يوسف علي خان
يتحدث الكثيرون عن الوضع في سورية بانه صراع بين معارضة ونظام وهو اعتقاد خاطيء فيما اذا اقتصر على هذا المنظور ... فالمعارضة في سوريا تتكون من اكثر من عشر فصائل ان لم يكن اكثر من ذلك كل لها توجهها واهدافها المتعارضة مع بعضها والمتناقضة في جوهر هذه الاهداف واسلوب الكفاح ضد النظام ..
لذلك فلا يمكننا الحديث عشوائيا وبشكل اجمالي عن هذه المعارضة باعتبارها كيان واحد يعارض هذا النظام الجاثم على صدره منذ اربعين سنة والذي توارث الحكم فيه اشخاص مدعمون بشلة من المنتفعين .. فعلينا أن نصف الامور بواقعها ونحاول ان نفرزن جهات هذه المعارضة وهل هي معارضة واحدة حقا وانها فصيل واحد يعارض هذا النظام ويطالب بتغييره ويعمل على ذلك بالكفاح المسلح فيما لو فشلت الجهود السلمية في تحقيق الهدف ..فلو دققنا مليا لاتضح لنا ومن خلال ما لاحظناه من مجريات الامور خلال السنتين الماضيتين على هذا الكفاح المرير الذي تخوضه فصائل المعارضة دون ان تستطيع ان تزيحه عن الحكم بان هذه المعارضة ليست فصيل واحد وانما هي عشرات الفصائل كل تهدف الى تحقيق هدف يختلف في جوهره عما يريده الفصيل الاخر مع ان الجميع تهدف لتحقيق امانيها من خلال محاولة تغيير النظام .. وقد تبين لنا بان هذه المعارضة او التي اطلقت هي على نفسها في باديء الامر كذلك انها تنقسم الى ثلاثة جبهات او ثلاثة جهات وهي الجبهة الكردية والجبهة اللبرالية والعلمانية والجبهة الاسلامية الدينية وقد يكون هذا التقسيم اقرب للواقع الى حد ما .. ولكن لكل جهة اهدافها وايديولوجياتها المعلنة والخفية منها والمختلفة مع بعضها البعض منها ب180 درجة أي بتضادد تام قد يصل مع البعض منها الى حد العداء التام الذي ادى في كثير من الاحايين الى الاقتتال فيما بينهم للسيطرة على المناطق وهي قمة المهازل ..حيث أن هذا العداء قد يفوق العداء القائم فيما بينهم عدائهم مع السلطة و النظام... الذي يكافحون لاسقاطه ..كما ان كل فصيل من فصائل المعارضة هذه تنقسم الى اقسام عدة وعلى درجات متفاوتة من تقارب وجهات النظر ومستوى درجات هذا التقارب ..فقد تبدأ من الاحساس الوطني القومي متصاعدا الى الفكر الديمقراطي التقدمي ثم الاشتراكي القطري الى الفكر الاشتراكي الاممي وقد ينطلق الى الاعلى أكثر فيصل الى الفكر الشيوعي وقد يتوسع اكثر من ذلك الى الفكر الوجودي الالحادي او الى الفوضوي اللاسلطوي الاناركي... كل ذلك من ذلك من خلال الاتجاه العلماني الذي عم العالم الغربي في الوقت الحاضر ...بينما تقف في الضد من ذلك وفي مواجهته الجماعات الدينية المتدرجة من الشريحة المعتدلة الوسطية التي تضم الغالبية الساحقة من المسلمين في سوريا التي تقترب أو تساير الفكر اللبرالي وتتعايش معه وتمثل عامة المسلمين مما يؤمون المساجد او من اصحاب الهوية الاسلامية فقط واللذين قد لا يؤدون اية فريضة دينية.... وبغض النظر عن انتمائاتهم المذهبية فأنه بشكل عام فالطائفة الشيعية في المنطقة في معظمها تدعم النظام السوري باعتباره يمثل هذه الطائفة الى حد ما أو ينتسب اليها.. وان جميع الدول الشيعية خاصة ايران تقف الى جانبه وكذلك حزب الله اللبناني الذي يدعمه لا لذاته بل لصفته المذهبية التي ينتسب اليها ... بينما تقف الطائفة السنية متمثلة بشعوب الدول الاسلامية السنية أو بحكوماتها التي تدعم المذهب السني ولكن بدرجات تشددية متفاوتة هي الاخرى ايضا تتدرج في ايمانها من الوسطية المتسامحة التي كما قلنا تشمل عامة المسلمين الى الجماعات المنظمة المنظوية تحت خيمة الاخوان المسلين والجماعات المنبثقة عنها حتى تصل الى الجماعات السلفية المغالية في التشدد والتي قد تعتبر حتى الشرائح الكثيرة من المسلمين كفارا او مرتدين والتي يرون وجوب التصدي لهم ومحاربتهم حتى يعودوا الى الاسلام الحقيق من وجهة نظرهم بالطبع 8888888الى رشدها فتعود الى صفوف عموم المسلمين التي هي بطبيعة الحال جزء منهم ولا تكفرهم أو تتهمهم بالالحاد888888 لانهم لا يرتبطون بتنظيماتها السرية ولا يمارسون اعمالها العنفية ... وهكذا نجد أن المعارضة السورية كغيرها من المعارضات في جميع الدول لا تتكون من صنف واحد او طائفة واحدة او حتى ايديولوجية واحدة غير انها قد تتفق على هدف رئيس واحد مثلا هو اسقاط النظام وهو ما حدث في مصر في الاونة الاخيرة حيث اتفقت جميع الفصائل السياسية والشعبية للوقوف ضد التشدد الديني الذي مارسته الجماعة الاسلامية خلال فترة حكمها القصير لمصر فانتفض الشعب المصري برمته ضد الجماعات الاسلامية وأسقطت حكمهم غير ان هذا لم يحدث في سوريا فقد تقسمت فصائل المقاومة منذ الاشهر الاولى على قيامها الى ثلاثة اقسام كل اخذ يعمل لتحقيق هدفه وفرض ارادته على غيره من فصائل المقاومة حيث بداتها الفصائل الكردية التي اعلنت الفدرالية محاولة الانفصال عن بقية اجزاء سورية تشبها بما حدث في العراق فعارضتها بقية الفصائل في توجهها فبدا الانشقاق ... فقد اصطفت الفصائل اللبرالية المكونة من التيارات الديمقراطية والفصائل الاشتراكية والحزب الشيوعي السوري واليساريين بصورة عامة في جانب... وتكتلت الفصائل الدينية المتمثلة بالاخوان المسلمين والسلفيين وجميع الفرق المتشددة في جانب اخر واخذ كل منهم يعمل لحسابه الخاص بعيدا عن بقية فصائل المقاومة مما ادى الى اضعافها وتشتت قواها وتوقف الجهات الدولية عن دعمها .. مما اعطى فرصة للنظام بقيادة الاسد ان يستعيد انفاسه ويسترجع معظم ما خسره من مناطق كانت مسيطرة عليها من بالفصائل المنتفضة... ولم يبقى متمسك باماكنه سوى الفصيل الكردي الذي حضي بدعم كل القوى الكردية المحيطة في سوريا وخاصة من القيادات الكردية في العراق وحافظت على مناطق نفوذها كما وقفت امريكا داعمة بقوة للفصائل الكردية ما جعل مواقفهم اكثر تماسكا من بقية فصائل المقاومة الاخرى اللبرالية والدينية كما كان لسقوط حكم الاخوان المسلمين في مصر الذي وجه ضربة قاصمة للمشروع الامريكي اثره الفعال في تغير الموقف في سوريا وارتباكه ما جعل القوى الدولية تحاول ايجاد مخرج ملائم لهذه الورطة التي لم تتوقعها واخذت تحاول مشاركة روسيا الداعمة للنظام لحل الامور بتسوية عادلة تحافظ به القوى الغربية وامريكا على ماء وجهها دوليا وتعطي بنفس الوقت بعض الامتيازات للقوى المنتفظة بعض الحقوق حيث اخذت هذه القوى المقاومة تتنازل عن الكثير من طلباتها وتتراجع عن مواقفها الاولى المتشددة والتي كانت ترفع من سقوفها كلما حازت بعض التقدم في كفاحها والسيطرة على بعض المناطق فتوقفت بعد ان اضحت في موقف صعب لا تحسد عليه فابدت استعدادها للتفاوض مع النظام وقبول الحلول الجزئية وكان السبب في ذلك تشرذمها قبل نجاح الانتفاظة واسقاط النظام .. حيث تسبب هذا التشرذم الى الارباك الدولي وتخبطه في عدم الوصول الى موقف موحد مع الفصائل برمتها لتباين اهدافها واختلاف ايدولوجياتها .. وهو ما سيؤدي لربما الى تجزأة سوريا الى اربعة او ثلاثة اقسام على الاقل .. وقد يكون الحل بالتضحية ببشار الاسد وازاحته عن منصبه كي تتشكل حكومة ائتلافية ضعيفة كما هو قائم في العراق وهو ما سيلبي مأرب اسرائيل ايضا ويحقق جزء مرحلي من مشروع الشرق الاوسطي الجديد .. والسبب كل السبب عدم توحد الشعب العربي وانقسامه داخل اهداف واهواء وامال خاوية خائبة فالاسلاميون يحلمون في اعادة الخلافة الاسلامية فلا يعترفون في وجود الوطن أو حدود دول... ويعتبرونه مجرد سكن وهي مجرد اضغاث احلام غير ممكنة التطبيق... واللبراليون يريدون التحرر المطلق وتطبيق الانظمة الديمقراطية والدولة المدنية الخديثة التي تقوم على تداول السلطة.. وفاتها انها تعيش داخل مجتمعات متخلفة امية لا زالت تعيش في عقلية القرون الوسطة او بالاحرى بعقلية الجاهلية والبداوة العربية في عصر الجمال والمعيشة في الخيام وبيوت الطين... والاخرون يتحركون من خلال دوافعهم النفسية ورغابتهم النرجسية في الزعامة الخائبة والتي ادت الى كل هذه الانهيارات في المنطقة وتغول اسرائيل وقدرتها على تحقيق مشروعها في السيطرة على المنطقة برمتها خلال السنوات القليلة القادمة .وتحقيق الماسونية حلمها القديم في السيطرة على العالم .وشعوبنا منشغلة باهوائها الساذجة البهيمية .. والنتيجة هو كل هذا الخراب والدمار الذي حل بهذه البلدان والتي دفعت احد سياسي الغرب بأن يصرح ويشجع الدول الغربية على فعل ما فعلته امريكا مع الهنود الحمر وهي الابادة الجماعية لسكان هذه المناطق للتخلص منهم أو تشتيتهم في مختلف اصقاع العالم كي يحتلوا هم هذه المناطق الغنية بمواردها بدلا من سكانها الذين لا يستحقون الحياة ولا يقدرون عظم النعم التي وهبها الله لهم في مناطقهم فهي اولى لغيرهم ان يقيموا فيها ويستفيدوا من كل هذه الخيرات واليذهب العرب والمسلمون الى الجحيم ...!!
943 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع