د. مؤيد عبد الستار
اقر السيد ابراهيم الجعفري في كلمته العصماء امام مؤتمر السلم الاجتماعي لتوقيع وثيقة الشرف الذي انعقد مؤخرا ببغداد ، تفشي الفساد في العراق ، و قال ان الفساد اصبح ثقافة دون ان يكون صريحا ويذكر لنا : ثقافة من؟! .
كان الاجدر به ان يقول ان الفساد اصبح ثقافة كبار المسؤولين ، لا ان يقول اصبح ثقافة فقط ، لان العراقيين الفقراء براء من هذه التهمة ، هذا اذا علم حفظه الله ، ان اكثر من نصف سكان العراق يعانون من الفقر وضنك العيش والحرمان من الخدمات الصحية والتعليمية والبلدية ، واغلبهم يعيش بين خطي الفقر والجهل ، اما من يعيش في كنف الحكومة والوزارات الفاسدة والعقود الوهمية والتجارة الحرام والبنوك اللصوصية فهو يخضم ما يحلو له من لذيذ العيش واطايب المـأكولات والملبوسات المستوردة من باريس ولندن وتركيا وايران ، ويهرّب ما يشاء من ملايين الدولارات خارج العراق ليضمن لنفسه مستقبلا موسوما بالسحت الحرام .
قديما قيل ان رجلا قدم من البصرة فسأله الامام علي ( ع ) عنها وعن اهلها .
فاخبره: انها في هرج ومرج وان اهلها في الفساد يرتعون .
فقال له الامام : صدقت.
ثم جاء رجل اخر من البصرة ايضا فسأله الامام عن امرها وشأنها مثلما سأل الاول .
فقال رأيت اهل البصرة اهل صلاح ودين يؤدون الفرائض .
فقال له الامام : صدقت .
فتعجب صحب الامام وقالوا كيف صدقت قول الاول والثاني على ما في قوليهما من فرق وتناقض ؟!
اجابهم الامام : كلا هما صادق ، لان كلا منهما تحدث عن القوم الذين صحبهم واختار ان يكون منهم .
فالسيد ابراهيم الجعفري لم يرَ غير هؤلاء السراق يحيطون به لذلك ظن ان هذه ثقافة عامة غير مخصصة ، في الوقت الذي لم يرَ ملايين الفقراء والمحرومين من السكن والخدمات والعيش الكريم ليقيس عليهم وانما قاس على من رأى من كبار الموظفين والمقاولين والسراق ولصوص البنوك والبطاقة التموينية والتجارة الفاسدة .... فاطلق حكمه .
ان استمرار الفساد في العراق يجعل المسؤولين دون كرامة ، فالموظف السارق و المرتشي لا يجد لنفسه كرامة يعتد بها ، لذلك نرى الفاسدين في الدولة لا يعيرون اذنا صاغية للتظاهرات التي تخرج عليهم ولا للنقد الذي يوجه لهم من المواطنين والكتاب والاعلام والصحافة ، فالامر الاهم لديهم هو البقاء في مناصبهم
وسرقة اي شيء يقع تحت ايديهم ، فلم يعد يحكم سلوكهم الشاذ اي معيار اخلاقي او ديني ، لان زوال كرامة الانسان تسهل عليه الانغماس في الرذيلة والتنعم في الفساد .
وليس غريبا ان تعد المنظمات الدولية العراق من اوائل الدول في قائمة الفساد في العالم ، وان يعد العراق دولة فاشلة ، وفي هذا الحكم عارٌ ما بعده عار على الطبقة الحاكمة ان كانت لها كرامة او تشعر بمسؤوليتها في الحكم ومكانتها في الدولة والمجتمع ..
ان المواطنين لن يصمتوا طويلا على الفساد ونهب الاموال العامة ، وانما سيجدون الفرصة المناسبة ليحاسبوا المفسدين والطبقة الحاكمة الطفيلية التي تستحوذ على الرواتب والمخصصات الضخمة حسابا عسيرا ، وما الاحتجاجات والتظاهرات والانشطة المستمرة ضد رواتب وتقاعد النواب الا ابسط الامثلة التي تنذر بعواصف قادمة تطيح بالمفسدين .
رابط كلمة الجعفري في المؤتمر
http://www.youtube.com/watch?v=s0g6RZJzOUo
1252 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع