أحمد العبدالله
(يا لثارات سبايكر)!!
في المقطع المصوّر أدناه, والمسرّب من قِبَل أحد مجرمي الحشد الشيعي بهاتفه المحمول؛ مفتخرًا متباهيًا وهو يسوق طابورًا من البشر بالعشرات أو المئات إلى حتوفهم في مقابر جماعية مجهولة. وتاريخ هذه الواقعة هو أوائل شهر حزيران سنة 2016, والمكان ناحية(الصقلاوية)التابعة للفلوجة. دون أن يعيَ هؤلاء المجرمون بأنه سيأتي يوم حسابهم الأصغر في الدنيا, لا محالة إن شاء الله, جزاءًا وفاقا, وستكون هذه المقاطع المصوّرة هي دليل الإدانة الدامغ عليهم.
إذ يقول هذا المجرم متبجّحًا, وهو يعرّف عن نفسه باسم(كُميل الساعدي)؛(هذا الموكب يذكّرهم بسبايكر.. نفس مال سبايكر نفسها.. العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم.. الذي يقول ليش ما أخذوا ثار سبايكر, ها قد أخذناه)!!. ثم يضيف؛(هذا كُميل الساعدي أخذ بثأركم من هذه الجرذان..الذي يريد أن يشتغل, يفعل هكذا.. لا أبو طحين ولاغيره)!!. ثم يردّد أحد القتلة المجرمين عبارة؛(يا لثارات سبايكر)!!.
https://www.youtube.com/watch?v=n2yf0di0VBU&t=24s
إن هذا الذي رأيناه في هذا المقطع, هو قطرة من بحر جرائم الحشد الشيعي (جحش)في المحافظات الغربية بعد 2014, والتي خضعت ولا تزال, لأبشع احتلال عرفه التاريخ. والاحتلال الأمريكي بكل إجرامه وجبروته, هو بمثابة(الأم تريزا)مقارنة باحتلال(جحش)!!. الاحتلال الأمريكي الذي قاومه السُنّة العرب لوحدهم, يوم كان الآخرون خدمًا ومطايا وسماسرة له, حتى أخرجوه مذؤومًا مدحورا, بعد تضحيات جسام بذلوها على مدى(8)سنين,و(8)شهور,و(8)أيام,هي مدة ذلك الاحتلال الغاشم!!. ولكن ليصبّ ذلك في مصلحة إيران وحثالاتها, والتي انفردت بحكم العراق. وتلك واحدة من أغرب مهازل التاريخ!!.
ومن خلال التدقيق في المقطع المذكور يمكن بكل سهولة التعرّف على شخوص المجرمين وأسمائهم والفصيل الذي ينتسبون إليه. وبالمقابل يمكننا من خلال نظرة ولمحة سريعة, أن ندرك إن هذا الخليط غير المتجانس من المغدورين الذين يسوقونهم للموت, لا يمكن أن يكونوا من(الدواعش), فبعضهم صبيان صغار, وبعضهم الآخر شيوخ طاعون في السنّ. إنهم أناس بسطاء قرويّون من الذين تقطّعت بهم السبل, وأوقعهم حظهم العاثر بأيدي من لا يرحم صبيًّا يافعًا ولا شيخًا فانيًا. فالجميع بالنسبة لهم, هم من(أحفاد يزيد)يجب الفتك بهم والإجهاز عليهم, وبلا أدنى قدر من الشفقة. ولو كان لدينا قضاءًا يتوفّر فيه الحد الأدنى من النزاهة والإنصاف, لفتح تحقيقات فورية, وأقام دعاوى جنائية على هؤلاء المجرمين وزعمائهم. ولكن ذلك لم يحصل ولن يحصل, في ظل حكومة طائفية إلى النخاع, يجاهر كبار قادتها وسياسيّوها بأنهم جاءوا لينتقموا من(النواصب وقتلة الحسين)!!.
لقد مرَّ السُنّة العرب في العراق بمحنٍ قاسية خلال العقدين الماضيين, أشدّها؛تفجير المرقدين في سامراء في 2006, والذي ألصقوه بتنظيم القاعدة ومن خلاله بالسُنّة, والذي ثبت لاحقًا وباعتراف أمريكي نادر ومتأخّر, بأن إيران هي من تقف وراءه, ولتبدأ على الفور حملة إبادة وتهجير واسعة استهدفت وجودهم في بغداد بشكل خاص. ثم جاءت(أم الفواجع)في 2014, وكانت هذه المرّة من قبل الصنيعة الإيرانية القديمة-الجديدة؛تنظيم(داعش تحت الطلب)!!, فقدّم الذريعة المناسبة لإيران وحثالاتها, بسحقهم وتهجيرهم وتدمير حواضرهم وتسليط أحقر الخلق عليهم. وكانت(مجزرة سبايكر)هي المدخل لتحقيق ذلك الهدف.
فبهذه الذريعة, قُتل عشرات الآلاف من أهالي المحافظات الغربية من قِبل تلك الميليشيات الإجرامية ودُفنوا في مقابر جماعية مجهولة, وسيق, ويُساق إلى الآن, مئات غيرهم لـ(محاكم التفتيش)!!, وليحكم عليهم سريعًا وبجلسة واحدة وبدون أدلّة يُعتدُّ بها وباعترافات منتزعة تحت التعذيب, وليُنفّذ فيهم حكم الإعدام فورًا في معتقل الحوت الرهيب. فهكذا تكون(العدالة)الشوهاء العوراء في زمن حكم(القرامطة الجدد)!!. وفي كل عام تنظّم(هيئة الحشد الشعبي)احتفالًا طائفيًّا في تكريت, لغرض إخضاع المدينة, كهدف آني, والتمهيد لتشييعها مستقبلًا, حيث يتم استباحتها من قبل الأوباش, على أساس إنهم(ذوو الضحايا), ويجري التهجّم على المواطنين والتعدّي على ممتلكاتهم. وتنفلت غرائز الحقد من عقالها, وتعبّر عن نفسها بأساليب غاية في الدونيّة والانحطاط والهمجية, وترتفع الهتافات الطائفية البغيضة الداعية للانتقام من المدينة وقبائلها, وتحميلهم جميعًا وزرها!!!.
وما جلب انتباهي في المقطع المذكور هو تعليقات لبعض من أقرّوا صراحة بأنهم كانوا مشاركين في قتل هؤلاء الضحايا من قبل الميليشيا المسماة(كتائب حزب الله). وأحدهم الذي سمّى نفسه؛(حيدر علي ابن العماره), يقول في تعليقه, وهو يُقسم على فعلته؛(اقسم بالله العلي العظيم قتلت أنا شخصيا في هذآ المجموعه 36 شخص والباقي الشباب كملو عليهم اللهم لك الحمد)!!!. ويقول مجرم آخر؛(ورب الكعبة اني موجود هنا بس صاير اول واحد مناك ذوله الجرابيع الدواعش كامو يصيحون اقتلونا وخلصونا من هذا العذاب شبعناهم كتل وتعذيب مو طبيعي 10 ايام نعذب بيهم بعدين واحد واحد كل واحد طلقه براسه ونشمره بالزباله)!!. ويضيف آخر؛(هاي كتايبنه وربكم ناخذ ثار سبايكر مربع هاي جثثهم ترسنه بيهم جرف الصخر)!!.ويعترف آخر؛(هذوله رجال الفلوجه كلهم لمّوهم وقتلوهم بلصحره ودفنوهم بشفلات)!!. فأيّ وقاحة هذه, وأيّ إجرام هذا؟ّ!. كما إن ذلك يفسّر أحد أسباب تشبّث هذه الميليشيات بـ(جرف الصخر)وعدم تسليمها لأهلها, لأنها تحوّلت لمقبرة جماعية كبيرة!!.
وفي المقطع نفسه والذي عرضته قناة العربية وقنوات أخرى, وحاز على أكثر من مليون مشاهدة, هالني حقًّا حجم التعليقات التي تتفجّر قيحًا بهؤلاء الضحايا المساكين, والذين لا أدري ما هي علاقتهم بـ(مجزرة سبايكر), وهي تبعد عنهم مئات الكيلومترات!!. ومن آلاف التعليقات الشامتة والمشجّعة واللّاعنة, اخترت بعضًا منها, ممّا يمكن أن يصلح للنشر؛(منظر يثلج القلب.. بعد امي اروح لديكم فدوه بس كون عدمتوهم فدوه اروح لبساطيلكم.. عاشت ايدكم ياابطال وحييل بييهم إلى جهنم وبئس المصير.. عاش عاش ابطال احركوهم حرررك بنزين وصخ.. يجب قتلهم بأبشع الطرق وحرقهم وتفجير رؤوسهم.. والنعم من ابطال الحشد الشعبي المقدس.. الله فديو يريّح النفوس.. بالقران الكريم رتاح كلبي.. الحمد لله على نعمة الحشد الشعبي المقدس.. حشدنا دائم حتى ظهور القائم.. نعم قتلهم حلال.. شلع قلع اهل الفلوجه والانبار قتلهم حلال)!!!.
ومن خلال ما تقدّم؛ يتبيّن لِكلِّ مَن كان له قلب أَو أَلقى السَّمع وهو شهيد, إن هذا الإجرام الشيعي لا يمكن مقارنته بأي إجرام آخر. وإن جرائم اليهود بحق العرب والفلسطينيّين, والتي كانت سابقًا مضرب المثل في الإجرام, لم تعد شيئًا مذكورا أمام إجرام هذه الميليشيات الطائفية المسعورة, ومَن خلفها. وإن الحكومات الشيعية التي حكمت العراق من الجعفري حتى السوداني, مرورًا بالهالكي الذي كان أسوأهم, والعبادي وعادل(زويّة), كانت ذات صبغة طائفية صارخة. ففي الوقت الذي ملؤوا الدنيا عويلًا وصريخًا على(ضحايا سبايكر)الـ 1700, وهم من العسكريّين, وأنتجوا البرامج والأفلام والمسلسلات, وعملوا اللطميات والمسرحيات, وكتبوا المقالات والمعلّقات, وأقاموا المهرجانات والتظاهرات, وشرّعوا القوانين والتعليمات, ومنحوهم التعويضات والأعطيات.. لأن الضحايا من طائفتهم!. بينما نرى صمتًا مريبًا وتجاهلًا رهيبًا وإهمالًا شنيعًا, لعشرات الآلاف من الضحايا السُنّة من المدنيّين الأبرياء الذين قتلتهم الميليشيات الشيعية غدرًا وظلمًا وعدوانًا!!!.
والسؤال الذي أريد طرحه في الختام, هو؛ كيف يمكننا التعايش في وطن واحد مع هؤلاء القوم الذين تختزن قلوبهم كل هذا الغلّ والحقد,ويمارسون كل هذا الحجم من الإجرام بالقول والفعل, وحيثما سنحت لهم الفرصة. وما تخفي صدورهم أكبر؟!!.
2189 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع