أحمد العبداللّه
(الأسد) الذي صار كلبًا!!
سيكون يوم الثامن من كانون الأول 2024, واحدًا من أجمل أيام السوريين بشكل خاص, ومعهم العرب والمسلمين, ففيه تخلّصوا من أبشع سرطان فتك بهم, وجثم على صدورهم وكتم أنفاسهم لمدة ستة عقود تقريبا, إذ تحكّمت بهم وبمقدراتهم عائلة مجوسية ساقطة سافلة وحاقدة, جينات الإجرام تنضح من وجوههم الصفراء الناطقة بالخبث واللؤم, امتطت على ظهر(حزب البعث)للوثوب للسلطة. وسيسجّل التاريخ بأحرف من ذهب قصة هذه الملحمة الكبرى لذلك الشعب العظيم.
في الخامس من حزيران 1967, قامت العصابة النُصيرية الحاكمة بافتعال حرب مع إسرائيل, جرّوا لها مصر والأردن, وتمخضت عن هزيمة شنيعة للعرب. وسلّم حافظ أسد هضبة الجولان الاستراتيجية المهمة لليهود بدون قتال في البلاغ العسكري رقم 66 الشهير, مقابل تربعه على(عرش سوريا), هو وأولاده من بعده. وجعل من سوريا مزرعة لعائلته الفاسدة الفاجرة المتهتكة, وصار(الأسد)كلب حراسة لحدود إسرائيل, كانت خلالها الجبهة السورية هي الجبهة الأكثر هدوءا على مدى أكثر من نصف قرن!!. وهناك حادثة مشهورة حصلت في منتصف السبعينات, إذ قام جندي سوري في جبهة الجولان بإطلاق النار من رشاشه على طائرة صهيونية اخترقت الأجواء السورية ولم يصبها, فأمر المجرم حافظ أسد بإعدامه ميدانيا وأمام زملائه, لأنه؛(خالف الأوامر)!!.
وفي سنة 1970, صار حافظ أسد هو الحاكم المطلق على سوريا حتى هلاكه في 10-6-2000, وهو التاريخ نفسه الذي باع فيه الجولان للصهاينة!!. كانت عقودا ثلاثة طويلة مليئة بالعذاب والرعب والقتل والفساد, وارتكب الكثير من المجازر ضد الشعب السوري السُني, كانت أبشعها مجزرة حماة في شباط 1982, والتي دمّر فيها المدينة وأباد 50 ألف إنسان من أهلها. ثم(ورّث)السلطة لولده الحقود والمعاق نفسيا بشار(بن أبيه)!!, والذي واصل مسيرة القتل والإجرام والفساد. فشروط العقد مع(الأسياد)تنصّ على تدمير سوريا بكل مقدراتها وإبادة أكبر عدد من شعبها لتأمين حدود دويلة(إسرائيل). فخلال سنوات حكم بشار(اللقيط)الـ24, قتل ما لا يقل عن مليون سنّي سوري, واعتقل وغيّب في سجونه الرهيبة مليونا آخر, كما هجّر 60% من الشعب السوري لمشارق الأرض ومغاربها, ودمّر مدنا وحواضر تاريخية كانت عامرة, كحلب وحمص وحماة. كما أغرق بلده والبلدان العربية بحبوب(الكبتاغون), بعد أن جعل من سوريا مزرعة كبرى للمخدرات. فهل يمكن لشعب تعرّض لكل تلك المآسي والأهوال أن يحارب العدو الإسرائيلي الغاصب؟!.
وهذا النظام المافيوي الإجرامي لم يصُبّ غضبه على الشعب السوري السُنّي فقط, بل امتدت لعنته لتصيب السُنة من اللبنانيين والفلسطينيين خلال فترة احتلاله للبنان بموافقة وضوء أخضر غربي - إسرائيلي, والتي امتدت لثلاثة عقود تقريبا, ارتكب خلالها مئات المجازر, أشهرها مجزرة تل الزعتر سنة 1976, ونفذت أجهزة مخابراته مئات من عمليات الاغتيال استهدفت المعارضين لسياساته الإجراميه, وطالت تلك الاغتيالات رؤساء جمهورية ورؤساء وزراء ووزراء وقادة أحزاب وعلماء دين وصحافيين, وقائمة الضحايا طويلة, طويلة. وفعل الأمر ذاته, وإن كان بنطاق أقل, في دول الخليج العربية وخاصة السعودية والكويت لغرض ابتزازهم.
لقد كانت هذه السلطة الغاشمة مشروعا لتدمير سوريا أولا, والعرب بشكل عام, لكي يخلو الجو للكيان الصهيوني الغاصب. وأذكر كلمة لكمال جنبلاط قالها عقب لقائه بحافظ أسد بعد احتلاله لبنان وضرب المقاومة الفلسطينية في عام 1976؛(هذه ليست دمشق التي نعرفها)!!. ولم يمضِ سوى أشهر قلائل بعد ذلك, حتى اغتالته المخابرات السورية في 16 آذار 1977.
أما العراق فقد كان له نصيبا وافرا من أعمال التخريب الأسدي, ونفذت أجهزة مخابراته عشرات الأعمال الإجرامية بشكل مباشر أو من خلال تنظيمات وواجهات لمنظمات إرهابية تتبعه, كخطف الطائرات واغتيال الدبلوماسيين وتفجير السفارات, وغيرها. كما قامت أجهزته بتفجيرات في داخل العراق, منها تفجير مطار بغداد الدولي في أواخر عام 1976, والذي تسبب بعشرات القتلى والجرحى من العراقيين والمصريين, وتفجيرات؛ وزارة التخطيط في 1982, ووكالة الأنباء العراقية في العام نفسه, ومبنى الإذاعة والتلفزيون في 21 نيسان 1983, وغير ذلك كثير.
وخلال العدوان الإيراني على العراق؛(1980-1988),وقف النظام النُصيري بكل قوته مع نظام خميني الدجال. وتحالف مع حكم عنصري متخلف, لأن الرابطة الطائفية التي تجمعهما كانت أقوى من ادعاءاته بأنه يمثل حزب قومي علماني. وكانت الطائرات الإيرانية تستخدم الأجواء والمطارات السورية أحيانا للإغارة على العراق. كما أقنع المجرم حافظ أسد القذافي بتزويد الفرس المجوس بصواريخ أرض-أرض التي قصفت بغداد في منتصف الثمانينات. وفي كل مرة يشعر نظام خميني بالعجز أمام العراق,كان يبعث(عبد الحليم خدام)لحثّه على الاستمرار بالحرب لأن(نظام صدّام حسين على وشك السقوط)!!.
وفي مقطع عرضته قناة(أورينت)السورية في سنة 2022, يتحدث فيه يهودي سوري اسمه(مردخاي عزرا), يتم استدعاؤه من قبيل المخابرات الأسدية قبل هجرته من سوريا عام 1980, للتحقيق معه عن معلومات يخفيها, فيجيبهم؛ إنه ليس لديه أي معلومات, وإنه فرد يهودي ضعيف, و(مغضوب عليه حتى من ربّ العالمين)!!, وإنه لا حول له ولا قوة ويستطيعون قتله بسهولة بدون أن يسأل عنه أحد. فيجيبه ضابط المخابرات السوري الملقب بـ(أبي مصطفى), بما يلي؛(يخرب بيتك.. لو ضربتك الآن كف, فبعد ساعة ستقول إسرائيل لقد ضربتم فلان كف.. أما لو أوقفنا طابورًا من العرب يمتد من سوريا للسعودية, واحد جنب الثاني, وقتلناهم كلّهم, فلن يسأل عنهم أحد)!!.
لقد كانت روسيا وإيران من أكبر الخاسرين بزوال الحكم الأسدي. ولكن الخاسر الأكبر هي(إسرائيل),لأنها فقدت بانقضاء الحكم النُصيري(كلب الحراسة)الذي يصعب تعويضه. ومن الأدلّة على ذلك؛إن الجيش الصهيوني, وفور سقوط المجرم بشار الكيماوي, قام باحتلال أراضٍ سورية في الجولان, ونفّذ سلاح الجو الإسرائيلي على مدى عشرة أيام 500 غارة جوية, دمّر خلالها كل مقدّرات الجيش السوري. ووصف(نتنياهو)تلك العملية بأنها؛(أكبر حملة جوية في تاريخ إسرائيل)*. مبرّرا إياها؛ كي لا تقع تلك الأسلحة في(الأيدي الخطأ)كما قال. ومعنى كلامه؛إنها كانت في عهد المجرم بشار في(الأيدي الصح)!!.
وفي تصريح لوزير الخارجية التركي؛(هاكان فيدان)لقناة الحدث, قال فيه؛إن أمريكا أبلغت تركيا حوالي العام 2017؛(إن إسرائيل لا توافق على الإطاحة ببشار الأسد)!!.
....................................
* تواترات أخبار ومعلومات بعد هروب المجرم بشار الكيماوي, أنه سلّم أسرارًا عسكرية عن أصول عالية القيمة لإسرائيل, تضمنت مواقع مستودعات الأسلحة, ومواقع إطلاق الصواريخ, والقواعد العسكرية والجوية, ومراكز البحوث, مقابل ضمان مروره الآمن خارج البلاد. وإن صحّت هذه الأنباء, فهذا يؤكد إنه لم يكن مجرمًا فقط, بل كان خائنًا للوطن أيضا.
393 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع