إبراهيم فاضل الناصري
ويعود لنا تاريخ أمسنا بفرس وأروام وبـ مناذرة وغساسنة
ونحن نتفحص المشهد السياسي الناري الاوار، المجلجل الاطوار، والحروب بالإنابة التي تشهدها جغرافية بلاد الشام وشرقي الجزيرة العليا في هذه المرحلة مع ما يخالجها من حرب نفسية وحرب إعلامية ملبدة برصاص القنابل والمسيرات، تعود بنا الذاكــرة التاريخية الى حقبة دامية من حقب الماضي العتيق الداكن للحياض العربية الشمالية الغربية العليا، حينما عرفت المنطقة احدى امر حالات المواجهة غير المباشرة للصراع الكوني العتيق الذي كان قد نشب بين الشرق وبين الغرب في الزمان الغابر اي بين الفرس والروم والذي تلظى اواره ضمن حياض الجزيرة الشامية وجرى قراره في حقبة ما قبل فجر الرسالة الاسلامية، اذ حرّك كل طرف آنذاك أحلافه في هذه الساحة فدخل المناذرة والغساسنة في صراع كبير وطويل ومرير فكان صراعا بالنيابة عن قطبي التفرد الكوني آنذاك الفرس والروم وكأن التأريخ يعيد نفسه اليوم لذات الجغرافية وكأن عقارب الزمن تعود للوراء لذات الامكنة الحيوية ويظهر من جديد فرس وروم او شرق وغرب قد تمثلا بإيران وروسيا من جهة وامريكا وتركيا من جهة اخرى ويقوم بينهما ذات الصراع القديم فيحرك كل طرف أشياعه وانصاره واتباعه واخلافه فإيران وروسيا المعسكر الشرقي وريثوا الفرس يحركوا جموع العرب الشيعة في العراق والشام ومعهم بعض الاشياع والذين على هذا الاساس ان همو الا مناذرة هذا العصر وأمريكا وتركيا المعسكر الغربي وريثوا الروم يحركوا جموع العرب السنة في العراق والشام والذين على هذا الاساس ان هموا الا غساسنة هذا العصر. وهكذا يبدوا المشهد الديموغرافي للمنطقة المذكورة هائل التوتر ومرشحا للكثير وللمثير من المفاجآت الغرائبية والمنعطفات التاريخية. وان الشيء الغائب تعمدا عن المشهد المعني برمته هو قمقم الفرج المنتظر الذي قد ظل اوانه وطال انتظاره مع سبق الجزم والترقب والذي يتمثل بمصائر تلك البلدات البريئة التي أنهكتها الحــروب واستنزفتها الصراعات الشنيعة وايضا يتمثل بمقدرات ما تبقى من مجاميع اولئك الناس من المعتدلين اي الاحرار الغير تابعين والذين هم ليسوا بمحسوبين على اي من طرفي هذا الاصطراع الصعب المراس وعلى حسب ما تقدم من اوجه قياس. والذين على هذا الاساس ان همو الا يعاريب عصر الخلاص المنتظر واحراره وثواره ضد العسف الكوني وظلمه المزمن وتطرفه الممحن. ولكن سيبقى الفرج المرتجى والصبح المأمول لهذه الحياض هو المخلص وستبقى الآمال معلقة بفجر خلاص جديد يجيء به هذا الفرج الذي تنوء بحمله شرفات الزمان المرتقب والذي طال أوان انتظاره والذي سيفجره اليعاريب الغر اليعاسيب الذين هم ليسوا محسوبين على اي من المعسكرين.
1063 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع