ذكرى تتكرر .. و آهات تتصدّر ‼

مكي معتز الجميل

ذكرى تتكرر .. و آهات تتصدّر ‼

لا يخفى على أنظاركم هذا اليوم العصيب للأمة عموماً والعراقيين خصوصاً ، يوم الإحتلال الأمريكي البغيض على العراق في ٩ نيسان ٢٠٠٣ ، ها هي تمرّ علينا هذه الأيام ذكراه الثانية والعشرون .

منذ الوهلة الأولى حين شاهدت أول دبابة أمريكية تتجول وسط العاصمة العراقية بغداد أدركت أن القادم يحمل بين ثناياه الأسوء وأطلقت على هذا اليوم المشؤوم ( اليوم الأسود ) لأن التأريخ يُحدّثنا دوماً أن المحتل لن تكون نواياه وردية ويحمل الود والحب للشعب بل هو طامع مُستعمر مُغتصب للأرض وأهداف المُحتل معروفة ومخلفات الإحتلال واضحة !!
كل حُر غيور على وطنه وأُمّته أنعصر فؤاده في ٩ نيسان ورَفع السلاح بوجه المُحتل وأنطلقت المقاومة ، بينما ذهب البعض الآخر وقدّم التهاني والحلوى ليحتفل بإعتباره يوم التحرير وزوال الرئيس العراقي الراحل صدام حسين طيّب الله ثراه ، الطاغية كما يحلو لهم تسميته .
إثنان وعشرون عاماً مضت سنوات عصيبة مؤلمة بكل تفاصيلها ما الذي يمكن إستذكاره بعد هذه السنوات .. بُعد وفُراق وغُربة أكثر من ستة ملايين لاجئ عراقي في الخارج بدأوا حياتهم من تحت الصفر آملين بالحصول على مِهنْ ووظائف جديدة أغلبها لا تُلبّي الطموح .. أكثر من إثنان مليون لاجئ عراقي في الداخل مُشردين في العراء تحت خيم يقصف بهم حرّ الصيف وبرد الشتاء هُم النازحين والمُهجّرين .. دماء سالت لنُخب وكفاءات وشباب والقاتل معروف يصول ويجول حُر طليق .. حروب داخلية مفتعلة لا معنى لها .. أبشع أنواع الطائفية مُورست ضد العراقيين خلّفت مئات آلاف الشهداء والأرامل والأيتام .. تهميش مقصود ومتعمّد ضد فئة بعينها .. ضياع الهوية الوطنية وإستبدالها بالطائفية والمحاصصة والفئوية .. عدم التمسك بالثوابت الوطنية .
بعد كل هذا وما زالوا يرددون ويطالبون بالقائد الجعفري وحسب الأهازيج المعروفة للعراقيين ، مُبارك لكم هؤلاء القادة وما فعلوه على مدار السنوات الماضية ، لم أجد جواباً شافياً حسب العقل والمنطق ماذا جلب لكم الحاكم والقائد الجعفري طوال السنوات الماضية ؟؟
لم أجد غير الخراب والدمار بكل مفاصل ومؤسسات الدولة .. تفكيك نسيج المجتمع العراقي .. تعليم فاشل لا يرتقي بمستوى الطالب العراقي والإقتراب تدريجياً من إلغاء المدارس الحكومية لإنتشار مدارس التعليم الخاص !! الجامعات العراقية التي كانت منارة للعِلم ويقصدها مئات الطلاب العرب في كل مرحلة دراسية كذلك هي في نزول بمستواها العلمي نحو الهاوية أما الجامعات الخاصة لا يمكن حصر أعدادها والشهادة التي تمنح للطالب بعد إكمال دراسته لا قيمة علمية لها بعد أن سدد والديه آلاف الدولارات خلال سنوات الدراسة !! تزايد أعداد هذه المدارس والجامعات الخاصة تندرج تحت عمليات تبييض الأموال لإخفاء بعض السرقات .. القطاع الصحي تعيس بائس يُعاني من القائمين عليه ولا يرتقي بتقديم خدمة طبية متكاملة ، منظومة صحية مريضة وأغلب العراقيين يذهبون للعلاج خارجه ما بين مصر والأردن وتركيا وإيران والهند .. القضاء العراقي لا يختلف حاله كثيراً عن بقيّة المؤسسات لكنّه من أهم السلطات وأخطرها في كل دول العالم المُتحضّر ، يعلو ولا يُعلى عليه وجميع المواطنون أمامه سواسية إلا في العراق الجديد الديمقراطي يأتمر بأوامر الميليشيات ورئيس مجلس القضاء ينحني أمامهم ويستقبل القتلة والمُجرمين وسُرّاق المال العام في مكتبه !! أما الفساد الإداري وتفشّي الرشوة وكما هو مؤشر فأن العراق من أخطر الدول التي ينتشر في مؤسساتها الفساد ويعاني ويتذيّل آخر الترتيب بين الدول ، جعلتم من الموظف النزيه ذو الأيدي البيضاء عملة نادرة صعبة الحصول وهنا حين إتحدّث عن الفساد إبتداءً من أعلى هرم السلطة الرئاسات الثلاث نزولاً إلى أصغر موظف بالدولة العراقية .. تجارة وتصدير وترويج المخدرات والحشيش والكريستال وتصنيع الحبوب المخدرة (الكبتاغون) في العراق وإنتشارها بين شرائح الشباب الفئة العمرية من ( ١٦ - ٤٠ عاماً ) بينما كانت ساحة العراق خالية ونظيفة بالكامل من هذه الآفة التي تفتك بشبابنا ومن كان ينطق كلمة مخدرات تنصب له المقصلة حتى يكون رادع لمن تسوّل له نفسه المتاجرة بهذه السموم .
هذا حال العراق وأسوأ وما زلتم تطالبون بالحاكم الجعفري !!
هل تتخيّلون أن العراق فيه تبادل للزوجات !! إلى أين أوصلتم البلاد والعباد ؟؟
هل يُعقل كل هذا الإنحلال الأخلاقي والموبقات والسرقات تحصل بالعراق ؟؟ بإختصار نعم كل هذا حصل ويحصل في العراق في حُكم العمائم التي يقطن تحتها ألف شيطانٍ وشيطان ، وهنا أقصد عمائم الشر الفارسية المجوسية .
أليست هذه العمامة من تستّرت على المُحتل الأمريكي وقبضت الأموال أزاء ذلك ووصفتهم بالقوّات الصديقة !!
أليست هذه العمامة من تستّرت على الفاسدين والمُفسدين والمجرمين والقتلة منذ الإحتلال وقدّمت الدعم لقوائمهم الإنتخابية !!
وبإعتراف رسمي من رئيس وزراء العراق خلال أحداث ثورةً تشرين المباركة كان حينها عادل عبد المهدي حين طالبه الثوّار بالتنحّي ، ظهرَ على الشاشة وقال أنا من أتت بي المرجعية أُقدّم إستقالتي للمرجعية ! بهذه الحالة أثبت لنا رئيس الوزراء أن المرجعية هي من تحكم !!
إذن لماذا هُناك سلطة قضائية وسلطة تشريعية وحكومة متمثلة برئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ومُستشارين وكم هائل من الوزراء ووكلائهم تُمنح لهم إمتيازات خاصة ليس لها مثيل في كل دول العالم ؟؟
أَقسم وأنا مسؤول عن كلامي أمام الله جئتم بالعار والخزي للعراق وشعبه ومن يصمت أمام كل هذا الخراب والدمار والتشوّه البصري وسرقات ضخمة بالمليارات من خزينة الدولة وأموال الشعب أُعتبرت سرقات القرن ويكون مؤيد وداعم وحُصن منيع لهؤلاء الفاسدين الخونة .. إلّا مُنتفع رخيص باع وطنه لمصالح شخصية فئوية ضيّقة .
هل تعلم أن المرجعية لها حصة من نفط العراق في موانئ البصرة !! وتجمع كل أموال التبرعات الخاصة بزيارة المراقد الدينية لتُضيفها لإستثماراتها الخارجية في أوربا وإيران ناهيك عن الخُمس ! حين كان العراق دولة يتم جمع هذه الأموال في خزينة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وهي من تتصرف بها وتستثمرها حسب الحاجة ، لكن هذا زمن ولّى .
أفضل من أن تذهب هذه الأموال خارج العراق إستثمروها داخل العراق وحصراً في المُدن الشيعية فقط لضمان بقاء هذه الأموال في العراق وإستثمارها في بناء مستشفيات ومدارس ضخمة تليق بالبشر ، إعادة إعمار مؤسسات الدولة تأسيس مصانع تحتوي العاطلين عن العمل وبنفس الوقت ستنتج سلعة مفيدة لإحتياج السوق العراقي ، أي عمل تفعلوه بها في الداخل أفضل من تهريبها للخارج .
بعد إثنان وعشرون عاماً مضت على إحتلال العراق كل من وضع يده بيد هؤلاء ولو من بعيد قد تلوّث لأن القرين بالمُقارن يقترن وطوال هذه السنوات لم أرى كلب أبيض نظيف بين كل هذه الكلاب الجربانة .

  

إذاعة وتلفزيون‏



الساعة حسب توقيت مدينة بغداد

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

887 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع