ياسين الحديدي
مقاهي الكراده الشرقيه
من مظاهر الحياه الاجتماعيه قديما وحديثا ولكل محله مقاهيها الخاصه بها وتسمى الواحده منها قهوه الطرف ولكل مقهى رواد تعينهم اعتبارات وقيم اجتماعيه معينه وسمي بهذا الاسم لانه المحل الذي تقدم فيه القهوه ولا يزال عامه الناس يطلقون عليه اسم القهوه غير ان كثيرا من المقاهي استبدلت القهوه بالشاي وقد شاع على اثر ذلك اسم الشاي خانه اي مكان شرب الشاي ومع ذلك ظلت القهوه اكثر دورانا على الالسن من الشايخانه
ولقد اشتهرت المدينه العراقيه بكونها من اكثر مدن العالم مقاهي بالنسبه لعدد سكانها وقد وصفها احد السواح قائلا بين كل مقهى ومقهى يوجد مقهى وكانه كان يشير بذلك الى كثره المقاهي في المدينه العراقيه هي ككثره الكنائس في روما فمعظم الرجال كانوا يقضون اوقات فراغهم فيها بعد ان كانوا يقضونها سابقا في الدواوين والظاهر ان المقاهي منذ بدايه ظهورها اخذت تنافس الدواوين في جذب الرواد وقد تغلبت عليها اخيرا
واول مقهى اسس في بغداد كان في عهد الوالي العثماني جغاله زاده صاحب الخان المعروف باسم خان جغان في حدود عام 1586 ويقع
موضعه قرب المدرسه المستنصريه وبعد سنوات اسس مقهى اخر في عهد الوالي العثماني حسن باشا وموضعه قرب جامع الوزير عند راس جسر الشهداء وتوالى بعد ذلك تاسيس المقاهي في انحاء بغداد اما الكراده الشرقيه فكان فقد كان فيها عدد لا باس به من المقاهي وكل واحده منها عباره عن بنايه مربعه ومستطيله مثقفه بجذوع النخيل والقصب والبواري وتحوي بعض الشبابيك وغالبا ما يكون لها ساحه مكشوفه ولبعضها جناح يشبه الدكان يستعمل لبيع الحاجات الضروريه لبيوت المحله امثال الحامض نامندوزي وتمر الهند وكلال القند وقرص النعناع والحلقوم وغيرها
والغالبيتها دكه طينيه مفروشه بالحصر تقوم مقام الكراسي وتطور بعضها فاستخدم فاستعملت تخوت الخشبيه وهي اكثر ارتفاعا من التخوت المستعمله حاليا ولها مساند طويله تنتهي بكره خشبيه تسمى رمانه وتفرش بالحصر المصنوعه من البرد او من سعف النخيل توضح هذه التخوت في فتره العصر في الساحه المكشوفه بعد رشها بالماء الذي يجلب الذي يجلب من السواقي القريبه او من النهر القريب وذلك لغرض تلطيف جو المقهى صيفا وهناك مقاهي اخرى تظللها العرائش او اشجار التوت او النخيل غير ان بعض المقاهي لم يكن فيها ساحه او اشجار وهذه تقع بصوره خاصه على ضفاف نهر دجله واهم ما يقدم في تلك المقاهي الشاي والشربت والاسكنجبيل والسيفون والنامليت اما القهوه فكانت توزع على الجالسين بين فتره واخرى من الدلال ذات اللون الاصفر التي يديرها الساقي على الجالسين وهو يقرع الفناجين لينبه رواده ان كانوا منشغلين بحديث او لغرض المفاخرة بقهوتهم الممتازة.
وكانت المقهى وسيله التسليه الوحيده للمواطنين بسبب انعدام وسائل التسليه الاخرى فبعد الانتهاء من اعمال الزراعه وبعد عناء تعب النهار يذهب ابناء المنطقه اليها ليريحوا اجسامهم المنهكه ويقضوا فيها وقتا يتسلون فيه وهي بهذا تعتبر محل الالتقاء الرئيس في المنطقه فما افتقد شخص صاحبه الا وفتش عنه فيها وكان الوقت كان مقسما الى قسمين فتره العصر التي يجلس فيها هؤلاء بعد عودتهم من اعمالهم التي غالبا ما يتحدثون خلالها عن اعمالهم اليوميه وما كسبوا او سيكسبون وعند غروب الشمس يشتري بعضهم ما يحتاج اليه من البائع المتجولين الذين كانوا يضعون بضاعتهم على الارض جوار المقهى امثال الفجل والمشمش وغير ذلك ثم ينصرفون الى بيوتهم لتناول وجبه العشاء مع افراد عوائلهم بعد اداء فريضه الصلاه اما المرحله الثانيه فهي المخصصه للتسليه مع الاصدقاء حيث تبدا حلقات السمر فيقصون فيها مختلف القصص والاحاديث الدينيه او النكات وهناك في بعض المقاهي الحاكي كرامافون بفوهته الكبيره الشبيهه بالبوق ومن شانها
ان تبث الاغنيه لمسافات ابعد ويمكن تصنيف مقاهي الكراده التي تم التوصل الى معرفتها في الفتره بين اواخر العهد العثماني الى اواخر الاربعينات الى ما ياتي
أ - المقاهي المنشاه في العهد العثماني المتاخر:
١) مقهى العهد :
كان يديرها سعيد العبد واولاده وقد سميت بذلك لان سعيدا صاحبها كان اسود مملوكا لال مرجان وتتميز بمقاعدها التي حيكت من ليف النخيل وهي ليست منتظمه في المقاهي بغداد الاخرى وكان الناس ياتونها عصرا فيمتطون الخيل لبعدها عن بغداد
وقد يحملون الاسلحه لفقدان الامن يومئذ اما موضع المقهى فكان في بستان ال مهيدي في المكان الذي يشغله الان بنك الاعتماد العراقي قرب سينما السندباد وكان لهذا المقهى شهره واسعه في بغداد والكراده معا
٢) مقهى الاورفه لية :
وكان تقع على جدول الاورفليه المتشعب من نهر دجله والذي يسقي المزارع والمساتين في وقت زياده مياه النهر وتبعد عن المقهى العبد بحوالي 100 متر غير انها لم تكن مثل على شهرتها وقد اغلقت في حدود عام 1930 وبني على اطلالها في فتره متاخره سينما السندباد وكانت تحيط بالمنطقه التي يقع فيها هذان المقهان المزارع والبساتين التي اتخذت بمثابه متنزهات يقضي فيها اهالي بغداد اوقات فراغهم وراحتهم وانهم فكانوا يخرجون اليها عصر كل يوم من ايام الربيع والصيف وكذلك ايام الشتاء الصح الصاخبه منطقين ظهور الجياد العربيه ليجلسوا في المقهى او في بستان الخس او الحقول القريبه منها
٣)مقهى طعمة الخميس :
انشئت في حدود عام 1908 في المنطقه الواقعه حاليا بين حافظ القاضي وسبع قصور وعلى وجه الدقه في راس شارع 9 دربونه ابو بزازين على نهر دجله جوار الكرد وقد هدم النهر المكان الذي اقيمت عليه
اغلقت في اواسط الثلاثينات وابوابها عباره عن كبنكات خشبيه
ترفع للاعلى وتنزل الاسفل ومن بين مستاجريها السيد علي ومحسن علي الخضير وفي جوارها كانت تقوم عده حوانيت يملكها ابو كرجي واستاجرها منه كل من السيد صادق السيد جواد الموسوي والسيد محمد السيد جواد وحمد وشريكه ابراهيم البوصطه جي وكانت تقع في الموضع الذي يشغله دار عاصم فليح الحالي وكان يباع فيها السكر والشاي والقماش والفوانيس وغيرها
٤) مقهى صلاح الدين افندي (ملا شجر) ومقهى ابو دهيدي :
تقع الاولى في كرد الباشا على نهر دجله وانتهت في اوائل الثلاثينات وكان يؤجرها لمن يشاء
اما الثانيه فكانت تقع على نار دجله في محله الزويه ثم انتقلت الى راس دربونه الطويله من جهه النهر
ب - المقاهي المنشاه بعد الاحتلال الانجليزي الى اواخر العشرينات
١) مقهى بيت شكر ومقهى سلمان الشلال ومقهى جاسم عباس الجبر :
ظهرت هذه المقاهي في اوائل الاحتلال البريطاني وكان موقع الاولى والثانيه على نهر دجله قرب موضع الجسر المعلق حاليا اما الثالثة ففي شارع هويدي
على نهر دجله في ملك عروس الارمنيه وقد تتابعت عده مقاهٍ في موضع مقهى بيت شكر وكان يدير اخرها السيد هاتف عباس وقد اغلقت عام 1966
٢) مقهى وحيد الگهوجي ومقهى الحاج عبد الطويل :
ظهرت الاولى في حدود عام 1920 على نهر دجله بالزويه استاجرها من صاحبها وهو شخص يهودي واشتغل فيها هاتف عباس اما الثانيه فقد شيدت في اواسط العشرينات بمنطقه البشجاع في راس شارع حافظ القاضي على النهر وانتهت في حدود عام 1937 واستاجرها علي حسن عباس بين عام 1931 الى عام 1935
٣) مقهى ابو كرجي ومقهى عباس العاگول :
ظهرت الاولى في اواسط العشرينات تقع في الطرف الايمن من راس شارع 10 على نهر دجله وقد استاجرها احمد العاقول وكان فوقها شقه للايجار استاجرها الحاج جعفر ابو التمن لفتره معينه لغرض الراحه والاستجمام ولقضاء وقت الفراغ اما الثانيه فقد كانت تشغل الطرف الايسر من راس شارع 10 مقابل مقهى ابو قرجي واستمرت لفتره قصيره وكان بجوارها حانوت السيد عيسى بن السيد خلف واخيه السيد امين
٤) مقهى اسطة صالح رادود:
ظهرت في اواسط العشرينات في كرد الباشا على نهر دجله واستمرت الى اواسط الثلاثينات ويختلف هذا المقطع عن غيره في ان معظم رواده كانوا من الطلاب وبعض المثقفين
٥)مقهى حسين الحمد ومقهى الحاج حميد عبد العلي:
انشئت الاولى في حدود عام 1926 وما زالت قائمه حتى الان وقد توفي صاحبها قبل سنوات فحل محله شقيقه حسن الحمد وقد اشتغل فيها هاتف عباس منذ تاسيسها عام 1961 اما موقعها فعل الطريق العام بجوار الجسر المعلق الحالي وكاله الباصات الخشبيه في الماضي تصل اليها فاصبحت موقف باصات معروفه فشع اسمها على المحله محله حسين الحمد وبعد انشاء الجسر المعلق عام 1964 سميت المحل باسم الجسر اما الثانيه فكانت معاصره الاولى وكانت تشغل موضع ان يقابل المقهى الاول
٦) مقهى عبود الجابر وابراهيم الحوراني ومقهى الحاج عليوي السالم ومقهى عمران ومقهى حمد:
شيدت الاولى في حدود عام 1927 واستمرت الى حوالي عام 1933 وكانت تشغل موضع جامع 14 رمضان الحالي جوار الجندي المجهول وكان يديرها عبود الجابر ثم حل محله ابراهيم الحوراني اما الثانيه فظهرت في اواخر العشرينات وتقع على نهر دجله بمنطقه البوليخانا قربدار ابو خضوري استاجرها الملا مهدي واخوه الحاج محمد علي ثم اشتراه السيد محمد رحمه الله فاستاجرها منه عباس الناعس واسست الثالثه
مقهى عمران في اواسط العشرينات واستمرت الى بدايه الاربعينات تقع في البشجاع في راس دربونه الطويله على طريق الكراده داخل اما مقهى حمد فقد ظهرت في اواخر العشرينات وتقع على طريق الكراده داخل في منطقه هويدي واغلقت اواخر الاربعينات
٧)مقهى ابو علي "حسين حوار" :
ظهرت في اواخر العشرينات واستمرت الى واسطه الثلاثينات كانت تقع في محله الاورفا ليه من جهه نهر دجله شارع ابي نواس وكانت مجمع الادباء والساسه الناشئين وبعض الطلاب ومن بين روادها محمود الملاح وابراهيم صالح شكر ويوسف رجب ولهذا المقهى شبه بمقهى اسطى صالح رادود من حيث روادها وقد نشر السيد محمود الملاح قطع ادبيه في جريده البلاد عام 1929 دعاها ساعه المغيب في الكراده الشرقيه اشاره فيها الى وجود هذا المقهى الصغير الذي يجوز فيه مع غيره من رواده لقضاء وقت الفراغ ونفض غبار التعب واستنشاق النسيم العليل لاستعاده القوه والنشاط
ج - المقاهي المشيدة في الثلاثينات:
١) مقهى سلمان علي المحمود وعبود الجابر ومقهى سيد مهدي سيد حسين الحاجم ومقهى ابو ذيب التي استاجرها بعده المرحوم سلوم عبد الحسين وهذه المقاهي تقع في منطقة السبع قصور
٢) مقهى الو الجحف في محلة الزوية ومقهى سالم العباسي بمنطقة هويدي على الطريق العام
٣) مقهى القس داود ومقهى الحاج سالم:
تقع الاولى في البوليس خانه جوار البريد وعلى وجه الدقه في موضع مخزن الشعب الحالي وما جاوره وقد امتلكتها بعده جمعيه مسيحيه واستمرت الى فتره متاخره وقد استاجرها مده من الزمن السيد عبود الراشد اما الثانيه كانت تقع قرب شارع حافظ القاضي على طريق الكراده داخل استاجرها عام 1935 علي حسين عباس لقاء ثمانيه دنانير سنويا وهي ما زالت موجوده الى الان
المصدر
منشوره في مجلة العاملون في النفط العدد79تشرين الأول 1968الكاتب عباس فاضل السعدي
684 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع