رعب اليمين المتطرف في ايران واسرائيل وأمريكا من عملية التفاوض بين ايران وأمريكا*

                                         

                          تعريب/ عادل حبه


                        الكاتب الايراني م رها

               

مازالت الهزات الارتدادية في ايران واسرائيل وامريكا تتوالى بعد المكالمة التلفونية التي جرت بين أوباما وروحاني.

فاليمين المتطرف الايراني لم يتردد في رمي الأحذية على سيارة رئيس الجمهورية مع استمرار الضجيج الإعلامي كتعبير عن معارضة المتطرفين لهذه المكالمة. وتشير صحيفة " كيهان" بأن هذه المكالمة هي فعل "قبيح ونجس". في حين صرح قائد الحرس بأنها "خطأ تكتيكي"، كما أشار وكيل وزير الدفاع في تعليقه على سفر روحاني إلى نيويورك قائلاً "يجب علينا أن لا ننخدع بابتسامات العدو. إنهم لا يقبلون بنظام الجمهورية الاسلامية في ايران، فإذا ما تم حل المشكلة النووية قإنهم سيخلقون مشكلة أخرى". ويضيف " إن هذه المكالمة ما هي إلاّ لعبة سياسية من أجل الحصول على امتيازات من الجمهورية الاسلامية، ونأمل أن تظهر على الملأ الوجه القذر لأمريكا ونظامها التسلطي من خلال هذه المفاوضات".

وطبقاً لتقرير نشره موقع "598" المتطرف الذي يديره مصباح يزدي زعيم المجموعة الثانية المعارضة للتفاوض مع أمريكا والتي تعرف بـ"البراءة من المشركين"، والتي تأسست في مدينة قم، فقد عقدت اجتماع للاحتجاج على التفاوض مع أمريكا، وانتهى الاجتماع بحرق العلم الأمريكي وترديد شعار "الموت لأمريكا". إن هذه المجموعة هي المجموعة الثانية التي تأسست في الآونة الأخيرة من أجل الوقوف بوجه التفاوض مع أمريكا وضد اقامة علاقات معها. وقد سبق ذلك تشكيل تنظيم آخر باسم "حماية المصالح القومية الايرانية"، وتضم في صفوفها أعضاء من "التعبئة الطلابية"(بسيج) وأنصار مصباح يزدي رئيس تحرير صحيفة "كيهان". وقد حذرت هذه المجموعة مراراً روحاني من الشروع بمفاوضات مع أمريكا.

وفي آخر المساعي المشابهة، قامت جريدة "جوان" المتعلقة بالحرس، بشن حملة شديدة ضد حكومة روحاني بسبب قيامها باستفتاء الشعب حول التفاوض مع أمريكا. فهذه الجريدة تخشى من أن تؤدي نتائج الاستفتاء الى نتيجة مغايرة لوجهة نظرها. ولذا وجهت الجريدة رسالة إلى رئيس الجمهورية تقول فيها" ينبغي عليك يا رئيس الجمهورية أن تعمل على ضوء القانون، وليس على أساس الاستفتاء". وادعت الجريدة "أن خطوات رئيس الجمهورية مخالفة للقانون الأساسي للجمهورية الاسلامية في ايران وتتعارض مع المادة 110 التي تنص على الولاية المطلقة للفقيه، الذي تقع على عاتقه مسؤولية رسم سياسات النظام ومن ضمنها السياسة الخارجية". وأشارت الجريدة إلى :"أن رئيس الجمهورية يعرف جيداً وهو الحقوقي أنه لا يوجد أي قانون يسمح لرئيس الجمهورية أن يستفتي الشعب حول السياسات الكلية للنظام ووظائف الحكومة".

ردود فعل اليمين الاسرائيلي والأمريكي وحكام الخليج

في خضم ردود الفعل الداخلية هذه، عبر نتانياهو رئيس وزراء اليمين الاسرائيلي عن خشيته من التفاوض بين السيد روحاني وأوباما، كما عبر عن غضبه من تصريحات روحاني بعد انتخابه لرئاسة الجمهورية وميله للتعامل مع المجتمع الدولي. وشدد نتانياهو من حملته ليصف روحاني إنه "ذئب بلباس حمل"، خاصة بعد سفر رئيس الجمهورية إلى نيويورك وخطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة حول القضية النووية الايرانية، وحديثه التلفوني القصير مع أوباما. لقد وصف نتانياهو ابتسامة روحاني بأنها "مكر وحيلة"، وحذر العالم من مغبة الاعتماد على دبلوماسية روحاني. كما عبر ليبرمن رئيس لجنة الدفاع والسياسة الخارجية في الكنيست الاسرائيلي عن أن ابتسامة روحاني "مجرد خدعة".

وحسب ما تناقلته وكالات الانباء بعد إلقاء روحاني لخطابه وحديثه مع أوباما، عبر أعضاء في مجلس الشيوخ والكونغرس الأمريكي المتشددين عن عدم اعتمادهم على السياسة النووية الايرانية، وطالبوا بفرض الحصار الشامل على الجمهورية الاسلامية.

إن دبلوماسية الدولة الايرانية القائمة على اثارة التوتر مع الغرب وخاصة الولايات المتحدة، تثير القلق الشديد لدى حكام الخليج أيضاً. واشارت الشبكة الثانية للتلفزيون الاسرائيلي إلى إن التقارب بين ايران وامريكا يتطلب القيام بائتلاف وتنسيق بين اسرائيل ودول الخليج ضد البرنامج النووي الايراني وضد العلاقات الامريكية الايرانية وذلك من

أجل الحفاظ على منافعهم المشتركة. وأضافت هذه الشبكة أن لقاءات قد جرت في نيويورك على هامش اجتماع الهيئة العامة بين ممثلي اسرائيل وممثلي هذه الدول من أجل هذا الهدف.

لمصلحة من فشل المفاوضات النووية والعلاقات المشتركة مع أمريكا؟

إن المتطرفون يقفون بوجه أي تعامل للرئيس روحاني مع الغرب وخاصة مع أمريكا وذلك بهدف افشال أي مسعى يقوم به روحاني أو من جانب أوباما في هذا الاتجاه.

* فإذا ما عادت العلاقات بين أمريكا والغرب إلى حالتها الاعتيادية، فذلك سيؤدي إلى اختفاء "العدو الخارجي"، وبالتالي زوال ذريعة "مؤآمرة العدو"، والتي يجري الاستناد إليها من أجل قمع أصوات المعارضين المنتقدين للنظام والقوى المخالفة أو تلك التي لها وجهات نظر أخرى.

* إن حل المشكلة النووية ومعالجة الأزمة الاقتصادية هي أهم ما جاء في الوعود الانتخابية لروحاني. ولذا فإن فشل هذه المفاوضات سيؤدي إلى أجراءات جديدة من العقوبات الاقتصادية، مما سيؤدي إلى تعميق الأزمة الاقتصادية في البلاد. وتبعاً لذلك سيتعاظم الضغط الاقتصادي على الشعب، وستشتد الاجراءات الأمنية وفقدان الأمل بحكومة روحاني مما سفتح الطريق لعودة التيار المتطرف إلى الحكم.

* بعد الاتفاق الامريكي الروسي حول السلاح الكيمياوي في سوريا، ضعفت الذريعة التي تستند إليها اسرائيل للتغطية على انتهاكها لحقوق الفلسطينيين، وإن تعامل روحاني مع الغرب حول القضية النووية من شأنه أن يضعف هذه الذريعة بشكل أكثر. إن حكومة ناتانياهو لم تستغل هراء احمدي نجاد حول المحرقة وازاحة اسرائيل من أجل اضعاف خصومها في الداخل فحسب، بل إلى اظهار مظلومية اسرائيل أمام العالم وإلى عزلة الجمهورية الاسلامية. وإضافة إلى ذلك، استطاعت اسرائيل أن توسع بناء المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في ظل الضجيج حول خطر السلاح النووي الايراني وفي ظل البرنامج غبر الشفاف لايران واصرار الغرب على حل هذه المشكلة. إن فشل المفاوضات النووية الثنائية مع أمريكا، سيوفر الفرصة لليمين الاسرائيلي بالامعان بسياستهم.

* في عقد السعينيات من القرن الماضي، كان انتاج النفط في ايران والسعودية على مستو واحد تقريباً. ولكن في نهاية العام الماضي، أي بعد 43 سنة، بلغ انتاج النفط السعودي حوالي ثلاثة أضعاف انتاج ايران.

* وهذا يدل على أن الجمهورية الاسلامية قد تخلفت عن العربية السعودية في مجال الاكتشافات والتكرير والتكنولوجيا النفطية والتسويق. وقامت دول الخليج الأخرى بزيادة انتاجها وتخلفت إيران وحدها عن ذلك. فإذا كان انتاج النفط الايراني يشكل 20% من الانتاج العالمي، فإنه يشكل الآن 13%. وتقدم العراق على ايران في الانتاج رغم العقوبات الاقتصادية. والآن وفي ظل المشاكل الراهنة التي تواجه ايران، فإن منافسي ايران يستغلون حقول النفط والغاز المشتركة. إن مشاكل الصناعة النفطية الايرانية ماهي إلا نتيجة سياسة التوتر مع الغرب وخاصة مع الولايات المتحدة، وهذا ما يعود بالنفع على رقباء الجمهورية الاسلامية في الخليج.

ولا تستطيع حكومة روحاني مواجهة تخريب القوى اليمينية المتطرفة إلاّ بالاستناد الى المجتمع المدني. إن الاستفتاء حول العلاقة مع أمريكا يمثل خطوة ايجابية يمكن لها أن تعزل التيار البميني المتطرف في حالة مشاركة رئيس الجمهورية في وسائل الاعلام واللقاء بانصار الحكومة في طهران والمحافظات. وإن إزالة الأجواء الأمنية واطلاق سراح السجناء السياسيين وازالة التمييز ضد المرأة والمكونات القومية والدفاع عن المجتمع المدني، أن يحقق النجاح لسياسة الحكومة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نشر على موقع ايران - امروز

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1421 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع