د.سعد العبيدي
أخطاء في شروط التطويع
فتحت وزارة الدفاع باب التطويع على صنوفها جنوداً، وأعلنت عن شروط حددت فيها المستوى التحصيلي خريجي الدراسة المتوسطة والابتدائية حصرياً، ومدت أمد العمر لبعض الصنوف الى الثلاثين عاماً، شروطاً عند النظر اليها من النواحي العسكرية والنفسية، نجد أنها على وجه العموم ليست في صالح إعداد جيش عصري قادر على تأمين الردع والتعامل مع تهديدات الأمن القومي الخارجية، تلك المهمة الرئيسية للجيش وأي جيش في دول العالم، إذ أن مد العمر الى الثلاثين يعني خسارة عشر سنين وأكثر من القدرات البدنية الأعلى في سلم الأداء الإنساني، لازمة للتعامل مع ظروف العراق وأجوائه وطبيعة القتال بالضد من الإرهاب في ساحته، وتحديد الشهادة بمستوى الابتدائية والمتوسطة، يعني خسارة الجيش مستويات تحصيل أعلى، متيسرة بكثرة، كان في الإمكان الاستفادة منها في الزمن الرقمي الذي دفع بأساليب ووسائل القتال الى الأمام عشرات السنين، حدا باتت فيه الجيوش العصرية لا تقتصر في قتالها على البندقية المدفع.
يمكن أن يتفهم العراقي حاجة الدولة لتوسيع رقعة التطويع بغية امتصاص البطالة المتفشية في صفوف المجتمع، لكنه لا يقبلها في الجيش الذي يعاني في الأصل تخمة، وبطالة قتالية مقنعة غير مسبوقة، ستزيد هكذا أعداد غير نوعية، حجم البطالة وتضعف الأداء وإذا ما أضيفت اليها عودة المفسوخة عقودهم ستكون الأمور أقرب الى الكارثية.
ويمكن أن يتفهم المواطن مسألة التلاعب في حدود العمر التطوعي، حاجة سياسية لكسب الأصوات الانتخابية، لكنه لا يتفق وتطبيقاتها في المؤسسات العسكرية، إذ ثبت طوال أكثر من عشرين عاماً قتال في ساحة الإرهاب أن الأعمار المتقدمة لا تجاري توجهات الانفتاح الميداني لأغراض القتال في المناطق الجبلية والصحراوية، وليست لديها القابلية على المطاولة.
من هذا وأمور أخرى يمكن القول أن للجيش، وضع خاص، يحتاج من أولي الأمر في الدولة أخذه في الاعتبار، إبقاءه بعيداً عن توجهات السياسة وحساباتها التي أغرقت جسم الدولة بتعيينات وترقيات أسهمت في تدني الأداء، وأرهقت ميزانيتها العامة.
1636 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع