٢٣ أيار ٢٠٠٣ بريمر يحل الجيش بالامر التنفيذي رقم ( ٢ )

اللواء الملاح الركن المتقاعد
فيصل حمادي غضبان

٢٣ أيار ٢٠٠٣ بريمر يحل الجيش بالامر التنفيذي رقم (٢)

القرار كان اكثر القرارات أثارة للجدل ولم يكن خطأ في التقدير بل خطيئة تاريخية فادحة ويقال ان القرار لم يمهد أليه مسبقاً وفاجأ حتى بعض المسؤولين الأمريكيين حينها وكانت اخطر تبعاته تسريح اكثر من ٤٠٠ الف عسكري دون تعويض او حتى خطط بديله مما ساهم في تفاقم الفوضى والانفلات الامني .لقد كان هذا الفعل بمثابة الغاء للذاكرة الوطنية وأهانة لكل عسكري خدم باخلاص كما ان المطالبة بالحقوق واعادة الاعتبار للجيش العراقي السابق لا تعني الحنين الى الماضي بل حقاً مشروعاً لمن ضحى ودافع عن الوطن منذ تأسيسه الى يوم الغائه بعد الاحتلال الامريكي للعراق لكي يتعض من امسك بزمام السلطة بان ذلك بداية لتصحيح مسار لم يكن بواقعه المرير في صالح العراق .
١. عندما تتكلم الارض فأن اول من يصغي لها الجندي قبل السياسي ومع هذه الذكرى المؤلمة وفي زحام المشهد السياسي تختلط الاصوات وتتشابك المصالح ولذلك نرى ونسمع ومع اقتراب الانتخابات تزاحم السياسيون وبأعلى اصواتهم مطالبين باسترجاع حقوق الجيش العراقي السابق المتمثله بالراتب لمدة ( ٢٩ ) شهرا اعتباراً من ( ٩ نيسان ٢٠٠٣ لغاية ٢٤ ايلول ٢٠٠٥ ) المدة التي بعدها تم احالة الجيش الى التقاعد .. أنها دعاية انتخابية رخيصة..مما دفعني ان اكتب عن حيثيات الموضوع بشكل عام ليس لما يدعون وانما شهادة للتاريخ عندما يحاكم كل من تسبب بقصد أو دون قصد بهذه الانتكاسة وكما قيل ( عندما تصمت السياسة تنطق دماء الشهداء ).
٢. عندما يعلو صخب الشعارات التي ترفع بإسم الوطن وأحياناً باسم الديمقراطية يوجد الان وكما كان خلف هذا الستار ثمة رجال لا يحملون الميكرفونات بل يحتضنوا السلاح يهرولون نحو الموت اذا نادى الواجب في زمن أمست فيه السياسة مسرحاً للمصالح وتحولت فيه مفردات الوطنيه احياناً الى شعارات للاستهلاك الاعلامي ومقارنة بذلك يبقى صوت الميدان هو الاصدق والبدلة العسكرية هي العنوان الحقيقي لمن يدفع الثمن في معركة البقاء..ان انصاف القادة والآمرين والجنود اللذين خذلتهم السياسة ولكنهم لم يخذلوا الوطن والامة بعد انتكاسة حلّ الجيش العراقي السابق مطلب وطني اخلاقي.
٣. السياسي يبقى اسير حساباته ومصالحه يؤطر افعاله بما يضمن له البقاء وهذا طبيعي في بيئة التنافس ويتفنن ويجيد في تدوير الزوايا التي تخدم الهدف ..اما القائد العسكري هو إول من يلقي قلبه في الميدان واضعاً روحه فوق راية الوطن مضحياً بنفسه لا طمعاً ولا سعياً وراء شهره بل ايماناً بان الارض التي تربى عليها تستحق ان تروىٰ بدمه..وقد شهد التاريخ وساحات الوغى كم قائد عسكري شريف وطني ونزيهه حاصرته السياسة بخنجرها المسموم فاغتالت انجازاته وتنكرت لتضحياته بل شوهت سمعته معلقه هزائمها على ادعاء تخاذله بينما هي تحتفل بالنصر متوضئة بدماء الشهداء ومنشده ترانيم الفوز على جثامينهم الطاهره..حقاً إنها خوارزمية الزمن المعكوس عندما تتسلط الأيادي المرتجفة على رقاب الاسود وتمارس الديمقراطية كذريعة لتمجيد الضعف والخذلان مع الطعن وتهميش الكفاءات لتبقى الاوطان رهينة الإجتهاد والارتجال ربما تضعف وقد تموت سريريا ً ولكنّها تنهض ولو بعد حين عندما يحتل الرجال الشجعان الوطنيون مكانتهم لان البلدان لا تبنى بالخطابات الرنانه مهما كانت نواياها ومن المؤسف احتلت القوميه والطائفية الصدارة ولكن رد الفعل الحقيقي لا ياتي الا من حراس الوطن عندما يسهرون للنام ويموتون لكي نحيا هم سنام الوطن وعنوان كرامته ولذلك صنفت القوات المسلحة هي ( الوريث الشرعي للوطنيه عندما تهتز السياسة ).
٤. واخيراً اقول عيدوا الاعتبار للرجال اللذين حفظوا العرض والارض لتقفوا عليها اليوم ولندع الحقيقة كما هي وان القوات المسلحة لا تتحمل اخطاء السياسة ولكنّها حريصة على مهنيتها وأداء واجباتها بكل امانه وصدق ( لا عزة لارض لا تكرم من يدافع عنها عندما تكون اسيرة السياسة )..المجد والخلود لشهداء القوات المسلحة منذ فوج موسى الكاظم الى يومنا هذا..عاش الجيش سوراً للوطن.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

550 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع