أمير الحلو..الانتهازية والنفاق

أحمد العبداللّه

أمير الحلو..الانتهازية والنفاق

كان أمير الحلو في عقد الستينات من المنتمين لـ(حركة القوميين العرب)ثم تركها. وبعد وصول حزب البعث للحكم في عام 1968,(سار في خط الحزب والثورة), لأنه أصبح(أدسم)!!. وخلال أكثر من ثلاثة عقود بقي يتقلّب في المناصب(السمينة)؛مدير العلاقات في وزارة الإعلام, فمدير عام السياحة حيث الإيفادات الخارجية والامتيازات العديدة والمكارم السخيّة, ثم رئيس تحرير مجلة(ألف باء)لأكثر من عشر سنوات, ثم ختم(خدمته الجهادية)مستشارًا لوزير الإعلام محمد سعيد الصحّاف لغاية يوم 9-4-2003. وهذا يعني إنه كان مَرْضيًّا عنه من قِبل االنظام السابق, بل ومن(عظام الرقبة)!!.

وعندما تم استدعاء دفعته للخدمة العسكرية كضابط احتياط في منتصف الثمانينات في ذروة سنوات حربنا مع الفرس المجوس وأقساها, قضى خدمته في دائرة التوجيه السياسي نائبًا لرئيس تحرير جريدة القادسية الناطقة بلسان وزارة الدفاع, ولم(يُعكّر مزاجه البرتقالي)دويّ المدافع وأزيز الرصاص. وفي عام 1991 كتب عريضة للرئيس صدّام حسين يرجوه فيها إحالته على التقاعد, فحصلت الموافقة, بل وأمر الرئيس بتعيينه بدرجة مدير عام في وزارة الثقافة والإعلام, مع سيارة صالون(أولدزموبيل)هدية من الرئاسة, مكافأة على خدماته في التطبيل والتزمير, إذ كان له باع طويل في ذلك!!.

ويروي(هاتف الثلج)المرافق الصحفي الخاص للرئيس صدّام حسين؛إنه كان حاضرًا اجتماعا للمدراء العامّين في وزارة الثقافة والإعلام مع الرئيس, وبعد انتهاء الاجتماع الذي حضره الوزير حامد يوسف حمادي, ودام خمس ساعات, جاء(أمير )راكضا لاهثا إلى الرئيس, قائلا له؛(سيدي..سيدي,أريد لقاءًا خاصا معك). وفي اليوم التالي حضر مع مقابلات المواطنين, وجاء قبل الموعد بساعتين, فتوسّل بالرئيس أن ينقله من جريدة القادسية, فأمر بنقله لمنصب رئيس تحرير(ألف باء).

وأذكر إنه بعد احتلال العراق للكويت بأيام قليلة, كتب عدي صدّام حسين مقالا في جريدة البعث الرياضي وعلى صفحتها الأخيرة, تعرّض فيه للترف الخارج عن المألوف الذي يعيشه حكام الكويت, بعد(انكشاف المستور)في قصورهم التي استباحتها القوات العراقية, وقارن ذلك بـ(الزهد)الذي عليه والده؛صدّام حسين, وقال؛بأن(والدي)لا يملك سوى بدلتين عسكريّتين, يتناوب على ارتدائهما خلال معظم سنوات الحرب مع إيران, حتى رجته العائلة أن(يحيلهما على المعاش), والاحتفاظ بهما للذكرى!!. وفي وقتها أثار استغرابي هذا الكلام غير المقنع واستفسرتُ من أحد أفراد(الحماية الخاصة)عنه, فنفاه جملة وتفصيلا, مضيفًا؛ إن الرئيس لديه عشرات البدلات العسكرية في كل القصور التي يرتادها, أو التي لا يرتادها!!.

المهم؛ في اليوم التالي نشر(أمير الحلو)مقالا بنصف صفحة في الصفحة الأخيرة من جريدة القادسية, وفيه ثناء ومديح غير مسبوق على مقال(الرفيق عدي), وفق وصفه, و(زهد)والده الذي ليس له مثيل في هذا العصر!!, وكلام كثير آخر يقطر تملّقًا ونفاقًا وانتهازية. وممّا لا شك فيه إن صدّام حسين يحوز على العديد من الصفات القيادية والسجايا الإنسانية المتميّزة, ولكن ليس من بينها(الزهد), فتلك صفة لم يدّعيها هو نفسه. ولكن(أمير)لمّا سُئل في قناة الجزيرة عن(عدي)بعد الاحتلال, أجاب بأنه؛(لا يحترم هذا الشخص)!!. فما الذي عدا مما بدا, بين اليوم والأمس القريب, يا هذا؟!.

ويذكر الكاتب(هاتف الثلج)واقعة كان هو شاهدًا عليها؛إنه فور احتلال بغداد في 2003, حضر(أمير الحلو)على عجل لمبنى وزارة الثقافة والإعلام, وتوجّه لمكتب الوزير, وهو الخبير بدهاليز الوزارة, واستولى على كتب ومخاطبات رسمية سريّة, ثم باعها لاحقا لرئيس تحرير جريدة(الصباح الجديد)المدعو(إسماعيل زاير), وقبض مئتي دولار عن كل كتاب!!.

وبعد أيام قليلة على الاحتلال, ظهر في ندوة مباشرة على قناة الجزيرة, أقيمت في فندق(شيراتون)في بغداد, وكان إلى جانبه(انتفاض قنبر)وآخرون, وفيها بدا مبتهجا بـ(سقوط نظام صدّام)!!, ويلتمس من الغزاة ومطاياهم وحثالاتهم أن يشركوه في الحكم بصفته من(القوميين العرب)!!. ولاطعًا كل مواقفه التطبيليّة السابقة على مدى أكثر من ربع قرن, ومقدِّمًا نفسه في تلك المقابلة وفي مقابلات لاحقة, بأنه كان(معارضًا خفيًّا للنظام)!!. فما دامت(التقيّة)هي الركن الأعظم في دينهم, فهي كفيلة بتسويغ كل تلك(الجقلمبات)!!.

وهو أحد القلائل, إن لم يكن الوحيد, من المدراء العامّين في وزارة الثقافة والإعلام الذين مكثوا في العراق بعد احتلاله ولم يغادره, ولم يتعرّض له أحد، رغم إنه كان كثير الحركة والنشاط الإعلامي ولم يقبع في بيته. بينما اغتالت(فرق الموت)الألوف من العسكريّين والسياسيّين والإعلاميّين, بل وحتى المغنّين والممثلين. مما يؤكد إن(وراء الأكمة ما ورائها)!!.

ونشر أمير الحلو عشرات المقالات التي تنكّر فيها لأولياء نعمته السابقين, وتفوح من بعضها رائحة الشماتة. وعمل في الصحافة الجديدة التي صدرت بعد الاحتلال وكتب في صحف عدة, كما كان كثير الحضور في الفضائيات. وفي إحدى المرات ظهر على قناة العربية مع(عز الدين المجيد), وفيها لمزه بأنه من(أزلام صدّام) !!, فردَّ عليه(عز الدين)؛(من منّا يا عبد الأمير من ينطبق عليه هذا الوصف؛أنا الذي قتل(صدّام) زوجتي وأطفالي الأربعة بسبب معارضتي له, أم أنت الذي كنت تتمرّغ في أحضانه وتتزلّف له وتدبّج المقالات في مدحه)؟!, فصمت ولم ينبس ببنت شفة!!.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1427 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع