عبد يونس لافي
رسالة أبي - مِلْكي (Abi-milki) إلى ملك مصر
احتجاجات الولاء
PROTESTATIONS OF LOYALTY
عِشْ مع الفراعنة في تلِّ العمارنة
نتناول هنا واحدةً من رسائل الولاء
المُرسَلة من حكامٍ خاضعين لفرعون
مصر، أو أولئك المرتبطين بمصر
عبر علاقاتٍ دبلوماسيةٍ وتجارية.
هذه الرسالة من
أبي - مِلْكي (Abi-milki)،
حاكم صور (Tyre)، إحدى
المدن الساحلية في لبنان الحالية.
يصف هذا الحاكم نفسه بالخادم،
بينما يُعظم فرعون مصر كسيدٍ وإله.
في رسالته، يُظهر أبي - مِلْكي
ولاءَه وتذلُّلَهُ، قائلًا
إنه يسجد عند قَدَمَي الفرعونِ
سبعَ مراتٍ، ويزيدها سبعًا أخرى.
ثم يستغرق فيصف نفسه بأنه ليس
إلّا ترابًا تحت نعال ذلك الفرعون،
ويُثني عليه بكلمات المديح،
واصفًا إيّاه بالشمس التي تشرق
على الأرض كل يومٍ بإرادة الإله،
ابيه اله الشمس في السماء،
وما نَفَسُهُ الا حياة للجميع.
ويُشبِّه ذراعَه بالْمظلًّة الحامية،
ورعده كرعد إله العواصف الذي
يجعل البلادَ ترتجفُ إن أرْعَد.
يبدو أنَّ هذه الرسالةَ جاءت بعد
اسْتقبال أبي - مِلْكي رسول الفرعون،
حيث شعر برائحة الملك الزكية
من خلال كلمات ذلك الرسول فراح
يعبر عن اشتياقه لتلك الرائحة.
ثم يتساءل كيف لا يشتاق أحدٌ إلى
رائحة يتذكرها جيدًا، ولذا يُعبر عن
سعادته الغامرة بقدوم الرسول!
يُظهر أبي - مِلْكي استعدادَه لتنفيذ
أوامر الفرعون دون تردُّدٍ، ويُشير إلى
أن الشمسَ تشرق على من يطيع أمر
جلالته، اما مدينة العاصي فضائعة.
بعد هذا المديح، يطلب من الفرعون
النظر إليه كخادمٍ مطيع،
ويُعبر عن أمله في رؤية جلالته.
يُخبره أنه يحرس مدينة صور
العظيمة منتظرًا مساعدة جلالته،
يختم رسالته بالإبلاغ عن تحركات
زمريدا (Zimrida)، ملك صيدا
(Sidon) لأنَّه يتبادل الرسائل مع
أزيـرا (Azira) بن عبدي- أشراتو
(Abdi-Aŝratu)،
وينقُل كلَّ ما يسمعه عن مصر.
ولذا فانه يرى أنَّه من الواجب
ان يُحيطَ الملك علمًا بهذا الشأن.
نصُّ الرسالة
إلى الملك، سيدي، إلهي، شمسي:
رسالة من خادمك أبي - مِلْكي
(Abi-milki) من صور (Tyre).
أسجد سبع مرات، واخري
سبع مرات عند قدم جلالتك،
أنا التراب تحت نعال جلالتك.
سيدي هو الشمس (الإله)
الذي يشرق على جميع البلدان،
يومًا بعد يوم وفقًا لأمر
إله الشمس أبيه الكريم،
الذي تهب أنفاسه العذبة الحياة،
والذي يشتاقهُ الواحدُ حين يختبئ،
والذي يجعل البلاد كلها ترتاح
تحت (حماية) ذراعه الجبارة؛
الذي يرعد في السماء كإلهِ الرعد،
فترتجف البلاد كلها من صوته.
هذه رسالة عبدٍ إلى سيده بعد أن
سمع ما قاله رسول الملك الكريم
لخادمه عند وصوله إلى هنا،
وشعر بالرائحة الزكية التي انبعثت
من فم جلالتك تجاه خادمه.
وكان يتوق إلى عطر الملك
قبل وصول رسول جلالتك.
كيف لا يتوق المرء إلى عطر
يتذكره أنفي جيدًا؟
وبالفعل، كنت سعيدًا للغاية،
عندما هبَّت رائحة الملك نحوي،
وكان هناك مهرجان كل يوم
لأنني كنت سعيدًا للغاية.
أليس العالم كله سعيدًا عندما
يسمع الرسول اللطيف (الذي يأتي)
من حضرة سيدي؟
كما كانت البلاد بأكملها في رهبة
من سيدي عندما سمعت عن العطر
الزكي والرسول اللطيف الذي جاءني.
لو قلتَ جلالتك
"انهض ضد جيش عظيم!"
لكان هذا الخادم قد قال لسيده:
"نعم، نعم!" أنا أحمل على
قلبي وظهري أمر جلالتك.
تشرق الشمس على كل من يستمع
إلى جلالتك ويطيعك في محله،
ويشتاق إلى العطر الزكي من فم
سيده، اما مدينة من لم يستمع
إلى أمر جلالتك (كأنها) ضائعة
وبيته ضائع؛ لقد ذهبت شهرته
إلى الأبد، في جميع أنحاء البلاد.
والآن انظر إليّ، أنا الخادم
الذي استمع إلى سيده،..
مدينته بخير، بيته بخير،
شهرته ستدوم إلى الأبد.
أنت الشمس التي تشرق فوقي
وسور النحاس الذي يشمخ (حولي).
ولهذا السبب بالذات وبفضل
ذراع جلالتك القوية، أنا مطمئن.
هذا ما لا يزال لدي لأقوله للشمس،
يا أبي، يا جلالتك: متى سأرى
جلالتك وجهًا لوجه؟
الآن أنا أحرس لأجل جلالتك،
مدينة صور العظيمة منتظرًا،
حتى تمتدَّ إليّ ذراع الملك
القوية لتعطيني (من البر الرئيسي)
ماءً لأشرب وحطبًا لِيدفئني.
أما في أمور أخرى:
فقد كان زمريدا (Zimrida )،
ملك صيدا (Sidon) يكتب كل يوم
إلى ذلك المجرم أزيرا (Azira) بن
عبدي - أشراتو (Abdi-Aŝratu)،
بكل ما يسمعه من مصر.
وكان عليّ أن أكتب هذا إلى سيدي،
فمن حقه أن يعلم به.
964 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع