وزير بباب الفيس بوك

                                          

                               علي السوداني

وها أنا أُخيّمُ مدقوقاً عند عتبة المائة يوم ، من زمن استعمالي صفحة فيس بوك ، والبعض يرسمها مربوطة كما لو أنها مفردة واحدة .

ألخسارات النفسية قليلة ، والصداقات العتيقة المعتقة ، حافظت على حميميتها ، حتى مع الربع الذين ينفرون من معتقدك الراسخ المسند المبين ، بأنّ الأمريكان إذا دخلوا بلاداً أفسدوها . عند خاصرة الأسبوع البائد ، رشّحتني مريم عطية ، لكرسي وزير ثقافة ببغداد العباسية البعيدة . دغدغتني الفكرة أوّل مرة ، لكنّ هذه الدغدغة المباغتة ، لم تتواصل إلّا على مقدار ليلة واحدة ، حتى صارت مثل امرأة شهيّة متمنّعة ، تلتقيها عصريّةً رطبة ، بمقهى جفرا المدهشة ، وتهديها كتاب المكاتيب ، فتشعر بسعادة قوية كما قشعريرة أول حبّ ، وتتمادى في امتنانها ، فتصليك بضحكة واسعة ، فينرسم فوق سنّها الكبير ، منظر ورقة كرفس بائتة ، ويفحّ من جوفها ، عطرُ ثومٍ عظيم . طززتُ بالكرسي الثمين ، وكتبتُ مع المعلّقين : مريومة عزيزتي ، أعزائي أجمعين : شكراً جداً لهذا المساء الجميل ، أما أنا فأظنني لا أصلح لأي منصب ابداً مؤبداً .
 بباب الثقافة مثلاً ، سيزورني صحبي الجميلين الصعاليك المغدورين مثل خيط سمك تائه ، ودليلهم حسين علي يونس ، وسيدلقون فوق مائدتي ، مقترحاً خرافياً مستلاً من قعدة يوغا ، وبسبب من ثقل الكرسي ومهابة المنصب ، سأرفض كلامهم بالمطلق ، ثم سنتواعد على ليل حانة اتحاد الأدباء الحلوة المزروعة بساحة الأندلس ، وهناك سينفتح المقترح ثانية ، وعند رنة أول كأس عرق سمينة ، سأجدد عليهم رفضي وحروني . في كأس أخرى ، سأجادلهم بالتي هي ألطف . في كأس خامسة ، سأوافق على نصف ما أرادوا واشتهوا . في الكأس التاسعة ، سأبصم فوق ورقة المقترح . في الكأس الأخيرة ، ولأنني وزير في العراق الموصوف الآن ، بيميني ضبّة دنانير دسمة ، وفي عبّي مقاولة إحياء مشروع عنتر ستين ، سأدفع فاتورة الحساب ، وأدس بأيديهم الكريمة ، كروة تاكسي أخير الليل ، وسنتزاخخ بالبوسات الثقال الساخنات المعمّدات بجاجيك أبي مايكل ، وقبل انفناء الشهر بخمسة أيام ، سأستدين من ضياء سالم ، كروة الرجوع للبيت ، وكما ترون ، أحبتي وحبيباتي ، فإنّ المسألة هي دوخة بنت سبع دوخات ، مع حبي العنيف .
كان حصاد مائة يوم من الصفحة المبروكة ، رسائل جمهرة من نساء افرنجيات وشرقيات وبلديات ، وبعضهنّ منغّلات ، واحدتهنّ لا شرقية ولا غربية ، ورسمها يكاد يصيح . في مطالع فكّ وتفكيك الرسائل الأولى ، كان ثمة دقّات عنيفات يطبلنَ فوق جدر القلب ، وبتراكم الخبرة ، ونموّ الحدوس ، وعافية حاسة الشمّ ، ذابت اللذة ، وانتهتْ الحاجة إلى الإجابات المروّعة ، خاصة تلك المطيّرة صوب نسوان مدهشات ، تأتيك رسائلهنّ صحبة صورهنّ المطقوقة " من غير هدوم " وفق تقدير الزعيم الطيب عادل إمام .
ألسعادات على الصفحة حتى الليلة ، أزيد من التعاسات ، مشروطية أن تشلع نفسك من دبق الجدل المسطّح بالإكراه . لستَ مضطراً لأنْ تفشخ صاحبك بزخّة حروف ، ترعد بأنّ قصيدته تافهة ، كما أنك لست مجبراً ، أن تغشّه بطعنة أنّ قصيدته كانت استثنائية . سيكون الأمر جميلاً رحيماً برداً وسعداً على القلب ، لو انك رميت نصّك على رأس الصفحة ومشيتْ .
بباب الأدب والفنّ ، ستكون الخسائر ضخمة ، إذ صارت الناس كلها تكتب ، والأدباء يقرئون ويدردمون ، ومنهم مَنْ أصيب بإسهالٍ كتابيّ ، بمواجهة سيل التشبيب ، ودرء الفتنة !!
كونوا بخير .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
عمّان حتى الآن  

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

806 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع