هادي جلو مرعي
يحتدم النقاش منذ عقود في قضية تزويج القاصرات وفي بيعهن للمتاجرة بأجسادهن، والإعتداء عليهن، ولعل حادثة إغتصاب بعض الفتيات في بلدان ومن ثم إرغام المغتصب على الزواج بالفتاة التي إغتصبها أثارت ردود فعل عنيفة في بلد عربي،
وثارت فيها ثائرة منظمات حقوقية ترى إن تزويج المغتصب بمن إغتصبها يعد إنتهاكا مضافا وإذلالا مضاعفا لها والحق هو أن يعاقب المغتصب ويوضع في السجن ويتم تأهيل الفتاة المغتصبة لا أن توضع تحت الإقامة الجبرية وفي سطوة رجل مجرم في حقيقته ينظر إليها بدونية، ويرى في المجتمع مجموعات من الناس تعيره وتستثير فيه بركان الذكورية المقيتة، فيعود ليمارس معها الإذلال والهيمنة والتنفيس عن طريق الضرب والتشويه والتوبيخ ومعاملتها كرق لاقرار له ولا وجود إلا في ظل سلطة سيده الممقوت.
منذ عقود يجري الحديث عن المتاجرة بالفتيات، فمنهن من تزوج لرجل طاعن من أجل المال والستر والخبز، ومنهن من تباع بعنوان الزواج لتكون عاملة في البغاء، وربما تجهز للتصدير الى بلدان أخرى وتكون سلعة رخيصة في النوادي الليلة وبيوت الدعارة ،وحصل هذا كثيرا خلال سنوات مرت وإثيرت قضايا من بينها بيع فتيات إنتقاما منهن حيث ينتمين لقومية أخرى، وعلى خلفية سياسية ،وتم الأمر ببرود أعصاب من سلطات ذلك البلد، وإذا كان الأمر مفهوما في بلاد أوربية فقيرة، وفي أمريكا الجنوبية وآسيا، وفي بلاد غير مسلمة، وغير محافظة وتعاني من تفكك أسري، فكيف يسمح لهذا أن يحدث في بلاد عربية ومسلمة يفترض أنها تعيش حال التوازن الإجتماعي؟ بالطبع سيرد البعض ليفند ذلك وهو محق، فالحروب المتكررة ،والسياسات الخاطئة والبطالة، وغياب الضمان الإجتماعي ،والقهر المجتمعي والتسلط والجهل كلها عوامل دفعت بفئات إجتماعية للتحول الى ضحايا في بلدان غير مهتمة بالإنسان ، ولديها الرغبة فقط في دوام حكم السلطان وبقائه لأطول فترة ممكنة حاكما وسيد مطاعا ومهابا بعنفوانه وجبروته بينما الشعب كل الشعب عبيد خانعين لاحول ولاقوة لهم ولاقدرة على الفعل والتمرد ،ومن يفعل ذلك فمصيره الهلاك المحتوم لأنه لن يجد ناصرا وسيجد الجميع ضده بعد أن تيقنوا من يأسهم وضياعهم.
استمعت الى تقرير تعده زميلة مراسلة عن تزويج القاصرات وكان عملها ميدانيا حيث تلتقي بأسر زوجت بناتها لرجال طاعنين مقابل المال والسكن والطعام ،وكانت واحدة من الفتيات تتحدث لتلك الزميلة وتصور لها المشهد: قالت لي أمي إنها ستزوجني لهذا الرجل الكبير في السن برغم إن عمري يبلغ العشر سنوات لأنه سيوفر لنا سكنا ملائما ومالا وفيرا ولن نحتج بعدها لأحد، ورغبتني في الأمر، وأرهبتني أيضا، ولم تترك لي خيارا، لقد باعتني أمي... قالت الزميلة بعد أن أسمعتني التقرير، إن تلك الفتاة لم تكن متزوجة في الحقيقة بل كانت بيعت لهذا الرجل وصارت تمارس البغاء رغما عنها لحسابه، لكنني طلبت منها أن تتحدث كقاصرة زوجت بالإكراه من طاعن على أن تتحدث كبغي.
1163 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع