د .علوان العبوسي
لايمر يوم من ايام العراق الجديد الا وقد اصطبغ بلون الدماء العراقية الزكية يؤطرها سواد قاتم حزين يشع بشعاعة على كل العوائل العراقية الشريفة...
فالموت آت لامحال والعراقي ينتظر لكنه لايعلم باي صيغة وباي شكل سيموت فقد تعددت الاساليب والانواع والاشكال فهناك العجلات المفخخة والعبوات الناسفة والاستشهاديين المجرمين من القاعدة واعوانهم ومن لف لفهم وعصابات المليشيا المنتشرين في كل شارع وزقاق من عراق الرافدين وهم يهددون ويتوعدون نهاراً جهاراً يتفننون في قتل العراقيين بدم بارد في المساجد عند قيام الصلاة وفي مجالس العزاء و الاسواق والمرافق العامة خطفاً وذبحاً وتفجيراً وبالاسلحة كاتمة الصوت ، في دورهم الامنه ...الخ ، مئات القتلى والجرحى يومياً منذ عام 2006 وحتى يومنا هذا ، ناهيك عن التخريب الحاصل في الممتلكات الخاصة للمواطنين والعامة للدولة .
آلاف المقالات والمناشدات صدرت من عراقيين حول اخفاقات الحكومة في ضبط الجانب الامني دون اي استجابة منها وارتضت بما يجري من قتل للعراقيين وبات هذا الموضوع روتيني يومي حتى ايقن الجميع ان من يقوم بهذه الامور السياسيون او اعوانهم في العراق الجديد لان المنطق والعقل يقول ذلك والا كيف يحث هذا في كل يوم دون رد فعل عملي من الحكومة او مجلس النواب.
يعتقد بعض من يدعون بالسياسيون الجدد ان اللقاءات والمصافحات ووثائق الشرف كما يطلقون عليها هي العصا السحرية لحل فشلهم في ادارة الدولة وكاننا في مجلس قضائي للتحكيم ، يالبؤسكم بل يا لبؤس شعبنا العراقي بكم وهو يمضي قدماً في الالفية الثالثة يحكمه مثل هؤلاء لايفهمون مبادئ العمل الاداري و السياسي المهني.
قبل شهر او اكثر طلع علينا السيد عمار الحكيم بمبادرة اللقاء بين الفرقاء السياسيين كما اطلق عليها وخطب فيهم طالباً منهم التصالح من اجل بناء العراق الجديد وكان حفل مجاملة قُبلت به الايادي والوجوه والله اعلم ما في القلوب كلا تجاه الاخر، يعتقد الحكيم ان ذلك ممكن ان يصلح الحال ولكن الحال بقي كما هو... اليوم طلع علينا خضير الخزاعي الذي يشغل منصب رئيس الجمهورية بالوكالة بمبادرة أخرى جديدة اطلق عليها وثيقة الشرف والسلم الاجتماعي باعتقاده انها كفيلة بحل الازمات السياسية التي تفاقمت شدتها في البلاد وحضر الجميع سوى عدد قليل من رؤساء الكتل ورئيس اقليم كردستان وفي رايي حسناً فعلو ، كان الحضور يتهافتون على توقيع الوثيقة امام اجهزة الاعلام وهم يعلمون بانها خدعة جديدة من خدع فشلهم في ادارة ابسط ملفات ادارة الدولة وان هذه الوثيقة ستبقيهم في مناصبهم فترة اطول لتحقيق اهدافهم .
ايها السياسيون في العراق الجديد ان الدولة لاتداربمثل هذه الامور انها كيان يامساكين وشعب وقانون يحكمهم ، تقوم على اسس علمية وعملية ثابتة تحترم حقوق مواطنيها ترتكز على عدد من الغايات والاهداف القومية الاساسية التي تمثل قوة الدولة هدفها الاسمى والاول توحيد صفوف الشعب باعتباره الركيزة الاساسية في هذه القوة من خلال عناصر تمتلك الخُلق والوطنية الصادقة والشرف الحقيقي ترفع شعارالمصلحة العامة تعلو على كافة المصالح الخاصة وترتكز على قوانين ولوائح دستورية يحترمها الجميع وتساوي بين طبقات المجتمع ، انكم بميثاقكم هذا تثبتون عملياً فشلكم في كافة اعمالكم لكنكم نجحتم في تفتيت اللحمة الوطنية وحللتم الكره بدل المحبة ونكران الذات وجعلتم من احزابكم قبلتاً ونبراساً لكم ضد كل ما هو وطني وشريف .
ان نجاح العمل الوظيفي الوطني المخلص لايبنى على المحاصصات الطائفية التي سعيتم لها منذ الاحتلال حتى يومنا هذا ليجيبني احدكم كيف يكون تفعيل وثيقة الشرف هذه وانتم عزلتم نصف المجتمع العراقي وجعلتموه خارج حساباتكم الطائفية هل يعقل تكون نسبة احد مكونات المجتمع العراقي من العاملين في مجالات الدولة 85% وباقي المكونات 15% هل هذه الوثيقة بامكانها ان تغيّر هذه المعادلة ؟، هل ستحقق الوثيقة اهدافها و75% من ميزانية الدولة رواتب جلها للرئاسات الثلاثة وللحمايات الخاصة وما تبقى هو لادارة عمل الدولة خارجياً وداخلياً ونسبة كبيرة من المواطنين تعيش تحت خط الفقر ، هل ستحقق الوثيقة اهدافها ورئيس الوزراء يستحوذ على اربع وزارات سيادية مهمة اضافةً لمنصبه ، هل ستسعى وثيقة الشرف الى ملاحقة المليشيات التي تتفنن بقتل المواطنين في الاسواق والجوامع والحسينيات وداخل دورهم والجميع يعلم من تكون هذه المليشيات ، هل تحقق الوثيقة ملاحقة الفاسدين ومحاكمتهم لما ارتكبوه من سرقة للمال العام ،هل ستحقق الوثيقة تطبيق القوانين بعدالة على كافة افراد المجتمع دون تمايز بينهم ، هل ستحقق الوثيقة بناء قوات مسلحة هدفها الاسمى هو تحقيق غاية الدفاع الوطني بدلا من تخريبه ،هل ستحقق الوثيقة ايجاد حل للازمات المتراكمة سياسياً واقتصاديا واجتماعيا في البطالة والتعليم وحقوق الانسان والخدمات العامة وغيرها وقلب الحقائق التاريخية للدولة العراقية التي ارتكزت على معطيات علمية صحيحة والغاء كل ماجاء به المحتل في اسس بناء الدولة من قوانين واوامر جائرة لخدمته وخدمة الجارة غير الشقيقة ايران ، هل ستحقق الوثيقة المطالب المشروعة لابناء العراق في المحافظات الشمالية والغربية الذين مضى على اعتصامهم في ساحات الشرف منذ حوالي تسع اشهر دون اي رد فعل من الحكومة ، هل ستحقق الوثيقة الحد من المداهمات لدور المواطنين الامنين الابرياء واحتجاز ابنائهم بشكل عشوائي وتقديم من تسبب بذلك الى المحاكم المختصة ، هل ستحقق الوثيقة معالجة الاخطاء المرتكبة بحق جغرافية العراق في اقتطاع اراضي عراقية وتسليمها الى الكويت وايران بضمنها التهاون وعدم الاكتراث في انشاء ميناء مبارك وما تمخض عنه في خور عبد الله هذان الجزءان اللذان يمثلان عنق الزجاجة في المجال البحري الوحيد للعراق حتى بات العراق جيبولتيكياً من اضعف البلدان تجاه ايران والكويت ، هل ستحقق الوثيقة الحد من التدخل الايراني السافر سياسياً وامنياً في العراق وتلغي دور شركاتهم المخابراتية التي دخلت العراق تحت غطاء انساني وانتشرت في كل ارجاء العراق قتلت وشردت وهجرت ابناء العراق الوطنيين الشرفاء ،امور كثيرة لاتحتاج الى وثيقة شرف لكنها تحتاج عناصر عراقية وطنية شريفة بتاريخها وعملها واخلاصها لتربة هذا الوطن ، نفهم من هذه الوثيقة ان الاعمال السابقة كانت بدون شرف نعم وهذا اعتراف ضمني بذلك ، وعليه اذا كانت وثيقة الشرف هذه تسعى لتحقيق كل هذه الاهداف فمرحى لها ولكنها ستكون كسابقاتها من التعهدات والوعود الكاذبة .
في الختام اقول دعكم من هذه الامور وكونو تواقين الى العمل السياسي الصحيح وتصالحو مع انفسكم وكياناتكم السياسية ومع باقي ابناء شعبكم بمختلف مذاهبه واديانه وقومياته فالعراق كان قبلتاً للقاصي والداني تاريخاً وحضارتاً وثقافتاً جعلتمون قزماً خائفاً مرتجفاً فقيراً رغم ميزانيته القومية التي تزيد عن 150 مليار دولار سنويا تذهب هباء في جيوبكم ودهاليز احزابكم وفي الفساد والعقود الوهمية والى جارة السوء ايران وتاكدو سيعود العراق الى سابق عهدة بكم او بغيركم ومهما فعلتم .
1345 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع