إلى أين تسير أوطاننا؟

                                     

                            زينب حفني

كنتُ وما زلت أعشق أغنية "وطني حبيبي الوطن الأكبر" الذي قام بتلحينها الموسيقار محمد عبد الوهاب، وأدّاها أهم المطربين بذلك الوقت. وما زلتُ أحتفظ بالأغاني الوطنية للفنان عبد الحليم حافظ، وورث منّي أبنائي حب فنّه، ويُرددون معي أغنيته الجميلة التي حققت شهرة واسعة (بحلف بسماها وبترابها..إلخ). كانت القومية العربية على أيامي قد لفظت أنفاسها وأصبحت في خبر كان، لكن ظل لها مؤيدوها الذين تمسكوا بها رغم هزيمة 1967 التي كسرت شوكة العرب.

أتذكّر في صغري كانت إدارة مدرستي تًحثنا في طابور الصباح على التبرّع بريال واحد شهريّاً لدعم منظمة التحرير الفلسطينية، وكان التعاطف مع القضية الفلسطينية في أوجه، لم تكن هناك أسرة سعودية تبخل في تقديم ولو دعم مالي بسيط للفلسطينيين، كي يستردوا أرضهم ويستمروا في نضالهم المسلح.

قد يسألني البعض لماذا هذه المقدمة؟! هل هي رغبة في اجترار الذكريات، أم لتوضح بعض الأمور التي غابت عن جيل اليوم؟! الحقيقة ما دفعني لتقليب صفحات الماضي، أن أشارك قرّائي حلاوة الماضي الذي كان يحيا فيه جيلي، وكيف استطاعت بعض الأنظمة العربية بخلافاتها، ومن أجل مصالحها الدولية، خلق انشقاق وفرقة بين الشعوب العربية!

عندما وقع ما وقع من انقسام منذ سنوات داخل البيت الفلسطيني، لم أتعاطف مع حركة "حماس" لإيماني بأن دورها ينحصر في النضال المسلح، ولأن السياسة لعبة قذرة، تُجرّد أصحابها من مبادئهم من أجل حصد المناصب والجلوس على الكراسي! ورغم مآخذي على منظمة التحرير الفلسطينية، فإنها في رأيي تُعتبر الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني!

وأنا أتابع ما يحدث حاليا في مصر وفي سيناء تحديدا، يجعلني أتساءل في حيرة، لماذا تُصرُّ "حماس" على زعزعة أمن مصر وهي الدولة التي قدّمت للقضية الفلسطينية على مدى ستة عقود خيرة شبابها؟! للأسف ما زال البعض يعتقد بأن كل العمليات التي تورطت فيها "حماس" بسيناء، هي من تدبير الجيش كي يشوه صورتها، وهو تفكير ساذج، لأن كل الأدلة تم نشرها بالصوت والصورة! وما يحزُّ في نفسي، كيف لطّخت "حماس" يديها بدماء الشعب المصري، وتسعى لنزع أرض مصرية، وهي التي عانت الأمرين من سرقة أرضها! حركة كانت تحظى بشعبية كبيرة ثم قررت فجأة أن توجه سلاحها لدولة قدّمت لها يوماً الغالي والنفيس!

ما يجري من قلاقل واضطرابات في العديد من بلداننا العربية يجعلني أتوجّس من المستقبل! وأشعر بالألم يعتصر قلبي وأنا أقرأ عمّا يجري في ليبيا حالياً من سيطرة المليشيات المسلحة على المدن وضياع الأمن فيها. أحس بالأسى وأنا أتابع ما يجري في العراق الذي كان بلد العلماء والتي كان لا يُوجد فيه أمّي واحد، وما يحدث حالياً من دمار وحصد لأرواح الناس على مدى أكثر من عشرة سنوات! أتوجّس من المخطط الذي يتم التحضير له لخلق عراق جديد في سوريا ومن بعدها مصر! ألا يستوجب ما يجري في أوطاننا العربية، أن نقف وقفة حازمة في وجه كل من يحاول المساس بأمن وسلامة أوطاننا.

كثيرون يخلطون الأوراق! لكن يجب التفريق بين الشعب الفلسطيني الذي يُقدّر وقفة الدول العربية بجانبه كل هذه السنوات، وبين حركة "حماس" التي ارتكبت أخطاء جسيمة لزعزعة أمن مصر! ولكن ربما تكون هذه الحوادث الأليمة التي تقع في بلداننا أبواق إنذار، بوجوب أن نتكاتف وأن نتضامن من جديد، وأن عروبتنا هي الدرع الوقي التي ستحمينا من المخططات التي تُدار من حولنا لتقسيم أراضينا! لا بديل عن الأوطان مهما كانت المغريات.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

862 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع