أحمد صبري
الصدفة هي من جمعت حدثين في تأريخ واحد ، في مصادفة تاريخية لها دلالاتها السياسية ،هو الثامن والعشرون من أيلول ، رغم تباعد وقوعهما واختلاف ظرفيهما .. غير أنهما تسببا بأصابة الأمة ومشروعها القومي بالصميم .
فالحدث الأول تمثل بأنفراط عقد الجمهورية العربية المتحدة ، بانفصال سوريا عن مصر في الثامن والعشرين من أيلول عام 1961 .
وبعد قرابة العقد من الزمن على كبوة أول مشروع وحدوي، يرحل رائده والمبشر بأهدافه الزعيم جمال عبد الناصر، في نفس اليوم الذي حدث فيه الانفصال في الثامن والعشرين من ايلول عام 1970 .
ومابين الحدثين وماأعقبهما شهدت مسيرة العمل العربي حالة من الاحباط والانكسار والتراجع ، وضعت الامة ومشروعها القومي على المحك ، جراء ما اصابها بفعل ارتدادات الحدثين على مجمل الاوضاع العربية .
ورغم خيبة الأمل التي أصابت الحالمين بوحدة الامة ومشروعها النهضوي بعد أنفراط عقد الوحدة بين مصر وسوريا، إلا أن رائد مشروع الوحدة جمال عبد الناصر ، لم ييأس أو يتخلى عن تحقيق حلم الامة بتوحيد أقطارها وإنما أزداد أيمانا بحتمية مشروع الوحدة لأنه من ينقذ الأمة من حالة التخلف والانكسار ويحافظ على قوتها وهويتها ،
وعمل عبد الناصر بجد واخلاص على أستنساخ تجربة الوحدة بصيغ ووسائل مختلفة طبقا للواقع العربي لتجاوز الاخطاء التي رافقت تطبيق وحدة مصر وسوريا ليعيد الأمل للجماهير التي رأت في مشروع الوحدة أملا وخلاصا من التجزئة والانقسام والفرقة وتحرير الارادة وأسترداد حقوق شعب فلسطين وتحقيق العدالة الاجتماعية والتصدي لمحاولات الهيمنة الاستعمارية على القرار العربي المستقل ،غير أن الموت أدرك عبد الناصر في لحظة تاريخية كانت الامة بحاجة إلى دوره كضمانة لتوحيد الموقف العربي في مواجهة المخاطر الخارجية
وعندما نستعرض حال الأمة والتحديات التي واجهتها منذ الانفصال ورحيل عبد الناصر، وحتى الآن نستطيع القول ،إن أرتدادات الحدثين على مجمل الاوضاع العربية رغم مرور نحو نصف قرن على وقوعهما ، ما زالت ماثلة للعيان ، أدت بمجملها الى تراجع مشروع الوحدة كخيار واستبداله بمشاريع بديلة ،فتحت الطريق للتدخلات الخارجية بتقرير مصير الامة وقضاياها،على حساب الأمن القومي العربي الذي سقطت محرماته بالاستقواء بالاجنبي مثلما جرى في العراق وليبيا ومخاطر الدعوات لتبريرالتدخلات الخارجية في الشأن العربي وقبل ذلك الصلح مع اسرائيل والتفريط بحقوق شعب فلسطين،
وأدى غياب عبد الناصر وانكفاء دور مصر في محيطها العربي والاقليمي إلى انعكاس ذلك على مسيرة العمل العربي،وظهور لاعبين وقوى رغم دورهم الايجابي إلا انها لم ترتق الى مستوى ودور مصر عبد الناصر في التاثير وقيادة العمل العربي كضابطة لايقاعه في عملية الحشد والتعبئة المطلوبة
وحتى لانستغرق بتقليب الصفحات المؤلمة من تاريخنا ،نتطلع الى المستقبل ونتوقف عند ماتشهده مصر بعد نصف قرن على الانفصال وأربعين عاما على غياب عبد الناصر،باعتباره بارقة أمل بعودتها بقوة وحيوية لاستعادة دورها القومي المطلوب في قيادة العمل العربي وتعزيز التضامن العربي للرد على التحديات الخارجية التي تستهدف إرادة الأمة ومشروعها النهضوي
1156 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع