أحمد العبدالله
ما قلَّ ودلّ من أحداث العراق المحتلّ (٩)
(1). في العقدين الأخيرين من حكم صدّام حسين, انتشرت جداريات الرئيس وتماثيله في طول البلاد وعرضها؛ في الشوارع والساحات وبوابات الوزارات والمعسكرات والمؤسسات. وكانت نشرة الأخبار المحلية التي يعرضها التلفزيون الساعة السابعة مساء كل يوم, تهيمن عليها أخبار افتتاح المسؤولين في الحزب والدولة لتلك الجداريات, والتي غدت بابًا للتكسّب والارتزاق من قبل الانتهازيين والمنافقين. وعندما كان يُسأل الرئيس صدّام حسين من قبل الصحافة الأجنبية عن تلك الظاهرة, يجيب؛ بأن ذلك جانب من(حبّ الشعب لقائده)!!, ولا يجوز(حرمانه)من التعبير عنه بالطريقة التي يراها مناسبة!!.
أقول؛ يوم 9-4-2003 وما تلاه, قام(شعب الذُرى)بتحطيم تلك الجداريات التي كان يرقص تحتها عند افتتاحها!!. وخفَّ من أنشأها سابقا من(شيوخ عشائر)وغيرهم, ونصبوها على الطرق الخارجية القريبة من مضاربهم وكتبوا عليها أسماءهم تزلّفًا ورياءا, خفّوا إليها فأزالوها قبيل وصول القوات الغازية, بعد أن استنفذت غرضها. بل ارتبط تاريخ احتلال البلاد بتحطيم(الصنم)!! في ساحة الفردوس. ورأى صدّام حسين بعينيه مشاهد كثيرة من(حبّ الشعب لقائده)!!, ولكنها معكوسة هذه المرّة!!.
*****
(2). هو من المقرّبين جدًا للرئيس صدّام حسين, وبينهما علاقة عائلية ومصاهرة, وأغدق عليه الكثير؛جاهًا ومالًا. وبحكم تلك العلاقة, فقد عاث هو وأولاده الثلاثة في الأرض فسادا. ظهر مرة في برنامج تلفزيوني في أوائل التسعينات بمناسبة الاحتفال بـ28 نيسان مستذكرًا أيام(النضال السلبي)مع صدّام حسين قبل عام 1968, وخلال حديثه استبدَّت به نوبة من النشوة والحماس, فأقسم قائلا؛(وشرف الله وشرف الريّس)!!. ولكن في الأيام الأولى للاحتلال وانقضاء حكم صدّام حسين تنكّر لكل ذلك!!. وليس هذا فقط, بل نُقل عنه كلام غير لائق فيه تعريض بـ(شرف الريّس)!!, والذي كان يُقسم به قبلًا!!.
أقول؛ من أمثال هذا كثيرون, وهم الذين قصدهم صدّام حسين بعد أسره بقوله؛(أشبعتُ الكلاب وجوّعتُ الأسود)!!. ولكن فات الأوان يا ريّس, و(الكلاب كبرت)!!.. يا ريّس, وصارت تعضّ حتى من أطعمها.. يا ريّس, وكما زرعتَ حصدتَ.. يا ريّس.
*****
(3). غريب جدا هذا التهافت الدولي والعربي لزيارة بغداد وتقديم الدعم والإسناد لحكم حثالات إيران الطائفي, رغم سجلهم المثقل بجرائم القتل والتغييب والتعذيب والتبعيّة المطلقة للفرس, وانتهاكاتهم لمبادئ حقوق الإنسان الأساسية, إضافة لجرائم الفساد ونهب ثروات البلاد وتهريبها إلى إيران. بينما كان العكس هو الذي حصل في عهد دولة العراق قبل 2003, فقد كان الحصار قاسيا وصارمًا, ليس اقتصاديا فحسب, بل سياسيا ودبلوماسيا وثقافيا ودوائيا وأعلاميا!!.
2122 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع