"اشهر علماء الاثار والمنقبين الأجانب والعراقيين في مواقع الاستكشاف لبلاد الرافدين" الجزء الثاني

سرور ميرزا محمود

"اشهر علماء الاثار والمنقبين الأجانب والعراقيين في مواقع الاستكشاف لبلاد الرافدين"الجزء الثاني

يبلغ عدد المواقع الأثرية المكتشفة في العراق الى أكثر من 12 ألف موقع تأريخي، تلك المواقع التاريخية امتازت بالتنوع الثقافي والمعرفي والحضاري ضمن ارضيه الواسعة، ضمت آثاراً تعود إلى حقب زمنية مختلفة، وهي اور، نمرود، أربيل، نيبور(عفك)، ايسن، بابل، نينوى، اشور، سامراء، وعلى ارضه وجد الانسان العراقي القديم، غرست عنده حب العلم والمعرفة والبناء عبر العصور المختلفة، حيث قدم للبشرية الخطوات الاولى للتأسيس الحضاري حين عرف الكتابة ودون فيها علومه ومعارفه وآدابه، وترك لنا كنوزا وروائع نفيسة، وذلك بما دونته أنامله الطموحة على الألواح الطينية والصخرية أقدم التشريعات والقوانين البشرية في العلوم والمعارف كافة فكانت وما تزال بحق الدعامة الأساس للحضارات الإنسانية جمعاء، كما ترك نماذج من فن العمارة المتمثلة بالمعابد والزقورارت التي تعتبر من الروائع الفنية، يمكن اعتبار تلك المواقع ، بمثابة مكتبة ضخمة من المعلومات التي تساهم في كشف اسرار الاديان العالمية الرئيسة، كما تقدم معلومات مستفيضة على مكونات الإنسان في عصوره الماضية علما وفكرا، و على أنماط الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتطور الحياة البدائية الاولى ومعرفة التأثير الذي مارسته حضارة بلاد الرافدين على الحضارات العالمية والثقافات التي تقاربت أو احتكت بالحضارة الرافدينية، ومن المؤكد أن هناك الآلاف غيرهم من العراقيين والعراقيات الذين كان لهم دور في بناء العراق وتطويره عبر العصور المختلفة مع مواطنيهم، فالأمم والشعوب تتفاخر بمبدعيها وعلمائها ومفكريها وتعمل جاهدة ان يبقوا في الذاكرة، لكي يكونوا منارة تسترشد بهم الأجيال، ويكونوا عنوانا لهم في دروب المعرفة، لان مسيرة الحضارة والتقدم يضعها الانسان المبدع، فالحديث والكتابة عن اثار بلاد الرافدين ما هو الا تذكير للأجيال لكي تتواصل مع هذا الابداع، ولكي تسهم في العطاء في شتى المجالات، كل هذا حفزنا لكتابة مقالتنا عن مجموعة نيرة من العراقيين الأكفاء من العلماء والباحثين في علم الاثار وادارته، الذين قدموا جهدآ علميآ كبيرآ في قراءة تأريخ العراق الحضاري في عصوره القديمه ل( بلاد الرافدين ) واهلها، وأن نسجل أسماء ابرز الذين منذ تأسيس المملكة العراقية حتى احتلال العراق، وجميعهم كانوا شموس وكواكب أضاءت دروب المعرفة والثقافة وعرفوا بالنزاهة والإخلاص لبلدهم العراق، ونأمل ان يجد القاريء في مقالتنا بجزيئها الأول والثاني شهادة نزيهة عن دورهم فيما جمعوه عن ابداعات بلاد الرافدين ومن هؤلاء:
الدكتور فرج بصمه جي (1915-1987) أستاذ وعالم اثار ومؤرخ:
ولد في بغداد، وأكمل دراسته الابتدائية في احدى مدارس بغداد عام 1928، والتحق بعد ذلك بالإعدادية المركزية، وتخرج فيها عام 1934، ثم عمل موظفا في دائرة الاثار، ابتعث الى سويسرا لاكمال دراسته الجامعية في جامعة زيورخ، ونال شهادة البكلوريوس عام 1939، والدكتوراه عام 1949، وكانت اطروحته" المشاهد الطبيعية في نقوش سومر القديمة للألفين الثالث والرابع ق.م"، عاد الى العراق وعمل مدرساُ للتأريخ في كلية الآداب، شغل منصب معاون امين المتحف، ثم امين المتحف حتى احيل الى التقاعد لأسباب صحية عام 1969، شارك بعمليات التنقيب في عدد من المواقع الثرية في اوروك، اريدو، نيبور، سامراء، كلخ، والحضر، توفى عام 1987، من مؤلفاته:
دليل المتحف العراقي – 1960، نفّر – 1960، كنوز المتحف العراقي والذي يعد المرجع الأساسي لجميع الباحثين الاختصاص، كما ويعد أهم أرشيف لآثار حضارات بلاد ما بين النهرين بتاريخ الدولة العراقية،1972، الأختام الأسطوانية في المتحف العراقي – 1994، كما ان له مقالات عديدة في مجلة سومر.
الأستاذ عز الدين الصندوق (1918-2002) اثاري متخصص بالخانات وفنان تشكيلي، ولد في بغداد عام 1918، واكمل تعليمه في مدارسها، تعيّن أول مرّة في مديرية الري العامة عام 1938، وفي عام 1941 انتقل للعمل في مديرية الآثار القديمة وساهم بأعمال المسح والترسيم والحفر والتنقيب في مواقع أثرية عديدة في العراق، مَثل مديرية الأثار مع بعثة الأثار البريطانية الموفدة من قبل المدرسة الأركيولوجية البريطانية، وفي عام 1950 في تل النمرود وبعثة جامعة بنسلفانيا الأمريكية في تل نفر، ذَكرهُ البروفسور مَلَوان في مذكراته، كما ساهم في دائرة الأثار سواء في فترة ما قبل التقاعد أو ما بعدها بجملة من الأعمال الأثارية والهندسية منها أعمال الحفر والتنقيب في مدينة واسط الأثرية وعقرقوف والعقيد وحسونة وتل أبو شهرين وكشف اعداد كبيرة من المواقع الأثرية في العراق منها "حجر جنة الأبيض وعين التمر"، كما ساهم في أعمال مشروع مدينتي سامراء والمتوكلية، من ابرز أعماله أجراء الكشف على الخانات الواقعة على طريق محافظة النجف وخان اللؤلؤة في محافظة ديالى وخان المشاهدة في بغداد، والكثير من الخانات على طرق المزارات ألدينية وأصبح متخصصا في هندسة الخانات العراقية، كما أجرى بعض المسوحات للجوامع الأثرية في قلعة كركوك والحويجة، وإجراء المسوحات الأثرية ورسم الفخاريات والقناني الزجاجية المكتشفة في مقابر أم خشم، مارس الفن التشكيلي وزامل عدداً كبيراً من كبار فناني العراق منهم: جواد سليم وعطا صبري وفائق حسن وحافظ الدروبي وفرج عبو وعطا صبري وطارق مظلوم وخالد الرحال، توفى عام 2002 في بغداد.
الدكتور فيصل جاسم الوائلي (1922- 1982) مؤرخ واثاري وشاعر وناشط سياسي، ولد في مدينة النجف الأشرف عام 1922، وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها، عين معلماً في ناحية الغراف التابعة لقضاء الشطرة في مدينة الناصرية عام 1942، ونقل بعدها إلى مدينة كربلاء، دخل دار المعلمين العالية فرع الآداب وحصل فيها على شهادة الليسانس عام 1946 بمرتبة الشرف، ثم عين مدرساً في ثانوية الكرخ، ثم التحق بالبعثة العلمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة التاريخ القديم في جامعة شيكاغو حصل فيها على شهادة الدكتوراه، ثم عاد إلى العراق، وعين في مديرية الآثار العامة، رأس تحرير مجلة سومر الآثارية الرائدة وكتب لها افتتاحياتها للمدة من 1963 وحتى 1965، أسهم في النضال السياسي القومي وهو في مرحلة الدراسة الجامعية الأولى ..، كما اشترك وخطط لمؤتمرات ثقافية وآثارية عديدة وخاصة في منتصف الستينات من القرن الماضي، تعرض الدكتور الوائلي للاعتقال مرات عديدة في تاريخه وخاصة في العهد الملكي، طبع من كتبه (من أدب العراق القديم) طبعتين في بغداد الأولى سنة 1964 والثانية سنة 1967، كما أن له كتاب (آثار العراق ومشاريع الري) طبعه في القاهرة سنة 1965 وله أيضا (الكاشيون في العراق) ولم يظهر عليه تاريخ النشر، قام الوائلي بترجمة ملحمة كالكامش من النص البابلي وقارن الترجمة بثلاث ترجمات في اللغة الإنكليزية وقد ترك هذا النص مخطوطا .. وكانت ترجمة فريدة ورائدة وأصيلة، كما ترجم كتاب(السومريون: تاريخهم وحضارتهم وخصائصهم)، تأليف عالم السومريات المعروف صموئيل نوح كريمر، وقد طبعته دار غريب للطباعة في القاهرة سنة 1973، ومن دراساته المنشورة: تاريخ العراق القديم في النصوص الآشورية 853 ـ630 ق.م : الذكرى والتاريخ، 1978، إعادة النظر في (دراسة ليس وفالكون) تأليف كيرتس أي لارسين، وقد نشرته مجلة الآداب والتربية، الكويت 19 توفى عام 1982.
الدكتور تقي الدين الدباغ (1925-2009م): عالم آثاري، ولد في مدينة العمارة عام 1925، دخل دار المعلمين العالية ببغداد وتخرج فيها عام1949)، وبعد تخرجه عمل بالتدريس في عدد من المدارس المتوسطة والثانوية ثم حاز على بعثة علمية خصصتها وزارة المعارف)وسافر إلى الولايات المتحدة الأميركية وحصل على الماجستير عام 1956 والدكتوراه عام 1958من جامعة (هارفار)، تولى عدة مسؤوليات قبل أن يحال إلى التقاعد منها رئيس قسم الآثار في كلية الآداب بجامعة بغداد، ولأكثر من 10 سنوات ثم أصبح عميدا لكلية الآداب فنائبا لرئيس جامعة بغداد وأمينا عاما لمجلسها، اسهم مع زملائه من الأساتذة البارزين في وضع وترصين أسس المدرسة التاريخية والاثارية العراقية وهو عضو في جمعية التاريخ والآثار العراقية، ومن آثاره (مقدمة في علم الآثار)، و (علم المتاحف)، و (آلهة فوق الأرض) وهو دراسة مقارنة بين المعتقدات الدينية القديمة في الشرق الأدنى واليونان، أسهم الدكتور الدباغ في تحرير موسوعات عديدة منها (موسوعة العراق في التاريخ) و (موسوعة حضارة العراق )التي طبعت بدار الحرية ببغداد (13 )مجلدا بعدد من البحوث منها بحوثه عن :(البيئة الطبيعية والإنسان) في العراق ،و(الآلات الحجرية) و(الثورة الزراعية والقرى الأولى) و(الفخار في عصور ماقبل التاريخ)، كما أسهم في تحرير(موسوعة الموصل الحضارية) التي أصدرتها جامعة الموصل ب(5) مجلدات سنة 1991 منها بحوثه عن (منطقة الموصل القديمة من القرية إلى المدينة) ، و (الزراعة في عصور ماقبل التاريخ)، توفى عام 2009.
الدكتور سامي سعيد الأحمد (1930_2006م) عالم اثار واستاذ ومؤرخ، من رواد دراسة تاريخ العراق القديم: ولد عام 1930 في مدينة الحلة، وفيها تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي، ونشأ في بيت يرعى الأدب والعلم، تخرج من الثانوية عام (1948م)، في عام 1953 حصل على البكالوريوس في التاريخ من جامعة بغداد،، التحق في دار المعلمين العالية وتخرج منها عام (1952م)، بدأ بكتابة مقالات في التاريخ في جريدة (صوت الفرات)، ثم عمل بالتدريس حتى عام (1955م)، وبناء على توصية الأستاذ طه باقر به انتدبته وزارة المعارف لإكمال دراسته في أمريكا، أكمل الأحمد دراسة الماجستير والدكتوراه في عام (1962م) من جامعة ميتشغان بدرجة شرف، وكانت رسالته في الدكتوراه عن موضوع: (جنوب بلاد ما بين النهرين في عهد الملك آشور بانيبال)، عمل للمدة بين 1963-1967 استاذا في جامعة دنفر بالولايات المتحدة الأميركية، ومنح لقب استاذ مساعد فيها، واخذ يحاضر في جامعات مختلفة ونواد ثقافية، وحوارات تلفزيونية \، وكتب في مجلة (ناشيونال جيوكرافك) موضوعين عن (الشبك) و(الإيزيدية)، كما طلبت دار (فيلد) في فلوريدا- وهي واحدة من اشهر دور النشر في العالم - منه نشر مؤلفاته، عاد الأحمد إلى بغداد في عام (1967م) وبدأ رحلته التدريسية في جامعة بغداد لأكثر من 30 عاما، وكان يصطحب طلبته الى الموصل في سفرات علمية الى وادي لالش والى الموصل وسنجار، وكان مهتما بتاريخ اليزيدية، كما كان مهتما بملحمة كلكامش، خلّف الأحمد أكثر من ثلاثين كتاباً مطبوعاً بالعربية والإنكليزية، منها (جنوب العراق في زمن الملك آشور بانيبال)، و(اليزيدية)، و(تاريخ الخليج العربي في أقدم الازمنة)، و(اللغات الجزرية)، و(الإسلام نظريا وعمليا)، و(الأصول الأولى لأفكار الشر والشيطان)، و(السومريون وتراثهم الحضاري)، و(تاريخ فلسطين القديم)، و(تاريخ العراق القديم)، و(آثار بلاد الرافدين)، و (ملحمة كلكامش)، و(تاريخ الشرق القديم)، و(المعتقدات الدينية في العراق القديم)، و(تاريخ الرومان)، كما شارك في عدد من الموسوعات المهمة منها: (موسوعة حضارة العراق)، و(موسوعة العراق في موكب الحضارة)، و(موسوعة المدينة والمدنية في العراق)، إضافة إلى عدد كبير من البحوث الأكاديمية الرصينة في المجلات العراقية، والعربية، والعالمية، كانت لديه مكتبة متخصصة تضم اكثر من الفي كتاب باللغات المختلفة ، توفي عام 2006، كان رائداً في تأسيس مدرسة عراقية متميزة بكتابة التاريخ ولأنه مؤمن بان العراقيين هم أول من أولوا اهتماماً واضحاً بكتابة وتدوين التاريخ.
الدكتور فوزي رشيد البرزنجي (1936-2011) مؤرخ وأثاري واكاديمي، من عمالقة علماء الاثار والمسماريات، حصل عل شهادة بكالوريوس في علم الآثار من كلية الآداب جامعة بغداد عام 1957، حصل على بعثة دراسية في المانيا، انهى دراسة الدكتوراه بأطروحته عن الخط المسماري بجامعة هاد لبرك عام 1966، عاد الى العراق ليعمل أستاذاً جامعياً في قسم التاريخ بجامعة بغداد، شغل منصب مدير المتحف العراقي للفترة من1969-1977، ثم اصبح مديرا للدراسات والبحوث في دائرة الاثار العراقية للفترة من 1977-1987 ثم استاذا في كلية الآداب بجامعة بغداد للفترة ن 1987-1995 ثم غادر العراق ليدرس في الجامعات الليبية والتونسية، توفي في بغداد 2011، من مؤلفاته سرجون الأكدي .. أول امبراطور في العالم، قواعد اللغة الاكدية، قواعد اللغة السومرية، طه باقر- حياته وآثاره، ظواهر حضارية وجمالية من التاريخ القديم، الشرائع العراقية القديمة، السياسة والدين في العراق القديم، علم المتاحف، الفكر عبر التأريخ، الملك حمورابي مجدد وحدة البلاد ، اشور افق السماء، الأمير كوديا، ترام سن ملك الجهات الأربعة، ومن جميل ما كتبه عن ظهور القوانين في هذه البلاد قبل غيرها قائلاً: «لا شيء ظهر أو سيظهر في هذا الكون الفسيح، أو في حياتنا نحن البشر، ما لم يكن له سبب، ولذلك لابد لنا، قبل أن نتحدث عن القوانين العِراقية القديمة، أن نبين أولاً السَّبب المباشر الذي أدى إلى ظهور المجتمع الكبير، ومِن ثم القانون في حياة سكان بلاد وادي الرَّافدين» (القوانين في العِراق القديم)، أما السَّبب المباشر الذي يراه كان وراء ظهور القانون في بلاد العِراق فيحدده بالسَّفينة الشَّراعية، يعتقد أن هذه السَّفينة قد أحدثت انقلاباً كبيراً في الحياة الاقتصادية، وأن باختراع هذه الواسطة توسعت الأسواق وتعددت المواد المتبادلة، ومنها توسع مفهوم الربح والكسب في تبادل مواد ما كانت الحيوانات قادرة على نقلها بين البلدان، فهي واسعة الحجم وقليلة التكاليف وتصل إلى مسافات أبعد، ولما ازداد عدد السُّفن الشِّراعية وتوسعت صناعتها صارت لها موانئ ترسو فيها، وأماكن لتصلحيها، وبهذا تحولت القرية إلى مدينة، بلا شك تحتاج حياة المدينة إلى قوانين تُنظم حياة أهلها وتضبط تبادلهم التِّجاري، وبذلك يكون القانون، مثلما كتب فوزي رشيد، هو «الوليد الذي أنجبته المدينة عند ظهورها ونموها في النِّصف الثَّاني مِن الألف الرَّابع قبل الميلاد، توفي عام 2011.
الدكتور فاضل عبد الواحد (1935-2007): العالم في تاريخ وحضارة وادي الرافدين واستاذ المسماريات، ولد في مدينة البصرة سنة 1936، اكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها، انتقل إلى بغداد ليكمل دراسته الجامعية في كلية الآداب / قسم الآثار عام 1953، بعدها حصل على بعثة دراسية في جامعة “بنسلفانيا”، ودرس على يد العالم الكبير “صمويل كريمر”، فحصل على درجة الماجستير في مادة السومريين وآدابهم عام 1960، كما حصل على الدكتوراه في فلسفة الآثار عام 1963، و نشرت له جامعة بنسلفانيا في العام 1964 كتاب بعنوان رسائل سومرية: مجموعتين من المدارس البابلية القديمة، وعاد بعدها إلى بغداد ليعمل أستاذا في جامعتها، عكف الدكتور فاضل عبد الواحد على تدريس مواد عدة في قسم الآثار، منها تاريخ العراق القديم وحضارته، وتاريخ الشرق القديم، واهم ما قام بتدريسه هو مادة اللغة السومرية، قواعدها وآدابها والادب والحضارة السومرية، كان يتقن اللغة السومرية واللغة الأكدية إتقانا تاما ويتكلمها بطلاقة، ويقرأ بها اللقى والرُّقم الأثرية مباشرة شأنه شأن زميله الرائد في هذا الميدان طه باقر، كان يواظب على دراسة النصوص السومرية المحفوظة في المتحف العراقي تلك التي لم يتعرض لها احد و التي لم نعرف معانيها ابدا فكان ينقب فيها و يقارن ويترجم ليضيف نصوصا جديدة لنتاجنا الأدبي او العلمي القديم معدلا او مكملا لأسطورة هنا و أسطورة هناك، تلك اعطته صفة الإحاطة بما هو معروف و ببعض مما هو ليس معروف عن الحضارة السومرية فأصبح الدكتور فاضل عبدالواحد علي مرجعا بحد ذاته في الحضارة السومرية، ابتكر مصطلح ” الجزيرية والجزيريون” كبديل عقلاني للمصطلح التوراتي الخرافي “السامية والساميون" .
تكمن اهمية الدكتور فاضل عبد الواحد علي في كون اختصاصه في السومريات، و معرفته باللغة السومرية بالإضافة إلى اللغات الأخرى كالأكدية و الآرامية جعلته واحدا من القلائل الذين يجيدون قراءة هذه اللغة بسهولة، ما فعله الدكتور فاضل هو إستغلال هذه الخاصية و توظيفها بالطريق الصحيح لينتج نتاجا تميز به عن غيره، فقد واضب على دراسة النصوص السومرية المحفوظة في المتحف العراقي تلك التي لم يتعرض لها احد و التي لم نعرف معانيها ابدا فكان ينقب فيها و يقارن ويترجم ليضيف نصوصا جديدة لنتاجنا الأدبي او العلمي القديم معدلا او مكملا لأسطورة هنا و أسطورة هناك ناشرا كل ابحاثه و مكتشفاته في كتبه او في اهم المجلات انذاك منها مجلة سومر و أعطاه ذلك صفة الإحاطة بما هو معروف و ببعض مما هو ليس معروف عن الحضارة السومرية فأصبح الدكتور فاضل عبدالواحد علي مرجعا بحد ذاته في الحضارة السومرية، توفى في بغداد 2018.
: خصص جزءاً كبيراً من مؤلفاته تناقش السومريين أصولهم، عاداتهم لاهوتهم و آدابهم و اصدر مجموعة من المؤلفات منها:
عشتار و مأساة تموز، الطوفان في المصادر المسمارية، أداة و تقاليد الشعوب القديمة، من الواح سومر إلى التوراة، سومر أسطورة و ملحمة، العراق في التاريخ 1984 (بالاشتراك مع عدد من المؤرخين العراقيين)، جزئين 1981 (بالاشتراك مع العلامة طه باقر)، له عشرات البحوث والمقالات باللغتين العربية والانكًليزية منشورة في مجلة (سومر) الآثارية، ومجلة كلية الآداب، ومجلة المجمع العلمي العراقي، إضافة إلى العديد من المجلات والدوريات التاريخية العربية والعالمية.
الدكتور طارق مظلوم: الرسام والنحات والآثاري والمؤرخ، ولد في بغداد عام 1933، حصل على شهادة الدكتوراه في علم الاشوريات من جامعة لندن وتحت اشراف السير مالوان، يعد من الجيل الثاني من الآثاريين احب الفنون وفي الاخص الرسم والنحت، تعلق بتاريخ حضارته الرافدينية ومآثر الابطال القدماء الذين أرسوا معالم الحياة وأسسوا اللبنة الاولى للفنون والعلوم بشتى الاتجاهات الامر الذي حدى به ان يختص بدراستهم في قسم الآثار في كلية الآداب، كان المؤرخ طارق مظلوم والمؤرخ بهنام أبو الصوف، من أقرب الزملاء في الكلية، وكان الطلاب يطلقون عليهما (جلجامش) وزميله (أنكيدو)، كانت ملامح بهنام ومواصفاته البدنية والجمالية قريبة الشبه بجلجامش، بينما كانت ملامح زميله طارق أقرب ما تكون لأنكيدو، تمكن طارق مظلوم عندما كان يعمل في مديرية الاثار من اكتشاف بوابة شمس التي أثارت الدهشة والإعجاب بين فريق التنقيب، إذ استطاع ان يحل رموزها بدقة عالية دون أن يعرض المكان المنقب الي تلف أوتشويه ، شارك في معظم معارض الفنانين التشكيليين، و معارض مشتركة خارج وداخل العراق، كما شارك في معارض الواسطي، ومؤتمر الفنانين، وجماعة بغداد، وتصدرت ابحاثه في مجلة سومر التي تصدر باسم مديرية الآثار العراقية، وكتب بحوث عدة عن الفن والآثار في انكلترا وبغداد، وله كتاب عن الازياء الاشورية طبع بلغات عدة، وكتاب آخر عن مدينة نينوى الاثارية، وهو عضو جماعة بغداد للفن الحديث، ان ما سجله الآثاري الفنان العراقي طارق مظلوم من معالم البيئة العراقية والأزياء والعادات والتقاليد في أعماله تعد مصادر مهمة تساعد اليوم على قراءة التاريخ والواقع ولو بشكل قريب في الكثير من الأعمال وبشكل منظور خاصة تلك الأماكن والعمائر أو العادات وإبراز جماليتها التي اندثرت بفعل الزمان أو الانسان وتساهم بشكٍل فعَّال في رفد الباحثين في هذا المجال بمعلومات قد تساعدهم للوقوف على الحقائق التي تسند مسعاهم في البحث العلمي.
الدكتور خالد أحمد حسين محمد الأعظمي، عالم آثاري أستاذ ومؤلف: ولد في بغداد عام 1932واكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها، درس في قسم الآثار كلية الآداب وحصل على شهادة البكلوريوس عام 1955، سافر الى المملكة المتحدة مبتعثا وحصل على شهادة الماجستير من جامعة برمنكهام عام 1967، أعقبها حصوله على الدكتوراه من نفس الجامعة، وكان تخصصه في الاثار القديمة "كتابات مسمارية"، تعين في كلية الآداب عام 1968، عمل في مجال التنقيب والصيانة في مدينة بابل الاثرية، كما ساهم في التنقيب في تل حرمل ومشروع سد حمرين مع البعثات العراقية العاملة هناك، كما عمل في تل الصوان، عمل بكل إخلاص في خدمة البحث الآثاري وتهيئة الكادر العراقي لإكمال مشوار التنقيب و البحوث والاكتشافات الإثارية مع طلبته وكل المهتمين بحقل الاثار، حين تم العثور على مكتبة سبار الاثرية قرب بغداد التي احتوت على اكثر من 200 لوح طيني من قبل الهيئة المنقبة التابعة لجامعة بغداد كلية الآداب قسم الأثار كان الدكتور خالد احد الثلاثة الذين قاموا بقراءة الالواح مع الدكتور فاروق الراوي والدكتور عبد الاله فاضل، يعتبر الاعظمي اسما لامعاً ضمن الأسماء اللامعة من علماء الآشوريات في العالم ، شارك في دورة المتاحف في ألمانيا، وفي الكثير من الإعمال في المتحف العراقي ومتاحف أخرى، كذلك اشرف على إعمال توسيع متحف مدينة بابل الأثرية، عمل الاعظمي كممثل لدائرة الآثار لدى بعثات تنقيبات أجنبية عملت في مواقع الآثار العراقية كالبعثات الدنماركية والألمانية والبريطانية، نشر العديد من البحوث في مجلة سومر ومجلة اراك الصادرة في لندن، كما ان له نتاج ثر في قراءة وتحليل النصوص المسمارية وخاصة رسائل العصر البابلي القديم.
الدكتور بهنام ناصر أبو الصوف ( 1931-2012م) العالم الآثاري الكبير الحافظ لأسرار تاريخ العراق والمتباهي به، ولد في الموصل عام 1931 ونشأ في كنف أسرة أبو الصوف الموصلية المعروفة، التي تسكن محلة باب النبي وهي من إحياء الموصل القديمة وتقع بالقرب من مناطق تاريخية وأثرية، وكانت نشأته في بيئة غنية بآثار الماضي، أكمل دراسته الابتدائية والإعدادية في الموصل، حصل على شهادة بكالوريوس في الآثار والحضارة من كلية الآداب جامعة بغداد عام 1955، أكمل دراسته العليا في إنكلترا وحصل على درجة الدكتوراه في الآثار ونواة الحضارة وعلم الإنسان في خريف عام 1966، يُعد عالم الأثار والمؤرخ العراقي الدكتور بهنام ناصر أبو الصوف من أساطين الجيل الثاني للآثاريين العراقيين المرموقين في المحافل المحلية والعربية والدولية وقد اقتفى خطى اساتذته الكبار من جيل الرواد في مجال الآثار وفي مقدمتهم العلّامة طه باقر والاستاذ فؤاد سفر وآخرين من الذين سعوا حثيثاً من اجل بناء خبرات عراقية للنهوض بقطاع الآثار الناشئ والذي لبث على مدىً طويل موكولاً لمنقبين وإداريين أجانب.
امضى أبو الصوف عمره كله بين التطلع الى الآثار والتنقيب عنها وتأمل اسرارها وقراءة حروفها بكل امانة واخلاص، في عدد من مواقع العراق الأثرية في وسط وشمال العراق، وكان مشرفا علميا على تنقيبات إنقاذية واسعة في حوضي سد حمرين، واسكي الموصل على نهر دجلة في أواخر السبعينات وحتى منتصف عقد الثمانينات من القرن الماضي، كشف عن حضارة جديدة من مطلع العصر الحجري الحديث في وسط العراق في منتصف عقد الستينات منها تل الصوان في سامراء (محافظة صلاح الدين)، والذي يعود إلى العصر الحجري، والتي ألقت الكثير من الضوء على معلوماتنا من تلك الفترة الموغلة في القدم، كما قاد عمله في موقع قينج آغا بالقرب من قلعة أربيل للكشف عن مجموعة واسعة من الأدلة الأثرية من فترة أوروك، حاضر لسنوات مادة “جذور الحضارة والآثار والتاريخ” في جامعتي بغداد والموصل وغيرهما من الجامعات العراقية، وفي معهد التاريخ العربي للدراسات العليا التابع لاتحاد المؤرخين العرب ومقره بغداد، كما أشرف على عدد من الرسائل الجامعية لطلبة عراقيين وعرب.
تبوأ الدكتور ابو الصوف عددا من المناصب العلمية والإدارية في هيئة الآثار والتراث، ومنها مديراُ عاماُ للأثار والمتاحف، شارك في العديد من مؤتمرات الآثار، وفي حلقات دراسية داخل العراق وخارجه، كما دعي لإلقاء محاضرات في جامعات أميركية وأوربية في موضوع آثار العراق وحضارته وعن نتائج تنقيباته، أحيل إلى التقاعد في أواخر الثمانينات، لكنه واصل مسيرته العلمية والتنقيبية داخل العراق وخارجه، ثم غادر العراق عام 2003 ، ورحل مع عائلته ليستقر في الأردن، لكنه لم ينقطع عن دراساته وأبحاثه الخاصة، فسخر وقته كله لتدوين أفكاره التاريخية، والتواصل مع المراكز والمنظمات العلمية العالمية.
نشر بحوثا ودراسات، وتقارير علمية عن نتائج أعماله الميدانية ودراساته المقارنة في مجلات علمية عراقية وأجنبية، وله مؤلفات عديدة منها فخار عصر أوروك: النشأة والانتشار (لغة إنجليزية)، وظل الوادي القديم (لغة عربية)، والعراق: وحدة الأرض والحضارة والإنسان (لغة عربية)، التأريخ وباطن الأرض (لغة عربية)، 30 سنة من العمل الآثاري في العراق (لغة إنكليزية)، كان لكتابه الفريد (ظلال الوادي العريق) الفضل الكبير في تنوير عقول الناس بعراقة وادي الرافدين، توفي في الأردن عام 2012.
لمياء احمد داود الكيلاني النقيب (1931-2019): أثارية وأكاديمية عراقية، الخبيرة في الأختام السومرية، حصلت عل شهادة البكالوريوس في الآثار من كلية الآداب جامعة بغداد عام 1957 بتفوق وعلى شهادة الدكتوراه في الاثار وكان تخصصها في دراسة الأختام الأسطوانية، والأسطح المنقوشة في الحضارة الآشورية والبابلية القديمة من جامعة كامبردج في بريطانيا عام 1966، أول امرأة عراقية درست الآثار في الجامعات الغربية وعملت في المتحف العراقي، الذي كان يديره في تلك الفترة الآثاري فرج بصمجي، الذي كلفها بعمل يحتاج إلى بذل الكثير من الجهد والصبر، فقد تكدست آلاف الأختام الاسطوانية، وقد كلفت الكيلاني بفرزها وتبويبها وتصويرها فوتوغرافيا لغرض أرشفتها، شاركت بأعمال التنقيب في موقع قرب بغداد في تل الضباعي القريب من التل الحمر مما وفر فرصة مناسبة للدكتورة لمياء الكيلاني بالعمل الموقعي خارج المتحف والمديرية، وبذلك كانت أول عراقية تشارك في أعمال التنقيب عن الآثار العراقية، درست في العديد من الجامعات والفت وشاركت في تأليف عددا من الكتب، كما شاركت في مؤتمرات عديدة والقت العديد من المحاضرات عن آثار العراق في مختلف دول العالم، ساعدت في إعادة بناء المتحف العراقي في أعقاب الغزو الأميركي عام 2003، أسهمت بدور كبير في تأهيل المتحف العراقي عندما تعرض للسرقة والنهب، وحث المجتمع الدولي على استعادة الآثار المسروقة، توفيت عام 2019.
الدكتور دوني جورج (1950-2011): ولد في الحبانية التابعة لمحافظة الانبار، درس اولاً الادب الانكليزي والفرنسي في جامعة بغداد، ولكنه تحول الى قسم الاثار ونال شهادة البكالوريوس بدرجة جيد جدا عام 1974، تعين موظفاً في المتحف العراقي وتتلمذ على أيدي الأستاذين فؤاد سفر وبهنام أبو الصوف عام 1976، حصل على الماجستير عام 1986 والدكتوراه عام 1995، مارس عمليات التنقيب عن الاثار في معظم مناطق العراق والتي تشمل نينوى وسد بخمة وسامراء وآشور وأم العقارب في الرفاعي وأور والبصرة والعديد من المناطق الأخرى بالإضافة الى اعمال التوثيق والمسح والصيانة، واصبح مدير عام دائرة الآثار العراقيه عام (2000) بعدها أصبح مدير عام دائرة البحوث والدراسات وفي عام ( 2003 ) اصبح مدير عام المتحف العراقي، كان الدكتور دوني جورج يجيد التحدث باللغات العراقية القديمة، الآشورية والبابلية والأكدية والسومرية، فضلا عن العربية والانجليزية، كان الصوت الناطق باسم المتحف العراقي في جميع المحافل الدولية والتجمعات أثناء الحصار، له عدة بحوث ودراسات في مجال اختصاصه منها : (المخازن القديمة في بلاد مابين النهرين ) 1985، (الأمثال القديمة في بلاد مابين النهرين)1994، (الهندسة المعمارية في القرن ق. م في تل الصوان ) 1997 وغيرها.
عمل لحماية الآثار العراقية أثناء احتلال عام 2003 ، وكان له الفضل باستعادة بعض الآثار المسروقة ، حيث نادى بتحريم بيع تلك الآثار في المزادات العالمية كمقتنيات شخصية ودأب على إعادة بناء المتحف العراقي كما اشتهر بكونه أحد أشهر الآثاريين العراقيين في فترة مع بعد الحرب حيث ألقى العديد من المحاضرات في عدد من الجامعات حول العالم.
غادر العراق في آب سنة 2006م نتيجة الضغوطات الكبيرة التي تعرض لها في عمله وحياته الشخصية، وعمل مدرسا في جامعة ستوني بروك بنيويورك، اتخذ من مدينة ( نيويورك ) منطلقا لحملاته، التي كشف فيها زيف الادعاءات الامريكية حول الاثار، فكانت قاعات جامعة ( ستوني بروك ) الأمريكية هي المنبر الذي وقف فوق منصته، ليشرح للطلاب تفاصيل أكبر سرقة تاريخية لأقدم الحضارات في الكون، واستمر هناك في بذل جهوده من اجل كشف ملابسات سرقة الارشيف اليهودي العراقي و الآثار التي نهبت من المتحف الوطني في بغداد، والتي كانت أغلبيتها تعود إلى الفترة الممتدة الى 6000 سنة من اثار الامبراطوريات القديمة من الإمبراطورية الآشورية، والبابلية والاكادية، وعندما كان في طريقه من امريكا الى كندا لإلقاء محاضرة في جامعة تورنتو عن الدوافع والاسباب الكامنة وراء سرقة الاثار العراقية، توفي في ظروف غامضة يوم 11/3/2011، بعد وصوله مطار تورنتو بلحظات!، واعلنت السلطات الكندية أن وفاته كانت اثر جلطة قلبية!، فطمرت بموته أخطر الأسرار، وانطوت معه صفحة مشرقة من تاريخ العراق القديم، وأسدلت برحيله الستارة على حياة شاهد لواحدة من اكبر عمليات السطو المبرمج على المواقع الاثرية العراقية.
لدائرة الآثار تاريخ طويل أرتبط مع نشأة الدولة العراقية الحديثة، وعند تأسيسها أتُخذ من أحدى الرموز السومرية الجميلة والمُعبّرة التي تعود الى أواسط الألف الثالث قبل الميلاد، ليكون شعاراً لها، ألا وهو كأس الماء الفوارة المقدسة التي تحملها يد الإله الحكيم، إله الأرض والمياه "أينكي"، تتدفق منها بغزارة ينابيع نهري دجلة والفرات رمزا الحياة الخالدة، ولايزال هذا الشعار مُعتمداً للمؤسسة حتى اليوم، وخلال هذ التاريخ الطويل من عمر المؤسسة الآثارية العراقية، تولى إدارتها العديد من الشخصيات، مع الأخذ بنظر الاعتبار أنه منذ تأسيسها عام 1920 وحتى عام 1934، كان يُشرف عليها خبراء وعلماء آثار أجانب.. ، والذين تولوا تلك المسؤولية الكبيرة وأخذوا على عاتقهم مهمة تطوير علم الآثار ليس فقط في الجانب العلمي وحسب بل وفي الجانب الإداري وهم:
المس بيل 1920-1926، ر.س. كوك 1926_1929، سيدني سميث 1929_1931، ستين كليوس كوردن 1931-1934، الأستاذ ساطع الحصري 1934-1941، سيتن لويد 1941 (وكالة)، الاستاذ حسين عوني عطا 1941، الأستاذ يوسف غنيمة 1941-1944، الدكتور ناجي الأصيل 1944-1958، الاستاذ فؤاد سفر 1958 (وكالة)، الأستاذ طه باقر 1958_1963، الأستاذ أكرم شكري 1963 (وكالة)، الدكتور فيصل الوائلي 1963_1968، الدكتور عيسى سلمان 1968_1977، الدكتور مؤيد سعيد 1977_1998، الأستاذ ربيع محمد القيسي 1998 (وكالة).
كما تعاقب على إدارة المتحف العراقي منذ تأسيسه إلى عام 2005 العديد من علماء الآثار والمدراء ومنهم:
المس غير ترود بيل (1924-1926)، ر.سكوك (1926-1929)، سيدني سميث (1929-1931)، جوليوس جوردن (1931-1934)، ساطع الحصري (1934-1941)، طه باقر (1941-1951)، فؤآد سفر (1951-1953)، فرج بصمجي (1953-1963)، فوزي رشيد (1968-1978)، صبحي أنور رشيد 1978، عبد القادر حسن، بهيجة خليل (1983-1989)، صباح جاسم الشمري، منير يوسف، هناء عبد الخالق، نوال المتولي، دوني شمعون.
من أشد النكبات التي مرت على بلاد الرافدين، كانت عندما ألقى التتار كتب العلم والعلماء في نهر دجلة ببغداد سنة 656، حتى جاء الغزو الأميركي للعراق في عام 2003 حيث عاثوا فيها خرابا، وما تبعها من تدهور الاوضاع الداخلية في معظم المدن العراقية، وما تسبب من ّ جراء ذلك بانفلات أمني واضح وغياب لسلطة القانون، وكان أكثرها فداحة ما تعرض له المتحف الوطني العراقي وخزائنه على مدى ثلاثة أيام متتالية من نهب يراد به سرقة ومحو اثار العراق واعدام تأريخه،، فقد سرقت منه عشرات آلاف القطع التي تعود لحضاراته العريقة، ، كما تعرضت للنهب والسرقة متاحف ومخازن مثل متحف الموصل ومتحف بابل والبصرة، وتعرضت كذلك التلال الأثرية والمواقع في كل أنحاء العراق إلى أعمال النبش والحفر، كذلك اتخذت العديد من المناطق الأثرية كقواعد عسكرية لقوى الاحتلال، وأصبحت سرقة ونهب الآثار العراقية من المتاحف فضيحة دولية كبرى وفاجعة أثرت في العالم أجمع.
وتحدثت التقارير الرسمية عن سرقة نحو (170.000) قطعة أثرية من العراق بين عامي 2003 و2017، في الموصل للفترة 2014-2017، هوت مطارق وأدوات حفر تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" تخريباً وتدميراً على معالم اثرية على مدى عامين وعلى خزائن مكتبة أشور بانيبال، كما هوت مطارقهم بنفس الطريقة على قِطَعا" ومجسمات أثرية يعود بعضها للقرن الـ8 قبل الميلاد، ولم يكتفوا بذلك بل قاموا بسرقة مقتنيات متحف نينوى بمدينة الموصل، والمواقع الأثرية في المناطق التي سيطر عليها بعد عام 2014، فيما تعرضت كذلك مناطق أثرية في نينوى إلى شبه دمار كامل بسبب العمليات العسكرية، اليس ما حدث هو اعدام في حق حضارات بلاد الرافدين!؟.
امنت القوات الأمريكية، منذ عام 2003 حتى مغادرتها عام 2011، الحماية لفرق اسرائيلية للتنقيب في المواقع الأثرية العراقية، خصوصاً في بابل، وينقل عن مسؤول سابق بالمتحف الوطني قوله إن عصابات منظمة بعضها من بلد عربي مجاور، اقتحمت المتحف على مدى ثلاثة ايام تحت اعين القوات الاميركية التي كانت تتفرج على ما يجري، لافتا إلى ان المقتحمين كانوا على دراية بخبايا المتحف وقاعاته وبموقع مخازن الآثار التي كانت قيد التحقيق والتسجيل، أن قسما من هذه الآثار سُرق من المتحف الوطني، والقسم الآخر عبر النبش اللاقنوني لمافيات الآثار في المواقع الأثرية ابان الانفلات الأمني.
كشف سليم مطر، مؤلف كتاب "تاريخ العراق أرض وشعب ودولة"، عن قيام وحدة المهمات الخاصة "ألفا" الأميركية، في 6 أيار مايو 2003 باقتحام قبو سري في مبنى المخابرات العراقية وسط العاصمة بغداد، وعثرت على 200 صندوق من الأرشيف الرسمي العراقي، الذي يشمل ثلاثة أنواع، منها وثائق أمنية والثاني لارشيف حزب البعث، والثالث للأرشيف اليهودي، وكشف خبراء آثار أن الأرشيف اليهودي العراقي يحتوي على قرابة 3 آلاف وثيقة و1700 تحفة نادرة توثق للعهود التي سبي خلالها اليهود في العراق وهما السبي البابلي الأول والسبي البابلي الثاني، إضافة إلى آثار يهود العراق الموجودين أصلا في هذه الأراضي آنذاك، كما يحتوي الأرشيف اقدم نسخة للتلمود البابلي واقدم نسخة من التوراة ومخطوطات أخرى.
كنز نمرود: أن التنقيبات عن كنز نمرود بدأت العام 1988 في القصر الشمالي الغربي في منطقة نمرود التي تبعد 37 كيلومترا شمال الموصل، وأن أعمال التنقيب انتهت في العام 1992، وهي مجموعة من اربع مقابر تعود إلى ملكات الإمبِراطورية الآشورية الحَديثة، احتوت هذه المقابر على أروع كنوز المقابر الملكية، بما في ذلك عدد كبير من المُجوهرات الفاخرة والقُطع الذهبية، وعن قصة كنز نمرود الأسطوري، قال عالم الآثار العراقي بهنام أبو الصوف للجزيرة نت إن الكنز يتكون من حوالي 45 كيلوغراما من المصوغات الذهبية ومجموعة من القطع الأثرية النادرة، وكشف أن المصوغات الذهبية تعود إلى ملكتين آشوريتين وأنها دفنت بعد موتهما في قبريهما بالقصر الشمالي الغربي للملك آشور ناصربال الثاني في نمرود، ويشير أبو الصوف إلى أن مهندسين شبابا من دائرة آثار الموصل، اكتشفوا هذا الكنز خلال عمليات حفر في نمرود العام 1988 أثناء ترميم لغرف القصر الشمالي، وكشف أنه تم نقل المصوغات الذهبية إلى البنك المركزي العراقي وحفظت هناك في خزينة خاصة، أما القطع الأثرية النادرة، فقد نقلت إلى أحد ملاجئ بغداد، وبخصوص المعلومات التي تتحدث عن سرقة كنز نمرود من قبل القوات الأميركية، أكد خبير الآثار العراقي أن تقارير لإذاعات عالمية ذكرت أن الأميركيين نقلوه إلى أميركا، وأضاف أبو الصوف أن خبراء الآثار والمختصين لم يطلعوا على المكان الذي تقول السلطات الحكومية إنه محفوظ فيه.
اعيد افتتاح المتحف الوطني في بغداد سنة 2015، بعد نحو 12 عاما من تعرضه للنهب والتخريب خلال الفوضى التي عاشها العراق بعد غزوه بقيادة الولايات المتحدة عام 2003، وبالرغم من استعادة العراق عددا من القطع الاثرية المنهوبة فلا يزال الكثير من القطع الأخرى مفقودا، وهكذا تمضي السنين واستعادة القطع الأثرية المسروقة تبدوا مستحيلة، كما لا تزال المواقع الاثارية تتعرض باستمرار لعمليات الحفر العشوائي من قبل مافيات مرتبطة بجهات متنفذة وبحماية المليشيات لاستخراج تهريب وبيع الاثار، وسط تلاشي مؤسسات الدولة وغياب أي رادع قانوني أو حتى أخلاقي يوقف تلك المافيات، ومع ذلك فهذا لا ينفي وجود قامات من الآثاريين والمنقبين نظيفين ومخلصين ومحبين لبلدهم وتأريخه الحضاري، بان يحذون حذو من سبقوهم من العلماء وباحثي الاثار والمنقبين الذين ذكرناهم في مقالتنا في السعي في ما سيستخرج من آثار من تلك المواقع، ومما يكتشف من مواقع جديدة، وفي خلاف ذلك فان جزءا مهما من تاريخ العراق قد فقد الى غير رجعة، ولن تنجح المبادرات الخيرة الصغيرة في اعادته، ويبقى الامل مستقبلا استخراج الاثار التي ما زالت محفوظة تحت الأرض، فالمحافظة على الآثار يعني المحافظة على التاريخ؛ ومن الله التوفيق.

للراغبين الأطلاع على الجزء الأول:

https://www.algardenia.com/maqalat/65220-2024-10-15-17-00-03.html

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

860 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع