احمد الحاج
الى الأمم التي تفكر بأمعائها وكروشها فقط ...
الاكتفاء بمقاطعة المنتجات والالبان لن تنصر النبي ﷺ ولا القرآن !
لاشك أن الدوران في دوامة مقاطعة"المنتجات ولاسيما الأغذية المعلبة منها والعصائر والحلويات والالبان" احتجاجا على " الرسوم المسيئة " وكارثة"حرق نسخ من القرآن" المتكررة قد أصبحت قديمة ومستهلكة وغير مجدية بالمرة ولا تقل تهافتا عن البيانات الخجولة التي لا تتجاوز حدود الشجب والاستنكار والادانة كالمعتاد ولاسيما وأنها قد أثبتت فشلها فضلا على - كونها مرحلية ومؤقتة - إذ سرعان ما ستضعف-الكروش- العربية التي أدمنت -التسمين والنفخ والارضاع والعلف والتدجين - الاسكندنافي أمام اغراءات المشروبات والمرطبات والحلويات والمعلبات ومنتجات الالبان الاسكندنافية لتجد-صاحب كرش - تقدمي، وخلفية رجعية ، وهو يرفع شعار المقاطعة بيد ، فيما يلعق أصابع يده الأخرى بعد تناول منتجات الألبان والصوصج والمرتديلا والهوت دوغ والكيك وبقية المنتجات الغذائية جريا على عادة أصحاب الكروش والقروش و-النفوس الضعيفة والدنية-!
الرد الحقيقي على ما فعله مواطن سويدي من أصول عراقية يدعى "سلوان موميكا" وعمره (37 عاما) حين أحرق المصحف الشريف بعد اهانته في أول أيام عيد الأضحى أمام الجامع الكبير في ستوكهولم بحماية الشرطة السويدية التي لم تكتف بالسماح له والفرجة عليه من دون أن تحرك ساكنا بل واعتقلت كل من حاول منعه كذلك ،إنما يتمثل بوقف تصدير النفط والغاز،وبعقد قمة عربية طارئة، باستدعاء السفراء وتعليق عمل السفارات ،بالاحتجاج السلمي أمام القنصليات والملحقيات،بتجميد أو الغاء مذكرات التفاهم وتعليق الاتفاقات،بإيقاف عمل الشركات السويدية وتجميد التعامل معها لحين الاعتذار والتعهد بعدم العودة والتكرار، بمقاطعة شركات النقل والطيران السويدية والنرويجية والدنماركية ، بتقديم شكاوى رسمية شديدة اللهجة لدى الحكومات الاسكندنافية تستنكر وبشدة حصول المتطرفين على موافقات رسمية لتدنيس المصحف الشريف بزعم حرية التعبير عن الرأي بين الحين والآخر، وانذار " أحفاد الفايكنج " من أن تكرارها مستقبلا من شأنه إنهاء العلاقات الدبلوماسية،وتوتير الأجواء السياسية،وإغلاق السفارات والملحقيات والقنصليات، وتجميد الشراكات والشركات،ووقف الاستيراد والتصدير ولو كان بالمليارات"ولاسيما بوجود البدائل الدولية التي أحدثتها التعددية القطبية العالمية ! ".
أمة لا تنصر دينها ولا نبيها ولا قرانها،ما قيمة وجودها،وما جدوى حياتها ؟!
سيقول قائل " ولكن ما تدعو اليه لا يعدو أن يكون مجرد أضغاث أحلام مريضة ، وأمنيات مجهضة لن تتحقق لأن الحكومات العربية لن تطبق ولو بالحد الأدنى منها على أرض الواقع".
فأجيبه قائلا" بأن العالم اليوم كله يتغير من أقصاه الى أقصاه على مستوى الشعوب والحكام بالتزامن مع بروز ظاهرة التعددية القطبية الدولية ، والعودة الى الجذور الحضارية والتراثية والقومية والعرقية والدينية بدءا من الهند التي عادت الى ثقافة - الهندوتڤا- كذلك تفعل روسيا والدول المتحالفة معها ولاسيما صربيا ، بالعودة الى جذورها- الارثوذكسية - كذلك تفعل دول الهند الصينية وجنوب وشرق اسيا،التي تعيد إحياء ما يسمى بالبوذية الشمالية (فاجرايانا)، والشرقية (ماهايانا)، والجنوبية (تيرافادا)، وما يصدق على كل هؤلاء ممن ينافحون عن مقدساتهم وكتبهم وديانتهم ولن يقبلوا بتدنيسها ولو بالحد الأدنى ، يصدق على سواهم ، فلماذا يخرج العرب والمسلمون من المعادلة وهم أصحاب الديانة الأكثر والأسرع انتشارا في العالم ؟!
اضافة الى خروج عشرات الدول والتحالفات العالمية من ربقة وسيطرة وعباءة الدولار، بدءا بمنظمة شنغهاي التي تضم (18) دولة بين دول أعضاء وشراكة ومراقبة بينها ثلاث دول نووية " هي الهند والصين وروسيا "، كذلك مجموعة البريكس ،التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، مع تقديم عشر دول أخرى طلبا رسميا للانضمام اليها لتفرض واقعا جديدا ومختلفا بالمرة بإمكان العرب والمسلمين استثماره لصالحهم كليا في ظل التجاذبات والصراعات والنزاعات الدولية الصارخة وعلى مختلف الصعد ، للحفاظ على وجودهم وكرامتهم ولابد من التفكير خارج صندوق القطب الدولي الواحد الاسود ، لأن التفكير وبنفس الطريقة السابقة والساذجة ما قبل بروز التعددية القطبية واضافة الى - إضحاك شعوب العالم كلها علينا - إنما يمثل دورانا مذلا ومهينا وغير مجد حول قطب رحى لن يقطع صاحبها أرضا ، ولن يبقي ظهرا ، ولن يرفع عنه ظلما ولا ذلا ولا قهرا وبما يشجع بقية الامم والشعوب على تكرار تدنيس مقدساته في قابل الايام !
ولايفوتني التنويه الى نقطة مفصلية وجوهرية في غاية الاهمية " الا وهي أن ظاهرة حرق القرآن الكريم في الدول الاسكندنافية قد دخلت اللعبة الجيو - سياسية ومن أوسع أبوابها فلو تأملت جيدا في توقيتاتها لوجدتها عادة ما تتزامن مع شروع هذه الدول أو بعضها للدخول في حلف الناتو أو التزام جانب الحياد في الحرب الروسية - الاوكرانية ، أو الدخول طرفا فيها بشكل أو بآخر ...لأن اليسار الشبابي الاسكندنافي يرفض الانخراط في حلف الناتو للحفاظ على الحياد ، فيما ترفض بعض الاجنحة والتيارات اليمينية المتشددة ذلك حفاظا على الهوية وبما أن دخول السويد الى الحلف مقيد بموافقة تركيا المسلمة فعادة ما تلجأ بعض أجنحة اليمين المتطرف واليسار المتطرف لاستفزاز العالم الإسلامي لتكون ردات فعله الوقتية الغاضبة بمثابة إحراج للحكومات ووضع عصا جديدة في دولاب الانضمام الى الناتو أو التزام الحياد في الحرب الروسية الاوكرانية ..بمعنى أن التلاعب بمشاعر المسلمين ، وتدنيس مقدساتهم قد دخل اللعبة - الجيو سياسية - ومن أوسع أبوابها ، وعلى الجميع الانتباه الى ذلك جليا ، ولا أدل على ذلك من توقيت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، زيارته الى جامع "الجمعة " الأثري المشيد في القرن الثامن عشر ، في مدينة دربند الداغستانية واحتضانه لنسخة من المصحف الشريف أهديت له متعهدا بالاحتفاظ بها داخل الكرملين ، ومؤكدا بإن بلاده "تُكِن احتراما شديدا للقرآن و مشاعر المسلمين الدينية، وبأن عدم احترام هذا الكتاب المقدس تعد جريمة بموجب الدستور الروسي والمادة (282) من القانون الجنائي الاتحادي " ، فيما عقبت الخارجية الامريكية بالقول ،بأن " حرق النصوص الدينية أمر غير محترم ومؤذٍ، وما قد يكون قانونيًا بالتأكيد ليس مناسبًا بالضرورة ،و سنواصل تشجيع (المجر وتركيا ) للتصديق على بروتوكول انضمام السويد الى حلف الناتو في أقرب وقت ممكن !!" .
وأكرر وأصر على أن الاكتفاء بمقاطعة الالبان والاجبان فقط من دون الاقدام على اتخاذ اجراءات أخرى ، أشد وقعا، وأكبر تأثيرا ، وأكثر فاعلية،إنما يصدق فيها المثل البغدادي الشهير" يول يا مصخم بعدك بالطولة !" وله قصة طويلة ذات شاهد ومغزى كبير ليس هذا محلها وأبينها في وقت لاحق بمشيئة الله تعالى .
ويبقى السؤال هاهنا هو لماذا لاتُحرَق الكتب المقدسة لدى الديانات الاخرى ولماذا القرآن وحده الذي ينظم المتطرفون اليساريون واليمينيون وقفات لحرقه أمام العدسات ؟
الجواب لأن القرآن العظيم هو الكتاب السماوي الوحيد في العالم الذي لم تطله يد التحريف والتخريف والتصحيف ولأنه الكتاب السماوي الوحيد الذي سينقذ البشرية من كل انحرافاتها وضلالتها وأباطيلها وخزعبلاتها التي تقودها الماسونية العالمية من جهة بقيادة آل روكفلر وآل روتشيلد ، واليسار العالمي بقيادة الملياردير الصهيوني اليساري الامريكي من أصول مجرية"جورج سوروس " .
وأقترح على الجمعيات والمنظمات الاسلامية وادارات المساجد في كل من السويد والدنمارك والنرويج وكلما سمعوا بمحاولة يمينية لإحراق المصحف الشريف، أن يذهبوا من فورهم الى الجانب الآخر المقابل لمكان الحادثة ليوزعوا بين الناس المنزعجين والممتعضين من هذا الصنيع نسخا من القرآن الكريم مترجمة الى الانجليزية والى اللغات الاسكندنافية وكل اللغات الحية ، وهكذا دواليك مع كل محاولة من هذا النوع ،أما الاكتفاء بالمراهنة على ردات الفعل الرسمية العربية فهذه رهانات خاسرة لا تعدو أن تكون مجرد بيانات هزيلة أو خجولة ومؤقتة من الشجب والاستنكار والادانة لا أكثر ! أودعناكم اغاتي
1975 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع