أحمد صبري
طلع علينا رئيس الوزراء نوري المالكي بمصطلح جديد يضاف إلى قاموس الاعلام عندما وصف بعض الفضائيات بالتحريض على العنف أطلق عليها ( الاعلام الفتنوي )
والاعلام الفتوني طبقا لوصف المالكي هو الاعلام الذي لايتوافق مع السياسة الحكومية ويبرز سلبيات الاوضاع في العراق ، دون ذكر الايجابيات التي قال أنها كثيرة وواضحة للعيان .
وعندما نقرب الصورة الواقعية على مايجري في العراق بعد عشر سنوات على غزوه واحتلاله، نستطيع القول إن الواقع الذي يعيشه العراق مرير ومؤلم ومفتوح على جميع الخيارات ، ويواجه أنسدادات وضعته في خانق ربما لايمكن الخروج منه .
فالاعلام الفتنوي أذا ،هو من يحرض على الفتنة ولايعترف بالانجازات المتحققة على الارض فضلا عن انه يتعمد تغييب الحقائق عن الجمهور .
وأستنادا إلى هذا التوصيف الجديد لأحد أوجه وسائل الاعلام ، يعكس النظرة القاصرة في فهم دور الاعلام ومهمته في تحصين المجتمع من فايروسات الطائفية وتأشيره مكامن الخلل في الاداء الحكومي ومخاطر هدرالمال وأخفاق الطبقة السياسية في مهمة تلبية حاجات العراقيين وتطلعاتهم المشروعة .
وتكمن خطورة هذه النظرة الاحادية في توصيف مهمة الاعلام ، بأنها تصادر حق الوصول إلى المعلومة بسهولة ويسر، دون عوائق وصولا إلى الحقيقة التي يسعى اليها المجتمع
فالحكومة على مايبدو باتت تتطير من النقد والمساءلة وتتعاطى مع بعض المظاهر الاحتجاجية على سياستها بانها معادي و بتحفظ وريبة مهما كانت المقاصد سليمة ومشروعة .
واذا عدنا إلى المتحقق على أرض الواقع بعد عشر سنوات ‘ فاننا نستطيع القول ،أن الطبقة السياسية بجميع رموزها مازلت تعيش أزمة ثقة وغياب التوافق على القواسم المشترك التي تخص الوطن ، وأصبح الخلاف بين اطرافها عميقا ويزداد أتساعا، رغم محاولات التوافق عبر إتفاقيات ومواثيق شرف ، غير ان العراق بحاجة إلى عملية إنقاذ وطنية تخرجه من المأزق الذي يتخبط فيه ، جراء حال الانقسام والتشظي الذي أوصله إلى هذه الحالة .
فعملية الانقاذ تتطلب جهدا من جميع الاطراف وارادة سياسية حقيقية، تاخذ بنظر الاعتبار مصالح العراق وليس المصالح والاجندات الخارجية .
وهذه المهمة الوطنية ، لن يكتب لها النجاح ما لم نستعين بالاعلام ونمنحه الدور المطلوب في عملية الانتقال من حال التردد والشكوك بمقاصده إلى الاعتراف بدوره الوطني الساند لاية محاولة جادة تخرج العراق من محنته .
فالحديث عن السلبيات وابراز مخاطر الانزلاق مجددا في العنف الطائفي واقتراح المعالجات الحقيقية للازمات السياسية والامنية والاقتصادية والصحية وكشف المتاجرين بقوت الشعب والمتلاعبين بثرواته وتسليط الضوء على الحيتان التي توفر الغطاء للمفسدين ،كل هذه المخاطر التي يبرزها الاعلام ويتصدى لها بجميع وسائله، أصبحت مهمة وطنية ينبغي على الحكومة أن لاتضعها في خانة التحريض على العنف والشحن الاعلامي .
أن الاعلام الذي لايتقاطع مع شواغل العراقيين ويعكس همومه ويعبر عن خياراته، هو إعلام وطني وعامل مساعد لكل الخيرين الذين يسعون باخلاص إلى أخراج العراق من خانقه
والاعلام الذي ينهض بهذه المهام الوطنية ينبغي أن ندعمه ونوفر له اسباب المنعة والاستمرار، لا أن نضعه في دائرة التخوين والشكوك والريبة وعدم الثقة وتحجيم دوره وتقييده بأجراءات سرعان ماتنعكس سلبا على الواقع ،لأن الاعلام هو مرآة المجتمع ومعبرا عن آماله .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1161 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع