سنية عبد عون رشو
لكن السدرة كانت تعرفه ...قصة قصيرة
الإهداء ..الى روح أخي الأكبر الشهيد كامل عبد عون رشو الذي استشهد أثر تشبع جسده بالتعذيب داخل سجونهم القذرة لعدة مرات .
حمل المشيعون أرواحهم
يطوفون في الدروب والمعابد
يلوّح بيده شوقا ولهفة بعد عودته من نهار مضن في عمله .. يهرع اليه صبيته الثلاثة تتقدمهم صغيرته المدللة صاحبة الشعر الطليق فهي ترفض أي مشبك او قيد لشعرها المجعد الجميل رافعة يديها ليحملها.
لا يغادر بيته مساء ليكتفي بالقراءة ، لم يكن يبغي تنوع ملبسه او لذيذ طعامه بل أطباقا متنوعة من المعرفة فهي زاده وعشقه في صحراء ايامه.
يفضل الانزواء عن عيون مراقبيه التي زادت حدتها في الآونة الاخيرة. بعد نجاته من حادث السيارة (الجيب) المظللة التي لا تحمل رقما وشفاءه من الكسور التي اصابت ساقيه.
فتى الفتيان بطوله الاهيف واناقته المعهودة وشعره الاجعد الذي يميل لصفرة كلون شاربه.
تحمل زوجه بخورها وتعويذاتها معتبرة انزوائه حالة من الجنون لم يكلف نفسه عناء الشرح والتوضيح فهي ترفل بعالم اميتها المفرطة والتي تزيد الجمر اشتعالا بين جنبيه يتقلب (ماجد) في جحيمه اليومي ، الرقباء حوله مثل اعمدة الكهرباء والحرب سجال في بيته بين زوجه وامه كلتيهما تدعي براءتها وهو صامت يقلب افكاره وتطلعاته التي لا يفهمها سواه.
تقدم لخطبة حبيبة صباه في ايامه الخوالي ولكن ، أي مغامر مجنون يزوج ابنته لرجل تطارده السلطة...؟! ذلك ما اثلج صدر امه واثار فرحتها فهي مصرة على تنفيذ وصية ابيه ساعة احتضاره أن تزوجه من ابنة عمته التي تكبره بأعوام فكان لها ما اراد..!!
بين صحبه جالس عند الفرات
في ظل سدرة عجوز حنون
يقرأون الشعر
يسردون الحكايات
يصيرون متاعبهم مزاحا
لا يحملون سوى جريدة مخبأة
وانغام أم كلثوم
في المقهى القريب
فاجأه صعودهم ليلا فوق سطح داره ليقتادوه محمولا فوق اكفهم عرفوه من حدته من صلابته ومن عناده الذي يزدريهم ، تصدت لهم زوجه بشجاعتها التي اثارت اعجابه بها لأول مرة فقد شعر بحرقة قلبها من اجله ...!!
تعود دخول السجن وخروجه ، تودعه زوجه بسخطها وغضبها وتستقبله بلومها لإدمانه المفرط ليهرب من واقعه المرير . توبخه امه بكلامها الذي يعذب روحه عندها يطأطأ رأسه
صامتا ثم يردد لازمته
اني ذاهب لصومعتي
اني ملك الملوك
King of kings
يتنهد حسرة يتشقق لها صدره ، يفور دمه عند صدغيه يتفصد العرق من جبينه يلوذ بأقرب حائط يسند راسه لتتساقط امطار عينيه الصغيرتين الحادتين اللتين تبوحان بحدة ذكائه وعميق افكاره..
تلبسته روح شريرة ، تردد زوجه وهي تقلب كفيها ..!! بينما تشك امه في قواه العقلية .
مرت ليال زاد فيها تساقط الشهب عن المألوف ، الشهب هي الاخرى تتدافع تتزاحم من اجل اماكنها وستراتيجيتها
هذه ليلة شديدة الحلكة غاب فيها القمر مبكرا لتكاثف الغيوم وحجبها اياه
بطاقة دعوة باسمه وصلته اليوم ، تدعوه لحفلة راقصة ، اختلطت فيها اكاليل الزهور مع تأدية رقصات الموت الجماعية اداها جمع غفير من اصدقاءه ذوي السحنات الوسيمة .
وعند الصباح كان فتى الفتيان يرقد في جوف السعلاة بقضه وقضيضه.
كان يلوح بيده شوقا ولهفة... فقد عرفته ملائكة السماء..
............................
16/05/2010
559 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع