الدكتور رعد البيدر
بَعيدَاً عَن ... قَريبَاً مِن آداب وسائل التواصل الاجتماعي
لا اعني بكلمة الآداب " المَفهوم الاخلاقي " بِمعناهُ المُطلَق ، إنما اعني بها " فَنُ الكتابة والذَوق التعَبيري المُتَّزِن " الذي يَتَغاير ( يَختَلفُ ) وِفقاً للمَواهب الكِتابية ، وبِمعزَلٍ عَن التحصيل الدراسي لِكُل شخص ، وَقَد ثَبُتَ من التجارب العملية بأنَ الشهادات الجامعية و الشهادات ( العُليا ) غُير كافية لتأهيل و تَمكين حامِلِها من إجادَة التخاطُب ( بكلمات - سطور) تعليق أو بالرد على تعليق عِبرَ وسائل التواصل الاجتماعي ، سَواءً أكانَ التراسُل على الصَفحات الخاصة او على صَفحَة الاطلاع العام .
أجدُ نفسي مُتباطئ بالقراءة " إعجاباً " ، و مُسرِعاً أو تاركاً القراءة بالأخرى " نُفوراً " ، ويُخَيِّمُ عليَّ الضَجَّر في احيانٍ كثيرة عند الاطلاع على مَضامين مَنشورات ، تَعليقات ، أو رُدود ؛ بسَببِ ما تَحتويهِ من ضُعفٍ لغوي واخطاء املائية ، وتَشَتُت بعرض الفِكرَة ، و تكرارٍ ( مُمِل ) دونَ ضَرورة ؛ تَنافياً مع مَبدأ الاختصار - الذي يُمَثِلُ مُرتكزاً مُهماً من قواعِد الكِتابة الإقناعية .
لَنْ أُسَمي ( بَعض ) اصدقائي على وسائل التواصل الاجتماعي بأسمائِهم - مِمَن لا يُحسِنون فَن التخاطُب ؛ اعتزازاً بهم كَسَببٍ أول ، ولِكَون التحديد بالمُسمى الشخصي سَيُحمَّلُ على قَصد التَّشهير ؛ فهذا سَبباً ثانياً ، اما السَبب الثالث ؛ فيتمَّثلُ بِصعوبَة إصلاح شخص لا ينتَبهُ لأخطائهِ ، ولا يتَقبَّل نصيحة الغير ، إذ يعتبرها انتقاصاً منه أو عليه ؛ فَيَدخُل في جدلٍ ( عُقيم ) غَير مُبَرر وغَير مُجدي - مُدافعاً عن نفسهِ كأنهُ في قَفَص الاتهام ( بِمَحكَمَة المَهداوي ) . وبحَصيلة ( الاعتزاز بالإثم ) يَغدو إسداء النصيحة (للبعض) خَسارَة وقت واستِحداث عَداوَة و( ضَياع ) صَداقة قَديمة .
اسرَحُ معَ كتابات الدكتور عبد الستار الراوي ، استَحسِنُ تَنوَّع مَنشورات الدكتور ضرغام الدباغ ، استَّعذِبُ مَنشورات الدكتور كاظم المقدادي ، ومنشورات الدكتور اكرم عبد الرزاق المشهداني ، اتعاطفُ مع الآهات و أصرخ مع الصرخات الوطنية في مقالات الدكتور ياس خضير البياتي ، اتفاعِلُ مع منشورات الاستاذ زيد الحلي ، أستذوقُ حلاوة كتابات و تعليقات وردود الدكتور علي الجبوري ، ابتَسِمُ مع اختيارات الأستاذ محمد هاشم الرحيل العاني من كلمات أخوية تعَّبِرُ عن ( اعتزاز حقيقي ، مُشاكَسَة ذَوقية ، مُهادَنة راقية ) ، أفخَرُ بتعليقات تلميذي الصقر الدكتور ضامن عليوي مُطلك الجبوري ، أبتَهِجُ بالإطلالات غير الموَّسَعَة للدكتور عطا حسن ، الدكتور مصطفى سلمان الكسوب ، الدكتور محمد أحمد الفياض ، الدكتور عبد العزيز الجبوري ، الدكتور إبراهيم الكبيسي ، الفريق الركن مهدي الكبيسي ، اللواء الملاح الركن إسماعيل عبد العزيز الراوي ، اللواء الطيار الركن قيس محي الحديثي ، العميد الطيار الركن إسماعيل النقيب ، العميد الطيار الركن أحمد علي عاشور ، العقيد الطيار أوس نزار القيسي ، العقيد الطيار الركن علي وليد الموصلي ، الفريق الركن بهاء العزاوي ، الأستاذ نصيف احمد الطائي ، المُبدع الوفي العقيد الطيار وادي الحلو ، اللبيب محمد وجدي الحديثي … متأملاً أن لا يَحتَّجَ أو يُقاضيني أحد الاعزاء الذين أقرأ لهم و مُعجَب بهم ، ولم أشِر لأسمائهم ؛ تجَنُباً من الإطالة بالتعداد .
ليَعذُرني مَن يَرى ان السطور السابقة مُطَّوَّلَة ، ولم تَتَضحُ بَعدُ منها غايتي من المقالة … سَمّوها أية تسمية تطيبُ لَكُم ( مُقدمة - تَوطِئة - تَمهيد - تَفريغُ هُموم – تَصچيم ) رغمَ إن الإطالة سَحبتنا إلى تَعَدُد الغايات ، مُعتَرِفاً أن ذاكَ يُخالف قواعد الكتابة الصائبة - التي تَعَلَمتُها وعَلَّمتَها في الدراسات العسكرية العُليا ، و بأكثرِ من جامعةٍ في دولة الإمارات العربية المتحدة.
عنوان المقالة هو ( مُغناطيس ) جَذب أو نُفور للقارئ ؛ لِذا سأُرَكِزُ على ما يَرتبِطُ بالعنوان و الغاية التي ستَتَضِحُ في السطور اللاحقة ، لعَّلي امسِكُ بِمَن أُعجِبَ بالعنوان قبلَ أن (يَهرُب) من تكملة قراءة ما تبقى من المقالة ( فأخسَرهُ ) ويَعِزُ عليَّ خُسران من لا يريد أن يخسرَ نفسه .
غايتي من المقالة هي المُقارنة بينَ تناقُض حالتين ، يَنطَبِقُ عليهما مَفهوم الظاهرة في أدب التَّخاطُب بوسائل التواصل الاجتماعي ، أو ما يُصطلَحُ عليه أكاديمياً ( اتكيت التَّخاطُب ).
بما أني أشرتُ لكلمة " اتيكيت " فقد أمسَيتُ مُلزَماً بأن أوَّضِّح باختصار المعنى العام لمفهوم " الإتيكيت في مجال التواصل الاجتماعي " ؛ لا سيما بعد التوَّسُع باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي ؛ إذ توَّلَدَ من جَرائِهِ اسباباً دافِعَة لاستِحداث وتَبَني قواعد " أخلاقية " يَتطَلَّب من كل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مَعرفَتِها و مُراعاتها وتَطبيقِها وتطويرِها .
" اتيكيت التواصل الاجتماعي " كمفهوم توضيحي مُعاصر - بِبساطَة شديدة يعني : الآداب والضَوابط المُتحَكِمَة بتفاعل الأصدقاء الحقيقين و ( الشبحين ) فيما بينهم عِبر شبكات التواصل المُتنَّوِعَة ؛ دونَ أن يَتَسَبَب أي طرف منهُم بأي نوعٍ من المُضايقات ، أو التجاوزات بِحَق الطَرَّف الآخَر .
انتقيتُ مُراسلات تواصُل لصديقين مِنْ بين اصدقائي ، كلاهُما يَتَخَطى العلاقات الشَبَحية في صَداقات وسائل التواصل الاجتماعي ، ويَشتَرِكان مَعي بأكثر من رابِطَة جُغرافية ، اجتِماعية ، دِراسية .... بيني وبين الصديق الأول زَمالة دراسية لَمْ يوَّفَق بإكمالِها ، و قد اختارَ سَبيل مَعيشتِهِ - اعتماداً على تَحصيلِهِ المُتَعَّثِر، بعدَ أن بَدأ ( يُراوحُ ) في مرحلة دراسية مُبَّكِرَة .
أحسبُ أن صديقي الذي أعنيه قد تجاهلَ ، و الأصَح أنهُ يَجهلُ قواعد التواصل الاجتماعي وِفقَ ما سيتَّضحُ في السطور اللاحِقَة ، سأرمزُ لهُ بالصديق ( ج ) ، وسأُشيرُ لصديقٍ ( مُدرِك ) يُمثل حالة تواصل مُغايرة باسمِهِ الصريح للتَّذكير والمُقارنة واستخلاص العِبرَة مِن تَناقُضَّي تواصل اجتماعي .
عَلَّقَ صديقي ( ج ) أكثر من مَرَة على مَنشوراتي بأدبٍ عالٍ ، والحَقُ أقولُ كُنتُ أردُ عليهِ بأدبٍ يُكافئ أدَبهِ ، بَلْ أزيدُ عليهِ ( بقيراطينِ ونِصف ) . كان أحد منشوراتي سِبَباً لتوالي تعليقاتٍ كثيرة . بعض التعليقات ألزمتني بالرد الكتابي ؛ بِسَببٍ يرتبطُ أما بنوعية مضمون التعليق ، أو بشخصية المُعَلِق . كان تعليق ( ج ) ضمن التعليقات التقليدية . لَمْ اكتَّفِ بإشارة الإعجاب فحَسب كما اعتاد الأكثرية أن يَفعَلوه ، واستعَضتُ عن الرد المَكتوب بصورةٍ رمزيةٍ تمَّثلُ " باقة وَرد " كصيغة تعبيرية عن احترامي للمُعَلقين الذين لم أرُد عليهم بالكتابة ، كانت كُل صورة وَرد اجملُ من الأخرى، ومن النادرِ أن كرَرَتُ نفس الصورة بالرد على شخصين .
خُلاصَة ما حَصَلَ من الصديق ( ج ) أنه كتبَ يُعاتبني قائلاً : عَلَقتُ على منشورك بالكتابة ، و تجاهَلتَني لكونكَ لم ترد عليَّ بكتابةٍ … وانقطع ( ج ) عن التواصل ( حفاظاً على كرامته التي جَرحتُها بباقةِ الورود ) .
أظنُ " وبعضُ الظنِ إثم " أنها ( عُقدة النَقص ) ؛ لِذا لَمْ أتأسَف على ( زَعَلِه ) ، وأن تَصَرُفه ألزَمَني بإعادة الحسابات مُستَفهِماً ومُستَغِرباً بثلاثة أسئلة :
لماذا ( زَعَلَ ج ) من الرّد عليهِ بباقة وَرد رائِعَة ؟!
هل صارَت باقة الوَرد دَلالَة ( تَعبير عَن تَحقير ) في عالم القيَّم الهابِطَة الذي نَعيشَهُ ؟!
أيستحق ( ج ) وَمَن على شاكلَتهِ بأن يكون صَديقاً على وسائل التواصل الاجتماعي ؟!
تلكَ أحدى المُعاناة الكُبرى التي تُحَيّرُ أغلب مُستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي - بقبول أو رَفض طلبات الصداقة الجديدة ، أو بالاستمرار معَ صداقاتٍ قائِمَة دونَ تفاعل إيجابي مُتكافِئ .
أما الحالة الأُخرى فتتمَّثَل بأدب التواصل من قِبل الصديق - الأخ لواء الشرطة الدكتور اكرم عبد الرزاق المشهداني ؛ إذ نشرَ قبل أيامٍ قَلائِل تعليقاً لَطيفاً على مَنشور صَديق مُشترك بَينَنا - حولَ " سوق الهرج " فعَلقتُ لهُ مُضيفا تكمِلةً توضيحية ، وقد اجابَني بِرَّدٍ يُعَّبِرُّ عن آداب التخاطُب المُثلى ، وهيَّ كَفَّة المُقارنة المُقابلة مع أدب الصديق ( ج ) ، و المِحوَّر الرئيس لسطور مَقالتي من حَرفِها الأول الى حَرفِها الأخير ، او كما يُقال ( من الأليف الى الياء ) .
أدناه المُراسلات ذات العلاقة على وسائل التواصل العام " المُتاحة للأصدقاء على المنشور" .
أوَّلها - رَدي على تعليق الدكتور المشهداني " اقتِباس بالنَص" .
أصيل و )مَتخطيك( المعلومة الصحيحة اخوية دكتور اكرم عبد الرزاق المشهداني ... أصَبت ، لم يُشر البعضُ في تعليقاتِهم إلى نوعية مَعروضات سوق الهَّرَج غير المُتجانِسَة ، وأن مُعظَمُها قَديم ، وفي السوق ذوي مَصالح مُتنَوعة مثل ( مُصَلِّح ساعات ، مُصَلِّح راديو وتلفزيون ، أبو سِبَّح ، خياط )تقريم ملابس ( ، محلات انتيكات ... الخ . ريحَة جَو السوق غَيرُ مُستحَبة ( كَريهَة ) ، ويتواجَد فيهِ ( الغَشاشين و النَشالين ) . أنشَط حركة بَيع وشِراء في السوق تكون في أيام الجمعة والعطل الرسمية .
ثانيها - رد الدكتور المشهداني " اقتباس بالنص" :
استاذي العزيز دكتور رعد البيدر .
اتَفِقُ معكَ في كلِ ما ذَكَرتَهُ . نعم كانَ سوقُ هَرَّج المَيدان مَرجِعنا للعثور على مُصَّلِحي العُدَد والأجهزة والساعات والراديوهات القديمة ، وبالمناسبة في دول الخليج العربي يطلقونَ عليهِ تَسميَّة " سوق الحَراج " بسبب التأثير اللُغَوي لِكُثرة تواجُد الإيرانيين والهنود .
رَدي على التعليق السابق بوسائل التواصل الخاص " اقتباس بالنص " :
اكرمكَ الله … اكرمني بِبَسيط الوَّصف ، لا يَحقُ لي السُكوت وتَقَّبُل هذا النَعت من قَديرٍ مِثلَك … عفواً ابا ايمان الذَّهَب - أنتَ الأُستاذ وانا التلميذ .
استنَدت ُبردي أعلاه على الصورة الذهنية الطيبة التي اختَزِنُها عن الدكتور المشهداني وِفقَ تقيمي الشخصي لهُ ، إضافة لمَسموعاتي المَحمودَة عَنهُ ، وعلى حَصيلَّة أوجُه التشابُه والاختلاف بيني وبينه - التي أختَصِرُها بالتالي :
كِلانا من كرخ بغداد الحبيبة ولادَّة ونشأة و تَعَلُقاً أبدياً بكلِ مناطِقِها ، و إن اختَلَّفَت المَواليد ؛ فالمشهداني من مواليد ( 1948 ) و أنا من مواليد ( 1953 ) .
كِلانا ضابط برتبة رَفيعَة قبلَ احتلال العراق عام 2003 ، و إن اختَلَفَ الانتِساب إلى مؤسسة الخدمة الوطنية للعراق (هو لواء شرطة ، و أنا لواء طيار ركن ) .
كِلانا شغلَ مَنصَب عميد أكاديمية وإن اختَلَّفَت التسميات والاختصاصات "شرطة ، طيران" .
كِلانا يحمِلُ شهادة دراسية عُليا و لقب دكتوراه ، وإن اختَلَفَ الاختصاص .
ثالثها - أجابَني الدكتور المشهداني على التواصل الخاص بما مُدَوَّن أدناه " اقتباس بالنص " :
( الحمدُ لله الذي وَهَبَني أخاً ، وصديقاً ، واستاذاً ، ومعلما ً … وهذا من فَضلِ الله ونعمائهِ . لا أجدُ في الوصفِ مُبالغةً في النَعت ؛ لأن القلب سُلطان وميزان ، وسَتبقى مُعلمي واستاذي ما لَمْ يكُن هذا الوَّصف يُحرِجكَ ؛ رغم أن وَصف الأخ هو القِمَّة في التوصيف الرَّباني ، على سُررٍ مُتقابلين … إن شاء الله ) .
رابعها - ردي على الرد ، على التواصل الخاص " اقتباس بالنص " :
( اللهُم امين … لا حَراجَة معَ غيركَ ؛ لكنَني أنظرُ إليكَ بِعَينٍ اكبَرُ مِنَ العَين التي أنظُرُ بِها لنفسي ؛ لذا فَتَنويهي لا يَعني الاعتِراض بِقَدَر ما يَعني حِفظ المَقام والاعتِزاز .
سَلِمتَ شخصاً ، قَلَما …. وادباً ) .
أخيراً - ووفقاً لمعايير الذَّوق و الصَداقَة المُفترَضَة في عالم أختلَّت فيهِ المَوازين ؛ فصارَ للگرعَة و لأم الشَعَر ( آيفون - 16 ) و ( جلكسي 24 أس ) اختَتِم ُبسؤال :
إلا يَحقُ لي أن أُعتَبِر ما قام به الصديق ( ج ) جَهلاً ، وما قام به الدكتور أكرم عبد الرزاق المشهداني ( وَعياً ، إدراكاً ، سُمواً ) في آداب التواصل الاجتماعي ؟
صَدقَ المُتَنبي حينَ قال :
وَمِنَ البَليَّةِ عَذلُ مَن لا يَرعَوي
عَن غَيِّهِ وَخِطابُ مَن لا يَفهَمُ
وَمِنَ العَداوَةِ ما يَنالُكَ نَفعُهُ
وَمِنَ الصَداقَةِ ما يَضُرُّ وَيُؤلِمُ
أَرسَلتَ تَسأَلُني المَديحَ سَفاهَةً
صَفراءُ أَضيَقُ مِنكَ ماذا أَزعُمُ
نَلتَقي على خَير ، دونَ أن ( يَزعَلْ ) الغَير … في أمان الله .
1205 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع