أحمد العبداللّه
الطريق إلى دمشق..١١ يومًا هزّت الشام!!
(ما لنا غيرك يا الله).. بربّهم استغاثوا. بعد أن خذلهم القريب قبل البعيد, والشقيق قبل الصديق, وبعد معاناة طويلة وعذاب أليم, امتدّت لأربعين سنة عجاف قاسيات تنوء عن حملها الجبال الرواسي تحت تسلّط(عائلة الأسد)المجوسية الفاسدة الحاقدة, ثار الشعب السوري الحُرّ في يوم الجمعة 18-3-2011, وعُرف ذلك اليوم التاريخي باسم؛(جمعة الكرامة). ولكن العصابة المجرمة قابلت ثورة الشعب السلمية بالحديد والنار والقتل والدمار, رافعة شعار؛(الأسد..أو نحرق البلد)!!.. وخفّت لنجدتها إيران بحرسها الثوري الإرهابي وميليشياتها الشيعية المجوسية(المتعددة الجنسيات), والروس بقواتهم البرية وسلاحهم الجو-فضائي المدمّر. يقابله عالم عربي عاجز أو متواطئ, وعالم غربي منافق وسعيد في داخله بما يجري من مذابح لأهل السُنّة. فالمهم لديه هو(حماية الأقلّيات), بشرط أن تكون تلك الأقلّيات من طوائف أخرى, وليسوا سُنّة!!.
ومع كل تلك الهمجية والإجرام, صمد الشعب السوري وصبر وصابر وبذل التضحيات الجسام. ولكن المعركة لم تكن متكافأة بين شعب أعزل وسلطة إجرامية غاشمة استخدمت ضده كل ما في ترسانتها من سلاح وعتاد اقتطعت ثمنه من لقمة الشعب المُبتلى بزعم(مقاومة إسرائيل)!!, ولكنها لم تطلق طلقة واحدة عليها خلال أكثر من نصف قرن, بل صبّته كله على رأس الشعب المسكين, فشنّت عليه حرب إبادة شاملة بالمدافع والدبابات والطائرات الحربية التي تلقي(براميل الموت)المتفجرة, بل ولم تتورّع العصابة النصيرية حتى عن استخدام السلاح الكيماوي, ولو كانت تمتلك السلاح الذري لاستخدمته أيضا!!.
خلال(سنوات الجمر)بين 2011-2020, قام الحكم النصيري الطائفي الفاشي المجرم بتهجير أكثر من 13 مليون سوري من ديارهم من مجموع الشعب السوري البالغ 23 مليون, وتوزعوا في أصقاع الأرض. ولجأ ثلاثة ملايين منهم لمحافظة إدلب الشمالية المحاددة لتركيا, إضافة لمليون رابع هم أهل المدينة, حتى ضاقت أرضها الصغيرة باللاجئين, وهي كل ما تبقّى من أرض سورية خارج سلطة المجرم بشار الكيماوي, والذي لم يتركهم لحال سبيلهم, بل كانت طائراته وصواريخه وبراميله تستهدفهم بشكل يومي تقريبا, بكل خسة ونذالة وحقد أسود.
ويفتخر رأس النظام المجرم بأنه قد حقق هدفه بـ(الشعب المتجانس)و(سوريا المفيدة)!!, أي قتل وتهجير أهل البلد وإحلال شراذم من شيعة العراق وأفغانستان وباكستان محلهم. وجعلَ من سوريا سجن كبير ومزرعة للمخدرات وملعبا لإيران وحثالاتها. والغريب هو سكوت الدول الكبرى في العالم على كل ممارساته وجرائمه, ومحاولات بعض الحكام العرب(إعادة تدويره)!!.وكان يتجهز لإعلان انتصاره النهائي والحاسم على المعارضة, وبدأت محاولات لإعادة تعويم نظامه سياسيا, فتمت إعادته للجامعة العربية واستأنفت بعض الدول علاقاتها الدبلوماسية معه. ولكن كلمة الله كانت هي العليا, إذ باغته هجوم جريء وغير متوقع انطلق من المناطق المحررة في إدلب وريف حلب الغربي, فانقلبت أموره رأسًا على عقب.
إن دوام الحال من المحال, ولكل ظالم متجبر كفّار نهاية, فتلك سُنّة الله في خلقه. فقد كانت هناك ثلة من المجاهدين الغيارى الذين هجّرهم هذا المجرم اللعين الخسيس من المحافظات السورية بـ(الحافلات الخضر)الشهيرة إلى إدلب. والغريب إنهم وهم هناك لاجئون في الخيم فرارا بأنفسهم, لاحقتهم طائرات(الأسد)وبراميله المتفجرة وصواريخه, لقتل أكبر عدد منهم, آخرها كانت في اليوم السابق لهجوم المعارضة, إذ قامت مدفعيته بقصف مدينة(أريحا)بريف حلب الغربي، ما أسفر عن مقتل وإصابة 16 شخصًا, ليشفي غليل نفس مريضة معجونه بالحقد والسادية, وكأن روح(إبليس)قد تلبّست فيها!!.
وكانت تلك الثُلّة المجاهدة خلال السنوات الخمس؛(2020-2024),تتهيأ وتتدرب وتستعد, وتصل الليل بالنهار لذلك اليوم الذي ستثأر فيه لكرامة عشرين مليون مواطن سوري طالهم ظلم وجبروت العصابة الأسدية, وتحرير أرض الشام المباركة من رجس النصيريين الكفرة المجرمين ودنسهم. حتى حان اليوم الموعود في فجر 27-11-2024, فانطلقت عملية(ردع العدوان)بقيادة (هيئة تحرير الشام), ومعها فصائل أخرى, وتحت سيطرة غرفة عمليات مركزية باسم(إدارة العمليات العسكرية)بقيادة أحمد الشرع؛(أبو محمد الجولاني), وخلال ساعات قليلة انهارت دفاعات النظام المتهالكة, وتم تحرير كامل محافظة إدلب بريفها الشرقي والجنوبي, ومعها ريف حلب الغربي, وانفتح الباب باتجاه الهدف الاستراتيجي المهم؛حلب.
وفي اليوم التالي واصلت جحافل المجاهدين زحفها حتى وصلت ضواحي حلب, وتمكنت من قطع الطريق الدولية التي تربطها بدمشق, وبدأت هجوما واسعا من عدة محاور, ودخل للمعركة سلاح فعال هو الطائرات المسيّرة التي كان لها دورا كبيرا في حسم المعارك. وتمكن المجاهدون الأبطال من قتل العميد(كيومرث بورهاشمي)كبير المستشارين العسكريين الإيرانيين في حلب. ونجحوا في يوم الجمعة 29-11-2024 واليوم الذي تلاه, من استكمال تحرير المدينة ورفعوا علم الاستقلال السوري فوق قلعتها التاريخية, وانسحبت أشلاء قوات(الأسد)ومعها مجاميع من الميليشيات الإيرانية وقادة في الحرس الثوري إلى مدينة حماة الواقعة جنوبا بمسافة 140 كم. وسط انهيار متسارع لشراذم الأسد، وشبه غياب لحلفائه؛المجوس والروس.
وتمترست في حماة وحولها عصابات النظام ومن معها من ميليشيات إيرانية, مع نجدات وصلتها من فرق عسكرية تم دفعها على عجل, ومنها الفرقة 25 بقيادة المجرم سهيل الحسن. وكان جبل زين العابدين شمال المدينة هو العقدة الدفاعية الحاكمة. واندلعت معارك شرسة حول حماة امتدت لخمسة أيام رافقتها غارات جوية روسية على محور التقدم الرئيسي والقدمات الخلفية,وطال القصف المدنيين في إدلب وحلب. ولكن المجاهدين تمكنوا من حسم المعركة بخطة عسكرية بارعة, وهي الالتفاف من الجناحين وأطبقوا على المدينة فانهارت عصابات الأسد. وتحررت حماة يوم الخامس من كانون الأول، وأعلن النظام إجراء عملية(إعادة تموضع)!!, وهو مصطلح استخدمه في هذه المواجهات كناية عن هروب ميليشياته. لقد كانت معركة حماة هي المعركة الفاصلة التي كسرت ظهر سلطة المجرم بشار الكيماوي, وبمثابة شهادة وفاة مبكرة له.
استثمر المجاهدون الفوز وانهيار شراذم الحكم النصيري المجوسي الإجرامي, وزحفوا على الفور نحو مدينة حمص, إحدى أهم معاقل الثورة السورية العظيمة, والمدينة التي ارتكبت فيها عصابات الأسد أبشع مجازر التطهير الطائفي في بداية الثورة السورية, عندما حاصروها وقصفوها بصواريخ(سكود)وذبحوا الآلاف من أهلها بالسكاكين, دون أن يرحموا طفلا رضيعا أو إمرأة ضعيفة أو شيخا كبيرا. وفي 2014, هُجّر من تبقى من أهلها إلى إدلب, كما هرب كثيرون منهم إلى لبنان.
وكانت خطة المجاهدين الناجحة هو إن القوات التي تحرّر المدن تكون النسبة الكبرى فيها من أهل تلك المدن أنفسهم, من الذين تم تهجيرهم وانضموا لفصائل المجاهدين. وكانت حمص وبعض مدنها كالقصير من أهم معاقل(حزب اللات)وطريق إمداد لهم, لذلك حشدوا كل حثالاتهم هناك. ولكن كل ذلك الحشد المجوسي لم يصمد أمام تقدّم جحافل المجاهدين, فتمكنوا من تحرير حمص خلال يوم وبعض يوم. وهنا حصل الانهيار الكبير لشراذم المجرمين وهربوا هروبا مخزيا؛حزبالة إلى قواعده في لبنان, وميليشيات بشار لمغاراتهم التي نزلوا منها سابقا في جبال الساحل السوري, وصار الطريق مفتوحا إلى عاصمة الأمويين, فوصلوها فجر يوم الثامن من كانون الأول 2024, وسبقهم ثوار درعا الذين أطبقوا عليها من الجنوب.
لقد تحرّرت سوريا من حكم عائلة الأسد المجوسية الفاسدة, وتطهرّت الشام الأبيّة من رجس حثالات النصيريين الكفرة المجرمين, وانتصرت الثورة السورية العظيمة بعد أن دفع الشعب السوري السُنّي أنهارا من الدماء على مدى 14 سنة من الجهاد والمقاومة والمصابرة والتضحيات, حتى نصرهم الله نصرا عزيزا مؤزرا, بعد أن جثمت هذه العائلة الفاسدة الساقطة على صدره على مدى 55 سنة عجاف مليئة بالقتل والرعب والإرهاب, وفرَّ المجرم الهارب بشار الكيماوي تحت جنح الظلام لواذا كجرذ مذعور بعد أن تراءى له مشهد النهاية البائسة. والحمد لله ربّ العالمين على نصره المبين.
925 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع