ب. حسيب شحادة
جامعة هلسنكي
إطْلالةٌ عَلَى السَّامِرِيّينَ
https://www.youtube.com/watch?v=w-Qr8n7Xl-Q
الاسمُ ومَن هُم
تمتاز مِنطقةُ الشرق الأوسط ببضع سماتٍ هامّة، نذكر منها هنا ثلاثًا: أوّلًا إنّها مهدُ الديانات السماويّة الثلاث، وثانيًا مهد الكتابة التي ٱخترعها السومريّون، غير الساميّين قبل أكثرَ من خمسة آلاف عام، في بلاد ما بين النهرين فالحضارات لاحقًا. وثالثًا، كثرة الأقليّات العرقيّة/الإثنيّة أو الدينيّة. هنالك، على سبيل المثال: الأحْمديّون والبَهائيّون والبُشناق/البشانقة والأرمن والعرب المسيحيّون والسُّريان/ الكلدان/الأشوريّون/الآثوريّون/الآراميّون والعَلَويّون والدروز والأقباط والموارنة والأكراد والشيعة والأيزيديّون والسامريّون (Samaritans) والفَلاشا والحَريديم/اليهود المتزمّتون والتركمان والقرّاؤون والمانويّون/المانويّة/المنانيّة ونطوري كارْتا/حرّاس المدينة والشركس والصابئة/المِنْدائيّون والعيسويّون/اليهود المسيحيّون (Messianic Jews) والروما/الدومر/النَّوَر/الغَجَر.
موضوعنا في هذه السهرة التي تعقدُها المدرسة السُّريانيّة الإلكترونيّة هو: السامريّون أو السُّمرة أو السامرة، الذين، في تقديرنا، لا يعرف عنهم جارُهمُ العربيُّ المثقّف في الأراضي المقدّسة حتّى، ناهيك عن الأقطار العربيّة الأُخرى، شيئًا ذا بال. إنّهم، على ما يبدو، أصغر وأقدم طائفة دينيّة/مجموعة إثنيّة في العالم. لقد قالت عنهم إحدى الباحثات الإسرائيليّات (Bonné-Tamir, Batsheva) في الستينيّات من القرن الماضي ما معناه: يبدو أنّه ربّما كان من الممكن اعتبار السامريّين المعاصرين أكثر الطوائف اليهوديّة (الصواب: السامريّون ليسوا يهودا، كما سنرى لاحقًا) الحيّة تمثيلًا للعبرانيّين القدماء.
هنالك أقليّات عرقيّة أو دينيّة تُسمّي نفسَها باسم أو بأسماء معيّنة في حين أنّ الغيرَ، الآخرين، يُطلقون عليها اسمًا أو ألقابًا أُخرى لا تقبَلها تلك الأقليّات. من هذه الأقليّات نذكر اثنتين ما زالتا تعيشان منذ القِدَم في وطنهما، فلسطين التاريخيّة، وهما العرب في إسرائيل والسامريّون. تُطلِق السياسة الإسرائيليّة الرسميّة على الأقليّة القوميّة الأصْلانيّة في البلاد اسم "عرب إسرائيل"، في حين أنّ أولائك العرب (الوحيدون المسمّون هكذا في بِطاقاتهم الشخصيّة حتّى بداية هذا القرن)، ويبلغ عددهم مليونا نسمة ونََيِّف، يُحبّذون في أغلبيّتهم الساحقة، على الأقلّ، بأن يُدعوا بـ"عرب 1948، عرب الداخل، فلسطينيّو 1948، الفلسطينيّون المنسيّون، إلخ. وهكذا السامريّون الذين يُسمّون أنفسَهم باسم "شاميرِم" أي "المحافظون على / حُرّاس التوراة"، كما هو مثبت منذ القرن الرابع ميلاديّ فصاعدًا أو "بنو إسرائيل الشاميرِم"، في حين أنّ اليهود الربّانيّين أطلقوا عليهم أسماءً ونعوتًا كثيرة منها: "الكوثيّون، المعارضون، الكفّار، الحمْقى (سَنْهِدْريم 21 ب)، عابدو الربّ بسبب الأُسود (اُنظر سِفر الملوك الثاني 17: 28-24)، الجُهّال، عابدو الإله نِرْچَل بشكل حمامة" (حُولّين 6 أ) كما قال عِزرا، چوييم (gentiles) من بلاد ما بين النهرين، سفر الملوك الثاني، 17: 26، 29، الأغيار، عابدو أشيما، أي الاسم أي الخالق (إبن عِزْرا في تفسيره لسِفر إستير)، أعداء (سِفْر عزرا 4: 1، "أهل نابلس" كما ورد مرّة في تاريخ الموَرِّخ يوسيف مَتِتْياهو/يوسيفوس فلاڤيوس(Flavius Josephus) 38-100 م. (12، 10).
ممّا يجدُر ذكره أنّ الاسم: "السامريّون"/השמרנים ŠāmērƏm في سِفر الملوك الثاني17: 29 هو لفظة مُفردة hapax legomenon لا يدلّ على السمرة ּأتباع جبل جِريزيم بل على أهل مِنطقة السامرة Samarians وليس Samaritans بالإنچليزيّة وينبغي التفريق بينهما.
لا نبالغ إذا قلنا إِنّ الشعب السامريّ يُجسّد بأسمى صورة التمسّكَ بالتراث الروحيّ والعلاقة السرمديّة بينه وبين جبله المقدّس، جريزيم في نابلس. يتحدّر السامريون من الأسباط الثلاثة: سِبط ليڤي/لاوي وإليه تنتسب أُسر الكهنة، سبطا إفرايم ومِنَشِّه وهما ابنا يوسف بن يعقوب وراحيل. يبلغ عدد أفراد هذه الطائفة اليوم حوالي 870 شخصًا يسكنون في مدينتين فقط هما نابلس في الضفّة الغربية لنهرالأردنّ وفي مدينة حولون الواقعة بالقرب من تل أبيب، والمسافة بينهما خمسون كيلومترًا تقريبًا. بعبارة أُخرى، يمكن القول بأنّ نحوَ نصف هذه الطائفة يحمل الجنسيّة الإسرائيليّة والنصف الآخر يحمل الهُويّة الفلسطينيّة والهُويّة الإسرائيليّة منذ عام 1998 ولدى البعض جواز سَفر أُردنيّ.
يُعاني شباب هذه الطائفة من مشكلة عويصة وهي النقص في الفتيات اللواتي في سنّ الزواج وعليه هناك ما يُدعى باسم: "العُزْب الأبديّون" (eternal bachelors). منذ عام 1923 بدأ الشباب السامريّ بالتزوّج من اليهوديّات بعد اعتناقهنّ العقيدة السامريّة ولكن منذ أوائل القرن الواحد والعشرين بدأ توجّه الشباب السامريّ عبر الشبكة العنكبوتيّة ومكتب تواصل في تل أبيب نحو فتيات أوكرانيا. كان ممثّل سامريّ في المجلس التشريعيّ الفلسطينيّ، هو الكاهن الأكبر سلّوم بن عًمران (1923ـ 2004) كان الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات (1929-2004)، قد عيّنه في الانتخابات التي جرت في كانون الثاني عام 1996.
تُعدّ اللغة العربيّة المحكيّة لغةَ الأم لدى سامريّي نابلس كافّة، أمّا في حولون فهي لغة الأمّ بالنسبة للمسنّين، أمّا الشباب فلغتهم الأولى هي اللغة العبريّة الحديثة وغدتِ اللغة العربيّة غريبةً عليهم لا سيّما قراءة وكتابة. وسامريّو حولون منخرطون في الخدمة العسكريّة في جيش الدفاع الإسرائيليّ/צהל منذ عام 1948، وقدِ اعتُرف بهذا الواجب رسميًّا عام 1967. ويُشار إلى أنّ سامريّي نابلس شرعوا بشكل ملحوظ في تعلّم اللغة العبريّة بعد حرب العام 1967.
في تاريخهم الطويل استعمل السامريّون اللغاتِ التالية: العبريّة السامريّة القديمة، الآراميّة السامريّة وهي لهجة فلسطينيّة غربيّة (Western Palestinian Dialect)، اليونانيّة، العربيّة، وأخيرا ابتداءً من القرن الثالث عشر للميلاد تكوّنت لغة كتابيّة عبارة عن خليط من العربيّة والعبريّة والآراميّة لدى السامرة، تُسمّى في الأبحاث العلميّة اليوم باسم "العبريّة السامريّة الحديثة (Neo - Samaritan Hebrew) وفي البداية أَطلق عليها أستاذي المعروف زئيڤ بن حاييم (1907- 2013) الاسم شُومْرونيت.
ما زال نصيب الأسد من التراث السامريّ المدوّن بهذه اللغات يرزح في دياجير الظلام، في المخطوطات. وهذه المخطوطات التي يصل تعدادُها إلى حوالي خمسة آلاف، موزّعة على مكتبات عامّة وخاصّة كثيرة في شتّى مدن العالم مثل: سانت بطرسبورغ ولندن وأكسفورد وكمبريدج ومانشستر وپاريس وبرلين والقدس ونابلس ونيويورك وروما.
الأُسَر الأربع
يرأس بني إسرائيل السامريّين الكاهنُ الأكبر/הכּהן הגָדוֹל (High Priest) وهو رئيس عائلة الكهنة الحفتاويّين أبناء أهرون من نسل إيتمار بن أهرون الكاهن شقيق كليم الله. الكاهن الأكبر الحالي هو عبد الله واصف (עבדאל בן הכה’’ג אשר) المولود عام 1935. أمّا الأُسَر الثلاث الباقية فتنحدر من ابني يوسف: صدقة الصباحيّ من سبط منشه؛ الدنفيّ [الطيف + السراويّ (ساسوني)] والمفرجي [مفرج + يهوشع] من سبط إفرايم. ويُذكر أن عائلة المطريّ من سبط بنياميم قدِ انقرضت عام 1967.
عجَلة الحياة
يُختن المولود السامريُّ في فجر يومه الثامن (تكوين 17: 12). يُدعى من يُنهي قراءةَ التوراة باسم "خاتم/ة التوراة" (Torah concluder) ويكون عمره/ا ما بين 5-8 سنوات (يقابله مبدئيًّا ولكن ليس من حيث العمرُ "بار مِتْسڤا"/בר מצווה أي ابن الفريضة عند اليهود). هنالك ثلاث مراحلَ للزواج: الموافقة، موافقة الفتاة ووالديها على طلب الشابّ ووالديه؛ الخِطبة - يتوجّه خلالَها شاهدان إلى الفتاة ليشهدا على موافقتها وتُقرأ الفَِقْرة تكوين 2: 21-25؛ القِران - تِلاوة وثيقة الزواج כְּתֻבָּה والشروط. الإخلال بما ورد في المرحلة الأولى فقط لا يؤدّي إلى طلاق. لا يجوز للسامريّ أن يتزوّجَ إلا من بنات طائفته أو من خارجها شريطة التَّسَمْرُن أي اعتناق العقيدة السامريّة وممارسة فروضها. يُعدّ الزواج من أهم الفرائض وكما قال أحد الكهنة السامريّين ”الإنسان لا يكتمل إلّا بالزواج“.
تتمّ مراسيم الزواج يوم الأربعاء لأن النيّرين الأكبرين، الشمس والقمر، اللذين يرمزان إلى العريس والعروس، قد خُلقا في ذلك اليوم ولأنّ النبيّ موسى قد تزوّج وَفق التقاليد السامريّة في يوم أربعاء أيضا. ما زال الاحتفال بالعُرس يستمرّ طيلةَ أسبوع بأكمله كما كانت العادة عند الكثيرين من العرب قبل عدّة عقود. عدد الزيجات المختلطة هذه آخذٌ في الازدياد ويسجّله الكاهن الأكبرُ وتعترف فيه الدولة. حالات الطلاق لا سيّما في نابلس نادرة ولها أبعاد مؤلمة. قلّما تجد شخصًا قد تخلّى عن عقيدته السامريّة. يُدفن الموتى عادة في المقبرة المجاورة لقِرْيات لوزا في جبل جريزيم أو في القسيمة السامريّة في مقبرة قريات شاؤول في تل أبيب. يُدفن الميّت ورِجلاه صوبَ القِبلة، جبل جريزيم، اعتقادًا بأنّه عند قيامة الموتى سيسير كلّ واحد إلى الأمام.
أركانُ العقيدة
ترتكز العقيدة السامريّة على خمسة أركان وهي:
1) وَحْدانيّة الله، إلهٌ واحد لا غير، هو إله إسرائيل، وتلفظ اللفظة "يهوه" "شيما" (Šēma) أي "الاسم".
2) نبيّ واحد فقط لا مثيلَ له هو موسى (Mūši) بن عِمْران.
3) كتاب مقدّس واحد هو توراة موسى، الأسفارالخمسة الأولى فقط. يضاف إليها سِفر يهوشع، وهي تختلف عن التوراة اليهوديّة في أكثرَ من ستّة آلاف موضع.
4) مكان مقدّس رئيس واحد هو جبل جِريزيم المسمّى عادة بالعربيّة بجبل الطور الواقع في نابلس. لهذا الجبل ثلاثةَ عشرَ اسمًا وردت في التوراة منها جبل الرحمة، جبل القرابين، الجبل القديم، المكان القديم، لوزة.
5) الإيمان بمجيء "تاهب" من بني يوسف ومن سِبط إفرايم وهو بمثابة المهدي. وهو نبيّ مثل موسى سوف يجيء في عاقبة الزمان، يوم العقاب والثواب.
تُلخِّص هذه الجملةُ ما سبق: אימנתי בך ה’, ובמשה בן עמרם עבדך, ובתורה הקדושה, ובהרגריזים בית אל וביום נקם ושלם.
الهُوِيّة السامِريّة
أن تكون سامريًّا معناه الالتزام بالواجبات والفرائض الدينيّة المدوّنة في التوراة - أسفار موسى الخمسة (חומש/Pentateuch). والهُوية الإسرائيليّة السامريّة معناها التّقيّدُ بما يلي:
1. الإقامة فقط في الأراضي المقدّسة بحدودها التاريخيّة.
2. المشاركة في قُربان الفِسح على جبل جريزيم.
3. المحافظة على قُدسيّة يوم السبت كما ورد في التوراة نصًّا وروحا.
4. المحافظة الشديدة على قوانين الطهارة والنجاسة/ טָהֳרָה וטוּמְאָה كما وردت في التوراة نصًّا وروحا.
إنّ أيَّ شخص لا يلتزم بهذه الفروض بحذافيرها، لا يستطيع العيشَ في نطاق الطائفة. قلائلُ همُ السامريّون الذين تركوا ديانتهم خلال العقود الأخيرة، في حين تمَّ اعتناق يهوديّات ومسيحيّات للعقيدة السامريّة قُبيل تزوّجهن بسامريّين. لا وجود للعلمانيّة في صفوف السامريّين.
يعمل السامريّون جهدهم للالتزام بجانب الحياد إزاءَ القضية الفلسطينيّة أو إن شئت فقل الصراع العربيّ الإسرائيليّ، ويعتبرون أنفسهم "جسرا للسلام" في الصراع المذكور لحسن علاقاتهم مع كلا الطرفين. ما يوحّد السامريّين جميعًا هو دينهم ولغتهم وخطّهم القديم وعاداتهم وتقاليدهم وتاريخهم. هنالك بعبارة أخرى، تلك الشروط الستّة التي ينبغي عادةً توفّرُها في أيّة مجموعة عرقيّة. وهذه الشروط هي: اسمهم هو "شاميرِم"؛ اعتقادهم بالتحدّر من سبط لاوي وسِبطي منشه وإفرايم والاستيطان في مملكة إسرائيل، مملكة الشمال، في نابلس؛ تحدّر الكهنة من سبط ليڤي/لاوي؛ تاريخهم الخاصّ منذ الخروج من مصر في القرن الثالث عشر ق. م. كاليهود وتمرّدهم ضدّ الإمبراطوريّة البيزنطيّة ولهم معلّموهم كبابا رابّا؛ ثقافة خاصّة مميّزة مرتكزة بالأساس على الدين فقط.
يمكن القول إنّ السامريّين اليوم ذوو لغات ثلاث، العبريّة القديمة، العبريّة الإسرائيليّة والعربيّة. اعترفت حكومة إسرئيل بالسامريين فرعًا من بني إسرائيل وهم يتمتّعون بـ"حقّ العودة"/חוק הַשְבוּת إلّا أنّ الفِرَق اليهوديّة الأرثوذكسيّة لا تعترف بهم البتّة كما حصل مثلًا في عام 1992 في حكومة يِتْسحاك رابين التي كان وزير الخارجيّة فيها أرْيِه دِرْعي من حزب شاس الدينيّ السفارديّ المتشدّد. إلا أنّ محكمة العدل العليا في القدس كانت قد صادقت من جديد عام 199 4 على قانون "حقّ العودة" للسامريّين. بالنسبة لسامريّي حولون مفهوم دولة "إسرائيل" هو دولة بني إسرائيل اليهود والسامريّين، في حين يرى اليهود بها دولة لهم. لا يقبل السامريّون أن يُسّموا "يهود سامريّون"، فهذان مفهومان متناقضان ويروْن أنفسهم أنّهم "سامريّون إسرائيليّون". وفي معمعة الجدال قال السامريّون إنّهم سكنوا في الأراضي المقدّسة قبل قيام إسرائيل بآلاف السنين، وهل هم بحاجة إلى اعتراف من قادمين جُدد (עוֹלִים חֲדָשִים)؟ في حولون انخرط السامريّون في المجتمع الإسرائيليّ بشكل كامل اجتماعيًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا وحتّى سياسيًّا، والفارق الوحيد هو دينهم. في حين أن إخوتهم في لوزا على جبل جريزيم, يعيشون بعُزلة جُغرافيّة عن العرب في نابلس ولا يمكن القول إنّهم يشعرون بهُويّة فلسطينيّة؛ ويميّز عادة الفلسطينيّون بين سامريّي نابلس وسامريّي حولون. الجيل السامريّ الصاعد في نابلس يقول إنّه سامريّ، أي أنّه لا فلسطينيّ ولا يهوديّ. ويبدو أنّ معظم السمرة النابلسيّين يفضّلون العيش في ظلّ السلطة الإسرائيليّة. ومن السامريّين من يقول إنّهم موالون لشعب إسرائيل لسرمديّة إسرائيل لا لدولة إسرائيل ولا للسلطة الفلسطينيّة (ا. ب. أخبار السامرة، 866،27 آب 2004، ص. 4، بِنْياميم صدقة). ويدعو العرب الفلسطينيّون السامريين باسم "يهود فلسطين" وكان بعض العرب قد أطلق عليهم في القرن التاسع عشر اسم "عابدو العجل" لظنّهم بأنّهم عبدوا العجل.
ميزةُ الشَّعْبٍ السَّامِرِيّ
حافظ السامريّون خلال تاريخهم الطويل على هُويّتهم المميّزة كشعب ذي خصائصَ خاصّة، إلّا أنّهم فقدوا لغتهمُ الخاصّة، الآراميّة السامريّة كلغة حيّة. إنّهم يستعملون خطًّا خاصًّا بهم هو الخطّ العبريّ القديم. كما يتمسّك السامريّون بتقاليدَ وعاداتٍ عريقة قد تعود إلى آلاف السنين، منذ دخول بني إسرائيل الأراضي المقدّسة بقيادة يهوشع بن نون في القرن الثالث عشر ق. م. وحتّى اليوم. من العسير جدًّا في معظم الحالات، إن لم يكن مستحيلًا التمييز بين عادة موغلة في القِدم، وما طرأ عليها من تغيير وتبديل على مرّ الزمان، وأُخرى حديثة العهد نسبيّا. من هذه الركائز الدينيّة عدم صنع التماثيل والصور أو وضعها في كُنُسهم. وهنالك قصّة طريفة في التراث الفولكلوريّ السامريّ حول هذه النقطة، تحكي عن زيارة إسكندر المقدونيّ/ذي القرنين (ت. 323 ق. م.) لسامريّي نابلس طالبًا منهم إقامة تمثال له جزاء ما قام به من خير لهم. أُمهِل السامريُون عامًا لإنجاز هذا الطلب عاشوه بقلق وحَيرة، إذ لا يجوز لهم دينيًّا إقامة التماثيل. وأخيرًا توصّلوا لحلّ يُرضي الطرفين، تسمية كلّ ذَكر يُولد خلال ذلك العام بالاسم: إسكندر. وعند مجيء الإسكندر لرؤية تمثاله ولم يُقَم بعد اغتاظ جدًّا وهدّد بإنزال أشدّ العقوبات على السامريّين. تقدّم الكاهن الأكبر نحو الإسكندر قائلا: إنّنا صنعنا لك أيّها الإسكندر أجملَ تمثال وبدأ ينادي إسكندر، إسكندر، يا إسكندر، فتهافت الكثيرون وتجمّع حشد غفير ففرح الملك وصفح. وممّا يجدُر ذكره بأنّ السامريّين لم يهجروا كليةً مدينتهمُ المقدّسة نابلس في أيّة فترة تاريخيّة معروفة لنا.
جبلُ جِريزيم والقدس
يُعدّ الخلاف حول المكان المقدّس الذي اختاره الله، أحد الفروق الرئيسة التي تميّز اليهود الربّانيّين عن السامريّين. بالنسبة لليهود يِروشَلايم/القدس هي المكان المقدّس منذ زمن داؤود وسليمان إذ فيها جبل الموريا، حيث همّ إبراهيم الخليل بتقديم ابنه اسحق تضحية لله. داؤود الملك نقل تابوت العهد/ארוֹן הברית إلى القدس وقدّسها لأغراض سياسيّة ترمي إلى نقل المركز إلى مملكة يهودا وجعلها عاصمة لمملكته. ثمّ بنى ابنُه الملك سليمان الهيكل هناك. أمّا السامريّون فيعتقدون بأنّ جبل جريزيم في نابلس هو المكان المقدّس الذي اختاره الربّ. يقول السامريّون بأن جبل جريزيم قد ورد ذكرُه في التوراة عدة مرّات (الخروج 20: 14؛ التثنية 5:18، 11: 29، 27: 4، 12) في حين لا ذِكرَ لاسم القدس بتاتًا في أسفار موسى الخمسة. وتجدر الإشارة إلى أنّ الوصيّة العاشرة في التوراة السامريّة هي، كما سنرى لاحقًا، قُدسيّة جبل جريزيم. هذه الوصية لا وجودَ لها في التوراة اليهوديّة اليومَ، ويدّعي السامريّون بأنّ عِزرا الكاتب/עזרא הסופר (القرن الخامس ق. م.) قد أضاف وحذف في التوراة وحتّى بدّل الحروف العبريّة القديمة إلى حروف أشوريّة- مربّعة (Assyrian/square letters) وبالعبريّة:כְּתָב אַשּוּרִי, כְּתָב עבְרִי, כְּתָב יְהוּדִי. (اُنظر: https://www.yahadut.org.il/maamarim/haktav.pdf,
https://en.wikipedia.org/wiki/Hebrew_alphabet).
א ב ג ד ה ו ז ח ט י כ ל מ נ ס ע פ צ ק ר ש ת. الرسم السامريّ
א ב ג ד ה ו ז ח ט י כ ל מ נ ס ע פ צ ק ר ש ת. ם ן ץ ף ך.
يؤمن السامريّ بأنّ نوحًا قدّم قربان الشكر للخالق بعد الطوفان على جبل جريزيم (הרגריזים)، وعليه همّ إبراهيم الخليل بتقديم ابنه إسحاق وعليه نام يعقوب ورأى سُلّمًا منصوبًا وعليه الملائكة وإليه توجّه ولاذ إثر حادثة ابنته دينه مع شكيم بن حمور وخوفه من الكنعانيّين (تكوين 3 4، 35)، إليه تضرّع موسى لمشاهدته وعليه بنى تلميذه يوشع بن نون هيكلَ موسى.
كتب مرقه، أعظم علماء السامريّين، أنّ جبل جريزيم كان قبل الخليقة وهو المكان الوحيد الذي لم يتعرّض لطوفان نوح عام 210 4 ق. م.، إذ لا يجوز أن يُلوَّث هذا المكان الطاهر بالجثت وهو الوحيد الذي لن يُهدم في عاقبة الأيّام، في يوم الدينونة. ويقول السمرة أيضًا إنّ جريزيم هو جبل الموريا، نسبة لسهل موره وهو عَسْكَُر بالقرب من نابلس حيث أقام إبراهيم خيمته. إنّه مركز العالم ومن ترابه جُبل آدم وهو المكان المختار على وجه كلّ البسيطة (דמע דיבשתה) وستتدفّق منه في الآخرة مياه حيّة، كما أنّ تابوت العهد مخبّأ فيه وسيُكشف عنه في نهاية الأيّام.
الوصايا العشر في التوراة السامريّة، سفر التكوين 20: 2-13؛ التثنية 5: 6-18:
1) لا يكون لك آلهة أُخر أمامي
2) لا تُقسم باسم الله الهك باطلا
3) احفظ يوم السبت لقدسه
4) أكرم أباك وأمك حتى تطول مدتك على الارض التي الله الهك معطيك
5) لا تقتل
6) لا تزنِ
7) لا تسرق
8) لا تشهد على صاحبك شهادة زور
9) لا تشته بيت صاحبك ولا تشته زوجة صاحبك، بُرّه عبده وأمَته بقره وحميره وكلّ ما لصاحبك
10) اِحفظ قدسيّة جبل جريزيم، المكان المختار حيث مذبح الله.
يوم الدينونة وتاهب أو المهديّ
جاء في إنجيل يوحنا 4: 25 على لسان المرأة السامريّة "أعرف أن المسيا (أي المسيح) سيجيء ومتى جاء أخبرنا بكل شيء". واللفظة "تهب" اسم فاعل من الأصل "توب" الآراميّ والمعنى "العائد" أو "التائب". وُصف التاهب في مصادرَ سامريّة من القرون الوسطى بأنّه ملك. التاهب كموسى يُحضر التوراة وخيمةَ العهد (Tabernacle) وعصا أهرون (the Staff of Aaron) والمنّ ويقوم بصنع العجائب ويجدّد تقديم الأضاحي إلا أنّه ليس كاهنًا وسيوفّق بين بني اسرائيل. إنّه موسى الثاني.
لا يُعرف متى سيجيء إلّا أنّ التوبة شرطٌ لمجيئه وسيكشف الحقيقة. ويعاقب الخطاة مدّة أربعين سنة. بقدوم التاهب تنتهي فترة السُّخط "الفانوتا" التي يقلّ فيها النسل وتبدأ فترة الرضوان "الراحوتا". عندها يُبنى الهيكل على جبل جريزيم وستُستأنف الأضاحي وتبدأ المملكة الثانية والتاهب سيحكم على العالم بأسره مدّةَ مائة وعشرين سنة وبعد دفنه تقوم القيامة. لقد صُوّر الفردوس وكأنه مظهر من جبل جريزيم إذ أنّه بمثابة بوّابة جنّة عدن والشرّير سيُحرق بالنار.
ذكر رحّالة الأراضي المقدّسة الذين زاروها في عقود القرن التاسع عشر الأولى بأنّ السامريّين كانوا ينصبون الخيام على جبل جريزيم، الجبل الأزليّ، وهناك كانوا يُبْقون العذارى وحدهنّ مدّة عشرة أيّام آملين أن تحبَل واحدة منهنّ وتُنجب المسيح.
الصَّلاة
حلّت محلّ تقديم القرابين في هيكل موسى كليم الله بعد دماره. صلاة الصباح بدلًا من صعيدة الصباح وصلاة المساء بمثابة صعيدة المساء وهلُمّ جرّا. الصلاة مجموعة من التأمّلات والتسبيحات ورفع الدعاء والتضرّع لله خالق السماوات والأرض، والقِبلة هي جبل جريزيم. الصلاة واجب على الرجال والنساء على حدّ سواء، إلا إذا كانت النساء في حالة الحيض أو النفاس. الوضوء فرض واجب قبل الصلاة بالسجود والركوع. ومعنى الوضوء غسل السبيلين ثم غسل كلّ عضو ظاهر ثلاثًا وتِلاوة آيات خاصّة من التوراة تسمّى بالقَطف وهي دِعامة الصلاة السامريّة. والقطف مجموعة من فقرات توراتيّة مرتّبة حسب ورودها وتُعنى بموضوع معيّن أو شخصيّة ما. بعض الصلوات لا سجود أو وضوء فيها مثل صلاة الميّت وصلاة الخِتانة وصلاة الاستسقاء وصلاة الكسوف والخسوف. يخلو الكنيس (هنالك في الوقت الراهن أربعة كُنُس مستعملة، اثنان على جبل جريزيم والآخران في حولون) من أيّة صورة أو نقش أو كتابة على جدرانه ولا أثاث فيه. أرضيّة الكنيس مغطّاة بالسجّاد أو الحصير وهناك بعض الإسكملات لوضع نسخ التوراة عليها. ينزع السامريّ حذاءه كالمسلم قبل دخوله الكنيس (שַׁל-נְעָלֶיךָ, מֵעַל רַגְלֶיךָ–כִּי הַמָּקוֹם אֲשֶׁר אַתָּה עוֹמֵד עָלָיו, אַדְמַת-קֹדֶשׁ הוּא" (שמות ג' , ה') ويمسح وجهه باليد اليمنى تبرّكًا ثمّ يقعد على السجّاد معظم وقت الصلاة ورأسه غير مكشوف. صلوات السبت سبع وهي صلاتان ليلةَ السبت وأُخريان صبيحة السبت، الأولى في الكنيس والثانية في البيت وتتضمّن هذه الصلاة قراءة فصل من التوراة. عند ظهيرة السبت تقام صلاتان وعند المساء تكون الصلاة السابعة. ويوم السبت هو الأقدس لدى السامريّين، أكثر من يوم الغفران.
يجوز لدى السمرة إقامة الصلاة العامّة إذا اشترك شخص واحد فقط مع الكاهن وليس كما هي الحال عند اليهود ووجوب ما يسمّى بالمِنْيان/מנין وهو عشرة ذكور بالغين.
الأعْيادُ
يحتفل السامريّون بأعياد التوراة فقط وهي سبعة: عيد الفسح أو عيد القربان، عيد الفطير أي العجين غير المختمر، عيد الأسابيع أو البواكير أو الحصيد، رأس السنة وهو رأس الشهر السابع، عيد الغفران، عيد العرش، عيد الثامن أو كما يسمّيه اليهود "سِمْحات توراه". وعليه لا أعياد وطنيّة أو قوميّة لدى السامريّين. يحُج السامريّون إلى جبل جريزيم، ثلاث مرّات سنويًّا في الأعياد الثلاثة: الفصح والأسابيع والعُرش. بعبارة أخرى، لا يحتفل بنو إسرائيل السامريّون كإخوانهم اليهود الربّانيّين بعيدَي الأنوار والمساخر (حانوكا وپوريم).
يحُِلّ أهمّ أعيادهم، عيد الفسح/القربان في الرابع عشر من الشهر الأول "بين الغروبين" (الغسق؛ اُنظر سِفر الخروج 12: 2 الخ.). يتجمّع كلُّ أفراد الطائفة السامريّة على جبل جريزيم (باستثناء المرضى والنساء الطامئات) قبل وصول الكاهن الأكبر ووجهاء الطائفة وفي معيّتهم الضيوف من عرب ويهود وأجانب إلى مكان الاحتفال. يرتدي الكاهن الأكبر جِلبابًا من الحرير الأخضر الزاهي والبالغون من وجهاء الطائفة يلبَسون جلاليب وعِمامات بيضاء أمّا الشباب وهم الأكثريّة فمتمنطقون ومنتعلون ويرتدون السراويل والقمصان البيضاء. تُفحص كلّ الأغنام والماعز قبل أن يقوم الجزّارون المختصّون من مختلف الأُسر بنحرها. وهنالك مرحلة "السميط" وهي عبارة عن صبّ الماء المغليّ على الخِرفان المذبوحة لنزع صوفها عنها إثرَ فحص الكاهن صلاحيّة طريقة النحر. كما يوزّع الخبزُ العويص (المصّة) والمارور على جميع أبناء الطائفة. بعد تنظيف الأضاحي من الداخل ومن الخارج تُملّح كلّ أُضحيّة وتُغرَز في نبّوت. قبل منتصف الليل بساعتين ونصف تُلقى الأضاحي في التنانير المشتعلة في المذبح المقام من الحجارة الغشيمة (بدون نقش) بشكل مستطيل. ثم تُسدّ فوّهاتُها بإحكام بشبكة حديد يعلوها الخيش وطبقة من الطين والشجيرات. النار تختنق والحرارة الملتهبة في التنانير تشوي الأضاحي جيّدًا خلال ثلاث ساعات. وفي منتصف الليل، عند خروج الملاك المُهلِك لضرب بواكير المصريين، تُخرَج الأضاحي من التنانير وتوضع في أطباق وتُنقل إلى البيوت وسْطَ التسابيح غير المنقطعة منذ بداية القربان. هنالك تُلتهم اللحوم كما ورد في سفر الخروج 12: 11 مع الخبز العويص والمارور ولا يحقّ لغير الطاهر كالطمث مثلا والغرباء المشاركة في الطعام أو حتّى مسّه. كلّ المتبقّي من اللحوم حتى الصباح يُحرق. يرمز هذا العيد، كما تعرفون، إلى ذكرى تحرّر بني إسرائيل من رِبقة عبوديّة فرعون، والخلاص على يد موسى والضربات العشر.
يوم الغفران أو يوم الصوم عيدٌ آخرُ هامّ، كلّه سبت وانقطاع تامّ عن أيّ عمل. يُعتبر كلّ من يُشقي نفسَه بمحض إرادته في هذا اليوم الطويل حوالي خمس وعشرين ساعة وكأنّه وُلد من جديد. في هذه المناسبة يقوم السُّمَرة بأداء الصلاة وتِلاوة التوراة من المساء وحتّى المساء التالي. في هذا اليوم يُنفَخ ببوق حريّة بني إسرائيل المنبثقة من الحرب ضد الخطيئة. الصوم في هذا اليوم واجب على الجميع، من الطفل المفطوم إلى المسنّ إذ ورد "إن كل النفس التي لا تُشقى في جُرم اليوم هذا تنقطع من قومها" [سفر اللاويين 23: 29]. تقوم نساء الطائفة وصباياها بمؤازرة صغار السن وإلهائهم حتّى انتهاء الصوم مساءً وعندها يتناول الجميع وجبة فاخرة تعقبها الاستعدادات لعيد العرش. في هذا اليوم فقط يحقّ للنساء التواجد في الكنيسة حيث تُقرأ التوراة كلّها.
النَّشاطُ التَّرْبَوِيُّ والثَّقافِيّ
تقوم الطائفة السامريّة بفعّاليّات شتّى، لقاءات ثقافيّة، مخيّمات، معارض، دورات دراسيّة خاصّة في الربيع والصيف، صفوف لتعليم التراث السامريّ أيّام الأحد - الخميس بعد الظهر. في عام 1969 بدأ صدور دوريّة ا.ب. أخبار السامرة ومن ثمّ إنشاء معهد ا. ب. للدراسات السامريّة. في غضون فصل الشتاء يقوم العديد من السامريّين بنشاط ملحوظ في نسخ أسفار التوراة وكتب/دفاتر الصلوات وإعداد بعضها للنشر لاستعمال الطائفة. كذلك هنالك فعّاليّات رياضيّة وجوقة موسيقيّة وميداليّة سامريّة تُمنح لشخصيّات تعمل من أجل السلام ولباحثين في الدراسات السامريّة. وهنالك المُتحَف السامريّ الذي أُقيم عام 1997 ونادي الشباب السامريّ ومركز السامريّ الطيّب (Good Samaritan) على جبل جريزيم.
أ. ب. أخبارُ السَّامِرة ومعهدُ ا. ب. للدّراسات السّامريّة
ا.ب. أخبار السامرة א. ב חַדְשוֹת השומרונים ( ص. ب. 1029، حولون 58110، إسرائيل) مجلّة سامريّة بدأت بالصدور في الأوّل من كانون الأوّل عام 1969 في مدينة حولون (يازور). مُحرِّرا هذه الدوريّة هما الشقيقان بِنْياميم/الأمين ويِفِت/حُسْني صدقة (عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.). هذه المجلّة، هي في الواقع، لسان حال الشعب السامريّ ومِنبر للأبحاث السامريّة. من مميّزات هذه المجلّة أنّها تحتوي عادة على أربعة أنماط من الخطوط الأبجديّة: العبريّ القديم أي السامريّ والعبريّ الحديث أو الحرف الأشوري/المربّع والعربي واللاتيني أي: א. ב، ג, ד, ה/ א. ב. ג. ד. ה، أ. ب. ج. د. هـ. A, B, C, D, E- مادّة المجلّة تُكتب في معظمها بالعبريّة الحديثة. يبلغ عدد نسخ المجلّة ألفين منها 300 نسخة تُوزّع على عائلات السامريّين. وصل عدد أعداد المجلّة حتّى أوّل آب 2023، 1395. أمّا معهد ا.ب. للدراسات السامريّة فقد أُقيم في تسعينيّات القرن الفائت في حولون. يؤمّ المعهد باحثون وطلابُ جامعات ومعاهدَ عُليا ويحظون بالمساعدة والمشورة في أبحاثهم.
لمحةٌ تاريخيّة، الأصْلُ والانشقاق
من الصعوبة بمكان إعادة بناء الجزء الأكبر من التاريخ السامريّ بسبب شُحّ المصادر التي بحوزتنا حتى القرن الرابع م. هنالك رافدان أساسيّان للتاريخ السامريّ، المصادر التاريخيّة السامريّة وهي قليلة ومصادر غير سامريّة. وَفق الرافد الأوّل فالسامريّون يتحدّرون من سبط ليڤي/لاوي وهم الكهنة ومن سبطي إفرايم ومنشه ابني يوسف. دخل السامريّون الأراضي المقدَّسة بقيادة النبيّ موسى حوالي 1500 ق. م. بنو إسرائيل السامريّون هم بقايا شعب قديم كان يقطن في مملكة إسرائيل القديمة في الشمال. أُنيطت محاولاتُ توحيدهم ببني إسرائيل اليهود لشعب واحد وعقيدة دينيّة واحدة بأيدي زعماء اليهود في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد.
يبدو أنّ الانشقاق النهائيَّ بين اليهود والسامريّين قد تمّ في القرن الثالث ق. م. الجدير بالذكر، من جهة أُخرى، أنّ أصل السامرييّن على ضوء سِفر الملوك الثاني 17: 2 4–25 هو من "كوث" (مدينة سومريّة أكّاديّة قديمة وتعرف اليوم بتل إبراهيم) في بلاد ما بين النهرين، ومن هنا جاءت تسمية اليهود لهم بـ"الكوثيين". أي أنّهم من السبي الأشوريّ سنة 722 ق. م. وعليه فهم خليطٌ عرقيّ.
וַיָּבֵא מֶלֶךְ אַשּׁוּר מִבָּבֶל וּמִכּוּתָה וּמֵעַוָּא וּמֵחֲמָת וּסְפַרְוַיִם וַיֹּשֶׁב בְּעָרֵי שֹׁמְרוֹן תַּחַת בְּנֵי יִשְׂרָאֵל וַיִּרְשׁוּ אֶת שֹׁמְרוֹן וַיֵּשְׁבוּ בְּעָרֶיהָ. וַיְהִי בִּתְחִלַּת שִׁבְתָּם שָׁם לֹא יָרְאוּ אֶת יְהוָה וַיְשַׁלַּח יְהוָה בָּהֶם אֶת הָאֲרָיוֹת וַיִּהְיוּ הֹרְגִים בָּהֶם.
وأتى ملك أشّور بقومٍ من بابلَ وَكوتَ وعوّا وحَماةَ وسَفَروايِم، وأسكنهم في مدن السامرة عِوَضًا عن بني إسرائيل، فامتلكوا السامرة وسكنوا في مدنها واستوطنوها. وكان في ابتداء سَكَنهم هناك أنّهم لم يتّقوا الربّ، فأرسل الربُّ عليهم السباع فكانت تقتل منهم.
أمّا السامريّون فيعتقدون أنّهم بنو إسرائيل الحقيقيّون وأنّ اليهود انفصلوا عنهم واختلطوا بشعوب أُخرى. ويضيفون أنّ تاريخهم يبدأ بخلق آدم وأنّ نوحًا هو جدّهم العاشر وإبراهيم الخليل جدّهم العشرون وصولًا إلى النبيّ موسى. بإيجازٍ شديد يقول كلُّ واحد من الطرفين، الربّانيّون والسامريّون، للآخر أنتم زيّفتم توراتكم. الفريق الأوّل اهتمّ بـ כָּתְבו לכם /كتبوا لكم أمّا السامريّون فديدنهم אָמְרו לכם /قالوا لكم.
هنالك بعض الاتّفاق في الرأي لدى الباحثين اليوم بشأن أصل السامريّين، وبموجبه لا يمكن القول إنّ الانشقاق بين اليهود والسامريّين حدث نتيجةَ حادث واحد فقط. إنّ الفترة الزمنيّة التي حدث فيها هذا الانشقاق قدِ امتدّت على بضعة قرون. ولا شكّ أنّ الخلاف الأساسيّ الذي نشِب بين الطرفين كان بخصوص تحديد موقع الهيكل. ويُطرح سؤال وجيه: هل الانشقاق كان نتيجة عوامل إثنية أو مذهبيّة أو شخصيّة؟ جبل جريزيم هو محور التاريخ السامريّ منذ أقدم الأزمنة وحتّى يومنا هذا. تقع نابلس بين جبلين، جريزيم في الجنوب وعيبال في الشمال ويسمّي السامريّون جبلهم بجبل البركة/בְּרָכָה والآخر بجبل اللعنة/קְלָלָה.
في الماضي سكن السامريّون في مدن فلسطينيّة عديدة مثل غزّة والرملة ويافا وعسقلان وعكّا وقيساريا وطولكرم كما سكنوا في سوريا ومصر والعراق وإيران وتركيا ولبنان والهند وشمال افريقيا واليونان وإيطاليا وأرمينيا. في تلك العصور كان عددهم كبيرًا، ففي القرن الأوّل للميلاد وصل عددهم إلى حوالي 100 ألف نسمة، وفي القرنين الرابع والخامس للميلاد بلغ عددهم حوالي المليون نسمة. في بداية الحكم العثمانيّ على الأراضي المقدّسة وصل عددهم إلى حوالي 220 نسمة فقط في نابلس.
في غضون تاريخهم الطويل تعرّض السامريّون إلى ملاحقات وأحكام تعسفيّة ومجازرَ عدّة وإكراه لاعتناق الإسلام أو المسيحيّة. ومن العائلات السامريّة التي تأسلمت يمكن التنويه بالأسماء التالية المعروفة اليوم في فلسطين والشام: العظم والنحّاس ويعيش (מתוחיה) وعكر وصوفان ومسلماني ومَرقه والدنفي والمطري. فترات الازدهار الثقافيّ السامريّ هي القرن الرابع للميلاد، بابا رابّا ومَرْقِه بن عمرم بن سيرد في القرن الرابع للميلاد، القرن الحادي عشر ثمّ القرن الرابع عشر. يمكن القول إنّه لاهوتيًّا لم يُضَف أيُّ شيء ذي بال بعد عصر مَرْقِه كبير اللاهوتيّين. ربّما كان عدد السامريين المتضائل وصراعهم ضدّ الاندثار قد حالا دون انتاج فكريّ وفير كسائر الشعوب الساميّة. لاقى السامريّون اضطهادًا في فترات معيّنة من الحكم العربيّ الإسلاميّ لا سيّما في عهد الخلافة العباسيّة. ويُروى أنّ الملك الناصر محمّد بن قلاوون 1302-13 43، كان أوّل من أمر السامريّين بارتداء العمائم الحمراء والمسيحيّين السوداء واليهود الزرقاء. كما قاسى السامريّون في نهاية القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر، وعلى وجه التحديد ما بين 1785 -1820، حيث أنّهم مُنعوا من ممارسة واجباتهم الدينيّة على جبلهم المقدّس، جريزيم في نابلس. وفي عام 18 41 أقرّ العلماء المسلمون في نابلس بأنّ السامريّين ليسوا من أهل الكتاب ولا يؤمنون بموسى بل هم عابدو العجل (اُنظر تفاسير سورة طه آية 95) . كان ذلك، كما يبدو، انتقامًا منهم لما حصلوا عليه من امتيازات ومنافعَ من الحكم المصريّ في الدولة العثمانيّة. اجتاز السامريّون هذه المحنة بتسلّم وثيقة من الحاخام اليهوديّ العامّ في القدس، حاييم أڤْراهام چاچين (1785–18 48)، تقضي بأنّ السامريّين فرعٌ من الإسرائيليّين ويؤمنون بالتوراة، كما أغدقوا العطاء، أي قدّموا الرشوة.
قد ورد في التلمود عن السامريّين لا سيّما في سِفر "كوتيم" ما معناه. متى نقبلهم؟ عندما يكفرون بجبل جريزيم ويعترفون بالقدس وقيامة الموتى؛ مسالك الكوتيّين أحيانا كالچوييم/الأغيار وأحيانًا كبني إسرائيل وأكثرهم كبني إسرائيل". وورد أيضا في التلمود بأنّ السامريّين "يشدّدون في كلّ فريضة دينيّة يقومون بها أكثر من اليهود". تُجرى مراسيم الخِتانة، على سبيل المثال، في فجر اليوم الثامن حتّى ولو صادف ذلك اليوم يوم سبت أو عيد الغفران. عدم القيام بهذه الفريضة الأساسيّة يعني كما جاء في سفر التكوين 17: 1 4 "وأي أقلف ذكر لا يختن بشْر قُلفته فلتقطع تلك النفس من قومها عهدي فسخ". أمّا إذا كان المولود خديجًا فلا يُختن إلا بعد إخراجه من الحاضنة (incubator) بثمانية أيّام كما أفتى الكاهن الأكبر ناجي خضر سنة 1960. يتحتّم على الخاتن أن يكون مختونا.
إذا رغِب القارىء في البحث عن السامريين (تحت لفظة Samaritans) في محرّكات البحث في الإنترنت فإنّه سيفاجَأ بالكم الهائل من الإحالات التي لا صلةَ لها البتّةَ بهذه الطائفة التي نحن بصددها. منظّمات إنسانيّة خيريّة وأخرى لا حصر لها في عالمنا هذا، تطلق على نفسها هذا الاسم المستمدّ من مَثل "السامري الصالح" (The Good Samaritan) في العهد الجديد (لوقا 10: 25–37).
فِرَق سامريّة
كما أنّ اليهوديّة في العصور الغابرة كانت مؤلّفة من فرق كثيرة جدًّا (مثلًا: الصدوقيّون، الفِرّيسيّون والإسيّون) كذلك كانت الحال بالنسبة للسامريّين لا سيّما في الحِقبة الزمنيّة الواقعة ما بين القرن الثاني إلى القرن السادس للميلاد. وبعد الحكم الإسلاميّ كانت هناك قبائل سامريّة كثيرة سكنت في سوريا الكبرى. معظم هذه الانشقاقات حدثت في الفترة البيزنطيّة وبعضها في القرون القليلة ق. م. من هذه الفرق الشهيرة الدُّسْتان (أو الدَّسْتان) نسبة لدوسيس المؤسّس في القرن الرابع للميلاد. إنّ أتباع هذه الفرقة كانوا متشدّدين جدًّا، فمثلا لم يبرحوا بيوتهم يوم السبت ولم يُطعموا حيواناتِهم ولم يُخرجوا أيديهم من أكمامهم. ومن عاداتهم الغريبة أنّهم كانوا يضعون حذاء في قدمي الميت وعصا بيده وزُنّارًا على خصره كأنّه في سَفر، إذ أنّهم آمنوا بقيامة الموتى. هناك بناء على بعض المصادر السامريّة تسع فرق دستانية.
الأدبُ السَّامِريّ
العمود الفِقْريّ لهذا الأدب هي التوراة، فهي البداية والنهاية بالنسبة للسامريّ وهي موجودة بالأصل العبريّ السامريّ ذي التقليد القديم في التِّلاوة وهناك ترجمتان لهذه التوراة إلى اللغة الآراميّة السامريّة وإلى اللغة العربيّة. أضف إلى ذلك ثمّة مقتطفات لترجمة يونانيّة، السمارتيكون، وفي العام 2013 صدرت ترجمة بالإنچليزيّة.
هذه الآية الأولى في سِفر التكوين/الخليقة:
بالعبريّة: בראשית ברא אלהימ את השמים ואת הארצ
بالآراميّة: בקמאותא טלמס אלהה ית שומיה וית ארעא
بالسريانيّة: ܒܪܺܝܫܺܝܬ̥ ܒܪܳܐ ܐܰܠܳܗܳܐ ܝܳܬ̥ ܫܡܰܝܳܐ ܘܝܳܬ̥ ܐܰܪܥܳܐ
في البداية خلق الله السماواتِ والارض.
ما تبقّى من الأدب السامري يمكن تقسيمه إلى قسمين: ما قبل الإسلام وهو بالآراميّة وما بعد الإسلام وهو مكتوب بالأساس بالعربية الوسطى باستثناء الليتورجيا.
التَّوْراةُ السَّامِريّةُ والتَّوْراةُ الْيَهُودِيّةُ
تختلف التوراة السامريّة (Samaritan Pentateuch, SP) عن التوراة اليهوديّة (Masoretic Text, MT) في أكثرَ من 6000 حالة تقريبا. نصيب الأسد من هذه الاختلافات لا يؤدّي إلى اختلاف كبير في المعنى. مثال على ذلك الفرق الأول: تكوين 1: 11 ففي النصّ السامريّ ועץ وفي النصّ اليهوديّ بدون واو العطف (شجر)، ويذكَر أن لا حركات في النصّ السامريّ وعدد القطع (פרשוֹת) فيه 966 وفي التوراة اليهوديّة 669. أمّا بخصوص الفروق الهامّة بين التوراوتيْن فنشير في هذه العُجالة إلى ثلاثة، اثنين يتعلّقان بالمكان المقدّس لدى السامريّين ألا وهو جبل جريزيم في نابلس. الفرق الثاني متمثّل في صيغة الفعل בחר الوارد 21 مرّة في سِفر التثنية، في النصّ السامريّ ترد صيغة الماضي "اختار" في حين أنّنا نجد صيغةَ المستقبل יבחר/"يختار" في التوراة اليهوديّة، اُنظر سفر التثنية 12: 5، 11، 1 4، 18، 21، 26؛ 1 4: 23، 2 4، 25؛ 15: 20؛ 16: 2، 6، 7، 11، 15، 16؛ 17: 8، 10؛ 18: 6؛ 26: 2؛ 31: 11. والفرق الثالث وارد في سفر التكوين 2: 2 حيث يقول النصّ السامريّ (وكذلك الترجمة السبعينيّة، Septuaginta) إنّ الله أكمل عمله في اليوم السادس في حين أنّ التوراة اليهوديّة تقول إنّ ذلك كان في اليوم السابع.
السَّامِريّونَ في الإنْجيل (NT)
كان بعض السامريّين قدِ اعتنق الديانة المسيحيّة، كما يبدو جليًّا من إنجيل يوحنّا الإصحاح الرابع. كانت الأكثريّة الساحقة من الشعب السامريّ ضدّ المسيحيّة. صُلب المسيح في عهد الكاهن الأكبر يهونتان بن يهويقيم الذي ترأّس الكهنوت 27 عاما. ويبدو أن بعض أسفار العهد الجديد لا سيّما إنجيل يوحنّا تتوجّه إلى السامريّين وتخاطبهم، مثل الاهتمام بالمرأة السامريّة في الإصحاح الرابع والإشارة إلى "قطيع آخر" في الإصحاح العاشر والعدد 16 وكذلك استخدام تشبيه النور السامريّ الهامّ. وهنالك من يرى في خطاب اسطفان في سِفر الأعمال الإصحاح السابع أُصولًا سامريّة فهو كالسامريّين ضدّ وجود الهيكل (خيمة الاجتماع) في القدس والكهنوت ويشير إلى التثنية 18: 18. أضف إلى ذلك فإنّ الرسالة إلى العبرانيّين في العهد الجديد قد تكون موجّهةً للسامريّين فهم يدعون بهذا الاسم.
كلّ من يقرأ العهد الجديد بتأنٍ لا بدّ أنّه يتذكّر بأنّ ذِكرَ السامريّين قد ورد فيه عدة مرّات وأنّ موقف المسيح إزاءَهم عامّة كان إيجابيًّا، ومكث بينهم يومين وآمن به الكثيرون منهم (إنجيل يوحنا، الإصحاح الرابع). كما كرز في السامرة بعد صعود يسوع إلى السماء فيلبس الشمّاس والرسولان يوحنّا وبطرس (أعمال الرسل، الإصحاح الثامن). وقصّة "السامريّ الصالح" الشهيرة (لوقا 10: 30–37) تعكس ذلك وتعكس أيضا العداء والقطيعة اللذين كانا مستشريين بين اليهود الربّانيّين والسامريّين زمن المسيح (اُنظر: متّى 10: 5؛ لوقا 9: 51-56, 10: 25-37, 17: 11-18؛ يوحنّا 4: 4- 42,8: 48؛ أعمال الرسل 8: 5-25 ).
الأبْحاثُ السَّامِرِيّةُ
إنّ اهتمام الباحثين الغربيّين بالكتاب المقدّس لدى السامريّين في نابلس ودمشقَ وغزة والقاهرة جعلهم يتّصلون بأبناء الطائفة مباشرةً أو بالمراسلة بغية الحصول على معلومات وعلى مخطوطات. استهلّ هذه المراسلة مع سامريّي القاهرة ونابلس، التي استمرّت حوالي قرنين ونصف يوسف سكاليچر الأب (Joseph Scaliger, 15 40-1609) في أواخر القرن السادس عشر. من تلك المراسلات عرف الغرب عن السامريّين مثلًا: اسمهم "شاميريم" (ŠāmērƏm) أي "المحافظون على قدسيّة السبت"؛ لا يخرج السامريّ من بيته يوم السبت إلا لغرض الصلاة. لا عمل بتاتا يوم السبت، فهو مكرّس للصلوات ولتسبيح الربّ وللقراءة في التوراة. لا جِماع في ليلة هذا اليوم ولا ركوب على البهائم أثناءه بعكس ما يفعله اليهود. الامرأة التي تُنجب ذَكرًا تكون غيرَ طاهرة مدّةَ 41 يوما أمّا إذا كان المولود أُنثى فأيّام العُزْلة 80. يحافظ السامريّون على توراة أبيشع القديمة في نابلس ويقومون بزيارة قبور الصدّيقين. يكره اليهودُ في الديار المقدّسة السامريّين، يؤمن السامريّون بمجيء المسيح "التاهب" وبيوم الدينونة. وتُسمّى هذه المراسلة باسم مراسلة السامريّين لإخوتهم الوهميّين (imaginary brothers). وقد كتب السامريّون لسكاليچر ”نسألك بحقّ الربّ، ونستحلفك باسمه المقدّس، أَلّا تردّ طلبنا دون إجابة. هل يوجد بينكم كهنة ينحدرون من نسل لاوي، أو هارون، أو فينحاس، أو هل لديكم كهنة على الإطلاق؟“
تلك المراسلات كانت مصدرَ البحث الوحيدَ لدى الباحثين الغربيّين. بعد ذلك أخذ بعض الرحّالة الغربيّين بالتطرّق إلى جوانبَ مختلفة في حياة السامريّين الذين زاروهم، مثل قلّة عددهم ومشاكل الزواج بين الأقارب لا سيّما أولاد العمّ والعادات والاعتقادات. نقطة تحوّل هامّة في هذا الصدد كانت سنة 1616 حيث تمكّن الرحّالة الإيطاليّ پيترو ديلا ڤَلّي (1586-1652 Pietro della Valle) من اقتناء توراة سامريّة بالعبريّة والآراميّة وبعض الكتابات الأخرى. وفي أواخر القرن التاسع عشر ازدهر البحث العلميّ السامريّ ومن أعلامه نشير إلى موسى چاستر وكاولي وهايدنهايم وكالي (Moses Gaster, Arthur Ernest Cowley, M. Heidenheim & Paul E. Kahle).
في خريف العام 1985 أُسّست جمعيّة الدراسات السامريّة SES - Société des Ètudes Samaritaines، في باريس بمبادرة الأب والمستشرق الدومينكيّ چاي سيسدنيي (Guy Dominique Sixdenie, 1917-2007) وفي صيف 1986 عقدت الطاولة المستديرة (table ronde) في باريس. عُقدت أوّلًا مؤتمرات عالميّة حول الدراسات السامريّة كلّ سنتين، عُقد المؤتمر الأوّل عام 1988 في تل أبيب والقدس، المؤتمر الثاني 1990 في كمبردج، المؤتمر الثالث 1992 في باريس، المؤتمر الرابع عام 1996 في ميلانو والمؤتمر الخامس عام 2000 في هلسنكي فحيفا فبودابست فهلّي وايْتِنْبرج في ألمانيا عام 2012 والتاسع في براغ عام 2016 والعاشر عام 2022 في بودابست. بعد كل ّ مؤتمر يصدر كتاب يضمّ المحاضراتِ، تلتحق وجوه جديدة وتختفي وجوه قديمة، وتبقى بعض الوجوه التي أسّست الجمعيّة وعددها الآن ثلاثة.
لم يكنِ السامريّون يومًا شعبًا حرًّا مستقلًّا خلال تاريخهم الطويل، منذ الأشوريّين والفرس والإغريق والرومان والأتراك وحتّى يوم الناس هذا. دينهم هو الذي وحّدهم وأبقاهم.
إنّ واقع هذه الأقليّات، وغيرها في الدول، التي لا تمارس النظام الديموقراطيّ، وفي جوهره تطبيق المساواة على جميع المواطنين، وما أكثرها، فالمواطن العربيّ والناطق بالعربيّة عاشها ويعيشها، لا يُحسد عليه. لا نغالي إذا قلنا، إنّ كيفيّة معاملة الأكثريّة للأقليّة، ينسحب إيجابًا أو سلبًا، على مدى وجود الحريّة والمساواة، أو عدمهما في أَيّة دولة. ما زال الإنسان في كثير من الأحيان، يعامل أخاه الإنسان، الذي يختلف عنه من حيثُ الدينُ أو العِرق أو اللون، معاملة بعيدة عن الإنصاف والمنطق السليم. تلك المعاملة، لا تمُتّ بأيّة صلة لا بأديان البشر، ولا بمبادئ حقوق الإنسان في عصرنا المتحضّر، الذي يبدو في بعض الحالات محتضرا. على أصحاب القرار في المؤسّسات المختلفة، أن يعُوا بأنّ هذا الاختلاف يحمل في طيّاته ثراءً وتلاقحًا خلّاقًا بين أبناء الأعراق والجنسيّات المتباينة. ما زالت الطبيعة، حتّى في أقاصي شمال الكرة الأرضيّة وجنوبها، أقلَّ قسوةً وضراوة من شريحة كبيرة من بني البشر.
في تقديري المتواضع، يُحسِن السامريّون في نابلس وفي حولون صُنعًا، إذا ما لزِموا جانب الحياد بقدر الإمكان، إزاءَ الصراع الفلسطينيّ الإسرائيليّ الطويل بل الأطول في العصر الراهن، أو قُلِ الانحياز للحقّ والعدل، على ضوء قرارات الأمم المتّحدة والشرعيّة الدوليّة. تغليب المصلحة العامّة على المصالح الشخصيّة الضيّقة، سِلعة نادرة، وطوبى لمن يسعى بإخلاص من أجل الصالح العامّ، فهذا السعي مبارك ولن يُنسى أبدا. القال والقيل والأنانيّة والغيرة والحسد والنميمة آفات لا بدّ من محاربتها ولا بدّ للحقّ والعدل أن يتحقّقا.
A) ּAlan David Crown, A Bibliography of the Samaritans. Third Edition: Revised, Expanded and Annotated. ATLA Bibliography, No. 51. The Scarecrow Press, Inc. Lanham, Maryland. Toronto. Oxford, 2005.
598 صفحة، منها 575 صفحة الأولى وفيها 5 48 4 ثبتًًا ببليوغرافيًّا بين مقال، بحث، كتاب، معظمها بالإنچليزيّة. ص. 578-597 فهرس للموضوعات.
B) حسيب شحادة، ببليوغرافيا عربيّة وعبريّة عن السامريّين.
A.B.-Samaritan News-Weekly, index to Issues no. 959-952, 11/ 4/2006, pp. 2-27.
http://shomron0.tripod.com/201 4/septoct.pdf.
نسخة مُحتلنة بحوزتي، أُرسلها للراغبين.
C) https://www.academia.edu/3805270 4/Online_Samaritan_Bibliography_2018
https://www.youtube.com/watch?v=yMPTJE66ots
https://www.youtube.com/watch?v=RRW189wN7yg
قراءة في التوراة في عيد الفسح، سفر الخروج ١٥
القارىء : يِفِت /حسني صدقة.
https://www.youtube.com/watch?v=yRVSrN2LT7g
https://www.youtube.com/watch?v=0NTIJzwJbww
679 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع