لا تصدقوا ادعاءات إسرائيل بقرب التوصل إلى هدنة او احترامها ان حصلت.. وتظل الكلمة الفصل بيد المقاومة

 د. سعد ناجي جواد*

لا تصدقوا ادعاءات إسرائيل بقرب التوصل إلى هدنة او احترامها ان حصلت.. وتظل الكلمة الفصل بيد المقاومة

اصبح من الواضح بعد كل الذي يجري الان في غزة ومنذ اكثر من سنة وتسعة اشهر ان نتنياهو غير مستعد لقبول الهزيمة والاعتراف بها، ولا يريد ان يعترف بفشله في تحقيق كل الأهداف التي أعلنها منذ بداية المجازر التي شنها على القطاع والضفة الغربية، مع العلم انه وسع المعارك لكي تشمل لبنان وسوريا واليمن وايران وفي بعض الأحيان العراق، لكي يغطي هذا الفشل (ويجب الاعتراف بانه حقق نجاحات ما كانت لتحدث لو فُعِّلَ مبدا وحدة الساحات منذ البداية).
ومع مرور الايام برزت او تأكدت حقائق جديدة لا بد من الإشارة اليها، اول هذه الحقائق ان تصرفات نتنياهو واصراره على قتل الفلسطينيين والاستمرار بالحرب ليست نابعة من خوف من محاكمة او إطاحة من منصبه، لان كل استطلاعات الرأي تثبت ان هناك تأييد شعبي كبير للمجازر التي يرتكبها وتدعوه إلى المزيد، وان التلويح بالمحاكمة مازال يراوح في مكانه رغم الفضائح الكبيرة التي تتبدى كل يوم حول سلوكه الفاسد وسلوك مساعديه، (انظر في هذا المجال جهود المدعي العام الاسرائيلية جالي بهاراف وما توجهه له ولمساعديه من تهم بالفساد)، ومع ذلك فهو مازال يحكم ويتصرف على هواه.
ربما شعر نتنياهو في اهتزاز مكانته داخل إسرائيل وفي الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة من حكم الرئيس السابق بايدن (تم استنكار بعض المجازر وانتقادات لعدم احترام الحالة الإنسانية ومنع توريد بعض الأسلحة واقتراب اتخاذ محكمة العدل الدولية قرارا يوصي بإدانة إسرائيل بارتكاب مجازا ضد الإنسانية)، إلا انه حصل على جرعة دعم هائلة بعد وصول الرئيس ترامب إلى الحكم.
فالأخير لم يكتف بزيادة الدعم والإكثار من توريد الأسلحة والقنابل العملاقة الفتاكة، وانما زاد على ذلك بتقديم مقترحات او مشاريع لا يمكن ان يقبلها العقل، وبالأخص مقترحه لتهجير كل ابناء غزة لكي يتم اعادة بنائها، والقيام بالنيابة عن جيش الاحتلال بمهاجمة اليمن وايران بقوات وطائرات أمريكية، ثم قيامه بانتقاد القضاء الاسرائيلي على محاولات محاكمة نتنياهو او عزله.
ومن يقول ان القضاء الإسرائيلي لم يتأثر بذلك فهو واهم لان اجراءات المحاكمة بدأت تراوح في مكانها. ويجب ان لا يغيب عن البال تهديده لمحكمة العدل الدولية من مغبة اتخاذ قرار ادانة لإسرائيل او لنتنياهو نفسه وما اتخذه من اجراءات صد المدعي العام وأفراد المحكمة الجنائية الدولية. وحتى في مسالة وقف اطلاق النار والهدنة، وهذا هو اخطر ما في الموضوع، فان ترامب اظهر استعداداً كبيرا لمنح نتنياهو المهلة تلو الأخرى للإمعان في تدمير غزة وقتل ابنائها وحرمانهم من المساعدات الإنسانية، وكل ذلك بناءا على طلبات من نتنياهو لهذه المهل التي يدعي بانها ستكون كافية (للقضاء) على مقاومة حماس وتحرير الاسرى الاسرائيليين وترحل قادة المقاومة.
وكلما تمضي مدة يمنحه اخرى. اما الادعاءات الكاذبة عن عدم رضا الادارة الامريكية عن مماطلة نتنياهو وعن عدم امتثاله لمطالب الرئيس الأمريكي فهذه كلها كلمات لتخدير اطراف كثيرة عربيا ودوليا، لان ببساطة لو كان الرئيس الأمريكية حقيقة غير راض عن سلوك نتنياهو لما استعمل الفيتو ضد قرارات توافقت عليها كل دول العالم لوقف الحرب وادخال المساعدات إلى غزة، ولما استمر في تجهيز جيش الاحتلال بالأسلحة، ولما شارك في عمليات تضليل ايران ثم شارك في شن هجوما كبيرا عليها بالطائرات الأمريكية الأكثر تطورا.
ان حقيقة قدرة نتنياهو على جعل الرئيس الأمريكي يقتنع بانه قادر على تحقيق نصر عسكري في غزة اصبحت اكثر من واضحة، ناهيك عن انها تنسجم مع إستراتيجية ترامب الرامية إلى تدمير كل قوة او طرف (يهدد امن إسرائيل)، وخاصة العربية منها، او يقف حجر عثرة في طريق بناء شرق اوسط جديد تكون دولة الاحتلال هي من يقوده.
وعودة على بدء فان الطريق الوحيد لفرض وقف لإطلاق النار يبقى في قدرة المقاومة على المطاولة وتكبيد العدو خسائر يومية في الأرواح كما تفعل الان، واذا ما تحققت نبوءات الاخ عبد الباري عطوان بان هناك جبهات اخرى قد تُفتح على جيش العدو، فان هذا الأمر سيساعد كثيرا في فرض وقف للحرب. يضاف إلى ذلك مشهدٌ جديد تَقْدُم فيه إسرائيل والولايات المتحدة على مهاجمة ايران ثانية، وتنفذ الأخيرة وعدها برد مزلزل كالذي حصل في مواجهة الايام 12 الاخيرة، عندها سيقبل نتنياهو صاغرا بوقف لإطلاق النار. عكس ذلك فان الاخير وحكومته وجيشه سيستمرون في ارتكاب المجازر لعدم وجود من يردعهم.
واخيراً وكما قالت العرب ان على من بدأ الخطوة ان ينهيها، وهذا البادئ هو وحده قادر على ان يكمل الخطوة ومعها غلق كل الابواب التي فتحها الكيان وبدعم من الولايات المتحدة، ومن يعتقد ان ذلك غير ممكن فعليه ان يتذكر قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم (وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدۡرٖ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةٞۖ). صدق الله العظيم
نسأل الله ان ينصر جنده ويُعلي كلمتهم انه على كل شيء قدير.
*كاتب واكاديمي عراقي

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

802 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع