محطات بين الخاكي والزيتوني...

 

سلام توفيق

المحطة الاولى

التاريخ 18-4-1984

تم في هذا اليوم تسويق دفعاتنا نحن خريجي الاعداديات الذين لم يتم قبولنا في معاهد وجامعات العراق بسبب المعدلات اضافة الى قوانين القبول الصارمة وقتذاك لحاجة البلد الى مقاتلين اكثر من حاجته ليد عاملة التي استعاض بها عن طريق استقدام ملايين من الاخوة العرب للعمل في البلد الذي كان يمر في مرحلة الحرب ... انا شخصيا خرجت بمعدل قدره 78 % لكنه لم يسعفني في القبول لاي دراسة لاحقة ولكنها ليست الموضوع الذي اود التطرق اليه
تم تسويقنا الى مراكز تدريب المشاة في معسكر الغزلاني بالموصل قبل ان يتم توزيعنا بعد فترة قصيرة الى معسكرات اخرى حسب الصنوف وكان نصيبي منها معهد الدروع في تكريت ..
لكن في الفترة القليلة التي قضيناها في معسكر الغزلاني تم تزويدنا بتجهيزات عسكرية راقية وقاعات نظيفة ولم يكن مسموح لنا ان ننزل الى البيت بعد الساعة الثانية ظهرا الا بعد ان يتناول الجميع طعام الغداء - قصعة- وكانت محتوياتها من درجة عالية من الجودة رز ومرق مع كمية جيدة من اللحم وصمون مخبوز بشكل مقبول لمتطلبات الجندي طبعا عدا وجبة الفطور .. ورغم ذلك كنا نتحايل او نتلمس الاعذار للتملص منها والنزول للبيت بسرعة



المحطة الثانية
التاريخ 2-8-1990
دخل العراق الى الكويت وتم استدعاء 5 مواليد دفعة واحدة 1961 وحتى 1965 وكانت مواليدي من ضمنها .. تم سوقنا بشكل سريع وتجهيزنا لم يكن بالشكل المطلوب بل كان شبه معدوم واعتمدنا على مالدينا من تجهيزات سابقة ..ضعف اداري ولوجستي واضح لايقبل الشك.. ثم تم دفعنا الى جبهات القتال في موازنة غير متكافئة اطلاقا.. لقد كتبت مرارا عن هذا الامر .. تم تكليف سريتنا - سرية دبابات فق مش 45- بمسك قاطع طوله عشرات الكيلومترات في قاطع البصية في المنطقة المقابلة لحفر الباطن .. دباباتنا اغلبها عاطلة ولاتعمل الا بالسحب ..لانملك عتاد المهداد زانما بضع اطلاقات خارق للدرع..حتى اسلحة شخصية - كلاشنكوف- لم يتم تسليمنا وتم وضعنا بمواجهة قوات التحالف في مواجهة مهلكة لامحالة لاتنفع معها المعنويات ولا الاعتقاد بعدالة قضية


المحطة الثالثة
التاريخ 2-1-2000
تم استدعاء مواليدنا 1964 لخدمة الاحتياط لمدة شهرين !! هذه المرة لم يتم تسويقنا حسب الصنوف .. وانما تم دفعنا الى معسكرات قريبة من اماكن سكنانا .. فكان نصيبي منها القاعدة الجوية في القيارة .. طبعا كان معي الاف اخرين من الموصل وضواحيها .. هذه المرة ابلغونا ان (ندبر نفسنا ) من التجهيزات فكانت عرضاتنا مهرجان مختلف الالوان والاشكال .. كثيرون يرتدون القماصل المدنية واليشامغ ويحتذون حتى الاحذية الرياضية لعدم توفر احذية الخدمة .. وجوه كئيبة وكهلة كنت انظر الى قسم منهم وكان واضحا انهم اكبر بكثير من عمرهم المفترض .. لم يكن هناك تفسيرا لاستدعائنا الا سببين هما ارضاء غرور القيادة او لزيادة اذلال اصحاب العوائل والاعمال .. والا ما تفسير تجميع عشرات الالاف من اصحاب العوائل في معسكرات لعدة ساعات وهم غير قادرون على تجهيزهم ولا حتى اطعامهم .. تصوروا انهم مارسوا معنا صنوف الضغوطات لارغامنا على التنازل عن وجبة الغداء .. ليس بسبب اننا طلبنا ذلك وانما اشتكى عدد قليل من الجنود انهم ضعيفي الحال ولايمكنهم النزول يوميا كالباقين وانهم يطلبون تزويدهم بقصعة طعام .. فاصدروا الاوامر بان يبقى الجميع حتى تناول الغداء .. واجبرونا على البقاء في ذلك اليوم واحضروا قزان واحد من الرز المعجون والذي لايكفي لنصف عشر عدد الموجودين حتى يثيروا الباقين بدون نزول ضد القليل من الجنود الذين لايمكنهم وضعهم المادي من النزول
استبعدنا بداية انهم استدعونا ليستفاد الضباط ماديا لتحسين اوضاعهم المعيشية على حساب الجنود القادرين على (الدفع) ولكن بعد ايام قليلة تم تجميعنا وابلاغنا بعدم جواز الدفع مقابل عدم الدوام لكن !!!!! فتحوا باب التبرعات لتعمير بعض اجزاء المعسكر فسعروا التبرع ب 65 الف دينار مقابل عدم الدوام الى نهاية الخدمة اي لشهرين !!!!! طبعا انا كنت من ضمنهم


المحطة الرابعة
?199
لا اعرف تاريخها ولكنها فقاعات اعلامية تم تضخيمها في السنوات الاخيرة لحكم النظام السابق حيث ظهرت في الافق
يوم النخوة - جيش القدس ..الخ من هذه المسميات حيث كان يتم ارغام الناس من اصحاب المحلات والرزق اليومي الى ترك اعمالهم والتجمع في ساحات عامة لمدة ساعتين او اكثر عصرا تحت مسمى التدريب لتحرير فلسطين !!! مجموعات كهلة من الناس البسطاء لا تتلقى الا اوامر ال (يس يم) (تفكيك وتركيب الكلاشنكوف) !!!


الان
في المحطة الاولى كنا مؤمنين بالدفاع عن وطننا بغض النظر عن امور كثيرة لا اريد التطرق اليها ..
في المحطة الثانية لم نكن الا ارقاما لاتعني شيئا للقيادة بدليل ما ورد في هذه النقطة
في المحطة الثالثة لم نكن الا ضحية لرغبات القيادة في فرض سطوتها على البسطاء وقياس مدى ولائهم المطلق الغير قابل للشك
في المحطة الرابعة اصبحنا اداة مضحكة فزاعات لاتخافها الطيور غير مؤمنين باجراءاتها التعسفية غير المنطقية

هل من المعقول ان نحارب الطائرات بالحجارة .. هل ممكن ان نحرر فلسطين بجيش من الطاعنين في السن يتدربون على تفكيك وتركيب السلاح
ماهي الرسالة التي ارادت القيادة توصيلها للشعب حينما يظهر اعضاء القيادة جميعا يرتدون الزيتوني ويتدربون على السلاح الخفيف ويصور المشهد ويعرض على التلفزيون
وماهي رسالة القيادة للشعب حينما يظهر الرئيس وهو يجرب مقلاعا من الذي يستخدمه الاطفال لصيد العصافير بالحصى .. اعدوه لهزيمة امريكا !!!

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1410 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع