بقلم/صديق المجلة ـ بغداد
العراق والكويت حقوق مغتصبه منذ عشرات السنين/الجزء الرابع
اسباب حرب الخليج الثانيه
لازلنا في موضوع الاسباب التي ادت الى غزو الكويت وماتبعها من حرب سميت حرب الخليج الثانيه التي قادتها الولايات المتحده الامريكيه ومعها اكثر من 32 دوله تحت رعاية الامم المتحده والهدف هو ( تحرير الكويت ) .
اعدام الجاسوس بازوف
في منتصف ايلول عام 1989 حدث انفجار كبير في منشأة القعقاع الواقعه جنوب بغداد وهي احدى تشكيلات هيئة التصنيع العسكري والمعنيه بالمتفجرات واسلوب خلطها وتعبئتها والسبب الذي ادى الى الانفجار كان سوء خزن المواد بصوره غير نظاميه وبدون توفر شروط الخزن النظاميه وقد كنت احد اعضاء فريق التحقيق في الحادث وقد استغلت وسائل الاعلام الغربيه وخاصة الامريكيه بتهويل الموضوع واعتبرت ان المنشأة هي لتصنيع اسلحه كيماويه وان الانفجار تسبب بمقتل 700 شخص واصابة الالاف وهذا غير صحيح اطلاقا وفي نفس الوقت قامت بريطانيا بتوجيه احد جواسيسها بالتقرب من المنشأة لمعرفة ما حصل بالضبط وقد ضبط متلبسا بعملية تصوير منشآت محظور التصوير فيها وهناك اكثر من يافطه تشير بذلك وقد اعترف بازوف بذلك وهوبريطاني من اصل ايراني وقد صدر الحكم باعدامه ونفذ به بالرغم من الاصوات الكثيره التي كانت تطالب بعدم الاعدام ومنها محادثة وزير خارجية الاردن مروان القاسم مع وزير خارجية العراق طارق عزيز حيث قال ( من الخطأ الفادح اعدام بازوف لان ذلك سوف يتيح للصحافه ان تستغل القضيه وتشوه سمعة العراق ) وكان جواب طارق عزيز هو ( يجب ان يعدم لانه اذا لم يعدم فان العراق سيكون فيه 1000 جاسوس ) ..
اتخذت الحكومات الغربيه من موضوع بازوف حجه لشن حمله شعواء ضد النظام في العراق وبدأت عملية تأليف القصص الهوليوديه في مجال الصناعات الحربيه وربطت ذلك بقضية الصواعق في مطار هيثرو وان العراق قادر على انتاج قنبله نوويه في غضون سنه الى سنتين .
كان صدام حسين يعتبر العراق قلعه حصينه مغلقه بامكانها الوقوف امام العالم اجمع ولذلك كان يتصرف من منطق القوه المبالغ بها والغير مطلوبه في السياسه الدوليه .
خطاب الرعب لاسرائيل
في الثاني من نيسان 1990 تحدث صدام حسين امام جمع من الضباط الذي دأب الالتقاء بهم بين الحين والاخر وقال ان العراق يتعرض الى مؤامره تهدف الى ايقاف عجلة تقدمه العلمي والصناعي وتعرض الى التقدم في مجال الاسلحه الكيماويه وهنا حذر اسرائيل من مغبة التفكير بالاعتداء على العراق وان عراق اليوم ليس عراق 1981 واذا ما فكرت اسرائيل بتوجيه ضربه الى العراق والذين يهددوننا بالقنبله النوويه فأن العراق سوف يحرق نصف اسرائيل بالكيمياوي المزدوج .. علما ان اسرائيل كانت قد هددت العراق عدة مرات بضرب منشآته الصناعيه ومفاعلاته .
لقد وقع الخطاب وقع الصاعقه في مكاتب وزارة الخارجيه الامريكيه واستنفرت كل المكاتب المعنيه بدراسة وتقييم الموضوع ولم تكن اسرائيل بحال افضل بل انها عاشت اسوأ اسبوع بعد الازمه التي حصلت لها في حرب تشرين عام 1973 وقدمت وزارة الخارجيه الامريكيه مقترحا بايقاف المساعدات الممنوحه للعراق وكان رد فعل جورج بوش الاب غير ذي اهميه سوى قوله بان التهديد بالاسلحه الكيماويه مرفوض وعلى العراق ان يتخلى عن ذلك .
حاول بعض السياسيين الامريكان فرض عقوبات على العراق ولكن لم يتم الاتفاق عليها وبعد خطاب صدام حسين باسبوع تقريبا زار العراق خمسة من اعضاء الكونكرس برآسة روبرت دول المرشح الرئاسي وزعيم كتلة الجمهوريين في الكونكرس وتم اللقاء مع الرئيس صدام في مدينة الموصل وبدأ الحديث احد اشخاص الوفد قائلا ( اننا اذا كنا نؤمن بالدور الاساسي للعراق في الشرق الاوسط الا ان سعيكم الى الاسلحه الكيماويه والبايولوجيه لابد وان يعرض بلدكم الى مخاطر جمه بدلا من تأمين الحمايه له وان مبادرات كهذه تهدد بلدان اخرى في الشرق الاوسط وتثير الاضطرابات وان تصريحاتكم الاخيره التي تهدد بضرب اسرائيل بالسلاح الكيماوي احدث صدمه قويه في العالم اجمع ومن الاجدى لكم وللسلام في الشرق الاوسط ان تتراجعوا عن برامج ومشاريع شديدة الخطوره وعن تصريحات ومواقف مشبعه بالاستفزاز ) ..
كان صدام يقرأ الرساله ببرود قاتل ولم يتأثر اطلاقا ورد بلهجة وديه وقال ولكن العراق يتعرض الى حمله واسعه ومنسقه من قبل الولايات المتحده الامريكيه ؟ اجاب رئيس الوفد ( روبرت دول ) في جميع الاحوال ليس جورج بوش مصدر هذه الحمله وقد قال لنا البارحه انه لايؤيدها ..
واعاد روبرت دول الى الاذهان ان امريكا ادانت اسرائيل لقيامها بضرب المفاعل النووي العراقي ..
فرد صدام قائلا ..نعم ادنتموها ولكن التقارير التي لدينا تشير ان الادارة الامريكيه كانت على علم بالهجوم مسبقا ؟
وهنا تدخل السيناتور الجمهوري آلان سيمبسون قائلا ان مشكلتكم ليس مع الادارة الامريكيه بل مع الصحافه الامريكيه المتعجرفه والمدعيه وتدخل هنا روبرت دول قائلا لقد تمت معاقبة معد البرنامج في
صوت اميركا واردف قائلا اننا قبل 12 ساعه صرح لنا الرئيس بوش انه سوف يقف ضد اي عقوبات ضد العراق حتى لو اضطر لاستخدام الفيتو الا في حالة حدوث استفزاز من جانب العراق .
وهنا تدخلت السفيره الامريكيه ابريل كلاسبي قائلة ياسيادة الرئيس اني كسفيره للولايات المتحده الامريكيه استطيع ان اؤكد ان هذه هي السياسه الامريكيه الحقيقيه للولايات المتحده الامريكيه ..
يبدو ان السياسه الامريكيه كانت متردده بين حالتين فيما يتعلق بالعراق ولذلك نرى ازدواجية التصريحات وردود الافعال والتراجع المستمر في التصريحات والقرارات وهذا ما شخصته القياده العراقيه بوقت مبكر منذ عام 1988 .
استقبل الرئيس بوش الوفد العائد من العراق واستمع باهتمام بالغ لما قدمه روبرت دول الذي قال بالنص ( ان صدام حسين هو القائد النموذج الذي يمكن الاستفاده منه وتوجيهه اذا ارادت الولايات المتحده ذلك ) وقد حضر الاجتماع رئيس مجلس الامن القومي ( برنت سكوكروفت ) وقد تبنى سكوكروفت وجهة نظر دول واعتبر ان النظام العراقي دعامة توازن في الشرق الاوسط ..
بعد ذلك بدأ الموقف الامريكي بالتغير حيث ارسل جورج بوش رساله الى صدام يهنئه فيها بحلول شهر رمضان ومن جهه اخرى غير جون كيلي رأيه وطلب عدم اللجوء الى العقوبات لانها ستكون عقوبات على المصدرين الامريكان وكان الموقف الرسمي للادارة الامريكيه هو ( ليس مطروحا في الوقت الحاضر اتخاذ اي موقف حازم تجاه العراق ) وكان ذلك بناءا على نصيحه من حسني مبارك اثناء اللقاء في موسكو مع جيمس بيكر .
في اوائل شهر مايس 1990 ورد الى الاداره الامريكيه تقريران الاول من اسرائيل تقول فيه ( ان من المتوقع ان يشن العراق هجوما شاملا على اسرائيل خلال اسبوعين ) ولم تأ خذهالدوائر الامريكيه بجديه لان المعلومات المتيسرة عن العراق ان الامور طبيعيه ولايوجد مؤشر لاي عمل عسكري مقبل ,,
والتقرير الثاني كان من وكالة الاستخبارات المركزيه الامريكيه تقول فيه ( ان احتمال هجوم عراقي على الكويت اصبح وشيكا جدا ) .اثارت هذه التقارير التشاؤم لدى الاداره الامريكيه ولكنها لم تغير شيئا من السياسه العامه .
بعد ايام قليله وصل وفد اسرائيلي رفيع المستوى الى واشنطن يحمل تحليلات تقول ان صدام حسين من شهر شباط ولغاية الان ازداد تصلبا وطلب رحيل السفن الامريكيه من الخليج واستخدام النفط كسلاح واستخدام السلاح الكيمياوي ضد اسرائل ويعمل على تقوية الجيش ,, ولكن هذه التحليلات لم تؤخذ بنظر الاعتبار ولم تشاطرها الولايات المتحده الامريكيه الرأي .
مؤتمر القمه العربي في بغداد
قبل اسبوع واحد من انعقاد مؤتمر القمه العربي في بغداد قام احد الاسرائيلين بقتل سبعة فلسطينيين عزل ولم تنفع الادانات والتنديد وكانت هذه بمثابة عود الثقاب الذي غير مجرى الحديث في المؤتمر الذي عقد في 28 ايار 1990 وحضره 21 زعيم عربي لمناقشة موضوعين هما تدفق اليهود السوفيت الى اسرائيل والثاني دعم العراق في مواجهة اسرائيل وقد برز صدام حسين لاول مره كزعيم عربي بعد عبد الناصر منذ عام 1970 .. وعند الانتهاء من افتتاح الجلسه الاولى فاجأ صدام الجميع بجعل الجلسة سريه وبدون اي شخص اخر غير الزعماء وحاول الملك فهد الاعتراض ولكنه لم يحظى بتأييد الاخرين وتحولت الجلسه الى سريه عندما قال صدام ( يجب ان لايسمعنا احد مما سنقوله بعضنا لبعض ) .كان صدام اول المتحدثين ولم يتطرق الى اسرائيل وتهديداتها كما كان متوقع ولكنه قال وبغضب وهو يضرب بيده على الطاوله مهاجما دول الخليج قائلا ( انكم تستخرجون البترول بكميات اكثر من المطلوب لكي تنخفض اسعاره ان انخفاض دولار واحد للبرميل يعني خسارة العراق لمليار دولار سنويا ,, انكم تخوضون حربا اقتصاديه حقيقيه ضد العراق )!! لقد حاول الشيخ زايد الدفاع عن الموضوع الا انه تبين لايحسن الخطابه وجلس صامتا فرد صدام قائلا ( اشكر الامارات على مواقفها الايجابيه تجاهنا واحذركم باننا لاننسى السلاح والعتاد الذي شحن من دبي الى الموانىء الايرانيه خلال الحرب وسيكون لذلك حسابا عسيرا .. ثم تطرق الى امثله من التراث العربي وطالب مساعده للاردن ومنظمة التحرير ومن ثم تحول الى الشيخ جابر امير دولة الكويت وهو يقول ,,
حسب اتفاقات اوبك فأن الكويت يجب ان لاتتجاوز حصتها وهي,1,5 مليون برميل بينما الكويت يصدر 2,1 مليون برميل وان العراق بحاجه الى 10 مليار دولار والى الغاء ديون الحرب للسعوديه والامارات والكويت والى 30 مليار لكي يعود العراق الى اقتصاده في عام 1980 ان العدوان على شعب وبلد ليس بالاسلحه والطائرات ولكنه بالاقتصاد واغراق السوق بالنفط وتكبيد الاشقاء خسائر لايمكن السكوت عليها . ران صمت رهيب حتى قال الملك حسين ( لايجب ان يحدث ذلك مع العراق الشقيق )..
تحدث ملك السعوديه وامير الكويت ولم يكن كلامهم سوى عموميات لم تصل الى جوهر المشكله وبان على امير الكويت انه ينظر للموضوع باحتقار وبدون اهتمام ..
لقد كان الكويتيون ينظرون الى انفسهم على انهم ( سويسرا الشرق الاوسط ) بينما ينظر اليهم العراقيون على انهم لايتعدون ( بئر نفط اقيمت عليه دوله ) والعراقيون يستحضرون الاف السنين من الحضاره والتاريخ والسياسه وكان امير الكويت مخطأ في نظرته هذه الى العراق وشعب العراق ..
لقد كانت التحليلات والاحاديث في الاروقه والغرف تدور حول العراق والضائقه التي هو فيها والحل الذي سوف يلجأ اليه العراق ولم يكن هناك غير (( احتلال الكويت )) ..
الى هنا نستودعكم على امل اللقاء بكم مع الجزء الخامس ...مع سلامي لكم
صديق المجله / بغداد
للراغبين الأطلاع على الجزء الثالث النقر على الرابط أدناه:
http://www.algardenia.com/maqalat/6475-2013-09-20-16-20-13.html
1148 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع