة طال انتظارها بدل ان يتم نقاش ما حصل بطريقة أخرى وفي مكان آخر غير المنصة وفي وقت مناسب للنقاش مما يثير الشك في تصرفه واعتباره حركة لأفشال الجلسة. وهكذا تمكن قادة الإطار التنسيقي مرة أخرى من الضحك على نوابهم وعلى الشعب العراقي لإلغاء جلسة البرلمان كاملة النصاب دون مبرر.
فضيحة بعد أخرى، وقضايا فساد هائلة متوالية بالمئات تنخر العملية السياسية للاحتلال الأمريكي الإيراني المتآكلة التي ينتظر الشعب العراقي على أحر من الجمر التخلص منها.
ربما ستكون الفضيحة الأخيرة للبرلمان هي آخر ما تقوم به هذه المافيات ضد العراق وشعبه لان كل المعطيات الدولية والإقليمية والرسائل الامريكية الشفهية والرسمية بضمنها تصريحات الرئيس الأمريكي وادارته حول المليشيات هي تهديدات وضعت حيز التنفيذ ليكون للعراق وضعا سياسيا جديدا يتم فيه التخلص من آثار دمار الغزو والاحتلال والعملية السياسية المرابية، تقوده المعارضة السياسية الوطنية بكل رموزها المعروف تاريخها وتضحياتها للعراق ولشعبه ليبزغ فجر جديد على ارض الرافدين وتشرق شمس جديدة على فراتيه ,وليتحقق مطلب شعبنا الذي رفعه ثوار تشرين نريد وطن.

21/7/2025

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1006 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع